الفصل العاشر

الرِّحْلَةُ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى هونج كونج

صَعِدَ الْمُسَافِرُونَ الثَّلَاثَةُ عَلَى مَتْنِ الْبَاخِرَةِ «رانجون» فِي مَوْعِدِهِمْ، وَكَانَتِ الْبَاخِرَةُ عَلَى وَشْكِ الرَّحِيلِ إِلَى هونج كونج. قَضَتْ عودا أَغْلَبَ أَيَّامِهَا الْأُولَى فِي الرِّحْلَةِ فِي التَّعَرُّفِ عَلَى فيلياس وَباسبارتو، وَحَكَتْ لَهُمَا قِصَّةَ حَيَاتِهَا؛ فَقَدْ كَانَ وَالِدُهَا تَاجِرَ قُطْنٍ فَاحِشَ الثَّرَاءِ، وَقَدْ عَاشُوا حَيَاةً رَغْدَةً حَتَّى وَاجَهَتْ وَالِدَهَا مُشْكِلَاتٌ مَعَ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ. ثُمَّ أَخْبَرَتْهُمْ عَنْ قَرِيبِهَا جيجاه جيجيبوي الَّذِي يَعِيشُ فِي هونج كونج.

وَكَمَا كَانَ الْحَالُ عَلَى مَتْنِ الْبَاخِرَةِ «منغوليا»، قَضَى باسبارتو مُعْظَمَ أَوْقَاتِ الظَّهِيرَةِ يَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ الْبَاخِرَةِ. وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ وَبَيْنَمَا كَانَ يَتَنَزَّهُ، تَفَاجَأَ بِرُؤْيَةِ السَّيِّدِ فيكس!

قَالَ باسبارتو: «يَا إِلَهِي! مَاذَا تَفْعَلُ هُنَا بِحَقِّ السَّمَاءِ يَا سَيِّدِي؟ لَقَدْ تَرَكْتُكَ فِي بومباي، وَرَأَيْتُكَ لِفَتْرَةٍ وَجِيزَةٍ فِي كلكتا، وَالْآنَ أَنْتَ هُنَا فِي طَرِيقِكَ إِلَى هونج كونج. هَلْ أَنْتَ أَيْضًا تَقُومُ بِجَوْلَةٍ حَوْلَ الْعَالَمِ؟»

قَالَ فيكس: «كَلَّا، كَلَّا، فَأَنَا سَأَتَوَقَّفُ فِي هونج كونج.»

كَانَ فيكس بِالْفِعْلِ قَدْ أَرْسَلَ بَرْقِيَّةً أُخْرَى إِلَى لَنْدَنَ لِيَطْلُبَ إِرْسَالَ أَمْرِ الْقَبْضِ إِلَى هونج كونج، وَكَانَتْ هَذِهِ فُرْصَتَهُ الْأَخِيرَةَ لِلْقَبْضِ عَلَى فيلياس فوج، لِصِّ الْبَنْكِ؛ إِذْ إِنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يُغَادِرَ هونج كونج وَيَصِلَ إِلَى أَمْرِيكَا، فَلَنْ يَعُودَ عَلَى الْأَرَاضِي الْبِرِيطَانِيَّةِ، وَذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ فيكس لَنْ يَسْتَطِيعَ إِلْقَاءَ الْقَبْضِ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ. كَانَ فيكس يَشْعُرُ بِالْإِحْبَاطِ مِنْ وُصُولِهِ إِلَى هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ، وَيَشْعُرُ بِالتَّعَبِ مِنْ مُلَاحَقَةِ فيلياس حَوْلَ الْعَالَمِ.

سَأَلَ باسبارتو: «كَيْفَ لَمْ أَرَكَ مُنْذُ مُغَادَرَتِنَا كلكتا؟»

قَالَ فيكس: «آهْ، لَقَدْ كُنْتُ مُصَابًا بِدُوَارِ الْبَحْرِ، كَيْفَ حَالُ السَّيِّدِ فوج؟»

– «عَلَى خَيْرِ مَا يُرَامُ، لَا يَتَخَلَّفُ عَنْ جَدْوَلِهِ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ! وَالْآنَ تُسَافِرُ مَعَنَا سَيِّدَةٌ شَابَّةٌ كَذَلِكَ!»

