الاحتيالُ وفقًا لقانون البرلمان

أعتقد أن التجار في إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا، أو غُرف التجارة في المملكة المتحدة، قد يُنفقون مبلغًا معقولًا من المال على وضعٍ سيئ أكثرَ من الاستعانة بي للتوضيح، من خلال خبراتي، لبعض القوانين البرلمانية المعيبة، التي بموجبها، مثلما رأيت، تُرتكَب أعمال شريرة متكررة كبيرةٌ وأحيانًا ضخمة. سواءٌ أكان مفهوم أهميتي للمجتمع التجاري وللدولة مبرَّرًا أم لا بأيِّ شيء يُمكنني إظهاره، فقد يحكم القارئ من خلال ما يلي، وهو عيِّنة واحدة من المخزون في ذكرياتي.

أُخبِر تاجرٌ نزيه، ومكافح، وغير ثري، ولكنه ناجحٌ إلى حدٍّ ما، في مدينة لندن، منذ وقتٍ ليس ببعيد، أنَّ «شركة» معينة (السادة فولور وإنليفر)، التي لديها مكاتبُ، أو متجر، على بُعد أقلَّ من عدة مئات الأمتار من مانشن هاوس، وأقرب إلى حدٍّ ما من مسكنِ جوج وماجوج البارد، الذين لديهم مؤسسة في باريس، قد يُتاجرون معه في فئة معينة من البضائع. كان التاجر السيد براون، على الرغم من عدم قدرته على تحمُّل الخسائر، وبالتالي حذره إلى حد ما في الوقت نفسه، حريصًا بطبيعة الحال على القيام بأعمال تِجارية. ومِن ثَمَّ استفسر عن مكانةِ هذه الشركة. ولم يستطع صديقُه إخبارَه، لكنه قال إن صديقَيه الآخَرَين — السادة داوني وجرابل — لديهما أعمالٌ تِجارية مع هؤلاء الباريسيِّين المغامرين؛ وإن داوني هو مثالٌ يُحتذى به في الدقة، وإن السيد براون يُمكِنه أن يذهب ويطلب منه أن يقول بسرية ما يعرفه أو يعتقده عن الفَرنسيِّين. «إن داوني وجرابل شخصان راقيان، أؤكِّد لك هذا. فإذا قالا «كل شيء على ما يُرام»، فهو كذلك؛ وإذا قالا «لا تفعل»، فأنا أقول لا تثق في فولور وإنليفر، هذا كلُّ ما في الأمر.» فشكر براون صديقه.

في اليوم التالي، وبطبيعة الحال، ذهب براون إلى مكتب أو متجر فولور وإنليفر في لندن، الذي قد أوضح أيضًا، من أجل التحديدِ الجغرافي، أنه لم يكن بعيدًا عن المحكمة العليا للإغاثة، في شارع بازينجهول. وأخذ معه في جيبه عيناتٍ من بضاعته. كان وكيل المشتريات ومسئولها بالشركة الفرنسية في مكانه المعتاد خلفَ مِنضدة البيع.

في البداية، تبادل السيدان توضيحًا رسميًّا واستفسارًا أو اثنين.

«ما هي فئة البضائع التي تقول إنه يُمكنك تقديمُها لنا؟»

«أصواف الألبكا.»

«سيُفيدنا ذلك في سوق باريس في الوقت الحاليِّ، لكن يجب أن نحصل عليها بسعرٍ رخيص. لا نريد ائتمانًا طويلَ الأمد.»

«إنها كمية. يُمكنني أن أبيعها لكم مقابلَ سعرٍ نقدي منخفض أو ائتمان قصير الأمد.»

«شروطنا هي السداد النقدي خلال ثلاثين يومًا؛ ولكن دَعْنا نرَ عيناتِك.»

ومِن ثَمَّ وُضِعت العينات على منضدة البيع وفُحِصت بدقةٍ من قِبَل مسئول المشتريات، الذي وافق عليها. كان السيد براون أيضًا راضيًا (وفقًا للمراجع) بائتمان الثلاثين يومًا.

