الفصل الرابع

أمتعتي

على الرغم من أنني أجمع الأمتعة العتيقة منذ فترة طويلة، فإنني لم أجِد سوى شيء واحد في حقيبة قديمة: لوحة منزل. اشتريت الحقيبة الصلبة ذات اللون الأخضر الزيتوني (الأصغر من الحقيبة الأخرى) من متجر البضائع في وينستون سالم، وعندما فتحتها في المنزل، وجدت اللوحة. لا أعرف إذا ما كانت الحقيبة تخص المرأة التي رسمت اللوحة، لكنني أعلم أن اسمها كان إم إي ريدمان؛ لأن هذا هو الاسم الذي وقَّعت به على عملها:

بيتي القديم – بُني عام ۱۸۸۹ –
أُحرق عام ۱۹۳۸ –
لوحة – إم إي ريدمان – ۱۹٥۹

ظهر الورقة منقَّط باللون البني الباهت الذي يصبح أكثرَ قتامة، حيث يكون اللون أكثر تشبعًا من الأمام؛ إنه يشبه نيجاتيف الصور، مسودة غير دقيقة للوحة نفسها. تتمتَّع اللوحة بملمس الطلاء الزيتي أو ألوان الباستيل الزيتية. أستطيع أن أشعر بالألوان تحت أصابعي. حواف الورقة متكسرة لقِدَمها، وهناك تجعُّد في الزاوية اليسرى العلوية سُوِّيَ ولكنه لا يزال مرئيًّا. المنزل نفسه محاط بالأشجار على كلا الجانبين، خمس على اليسار وأربع على اليمين، وتصطف الشجيرات بطول الممر المؤدي إلى الباب الأمامي. في الواجهة يوجد سياج أمام الممر مباشرة. المنزل مطلي من الأمام، مؤكدًا وجوده وديمومته، حتى لو كان شيئًا قد ذهب. الستائر المصفرة مفتوحة وتكشف عن النوافذ، لتذكيرك بأن هذا المنزل له جزء داخلي أيضًا، وأن هذا الجزء الداخلي خارج نطاق اللوحة، ويتجاوز ما تراه. كتبت: «بيتي القديم». أتساءل عمَّا إذا كان المنزل في وينستون سالم أم أن الحقائب وجدت طريقها إلى هنا بطريقةٍ ما. أتساءل عمَّا إذا كانت إم إي ريدمان رسمت اللوحة من صورة فوتوغرافية أم من الذاكرة. لقد رسمت منزلها بعد عشرين عامًا من احتراقه، لكنها ربما لا تزال تتذكَّره. ربما وُلدت هنا وعاشت هنا طوال حياتها. أو ربما اشترت المنزل وهي بالغة ولم تعِش فيه طويلًا. في كلتا الحالتين، فقدت منزلها وربما ممتلكاتها. إن اللوحة نصب تذكاري. والآن هي في حقيبة: حُوِّل منزلها إلى حقيبة، حيث يرتكز على حشوة مبطَّنة ملطَّخة باللون الأخضر الزيتوني. هذا يكاد يكون كثيرًا، كما قال لي أحد الأصدقاء، إذا ظهر هذا في رواية، ستقول: لا. مستحيل. بُني عام ۱۸۸۹، واحترق عام ۱۹۳۸، ورُسم عام ۱۹٥۹. المنزل يحدِّد الوقت بالتفصيل. اشتريت إطارًا للوحة إم إي ريدمان، وهي معلَّقة الآن في منزلي. ربما كان عليَّ ترْكها في الحقيبة. ربما تعيش هناك. لكني لا أعتقد ذلك.