تَظَاهَرَ فيكس بِالِانْدِهَاشِ، وَحَكَى لَهُ باسبارتو كَيْفَ أَنْقَذُوا عودا مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ فِي الْهِنْدِ.

سَأَلَهُ فيكس: «وَهَلْ سَتُسَافِرُ عودا مَعَكُمْ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى أُورُوبَّا؟»

– «كَلَّا، سَتُقِيمُ لَدَى قَرِيبِهَا فِي هونج كونج، حَيْثُ سَتَكُونُ بِأَمَانٍ هُنَاكَ.»

وَكَمَا كَانَ الْحَالُ تَمَامًا فِي كُلِّ ظَهِيرَةٍ عَلَى مَتْنِ الْبَاخِرَةِ «منغوليا»، كَانَ الرَّجُلَانِ يَحْتَسِيَانِ مَعًا كُوبَيْنِ مِنَ اللَّيْمُونِ وَيَسِيرَانِ عَلَى سَطْحِ السَّفِينَةِ مَعًا.

وَبِمُرُورِ الْأَيَّامِ، بَدَأَ باسبارتو يُفَكِّرُ أَنَّهُ مِنَ الْغَرِيبِ جِدًّا أَنْ يُصَادِفَ السَّيِّدَ فيكس كَثِيرًا. وَفَجْأَةً جَالَتْ بِخَاطِرِهِ فِكْرَةٌ اقْشَعَرَّ لَهَا بَدَنُهُ؛ «إِنَّهُ يَتَتَبَّعُنَا!»

– «نَعَمْ، إِنَّهُ بِالطَّبْعِ جَاسُوسٌ أَرْسَلُوهُ مِنْ نَادِي «ريفورم كلوب»، لَكِنَّ سَيِّدِي رَجُلٌ أَمِينٌ وَصَادِقٌ. إِنَّهُ لَأَمْرٌ فَظِيعٌ.»

وَقَرَّرَ أَلَّا يُبْلِغَ فيلياس بِالْأَمْرِ، فَلَمْ يُرِدْهُ أَنْ يُسِيءَ الظَّنَّ بِأَصْدِقَائِهِ مِنَ النَّادِي، وَلِهَذَا احْتَفَظَ بِالْأَمْرِ لِنَفْسِهِ. كَمَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يُدْرِكَ السَّيِّدُ فيكس أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِأَمْرِهِ، فهَذَا قَدْ يُسَبِّبُ بَعْضَ الْمُشْكِلَاتِ بَيْنَ فيلياس فوج وَنَادِي «ريفورم كلوب»، وَكَانَ آخِرُ شَيْءٍ يُرِيدُهُ باسبارتو هُوَ أَنْ يُسَبِّبَ مَزِيدًا مِنَ الْمُشْكِلَاتِ لِسَيِّدِهِ.

رَسَتِ الْبَاخِرَةُ «رانجون» فِي سنغافورةَ قَبْلَ نِصْفِ يَوْمٍ مِنْ مَوْعِدِهَا، وَكَالْمُعْتَادِ دَوَّنَ فيلياس ذَلِكَ فِي دَفْتَرِ يَوْمِيَّاتِهِ، وَكَالْمُعْتَادِ كَذَلِكَ أَرْسَلَ باسبارتو لِقَضَاءِ مَهَامِّهِ الْمُعْتَادَةِ. وَأَرَادَتْ عودا رُؤْيَةَ بَعْضِ الْأَمَاكِنِ فِي الْجَزِيرَةِ، فَاصْطَحَبَهَا فيلياس فِي رِحْلَةٍ بِالْعَرَبَةِ، وَتَجَوَّلَا قَلِيلًا فِي الْمَدِينَةِ وَهُمَا يَسْتَنْشِقَانَ رَائِحَةَ الْقَرَنْفُلِ وَأَشْجَارِ جَوْزِ الطِّيبِ، وَرَأَيَا السَّرْخَسَ الْأَخْضَرَ وَصُفُوفًا مُتَعَدِّدَةً مِنْ أَشْجَارِ النَّخِيلِ.

