ظواهر غير طبيعية …

قد يكون الصفير لطائر أو ثعبان … هذا ما قالَته «ريما» … إلا أن «أحمد» لم يوافقها على رأيها … فالفارق كبير بين الصفير الذي سمعوه … وصفير الثعبان أو الطائر، ووضَّح لهم «أحمد» ذلك قائلًا: كيف لثعبان أن يتواجد في أكثر من مكان حولنا في وقت واحد.

إلهام: ماذا تقصد؟

أحمد: لقد سمعنا الصفير يأتينا من أكثر من مكان حولنا في وقت واحد … ويتوقف أيضًا في وقت واحد …

ريما: هذا يعني أن الصفير لم يكن لكائن واحد …

مصباح: لا … لا … لقد كان صفيرًا واحدًا له تردُّدٌ واحدٌ … وبدأ في لحظة واحدة … وانتهى أيضًا في لحظة واحدة.

إلهام: تقصد أن هذا الصفير لكائن واحد.

أحمد: هذا إذا كان كائنًا.

ريما: أيمكن أن يكون لآلة؟

أحمد: بالطبع!

بو عمير: إنها الطائرة … الطائرة قريبة منَّا … ولكنها في وضع حرج.

وانتبه «أحمد» لمَا في كلام «بو عمير» من منطق … وقال له: تقصد أن الطائرة وقعَت في مخالب الطبيعة.

زبيدة: أو في مخالب وحشٍ رهيب.

عثمان: لا … لا … لا داعي للمبالغة في الخيال … فما هو الوحش الذي يستطيع اقتناص طائرة؟

زبيدة: إنه وحشٌ آليٌّ.

لم يعجب «ريما» الخوض في هذا الحديث … فقالت لهم: لقد افترضتم … وصدَّقتم افتراضاتِكم … وبعدتم عن التفكير المنطقي والمعقول.

زبيدة: أليست منطقةُ إطلاق الصواريخ وحشًا آليًّا لأنها تصطاد الطائرات؟

ريما: نعم.

زبيدة: هذا ما قصدته.

قيس: تقصدين أن صاروخًا أصاب الطائرة؟

زبيدة: نعم.

مصباح: كيف وهي طائرة مصرية تطير في أجواء «مصر»؟

زبيدة: هناك احتمالات للخطأ أليس كذلك؟

أحمد: نعم «يا زبيدة» … ولكن هناك احتمالات قريبة مما تقولين … ولكن أكثر معقولية.

زبيدة: وما هي؟

أحمد: أن تكون الطائرة قد هبطَت فوق لغمٍ.

تسمَّر الجميع في أماكنهم حينما سمعوا ما قاله «أحمد» … غير مصدقين لهذا السيناريو وقطعَ صمْتَهم «عثمان» قائلًا وهو يقفز ويلوِّح: أي صواريخ وأي ألغام تتحدثون عنها أيها الزملاء الأعزاء؟ … إننا حتى لم نسمع صوت انفجار إطار سيارة … وكل الذي حدث أن الطائرة لم تأتِ في ميعادها … ولم يتصل بنا أحدٌ ليُخبرنَا بتأجيل الميعاد أو إلغائه.

خالد: إذن الحل أن نتصل بالمقر لنسأل.

أحمد: ليس الآن. يجب أولًا أن نمسح المنطقةَ المحيطة بنا لنتأكد من أن حادثًا لم يقع.

وما كاد الشياطين يسمعون ذلك … حتى هبطوا من فوق مقدمات سياراتهم التي كانوا يجلسون عليها … وجروا يفتحون أبوابها ويجلسون خلف عجلات القيادة … فصاح فيهم «أحمد» قائلًا: ماذا تفعلون؟

قيس: سنتحرك لنمسح المنطقة كما قلت!

أحمد: ليس بالسيارات.

إلهام: ماذا تقول؟

أحمد: أقول … ليس بالسيارات … بل سيرًا على الأقدام؛ فالمكان هنا غيرُ مُمهدٍ … وقد نقابل رمالًا متحركةً لا تحتمل ثقلَ السيارات.

عثمان: أنا أرى أن نترك هنا الآنسات ونتحرك نحن.

ريما: ماذا … ماذا تقول؟

عثمان: إنها مهمةٌ شاقةٌ يا «ريما» … ولن تحتمليها …

وكان هذا ما توقَّعت «ريما» أن يقول «عثمان» … غير أنها تمالكَت نفسها وهي تردُّ عليه قائلةً: «أحمد» هو الذي سيُحدد مهمةَ كلِّ فردٍ فينا.

ونظر لها «أحمد» مبتسمًا وهو يقول: هل هناك خطرٌ سيُصيب السيارات إن تركناها وحدها حتى نعود؟

إلهام: قد تتعرض للسرقة.

أحمد: ممن؟

إلهام: من بعض الأعراب الخارجين على القانون.

أحمد: إذن البقاء لحماية السيارات ليس مهمةً سهلةً … أو آمنة؟

ريما: بل إنها أخطر من مسح المنطقة.

أحمد: وأنا أعرف أنكِ قادرةٌ عليها … ولكني أحتاجك معي.

وتخيَّر «أحمد» من المجموعة كلًّا من «قيس» و«بو عمير» و«خالد» للبقاء مع السيارات … ثم قسَّم الآخرين إلى مجموعات … تتخذ كلُّ مجموعة منهم اتجاهًا … على أن يظلوا دائمًا على اتصال ببعضهم البعض … بواسطة أجهزة اتصال متوسطة المدى … مزودة بها نظاراتهم … وهي نظارات تعمل بالأشعة تحت الحمراء … تُمكنهم من الرؤية في الظلام وكالأشعة الصادرة من نقطة واحدة تفرقوا … كلُّ اثنين في اتجاه ولم تمضِ ثوانٍ إلا وكان الظلام قد ابتلعهم.

وبعد مداولات سريعة بين «قيس» و«بو عمير» و«خالد» … قرروا أن يُطفئوا كلَّ أنوار السيارات … ويتسلَّقوا سطحَ إحداها … ويجلسوا ظهورهم لبعضهم … شاهرين أسلحتَهم تحسُّبًا لأيِّ هجومٍ أو محاولة سرقة.

وبعد دقائق من استقرارهم … تذكَّر «قيس» أن هناك طائرةً تخلَّفَت عن موعدها وأنهم يشغلون موقع هبوطها فماذا لو أنها حضرَت الآن … وعندما صرَّح لزميلَيه بما يدور في رأسه، قال له «بو عمير»: لم يَعُد هناك احتمالٌ لحضورها؛ فقد مرَّ أكثر من ساعة على ميعادها.

غير أن «خالد» كان له تصورٌ آخر؛ فقد قال لهما: لو أن هذا مهبطٌ سريٌّ للطائرات الحربية … فنحن الآن في موقفٍ لا نُحسد عليه … ومن الممكن أن نتعرض لمخاطر جمة!

قيس: هذا أيضًا دارَ في خاطري.

بو عمير: ليس أمامنا غير إبعاد السيارات عن المكان.

قيس: لا نستطيع عمل ذلك؟!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