من المناسب أن أجد منزلًا لم يَعُد موجودًا في ماركة حقائب لم تَعُد موجودة. إن حقائب إيرواي هذه مُرضية بشكلٍ خاص عند إغلاقها، حيث تنفتح الأقفال بالأركان إلى الجنب؛ لذلك تدفعها لإغلاق الحقيبة، وليس لأسفل، كما هو الحال في العديد من حقائب السامسونايت من منتصف القرن. عندما تضغط على الجزء العلوي لأسفل، تسمع النقرة الأولى، إحساس بإغلاق شيءٍ ما. إذا تركت الجزء العلوي من الحقيبة يسقط ببساطة، فإنه يمسك بحافة الأقفال، لكنه لا يغلق الحقيبة تمامًا. وبالتالي، فإن إغلاق الحقيبة هو شيء «عليك» القيام به، مجهود وعملية ينتج عنها شيء مغلق، شيء يبقي الأشياء الأخرى بعيدةً عن العالم. الحقائب ذات السحَّابات لا تخلُق هذا الشعور بالأمان. حتى الأمتعة الصلبة اليوم تميل إلى أن تحتوي على سحَّابات، والتي تعطي دائمًا إحساسًا غريبًا، كما لو أن الأشياء التي لا تنتمي معًا — صلابة الحقيبة، ونعومة السحَّاب — قد جُمِعَت معًا. ولكن عندما تكون الحقائب القديمة الصلبة مثل تلك من إيرواي مفتوحة، تظل الأغطية مفتوحة، ويمكنك تعليق الأشياء (وشاح، قميص) على الحافة، وتحويلها إلى خزانات ملابس صغيرة تعرض ممتلكاتك. وعندما تغلقها، تعطيك إحساسًا بأنها مغلقة.

fig3
شكل ٤-١

تعطي الأمتعة العتيقةُ إحساسًا بأنها مغلقة أكثر من الأمتعة اليوم. إحدى الحقائب التي جمعتها — وهي حقيبة سامسونايت مجزَّعة كالرخام ذات لون كريمي من خط «أمتعة فاشونتون» من منتصف القرن — بها أقفال نحاسية اللون تفتح وتغلق مصدرةً طقطقةً ولا تبدو مهمة على الإطلاق، ولكن حين تقفل لا تتزحزح من مكانها. الحقيبة متينة وتعطي إحساسًا بأنها صندوق. عندما أفتحها، تكون مسطحة، ويتمتع كلا الجانبين بالعمق نفسه؛ لذلك لا يمكنك التفرقة بين الجزء العلوي والسفلي إلا عن طريق اتجاه قفل مفتاح سامسونايت في الجزء العلوي، أسفل المقبض. الجزء الداخلي مبطَّن بنوعٍ من البوليستر الذي يعطي ملمس الحرير. القماش من الكاكي الفاتح، قريب من البني، وناعم الملمس. يوجد على جانب واحد من الحقيبة شريطان يمكنني مدهما على ملابسي وإدخالهما في إبزيم. على الجانب الآخر يوجد شريط قماشي يمكن سحبه ثم تثبيته بخطافين. وضعت المالكة السابقة ملصقًا أحمرَ أعلى الحقيبة بجانب المقبض مكتوبًا عليه «لورا لاينز نابولي»، ربما من رحلة بحرية أجرتها.

معظم أمتعتي كانت مصمَّمة للنساء. يميل تصميم الأمتعة إلى ضبط الحدود بين المذكر والمؤنث، حتى اليوم — فضلًا عن عقودٍ مضت. توضِّح بما فيه الكفاية تصميمات سامسونايت من منتصف القرن الماضي أنه من المفترض أن يسافر الرجال بطريقةٍ وأن يسافر النساء بطريقةٍ أخرى. يشير أحد الإعلانات عن خط «فاشونتون» النسائي إلى جمال القطع وألوانها، بالإضافة إلى علاقتها بصناعة الأزياء: «خمسة ألوان جميلة تتماشى مع أرقى ملابس الموسم للسفر.» (في بعض الأحيان يكون هذا التركيز على الموضة أكثرَ وضوحًا — إعلان آخر من خمسينيات القرن الماضي يُظهِر امرأة ترتدي بدلة وتحمل باقة من الزهور، ونصُّه: «الملابس من شياباريلي … حقيبة فاشونتون من سامسونايت.») بطانات الحقائب «فاخرة»، والحقيبة المفتوحة تعرض القبعات والأحذية ذات الكعب العالي مرتَّبة بعناية. ويمكن للعميل أيضًا شراء مجموعة مطابقة من حقائب «هانج إت أول (علِّق كل شيء)» التي «تحمل ما يصل إلى ۸ فساتين» في «الجزء العلوي المخصَّص لتعليق الملابس» و«أكسسوارات، ومستحضرات تجميل، وأحذية» في الجزء السفلي.