كَمَا تَجَوَّلَا فِي الْمَدِينَةِ وَمَرَّا بِبُيُوتِهَا وَحَدَائِقِهَا السَّاحِرَةِ. وَبِنِهَايَةِ فَتْرَةِ الصَّبَاحِ، عَادَا إِلَى مَتْنِ الْبَاخِرَةِ «رانجون» وَكَانَا مُسْتَعِدَّيْنِ لِلإِبْحَارِ ثَانِيَةً. كَمَا أَنْهَى باسبارتو مَهَامَّهُ وَأَحْضَرَ بَعْضَ الْفَاكِهَةِ الطَّازَجَةِ الَّتِي شَارَكَهَا مَعَ عودا فَوْرَ عَوْدَتِهَا إِلَى سَطْحِ الْبَاخِرَةِ، ثُمَّ وَدَّعَ الْمُسَافِرُونَ الثَّلَاثَةُ سنغافورة، وَالْبَاخِرَةُ تُغَادِرُ الْمِينَاءَ مُتَّجِهَةً إِلَى هونج كونج.

•••

كَانَتِ الْأَيَّامُ الْأُولَى مِنَ الرِّحْلَةِ هَادِئَةً تَخْلُو مِنَ الْأَحْدَاثِ، فَكَانَ الطَّقْسُ جَمِيلًا وَالرِّيَاحُ مُعْتَدِلَةً، وَلَكِنْ فِي مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ فِي الرِّحْلَةِ الَّتِي تَسْتَغْرِقُ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، تَغَيَّرَ الطَّقْسُ، فَبَدَأَتْ أَمْوَاجُ الْبَحْرِ تَهْتَاجُ مَعَ بِدَايَةِ الْعَاصِفَةِ، وَتَخَلَّفَتِ السَّفِينَةُ عَنْ مَوْعِدِهَا، وَقَدْ أَغْضَبَ ذَلِكَ باسبارتو فِي حِينِ حَافَظَ فيلياس فوج عَلَى هُدُوئِهِ.

كَانَ فيلياس يُمْضِي نَهَارَهُ مَعَ عودا، بَيْنَمَا كَانَ يُدَوِّنُ مُلَاحَظَاتِهِ فِي الْمَسَاءِ.

وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، وَجَدَ فيكس باسبارتو يَتَحَرَّكُ جِيئَةً وَذَهَابًا بِتَوَتُّرٍ عَلَى سَطْحِ السَّفِينَةِ.

فَقَالَ: «أَنْتَ عَلَى عَجَلَةٍ مِنْ أَمْرِكَ الْيَوْمَ!»

قَالَ باسبارتو: «عَجَلَةٌ شَدِيدَةٌ! الطَّقْسُ يُؤَخِّرُنَا، وَهَذِهِ السَّفِينَةُ لَيْسَتْ سَرِيعَةً بِمَا يَكْفِي.»

فَسَأَلَهُ فيكس: «إِذَنْ، أَنْتَ تُصَدِّقُ الْآنَ أَنَّكَ فِي جَوْلَةٍ حَوْلَ الْعَالَمِ؟»

قَالَ باسبارتو: «بِالطَّبْعِ يَا سَيِّدُ فيكس، أَلَا تُؤْمِنُ بِهَذَا؟» وَغَمَزَ لَهُ ثُمَّ سَارَ مُبْتَعِدًا.

حَيَّرَتْ تِلْكَ الْغَمْزَةُ فيكس، فَهَلْ كَانَتْ تَعْنِي أَنَّ باسبارتو قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مُحَقِّقٌ؟ هَلِ اكْتَشَفَ الْأَمْرَ؟ وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي تَقَابَلَ الرَّجُلَانِ مَرَّةً أُخْرَى.

قَالَ باسبارتو: «حَسَنًا، هَلْ سَنَرَاكَ مُجَدَّدًا فِي طَرِيقِنَا إِلَى أَمْرِيكَا يَا سَيِّدُ فيكس؟» وَغَمَزَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى.

تَمْتَمَ فيكس: «امم، آهْ، لَا أَعْلَمُ.»

– «هَذَا غَرِيبٌ، فَلَقَدْ كُنْتَ مُسَافِرًا إِلَى بومباي فَقَطْ، وَلَكِنَّكَ بَعْدَ ذَلِكَ ذَهَبْتَ إِلَى كلكتا، وَهَا أَنْتَ الْآنَ فِي طَرِيقِكَ إِلَى هونج كونج.»