حيث قال وهو يُواصل الحوار: «حسنًا، أنا راضٍ تمامًا عن شروط الائتمان؛ ولكن نظرًا إلى أنَّ هذه هي أولُ معاملةٍ لي مع شركتك، أودُّ الحصول على مرجع، إذا كان مُرضيًا تمامًا وليس لديَّ أدنى شك في أنه سيكون، فسأرسل البضائعَ في الحال.»

«أوه، هذا صحيح تمامًا. دعني أرَ، مَن سأعطيك؟ هل تعرف داوني وجرابل؟»

«أجل؛ أنا أعرفهما جيدًا. هذا المرجع مُرضٍ تمامًا بالنسبة إليَّ.»

«اسألهما، إذن، عن رأيهما في فولور وإنليفر.»

ذهبَ السيد براون مباشرة إلى شركة داوني وجرابل للمحاسبة. حيث كان كلٌّ من عُضوَيِ الشركة غيرَ موجود. فعاود الذَّهاب مرة أخرى، وقابل العضوَين في هذه الشركة المحترمة للغاية.

دخل الزائرُ مباشرة في موضوع الأعمال الذي جاء من أجله.

«قيل لي إنكما تتعاملان مع فولور وإنليفر.»

«أجل.»

«إذن فسُمعتهم جيدة، أليس كذلك؟»

قال داوني بنبرة رقيقة: «نفترض ذلك، وإلا فلم نكن لنتعامل معهم.» وبينما هو يتكلم وجَّه عينَيه إلى شريكه.

فأضافَ جرابل: «ربما يكون الأمر أكثرَ إرضاءً لهذا السيد المحترم إذا عرَضنا عليه حسابنا مع الشركة التي يستفسر عنها. هيا، يا كلارك، أحضِر لي السِّجل.»

فأحضر له السِّجل. أظهرَ السجل مبلغًا كبيرًا مستحَقًّا من فولور وشركاه إلى داوني وشركاه.

قال براون: «أرى أنك تثقُ بهم. ومع ذلك، اعذرني لتدخلي في تفاصيلَ خاصةٍ بعض الشيء. أنا رجلٌ أفقرُ منك، وعلى الرغم من أنني حريص على القيام بأعمال تِجارية، فإنني يجب أن أحذر من التعامل مقابل ديون معدومة.»

سأله جرابل: «ما هو نوع البضائع التي تُتاجر فيها؟»

قال براون: «أصواف الألبكا.»

«آه، أجل؛ إنها مطلوبة في باريس هذه الأيام. قد تبيع شركة فولور كميةً ضخمة منها، في رأيي. إنها بدايةٌ جيدة لأعمالك معهم.»

سألَ داوني: «ما نوعُ الائتمان الذي يريدون؟»

قال براون: «ثلاثون يومًا.»

«إنه ائتمانٌ آمِنٌ مثل البنك. من المؤكَّد أنك ستحصل على أموالك في نهاية الشهر. أنا أعرف كلًّا من فولور وإنليفر. إنهما شابَّان ينتميان إلى عائلات راقية، وسُمعتهما مثل كوبستيكس أو مورليز.»

قدَّم براون الشكر لداوني وجرابل، وذهبَ في طريقه إلى متجره الصغير، مبتهجًا بالاعتقاد الواثقِ بأنه قام بعملٍ موفَّق، وأنه قد حصل على صفقة بقيمة عشرة جنيهات في ذلك الصباح.

