الاستعانة بالقمر الصناعي …

رغم انطلاق «عثمان» بأقصى ما في سيارته من سرعة … ورغم مرورِ أكثر من نصف الساعة … إلا أنه لم يقابل سيارة الإنسان الآلي حتى الآن.

والغريب أنه سمع الصفير ينطلق مرةً أخرى ضعيفًا … ومتقطعًا … أعقبه طنينٌ عالٍ … جعله يُغلق زجاج السيارة … ويقوم بالاتصال ﺑ «أحمد».

وعلى الطريق … انطلقَت الموسيقى من تليفون «أحمد» وعرَف أنه «عثمان»، فتلقَّى اتصالًا قائلًا: أين أنت الآن «يا عثمان»؟

عثمان: لقد اقتربتُ من «مرسى مطروح» ألا زلتَ بعيدًا عني؟

أحمد: لا … فقد اقتربتُ أيضًا … ولكن أسمعُ صفيرًا وطنينًا!

عثمان: لقد اتصلتُ بك من أجلهم …

أحمد: إنني أشعر أن هذا الطنين لمركبة تخترق الغلاف الجوي …

عثمان: تقصد مركبة فضائية؟

أحمد: تقريبًا.

عثمان: والصفير؟

أحمد: إنه نداءٌ لكائنٍ فضائيٍّ تائهٍ.

عثمان: أيمكن أن يكون صاحب السيارة الزرقاء؟

أحمد: ولِمَ لا؟

عثمان: إذن فهو لا يزال على الطريق؟

أحمد: أعتقد ذلك.

عثمان: سألحق به.

أحمد: قد لا يمكننا ذلك بالأسلوب العادي.

عثمان: لماذا؟

أحمد: لأنني أعتقد أنه لا يقود سيارة عادية.

عثمان: تقصد مركبة فضائية؟

أحمد: نعم … إنه حين يختفي عن الأنظار يطير بها.

عثمان: ويسير على الطريق إذا كان مُراقبًا؟

أحمد: نعم … ولديه طبعًا الوسائل الكافية لكي يعرف أين نحن.

عثمان: ونحن أيضًا لدينا الوسائل التي تُعيننا على مراقبته دون أن يرانا …

أحمد: تقصد القمرَ الصناعي الخاصَّ بالمنظمة؟

عثمان: نعم.

أحمد: إنه يحتاج إلى ترتيبات خاصة.

عثمان: أرجو أن تقوم بها …

ورغم أنه يرى صعوبةً في ذلك … إلا أنه وافق على الاستعانة بقمر المنظمة الصناعي … فترك ﻟ «إلهام» عجلةَ القيادة … وجلس هو أمام الكمبيوتر الملحق بتابلوه السيارة … فقام بإدارته … والدخول على شبكة الاتصالات الخاصة بالمنظمة … ثم أدخل كودَ مفتاح شبكة التحكم في قنوات القمر الصناعي … وبعدها بدأ يمسح منطقةَ الصحراء الغربية … بالموجات الرادارية بحثًا عن السيارة الزرقاء وعن المركبة الفضائية … فلم يَصِل إلى النتيجة التي كان ينتظرها هو و«عثمان».

فقام بالاتصال به وقال له: «عثمان»: لم نَصِل لشيء.

عثمان: هل استعنتَ بالقمر الصناعي؟

أحمد: نعم … وقام بمسح منطقة الصحراء الغربية كلها.

عثمان: ألم يقدِّم لك تفسيرًا للصفير الذي تسمعه، أو الطنين؟

وفجأةً صاح «عثمان» قائلًا: «أحمد» هناك مركبة هائلة … فضية اللون … تنقضُّ عليَّ من الفضاء!

أحمد: أنا لا أرى شيئًا على الشاشة عندي!

عثمان: «أحمد» … لقد اقتربت كثيرًا … إن كشافاتِها تُغيِّر ظلمةَ ليل الصحراء، إنها كائن رائع.

أحمد: ما بك يا «عثمان» … هل وقعت تحت تأثير جاذبيتها؟

وانتظر أن يُجيبَه … فلم يفعل … فكرَّر نداءه … ثم قام بالاتصال به عبر ساعته … فلم يَصِل لنتيجة.

ووسط محاولاته … سمع بعضَ الأصوات تأتيه من تليفونه المحمول … ثم بعض الأحرف المتناثرة والتي لم يفهم منها شيئًا … وعرَف أنه لا يزال يحاول الاتصال به … فقام بالاتصال بزملائه … وطلب منهم أن يحاولوا الاتصال ﺑ «عثمان» على تليفونه المحمول … أو على ساعته.

ثم قام بالاتصال بالمقرِّ السريِّ الكبير … إلا أن الاتصال انقطع قبل أن يُجيبَه أحدٌ من المقرِّ …

وعن بُعد … رأى جسمًا فضيًّا هائلًا يضيء سماء المنطقة … ويُحيل ليلَ الصحراء إلى نهار … فقال ﻟ «إلهام»: هل ترَين ما أرى؟

إلهام: إنه شيء مذهل.

أحمد: لقد كان «عثمان» على حق …

إلهام: وما العمل الآن؟

أحمد: يجب أن نتوقف لنُقرِّرَ ما يمكن عمله … قبل الوصول إلى هناك.

إلهام: و«عثمان» … إنه يحتاج لإغاثة الآن.

أحمد: لن نستطيعَ إغاثتَه من هناك.

إلهام: ماذا تقصد؟

أحمد: سنُواجه هذا الشيء بما لدينا من تكنولوجيا.

إلهام: أي تكنولوجيا؟

أحمد: الأقمار الصناعية …

إلهام: وهل سيواجه القمر الصناعي هذا الشيء؟

أحمد: سأُحيطه بفيض من الموجات المختلفة الطول والتردد.

إلهام: وماذا ستفعل هذه الموجات؟!

أحمد: ستُصيب أجهزةَ التوجيه بالاضطراب … وستجعل قادتها يتخبطون.

إلهام: قد يُثيرهم هذا ويدفعهم لمهاجمتنا بأسلحة لا نعرفها … ولا نعرف كيف نحمي أنفسنا منها.

أحمد: حتى الأسلحة يا «إلهام» تحتاج إلى توجيهٍ … وسيُصيبها الاضطرابُ كباقي أجهزتها.

إلهام: قد تكون مجهزةً بحيث لا تتأثر بالموجات الخارجية.

أحمد: ليس لنا حيلةٌ غير هذه وعلينا أن نُجرِّب.

إلهام: إذن توقَّف وجرب.

أحمد: أنا أحاول منذ فترة … والسيارة لا تستجيب.

إلهام: ماذا تقول؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