fig4
شكل ٤-٢

في المقابل، تظهر كلمة «رجل» بوتيرة تكاد تكون هزلية في إعلان سامسونايت من الفترة نفسها «لأمتعةٍ قيِّمة كبيرة الحجم مخصَّصة للرجال وبسعر رائع» باللون الأزرق الغامق، ولون الجلد الطبيعي، والبني الفاتح. يُعَد الإعلان بأن «أي رجل سيحظى بإثارة كبيرة عندما يمتلك هذه الحقيبة القيِّمة ذات السعر المناسب! مجموعة متطابقة من «قطعتين» من حقائب سامسونايت بسعرٍ أقلَّ مما تتوقَّع أن تدفعه مقابل «قطعة واحدة» فقط من هذه الأمتعة العالية الجودة.» تبلغ تكلفة «الإثارة الكبيرة» ٤٤٫٥۰ دولارًا فقط وتتضمَّن «ترافيل-توسوم (الثنائي المسافر)»: «تو-سوتر (حاملة بدلتين)» و«كويك-تريبر (المسافر السريع)» «بملمسٍ أفضلَ من الجلد». في الصورة حقيبة واحدة مفتوحة ومبطَّنة بربطات العنق. «مجموعة سامسونايت للرجال مصمَّمة علميًّا لتحمل كلَّ ما يحتاج إليه الرجل الذي يهتم بمظهره في رحلة عادية … دون أن تتعرَّض الملابس للكرمشة!» خلف صورة الحقائب في المقدمة، يقف رجل أبيض في منتصف العمر يرتدي بدلة رمادية بجوار شجرة عيد الميلاد، يقرأ بطاقته بسعادة. لديَّ بالفعل هذه الحقيبة باللون البني الفاتح. مكتوب عليها الأحرف الأولى جاي أيه بي.

تذكِّرنا هذه الإعلانات «بقوة التقاليد فيما يتعلَّق بالجنس والتصميم في مجتمعنا.»1 وبالمثل، كان لا بد من تصنيف «حقيبة الرجال» في التسعينيات على أنها مختلفة عن الحقيبة النسائية من أجل حماية رجولة حامل الحقيبة؛ فبعد كل شيء، لا يريد المرء أن يتحوَّل إلى امرأة. في حلقةٍ شهيرة من مسلسل «ساينفيلد»، وجد جيري نفسه ينطِق بالجملة الأنثوية المبتذلة «لا يمكنني أن أجدَ أيَّ شيء هنا أبدًا» بينما يبحث في «محفظته الأوروبية». الشخصيات الأخرى تصرُّ على أن الحقيبةَ حقيبةُ يدٍ نسائية؛ ويدعوه كرامر بلقب «المتأنق» و«الفتى المهندم». عندما سُرقت الحقيبة، يصرخ جيري لضابط شرطة بأنه قد تعرَّض للسرقة ويحاول وصف الحقيبة (سوداء بحزام). أجاب الضابط: «أنت تقصد حقيبة يد نسائية»، ويوافق جيري أخيرًا بغضب ودون دفاعية.2
إن حقائب مستلزمات التجميل من بين أكثر أشكال الأمتعة أنثوية عادة لأنها تحمل مستحضرات التجميل؛ وبالتالي فهي مفتاح الجمال، كما توحي الإعلانات. كانت إحدى العلامات التجارية لشركة سامسونايت في منتصف القرن تسمَّى «حقيبة الجمال ألترالايت». لديَّ ثلاث حقائب لمستلزمات التجميل في مجموعتي. إحداها لونها أزرق فاتح ومكتوب عليها الأحرف الأولى دي إل أر. الجزء الداخلي مبطَّن بالبلاستيك الأزرق الباهت ورائحته مثل ضمادة باند-إيد لاصقة نظيفة. وضع المالك السابق ملصقًا لصورةٍ كرتونية لحيوان الراكون في الزاوية اليمنى السفلية من المرآة. الحقيبة الأخرى من خط أمتعة أميليا إيرهارت التي استفادت من شهرة الطيارة خلال حياتها، واستمر إنتاجها بعد وفاتها في عام ۱۹۳٧ من قِبل شركاتٍ مثل أمريكان توريستر. اقترحت إيرهارت على صموئيل أورنستين من شركة صناديق أورنستين بنيوآرك أن السَّفر جوًّا يتطلب تصميمات خاصة للأمتعة، ثم تعاونت في تصميم حقائبَ من الخشب الرقائقي المثني بأغطية من القماش.3 حقيبتي لونها أصفر ومزودة بحزام على الجزء العلوي بدلًا من مقبض. مكتوب على القفل أميليا إيرهارت. إيرهارت ليست الأيقونة الوحيدة التي خُلِّدت في الأمتعة. لعبت الأمتعة دورًا أساسيًّا في ثقافة المشاهير، بدءًا من «حقيبة بوجي» الخاصة بهامفري بوجارت التي صمَّمها دوبونت عام ۱۹٤٧ حتى حقيبة كيلي وبيركين من هيرميس — إذا اعتبرنا حقائب اليد أمتعة — والتي تجسِّد أنماطًا مختلفة من الأنوثة الإبداعية: كلاسيكية وأنيقة (جريس كيلي)، وفنية وبوهيمية (جين بيركين).