ومِن ثَمَّ أرسل براون البضائعَ بسرعة ملائمة إلى فولور وإنليفر. لكنهما لم يُرسلا أصواف الألبكا إلى باريس من خلال وكيلهما، ربما لأنها كانت مطلوبةً في السوق المحليَّة. كان لدى الشركة الباريسية، كما يعرف داوني وجرابل جيدًا، مصدرٌ لتوزيع جميع أنواع المنسوجات، أو حتى المنتجات الخزفيَّة، أقربُ بكثيرٍ إلى فرعِ عملياتهم في المدينة من العاصمة الفرنسية. حيث كان هناك، في حي لندن ريالتو، متجرٌ يُديره عضوان طيِّبا القلب من إحدى قبائلِ بني إسرائيل، وفيه يُمكن الاعتناءُ بأي كميةٍ يمكن تصوُّرها من البضائع اشترَتها أي شركة أو متجر بالائتمان؛ حيث إن هذَين العبرانيَّين المحسنين يُمكنهما أن يخزنا في جميع الأوقات البضائع المذكورة أعلاه، كما يُمكنهما أيضًا صُنع معروفٍ والشراءُ من الأُمميِّين من غيرِ اليهود عن طريق دفعات مقدمة (بالطبع مقابل تعويضٍ مادي، تحت اسم الفائدة) مع خَصْم نسبةٍ معينة من قيمة هذه البضائع. والآن، أيها القارئ، لا تُطلِق على هذه العملية اسمًا قبيحًا. إذا كنت قد قرأتَ القصص السابقة في مجلدي، فسوف تُدرك أن هذا النمط من توزيع البضائع لا يُسمى الرهن. إن هذه كلمةٌ بغيضة، لا ينطقها رجال المدينة أبدًا، أو يُسمَح لها بتلويث الهواء بين تمبل بار وألدجيت. يُسمَّى هذا النمط من زيادة النقد والإفلات بالسلع بالتعهُّد. أليس مصطلحًا جميلًا؟ أضفى الاسم بلا شك قدسية على العملية.

لقد تصادفَ الآن أنَّ رجلًا كان يُتاجر في مدينة لندن، وأجرى أعمالًا مع شركة فولور وإنليفر، الذي أُبرِم تعهدٌ بشأنِ بضائعه مع المحسنَيْن العبريَين، لم تُعجبه هذه العملية. لقد رأى بضاعته، التي ورَّدَها للفرنسيين المغامرين بناءً على واحدة من الشهادات الشفوية لداوني وجرابل، يُتاجر بها أبناءُ بني إسرائيل بأمان، وقرَّر أنه سيبذل قُصارى جهدِه ونفوذه لمنع سلع الرجال الآخَرين، المخصَّصة لباريس، من تحويلِ مسارها على هذا النحو. وقد اكتشف هذا الرجل، من خلال المراقبة والتحقيق، أن البضائع التي كانت تخصُّ براون مؤخرًا، والآن هي الممتلكات المشروعة لفولور وإنليفر، ليفعَلا ما يَحْلو لهما بها، قد أرسلت إلى المتعهِّدين. فذهب لزيارة براون، الذي رآه ضحيةً لهذه العملية، وقدَّم تفسيراتٍ تُوضح طبيعةَ شركة كلٍّ من فولور ومرجعهم. فانزعج براون بعضَ الشيء، لكنه لاحظ من الناحية الفلسفية أنَّ الأذى قد حدَث، ولم يكن هناك إمكانيةٌ لمنعه. في الواقع، كان رغم ذلك يأمُل، بِناءً على شهادة داوني، أن تُسدَّد الأموال الموعودة بأمانةٍ خلال ثلاثين يومًا في موعدها.

قبل اليوم الذي تستحقُّ فيه أموالُ السيد براون، أُغلِق الفرع الإنجليزي لمتجر فولور وإنليفر، وأُعيدت الرسائلُ الموجَّهة إلى المؤسسة الرئيسية في باريس من خلال مكتب الخطابات غير المستلَمة. حيث حُلَّت الشركة، وهَرَب أصحابها، ولم يتمكن أحدٌ من معرفة مكان وجودهم.

أدركَ السيد براون أنَّ أمواله قد ضاعت، ما لم يتمكَّن من جعلِ هذين الوغدين داوني وجرابل يدفعان الثمَن. كانت كلُّ أفكاره موجَّهةً إلى هذه النقطة. لقد شعر بالاقتناع التامِّ بأن هؤلاء التجَّارَ «المحترمين» يعرفون كلَّ شيء عن صديقيهم القادمَين من القارَّة، وأن الأمر يحتاج فقط إلى تحقيقٍ استقصائي لإثبات تواطؤ الشركات الذي تعرَّض من خلاله للاحتيال.

عند هذه المرحلة من القضية وُكِّلتُ للعمل عليها.