ضَرَبَ باسبارتو فيكس عَلَى ظَهْرِهِ ضَرْبَةً خَفِيفَةً وَهُوَ يُغَادِرُ، فَعَادَ فيكس إِلَى كَابِينَتِهِ وَهُوَ مُشَتَّتَ الذِّهْنِ؛ فَالْخَادِمُ حَتْمًا قَدِ اكْتَشَفَ الْحَقِيقَةَ، وَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ: «هُنَاكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَقَطْ أَسْتَطِيعُ فِعْلَهُ، يَجِبُ أَنْ أُخْبِرَ باسبارتو بِكُلِّ شَيْءٍ.»

•••

كَانَتِ الرِّيَاحُ تَشْتَدُّ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَكْثَرَ عَمَّا قَبْلَهُ، وَكَانَتِ الْأَمْوَاجُ الْعِمْلَاقَةُ تَتَقَاذَفُ الْبَاخِرَةَ، فَأُجْبِرَتِ الْبَاخِرَةُ عَلَى الْإِبْحَارِ بِبُطْءٍ شَدِيدٍ، حَتَّى إِنَّهُمْ سَيَتَأَخَّرُونَ فِي الْوُصُولِ إِلَى هونج كونج لِمُدَّةِ يَوْمٍ كَامِلٍ وَظَلَّ فيلياس هَادِئًا بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّأْخِيرَ يَعْنِي أَنَّهُ حَتْمًا سَيَخْسَرُ الرِّهَانَ، فَلَقَدِ اسْتَهْلَكَ كُلَّ الْأَيَّامِ الزَّائِدَةِ فِي الْهِنْدِ عِنْدَمَا أُجْبِرُوا عَلَى السَّفَرِ عَلَى ظَهْرِ الْفِيلَةِ، وَكَانَ يَأْمُلُ فِي الْحُصُولِ عَلَى الْمَزِيدِ مِنَ الْوَقْتِ. كَانَتْ عودا مُنْدَهِشَةً مِنْ أَنَّهُ لَا يَشْعُرُ بِالْقَلَقِ لِأَنَّهُمْ سَيَفُوتُهُمُ الْمَرْكَبُ مِنْ هونج كونج إِلَى الْيَابَانِ.

بِالطَّبْعِ كَانَ فيكس سَعِيدًا بِهَذَا التَّأْخِيرِ، فَذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ مُذَكِّرَتَهُ لَدَيْهَا الْمَزِيدُ مِنَ الْوَقْتِ لِلْوُصُولِ، أَمَّا باسبارتو الْمِسْكِينُ فَكَانَ يَتَمَشَّى ذَهَابًا وَإِيَابًا فِي كُلِّ اتِّجَاهٍ مِنْ شِدَّةِ قَلَقِهِ.

عِنْدَمَا رَسَتِ الْبَاخِرَةُ أَخِيرًا فِي هونج كونج، غَادَرَ الرُّكَّابُ الثَّلَاثَةُ الْبَاخِرَةَ «رانجون» وَذَهَبُوا لِيَسْأَلُوا عن الْبَاخِرَةِ الْمُتَّجِهَةِ إِلَى مَدِينَةِ يوكوهاما، وَسَأَلَ فيلياس فِي مَكْتَبِ الْجَوَازَاتِ إِذَا كَانُوا قَدْ تَخَلَّفُوا عَنْ مَوْعِدِ الْبَاخِرَةِ أَمْ لَا.

قَالَ الْمُوَظَّفُ الَّذِي يَخْتِمُ جَوَازَ السَّفَرِ: «كَلَّا، فَقَدْ كَانَتْ لَدَيْهِمْ مُشْكِلَةٌ فِي أَحَدِ الْمَرَاجِلِ؛ فَسَتَتَأَخَّرُ حَتَّى أَوْجِ الْمَدِّ فِي صَبَاحِ الْغَدِ.»