أعرف المزيد عن المالكة السابقة لحقيبة مستلزمات التجميل الثالثة، حيث لا تزال بطاقة العنوان معلقة: السيدة أر جي وايجاند، ۳۹۲۱ شارع سترلينج، ريتشموند، فيرجينيا. يختفي حرف «الدال» في «وايجاند» وحرف «العين» في «شارع» تحت حدود الملصق البني المصنوع من الجلد الصناعي. كتبت الحروف على آلة كاتبة، والورقة مصفرة بسبب مرور الوقت. بحثت عن ۳۹۲۱ شارع سترلينج في خرائط جوجل، ووجدته: منزلًا رماديًّا مائلًا إلى الزرقة مزيَّنًا بزخارف بيضاء وشجيرات من الأمام. وهناك شجرة كبيرة في الفناء الأمامي. وممر خرساني ضيق يؤدي إلى الباب. ربما لم تَعُد السيدة أر جي وايجاند تعيش هناك بعد الآن. ربما ماتت السيدة أر جي وايجاند. تقع ريتشموند على بُعد أربع ساعات بالسيارة مني، وبطريقةٍ ما انتهى الأمر بحقيبة مستلزمات التجميل هذه في متجرٍ للسلع العتيقة في مدينتي، بعيدًا عن ديارها. الحقيبة ليست في حالةٍ جيدة — بها بقعة كبيرة على الجزء العلوي، كما لو أن شخصًا قد سكب عليها مزيل طلاء أظافر أو مادة كيميائية أخرى — ولكن يبدو أنها استُخْدِمت، يبدو أنها كانت جزءًا من حياة شخصٍ ما. على الرغم من عدم وجود شيء في الحقيبة بخلاف بطاقة العنوان عندما اشتريتها، يمكنني تخيُّلها مملوءة بأشياءَ مثل مستحضرات التجميل والمجوهرات. ربما رسائل وملاحظات. رسائل السيدة أر جي وايجاند ومذكراتها. الجزء الداخلي رائحته تشبه رائحة الشمع، مثل أحمر شفاه قديم.

لا يمكنك ملء حقيبة مستلزمات التجميل بأدوات النظافة الشخصية وحمْلها على متن طائرة اليوم، ولكن يمكنك إحضارها معك في السيارة. وعندما تسافر بالسيارة، ليس عليك أن تكون ماهرًا في حزْم الأمتعة. يمكنك إحضار أي شيء تريده تقريبًا. أحيانًا أملأ حقيبتي السامسونايت المجزَّعة كالرخام بالكتب. حينها تكون حقًّا ثقيلة. أحيانًا أحضر اثنتين أو ثلاثًا من حقائبي العتيقة، معبأة بالمؤن الضرورية وغير الضرورية. لديَّ حقيبة ستارلاين لونها أزرق فاتح تشبه تلك التي تحملها شارون ماكيندريك (هايلي ميلز) إلى خيمتها في مخيم إنش في فيلم «ذا بيرانت تراب» (۱۹٦۱). شاهدت أنا وأخواتي هذا الفيلم مرارًا وتكرارًا عندما كنا صغارًا. قد يكون هذا هو سبب شرائي للحقيبة. أثناء قيادتي مسافاتٍ طويلة في جبال كارولينا الشمالية وتينيسي، خاصة في فصلي الخريف والربيع، أرى جميع سائقي الدراجات النارية بأمتعتهم الخاصة المراعية للمساحة: الحقائب الجلدية والقماشية المستديرة على ظهر دراجاتهم التي لا يبدو أنها ستستوعب الكثير على الإطلاق، لكن يجب عليها ذلك.