وسرعان ما كشفَت تحقيقاتي عن المؤامرة بأكملِها. لقد كانت تتمحورُ حول حقيقة بسيطة. لكنَّ الأحداث المحيطةَ بالقصة كانت فريدةً بشكل ملحوظ، ومثيرةً لاهتمام المجتمع التِّجاري.

في الواقع، لقد خُدع السادة داوني وجرابل في المقام الأول، وتعرَّضا للنصب في مبلغٍ كبير، من قِبل فولور وإنليفر. كانت قدرة الشركة الفرنسية على الإقناع تتفوق على حِرفية وبراعة هؤلاء الإنجليز، الذين ينحدرون في الأصل من مقاطعة يورك.

في أحد الأيام، قبل نحو أسبوعين من زيارة السيد براون متجر الفرنسيين بلندن، كان إم فولور وسيدة ريفية جميلة، لم تكن حرم السيد فولور، يسيران عبر أحد شوارع المدينة الهادئة، في وقتِ ما بعد الظهر، قبل ساعات قليلة من مغادرة قطار المد، الذي كانا يعتزمان مغادرةَ العاصمة البريطانية على متنِه، عندما تلقَّى هذا الرجل الأنيقُ نقرةً على كتفه بأسلوب مهذب من قِبل رجل اتضَح، بمزيدٍ من التعارف، أنه ضابطٌ في شرطة لندن. ونُقل الفرنسي إلى مقرِّ احتجاز المدينَين الذي يترأَّسه هذا الضابط، رغم احتجاجه ودموع السيدة.

قدَّم الدائنون، السادة داوني وجرابل، إقرارًا مشفوعًا بقسَم بأنَّ المدين، السيد فولور، كان على وشك مغادرة البلاد بهدفِ إعاقة وتأخير استرداد الأموال التي يحقُّ لهم الحصولُ عليها؛ وبِناءً على هذا القسَم، أمر أحدُ القضاة المختصين باحتجاز الفرنسي حتى سدادِ المطالبة، أو تقديم ضمانٍ لسدادها، أو تصفية الالتزام في حالة الإفلاس.

هُرِع وكيل السادة فولور وشركاه إلى مكتب محامٍ ماهر، وطلَب منه بذلَ قُصارى جهده من أجل السجين. ومِن ثَمَّ التقى هذا الرجل بالسيد داوني ومحاميه في المقرِّ المؤقت للسيد إم فولور، حيث كان ذلك الرجل غيرُ المحظوظ حاضرًا. ولم يستغرق الشِّجار بينهم وقتًا طويلًا، أو مُنِعَ تقريبًا، لاعتبارات الحصافة.

ومِن ثَمَّ أدار محامي إم فولور المناقشةَ نحو اتجاهٍ عمَلي بأن قال لخصميه:

«أقول لكما بصراحة إنَّ موكلي لا يُمكن أن يُفرَج عنه بكفالة، ولن يُودَع السجن. وإذا لم تتقدَّما بطلب الإفراج عنه طواعية، فسأُقدم التماسَه بشأن الإفلاس. كان تصرفًا غبيًا من جانبكما أن تطالبا بسجنه. لا يُمكنه الحصول على المال ليدفع لكما أثناء وجوده هنا؛ ولكن إذا أُطلِقَ سراحه، فقد يفعل ذلك. إنه رجلٌ ذكي، ولن يتوقَّف للحظة، إلا إذا كنتما سخيفين بما يكفي لإيقافه. إذا تركتماه وشأنَه، مع الحرص على عدم الوثوق فيه بعد الآن، ولكن دون إحباطه أو تدميرِ سمعته، فقد يُسدِّد دَينه بسهولة في غضون شهرٍ أو شهريَن.»

لقد صُدِم السيد داوني ومُحاميه ببراعة الحجة، إن لم يكونا أُجبرا، لكنهما لم يقتنعا تمامًا بالإفراج عن المدين.

سأله مستشار السيد داوني: «هل يُمكنك أن تُقدم لنا أيَّ ضمان؟»

كان الرد المقتضَب: «كلا.»

فأضافَ محامي الدائن: «إذن لا أرى مَيزةً لإطلاق سراح موكلك.»

