السيارة العجيبة!

أخذَت النقطةُ الزرقاء تكبر … حتى تحوَّلَت إلى مستطيل بلا تفاصيل … ثم بدأَت تفاصيلُه تظهر شيئًا فشيئًا، وشعر أن محاولاته ستنجح … فها هو ذا يقترب من السيارة … وبعد عدة دقائق سيتحقق مما يقوله «عثمان» … بعد عدة دقائق سيرى الإنسان الآلي … وها هي ذي السيارة الزرقاء تظهر ملامحُها … إنها سيارة عجيبة … إنها فاخرة وصغيرة «كالفراري» أغلى سيارة في العالم … ولكن يبدو على مظهرها الخارجي أنها مصفحةٌ … ومثبتٌ على سطحها طبقٌ يُشبه هوائي استقبال القنوات الفضائية … وخطر له أن يستفيد من هذا الطبق … فقال ﻟ «إلهام»: ألا ترَين هذا الطبق؟

إلهام: إنه لاستقبال إرسال الأقمار الصناعية.

أحمد: هل يتمُّ توجيه هذا الكائن عن طريق الأقمار الصناعية؟

إلهام: هذا إن كان إنسانًا آليًّا؟

أحمد: يبدو أنه اختراعٌ جبارٌ!

إلهام: حاذِر، إنه يبتعد عنك … لقد اختفى.

صاح «أحمد» من فرط غيظه قائلًا: يا لَك من شيطان … ماذا أفعل أكثر من هذا … أنا أسيرُ بأقصى سرعة السيارة.

ورأَت «إلهام» أنه لم يُقصر فقالت له: إنها ليست سيارة عادية … إنها آلة جهنمية … وأنت فعلت أكثر من المستطاع.

ومرة أخرى ظهرَت عن بُعد النقطة الزرقاء تتحرك يمينًا ويسارًا … فعقدَت الدهشةُ لسانَها للحظات.

وشعرَت «إلهام» بمدى خطورة ما يصنعه هذا المخلوق، فقالت له: لا تُطارده يا «أحمد» إنه ليس إنسانًا آليًّا.

أحمد: لا يوجد بشرٌ لديه هذه الإمكانيات!

إلهام: إنه ليس بشرًا أيضًا.

أحمد: ماذا تقصدين؟

إلهام: إنه كائن غير أرضي … ويريد قتلنا!

أحمد: لو افترضنا أنه كائن غير أرضي كما تقولين … فما علاقته بنا … حتى يقومَ بقتلنا؟

إلهام: سيقتلنا لأننا نطارده.

وفي المرآة الجانبية … ظهرَت عن بُعد نقطةٌ زرقاء أيضًا … تتحرك يمينًا ويسارًا في براعة … وما إن رآها حتى قال: هل النقطة الزرقاء أمامنا أم خلفنا؟

استدارَت «إلهام» إلى الخلف … ثم عادَت تنظر أمامها … فلم تجد لا هذه ولا تلك، فقالت له: لم يَعُد هناك نقطة زرقاء …

أحمد: أُقسم أني رأيتها في المرآة الجانبية.

وتحيَّرَت «إلهام» فيما يقوله «أحمد» … فعادَت إلى البحث من جديد … فهالها ما رأَته … وصاحَت تقول له: إنها خلفنا الآن يا «أحمد» … كيف حدث ذلك؟

أحمد: إنه خداعٌ بصريٌّ.

إلهام: لا إنها نفس السيارة.

ألم أَقُل لك إنه مخلوقٌ غيرُ أرضيٍّ؟!

أحمد: «إلهام» … انظري أمامك.

والتفتَت «إلهام» لترى النقطة الزرقاء … وقد اقتربَت منهم وعادَت تبدو كالمستطيل الصغير … فلم تُصدِّق نفسها … ونظرَت في المرآة الأمامية فرأَت النقطة الزرقاء الخلفية وقد اقتربَت أيضًا وظهرَت كمستطيل … فقالَت في حيرة: إنه ليس وحده.

أحمد: لا أظن يا «إلهام» … قد يكون خداعًا بصريًّا … فالإضاءة الصناعية تُرهق البصر … ولا تنسَي أننا نُراقبه منذ فترة غير قصيرة.

وبدأَت السيارة الخلفية تقترب منهم … وبدأَت ملامحها تتضح أكثر ولم تَعُد مجردَ مستطيل أزرق … في الوقت الذي اختفَت فيه السيارة الأمامية تمامًا.

وانطلقَت الموسيقى الرقيقة من تليفون «إلهام» المحمول … وعندما نظرَت إلى شاشته قالت له: إنه «عثمان».

ثم ضغطَت زرَّ الاستقبال …

وقالت له: هاي «عثمان».

عثمان: أهلًا … «إلهام» … ما الأخبار؟

إلهام: لقد اختفَت السيارة التي نُطاردها … وظهرَت أخرى خلفنا … وزرقاء أيضًا.

ضحك «عثمان» وهو يقول: إنها سيارتي … واسمحوا لي. واقتربَت منهم سيارة «عثمان» بسرعة … حتى رأوه يسير بجوارهم ثم يتخطاهم … وهو يقول: هناك عطلٌ في سيارتكم غيرُ واضحٍ.

إلهام: كيف عرفت؟

عثمان: كم سرعتكم الآن؟

إلهام: مائة وخمسون كيلومترًا.

عثمان: هذا ما يُخبركم به عدادُ السرعة. أما الحقيقة فغير ذلك.

إلهام: ماذا تقصد؟

عثمان: إن سرعتَكم لا تتجاوز مائةً وعشرة كيلومترات.

وحين أخبرَت «أحمد» بذلك قال لها: والآن عرفت لماذا لا أستطيع اللحاق بهذا المخلوق.

إلهام: حتى «عثمان» لم يَعُد يبدو منه إلا نفس النقطة الزرقاء.

وكما اختفَت السيارة الرياضية … اختفَت أيضًا سيارة «عثمان» … وفي المرآة الأمامية شاهد أسراب سيارات الشياطين تقترب منهم … ولم يَعُد لديهم حلٌّ … إلا التوقف … والبحث عن سبب هبوط سرعة السيارة والعُطل الذي أصاب عدادَ السرعة.

وما إن رأى «مصباح» سيارةَ «أحمد» تُوقَف على يمين الطريق … و«إلهام» تغادرها حتى توقَّف خلفهم وسألهم بما حدث … وطلب منه «أحمد» أن يعاونَه في إصلاحها … فرفض …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