قَالَ فيلياس دُونَ أَنْ تَعْكِسَ مَلَامِحُهُ أَيَّ مَشَاعِرَ: «حَسَنًا، مَا هُوَ اسْمُ الْبَاخِرَةِ؟»

قَالَ الْمُوَظَّفُ: ««كارناتيك»، وَمَكْتَبُ التَّذَاكِرِ فِي نِهَايَةِ الشَّارِعِ.»

انْتَزَعَ باسبارتو يَدَ الرَّجُلِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِحَفَاوَةٍ شَدِيدَةٍ وَهُوَ يَقُولُ بِحَمَاسٍ: «شُكْرًا لَكَ! شُكْرًا لَكَ! أَنْتَ أَفْضَلُ الرِّجَالِ الطَّيِّبِينَ!»

لَقَدْ كَانَ الْحَظُّ فِي جَانِبِهِمْ! فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَرْكَبُ قَدْ تَوَقَّفَ لِلإِصْلَاحِ، لَكَانَ عَلَيْهِمْ الِانْتِظَارُ لِأُسْبُوعٍ آخَرَ قَبْلَ السَّفَرِ إِلَى الْيَابَانِ. حَجَزَ فيلياس غُرَفًا لَهُمْ فِي فُنْدُقِ «كلوب هوتيل» حَيْثُ سَيَقْضُونَ الْوَقْتَ هُنَاكَ حَتَّى يَصْعَدُوا عَلَى مَتْنِ الْبَاخِرَةِ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، حَيْثُ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّرِ أَنْ تُبْحِرَ الْبَاخِرَةُ فِي الْخَامِسَةِ مِنْ صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي. وَبَعْدَ الِانْتِهَاءِ مِنْ تَرْتِيبِ هَذَا الْأَمْرِ، تَرَكَ فيلياس عودا فِي صُحْبَةِ باسبارتو وَانْطَلَقَ لِيَبْحَثَ عَنْ قَرِيبِهَا جيجاه جيجيبوي.

وَبَيْنَمَا كَانَ فِي السُّوقِ، صَادَفَ فيلياس تَاجِرًا يَعْرِفُ جيجاه جيجيبوي، وَقَالَ لَهُ ذَلِكَ التَّاجِرُ إِنَّ السَّيِّدَ جيجيبوي قَدْ غَادَرَ هونج كونج مُنْذُ عَامَيْنِ وَانْتَقَلَ إِلَى هُولَنْدَا.

وَعِنْدَمَا عَادَ فيلياس إِلَى الْفُنْدُقِ جَلَسَ مَعَ عودا لِيُخْبِرَهَا أَنَّ قَرِيبَهَا قَدِ انْتَقَلَ.

فِي الْبِدَايَةِ لَمْ تَقُلْ شَيْئًا وَظَلَّتْ تُفَكِّرُ، ثُمَّ قَالَتْ بِصَوْتِهَا الْحُلْوِ الرَّقِيقِ: «مَا الَّذِي عَلَيَّ فِعْلُهُ يَا فيلياس؟»

فَقَالَ: «هَذَا بَسِيطٌ جِدًّا، عَلَيْكِ الذَّهَابُ إِلَى أُورُوبَّا.»

– «وَلَكِنَّنِي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَكُونَ عَقَبَةً فِي طَرِيقِكَ.»

فَقَالَ فيلياس: «هَذَا هُرَاءٌ، فَأَنْتِ لَسْتِ عَقَبَةً نِهَائِيًّا. إِنَّهُ لَمِنْ دَوَاعِي سُرُورِنَا أَنْ تُرَافِقِينَا فِي رِحْلَتِنَا. باسبارتو!»

– «سَيِّدِي؟»

– «رَجَاءً احْجِزْ ثَلَاثَ كَبَائِنَ عَلَى مَتْنِ الْبَاخِرَةِ «كارناتيك»، فَسَنَذْهَبُ جَمِيعًا إِلَى الْيَابَانِ، وَمِنْ هُنَاكَ سَنَتَّجِهُ إِلَى أَمْرِيكَا.»

شَعَرَ باسبارتو بِسَعَادَةٍ غَامِرَةٍ لِأَنَّ عودا سَتُسَافِرُ مَعَهُمْ، وَقَفَزَ بِسَعَادَةٍ مُغَادِرًا الْغُرْفَةَ لِيُنَفِّذَ مُهِمَّتَهُ الْجَدِيدَةَ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