كانت المفاوضات ستنتهي عند هذه المرحلة، لولا ذهن الفرنسي الحاضر. إذ كان لديه موردٌ ذو قيمة. حيث يمتلك عقارًا صغيرًا في فرنسا ويدَّخره من أجل الظروف الطارئة. كانت قيمته تكفي لتغطيةِ ديون داوني وجرابل، على الرغم من صعوبة تسييله في هذا البلد. كما لم يكن يُحب أن يتخلَّى عنه، وهو ثروته الوحيدة، لشخصٍ غريب.

إنَّ أكثر ما يُميز الشخص الفرنسيَّ حرفيًّا هو أنه دائمًا عاطفي، ودموعه قريبة.

ولذا ذرف السيد فولور الدموع وهو يُوافق على التخلِّي عن هذا العقار الصغير المدَّخَر لدائنه المتصلِّب؛ وبعد أن استنفد عواطفه الطبيعية، عاد إلى العمل، واستُؤنِفَت المفاوضات.

ومِن ثَمَّ توصَّلوا إلى تسوية الأمر في النهاية، بناءً على تأكيد داوني، بموجب شرفِ رجلٍ نبيل، أنه سيفعل ما في وُسعه بعد ذلك لدعم شركة فولور وإنليفر — من خلال إعطاء مرجعياتٍ إيجابية لهم — وسيحصل هو وشريكه على تنازل عن ذلك العقار المدخر. واشترطَ الفرنسي العاطفي أنه عندما يُسدد المبلغ المستحَق لداوني وجرابل، كما كان يتوقَّع أن يفعل قريبًا، يجب على الدائنين إعادةُ نقل العقار إلى ملكيته مرة أخرى.

صدَّقَ الجميع على الميثاق من خلال تعهُّدات الشرف الرسمية.

وللحفاظ على المظهر العام، جرى الترتيبُ أنْ يذهبَ أحدٌ من شركة داوني وجرابل إلى فرنسا، ويتظاهرَ بإجراء استفساراتٍ حول مدى احترام شركة فولور وإنليفر لتعهداتها، ويُرسل برقيةً تنصُّ على أن «كل شيء على ما يُرام»، كمبرِّر لإطلاق سراح إم فولور. وسيرى القارئُ ضرورة ذلك. إذ لم يتمكَّن داوني وشركاه من المجازفة بالتحدث بشكلٍ إيجابي عن الرجل الذي تسببوا في القبض عليه؛ ما لم يجدوا أيَّ عذر لرأيٍ مختلف. وبالطبع لن يُخبر داوني وشركاه أيَّ شخص بالقبض على فولور، لكن هذه الحقيقة البغيضة قد تتسرَّب. كانت الصعوبة الأخلاقية التي يجب التغلُّب عليها هي كيفية التوفيق بين محتويات الإقرار المشفوع بقسَم، الذي قاد القاضي إلى الأمر بالقبض على الفرنسي، وبين الثناء اللاحق بعد ذلك.

لا داعي للقول إنه يجب عدمُ تَكْرار مرافعة محامي الفرنسي، وعدم ذكر الضمان الذي حصَلا عليه. كانت حيازة تلك الوثيقة علامةً واضحة على نقص تلك الثقة التي يقوم عليها الائتمانُ العادي. وبدا لجميعِ الأطراف أن التحقيقَ على الفور في مدى احترام الشركة الفرنسية لتعهداتها هو الطريقة الأكثر فاعلية للحصول على عرضٍ لتبرير الشخصية الجيدة التي يجب أن تُضْفى على المحتالين.

ومِن ثَمَّ ذهب داوني بالقطار والقارب التاليَيْن إلى باريس. وبصحبته السيدة التي كانت بصحبةِ إم فولور. ولم يذكر هذا الظرف الصغير، على ما أعتقد، للسيدة داوني؛ لأنها كانت شديدةَ الغَيرة.

في غضون مدَّة زمنيةٍ قصيرة على نحو لا يُصدَّق، أجرى السيد داوني جميع الاستفسارات التي اعتبَرها ضرورية، وتمكَّن من إرسال برقية الترحيب، «كل شيء على ما يُرام»، عبر أسلاك التليغراف، كما وعد.

في اليوم التالي، التقى فولور وداوني في العاصمة الفرنسية، وقضى اليوم التاليَ والذي يليه في المكانِ نفسِه. خلال هذا الوقت نظَّم فولور وإنليفر جولةً للتاجر الإنجليزي لزيارة المسارح، والمقاهي، والكازينوهات، والأماكن الأقلِّ شهرة، من أجل تقديم مزيدٍ من الأدلة على احترامهما وحصافتهما وموثوقيتهما التجارية.

كان داوني قد مرَّ بكل هذه الدائرة من التحقيقات، وعاد إلى منزله في لندن، قبل أن يزوره براون ليطلبَ رأيه في الفرنسيين. إنه لأمر مؤسف أن التاجرَين البريطانيَّين المحترمين، عندما قدَّما للسيد براون الشهادة التي بموجبها فقد بضاعتَه أو أمواله، لم يكشفا أسسَ ثقتهما بفولور وإنليفر. وكان ينبغي عليهما بالتأكيد عدمُ إخفاء الضمان الذي بحَوزتهما، أو إلقاء القبض على مَدينهما، أو بعض الأحداث الصغيرة الأخرى.

أعتقدُ أن عُضوَي شركة داوني وجرابل المحترمَين يستحقان العقاب كمجرمَين. ومع ذلك، يبدو أنه لا يوجد جزءٌ من القانون الجنائي يمكن أن يدينهما. علاوةً على ذلك، لم يكن من الممكن حتى الآن، من خلال سلطةِ مُحامٍ ذي سمعةٍ طيبة في مدينة لندن، استردادُ قيمة البضائع الموردة إلى شركة فولور وشركاه بِناءً على مرجعهم الإنجليزي، من خلال دعوى قضائية. لكني لم أنتهِ من تحقيقاتي بعد.

وبعد مدَّة وجيزة وقعَتُ بالصدفة على اكتشافٍ كبير. فقد حصلتُ على جميع المراسلات السرِّية بين إم فولور والمدير الإنجليزي لشركته. هذا الشاب، الذي أخطأ الآخَرون في حقه أكثرَ من خطئه هو، ساعدني أيضًا في تعقُّب جرائمِ أصحاب عمله وشركائهم أو مؤيِّديهم.

كانت المراسلات مثيرة للاهتمام للغاية. وكان فولور، وهو المراسل الرئيسي، يعرف اللغة الإنجليزية بالإضافة إلى لغتِه الأم، أو كان من حقِّه أن يُصنف بين أعلى المثقفين الفرنسيِّين. كان الأسى واضحًا. فقد احتوَت الرسائل على مقاطعَ مثل هذه: «نحن في ضائقةٍ مالية شديدة.» «اشترِ البضائع من أيِّ مكان، ثم بِعْها أو تصرَّفْ فيها بأيِّ طريقة، وأرسل لنا المالَ في باريس، وإلا فسنُفلس تمامًا.» وهناك أيضًا مبادئُ دنيوية ثابتة، من شأنِها أن تنسب الفضل إلى الكابتن باراباس وايتفيذر، مثل «لا تدفع نقدًا. إنه مبدأ سيِّئ. احصل على كل شيء عن طريق الائتمان.» ومع ذلك، كانت المقاطعُ الأكثر تميزًا هي تلك التي شرح فيها الفرنسي لوكيله الإنجليزيِّ كيف يجب التعاملُ مع جمعيات حماية التِّجارة أو خداعها أو رِشْوتها. ومع ذلك، من أجل مصلحة التِّجارة، يجب أن أُخفي هذا الجزء من الاحتيال.

وقد اتضح لي الآن، من خلال جمعِ كلِّ عناصر الحقائق وتوحيدِ الأدلة المكتوبة مع الشفوية، فإن قضيتي ضدَّ داوني وجرابل قد اكتملت. واستشرت محاميًا، أخذَ بدوره رأي مستشارٍ قانوني في الموضوع. وقد أوضحَ هؤلاء المختصُّون أن الأدلة ليست كافيةً لتدعيم الملاحَقة الجنائية، وفي الحقيقة لم يكن السيد براون يهتمُّ كثيرًا بذلك التعويض العقيم، بالنسبة إليه. لكنه أراد تعزيزَ رفاهية المجتمَع بطريقةٍ من شأنها تعويضُ خَسارتِه. لقد أراد إجبار داوني وجرابل على دفعِ المبلغ الذي خَسِره بسببهما، فقط من خلال توصياتهما، بالوثوق بالفرَنسيين. وحتى في سبيل تحقيقِ هذا، كانت هناك، كما يعتقد، بعضُ الصعوبات.

ذلك أن المحاميَ العجوز البارز، لورد تينتردن، منذ سنواتٍ طويلة مضَت، قد بذل الجهدَ لتوفير حَصانةٍ قانونية لأشخاص مثل داوني وجرابل. وكان ينبغي أن يكون السيد براون، بصفته إنجليزيًّا، قد أصبح على علمٍ بقوانين بلاده — إذ مِن المفترض أن كلَّ رجلٍ لديه كلُّ القوانين المكتوبة وغير المكتوبة، والعامة، والمدَنية، والجنائية محفورة على ألواح ذاكِرته — لكن السيد براون لم يكن يعلم أنه من الضروريِّ لسلامته تسجيلُ التوصيات العديدة للشركة الإنجليزية. وحتى لو كان يعرف الكثيرَ مما هو ضروريٌّ لسلامته، فربما يكون قد اعتمَد على الافتراض الخاطئ بأنَّ داوني وجرابل رجلان صادقان.

وعلى أملِ أن تكون هذه القضيةُ ذاتَ سماتٍ تُخلِّصها من تحت الدرع المؤذية للورد تينتردن، واعتمادًا على فكرةِ أنَّ داوني وجرابل لن يَجرُؤا على أن يدَعا القضيةَ تصل إلى محاكمةٍ علَنية، وأيضًا مع الاستعداد للمخاطرة بشيءٍ ما لمصلحةِ المجتمع التِّجاري، رفع السيد براون دَعْواه ضدَّ هؤلاء الرجال «المحترمين». لقد كلَّفه هذا القرارُ الكثيرَ من الأموال. إذ كان عليه توكيلُ مستشار من الدرجة الأولى، لم تكن أتعابه قليلة. وهكذا وجَدَت القضيةُ مَن يُدافع عنها. وأدرك داوني وشركاه أن هذه ليست سِوى واحدةٍ من سلسلة دَعاوى، التي، في ظلِّ الظروف المماثلة، قد ترفع ضدَّهم. وفي المحاكمة أُثبِتَت بوضوحٍ كلُّ الحقائق التي ذكَرتها. حيث استنكَر المستشار المخضرم الذي قاد قضيةَ المدعي، بألفاظٍ حازمة، سلوك المتهَمين. وكان القاضي وهيئة المحلَّفين والحضور سُعَداء برؤية العدالة المالية تُطبَّق ضدَّ المخطئين. وفي ختام الأدلة التي تمكَّن السيد براون من تقديمها، جادَل مستشار المتهَمين بأنه ليس هناك قضيةٌ للردِّ عليها. حيث بنى دفاعه على قانون البرلمان. لكنه لم يُحاول إنكارَ الأسس الموضوعية لقضية المدَّعي. ولم يستطع الردَّ على الحقائق المثبَتة للإدانة. وحول السؤال الفني المجرد عمَّا إذا كان السيدان داوني وجرابل محصَّنَين بالقانون البغيض أم لا، دار جدال طويل، انتهى بإبداء القاضي رأيًا بأنه يأسف لأنهما كانا كذلك؛ وأن المدعيَ قد خسر دعواه.

لم تنجُ شركة داوني وجرابل المحترمة بانتصارها المدمِّر لوقتٍ طويل. فقد توقَّفَت عن الظهور في دليل لندن، ووجد أعضاؤها أنه من الضروري لراحتهم أن يُهاجروا بعيدًا، تلافيًا لسمعةٍ سيئة لا يُحسَدون عليها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