حقائبي العتيقة تربطني بالماضي. لا أعرف ما هو هذا الماضي، لكنني أعلم أنه موجود. تحتوي هذه الحقائب وحقائب مستلزمات التجميل على قصصٍ ترويها عن الأشخاص المجهولين والرحلات. الغرباء وتحركاتهم الغريبة حول العالم. والآن، ضاعت الأشياء التي كانت تحملها هذه الحقائب. وتبقَّت الحاويات فقط. لكن أمتعة اليوم لها ذكريات وقصص أيضًا. هذا النوع من الذكريات الذي تولِّده الحقائب هو نوعٌ غريبٌ من تذكُّر أشياءَ لم تُنسَ تمامًا، ولكن لم يتم تذكُّرها تمامًا أيضًا. عندما ألقي بحقيبة على سريري وأفتح سحَّابها أعتقد للحظة أنني قد أجد شيئًا بداخلها — إن لم يكن شيئًا (مثل تذكرةِ تسلُّمِ أمتعةٍ قديمة، أو جورب مفقود)، فإن إحساسًا بالماضي يأتي مع فتحها مرة أخرى لرحلة أخرى. إذا سجلت حقيبة في آخر مرة أخذتها إلى مكانٍ ما، فأنا دائمًا أترك الملصق عليها؛ لذلك في المرة التالية التي أخرجها فيها من الخزانة، هناك تذكير بهذه الرحلة الأخيرة. ثم أمزِّقه وأرميه بعيدًا.

عندما لا تكون مسافرًا، من الصعب أن تعرف ماذا تفعل بأمتعتك. إنها مزعجة؛ وتشغل مساحة. إذا كنت تعيش في شقة صغيرة، يمكنك تخزينها تحت سريرك. وإذا كان لديك حقيبة كبيرة وأخرى صغيرة بعجل، يمكنك إدخال الحقيبة الأصغر في الأكبر. أو يمكنك تخزين ملابسك الشتوية أو الصيفية فيها، وفي هذه الحالة تصبح تقريبًا نوعًا من الأثاث، مثل أدراج خزانة إضافية. عندما عاشت أختي كاثرين في سان فرانسيسكو، خزَّنت حقائبها في مكانٍ مغطًّى خارج مطبخ شقتها القديمة لأن هذا كان المكان الوحيد الذي يمكن أن يستوعب الحقائب. كان مكانًا غريبًا في الجزء الداخلي من المبنى؛ ليس شرفةً ملائمة، بل ركن لم يكن مناسبًا لأي شيء آخر. ظلت حقائبها وحقائب صديقها — زوجها الآن — هناك، شبهَ محمية من العوامل الجوية. نميل إلى إبقاء حقائبنا مخفية حتى نحتاج إليها؛ لذلك فإن رؤيتها تعني السَّفر. هذا يعني أننا ذاهبون إلى مكانٍ ما. كلبتي ميلي تعرف هذا، وتتجوَّل حولي عندما أخرج حقيبةَ سفر، خوفًا من أن أتركها. أخزِّن أمتعتي — أمتعتي العادية والعملية، وليس أمتعتي العتيقة — في خزانة غرفة نومي، خلف صف من المعاطف المعلقة التي تذكِّرني برواية «الأسد، والساحرة، والدولاب». ها هي ذي قائمة الجرد:

الحقائب الكبيرة:

  • حقيبة جامب صلبة باللون البرتقالي.

  • حقيبة أتلانتك لينة الجوانب باللون الأزرق الفاتح.

  • حقيبة لندن فوج منقوشة باللون البني.

الحقائب المحمولة:

  • حقيبة أتلانتك لينة الجوانب باللون الأزرق الفاتح (تتطابق مع الحقيبة الأكبر).

  • حقيبة ريكاردو لينة الجوانب (عليها نمط ميسوني مزيف).

حقائب من القماش المتين:

  • حقيبة لسبورتساك (عليها صورة برج إيفل).

  • حقيبة أورلا كايلي من تارجت (عليها صورة سيارات).

  • حقيبة سوداء من الجلد الصناعي.

  • حقيبة صغيرة مطبوعة بتصميم عشب (من ديكاتلون في باريس).

  • ثلاث حقائب سوداء كبيرة للغاية بعجل.

أستخدمها كلها، باستثناء حقيبة لندن فوج. فهذه الحقيبة كبيرة جدًّا، وأخشى أن تغريني لملئها، وبعد ذلك — إذا كنت مسافرة إلى مكانٍ ما — سأجد نفسي أتعرَّض لرسوم هائلة لزيادة وزن الأمتعة. لكن إعلانات الشركة التي تشبه أفلام السينما المظلمة تشير إلى أنني وحقيبتي مقدر لنا أن ينتهي بنا المطاف في شارعٍ مرصوف بالحصى، تحت مصباح الشارع، في الضباب. في هذا السيناريو، سأرتدي بلا شك معطفًا يقي من المطر. حقائب أتلانتيك قبيحة نوعًا ما؛ لكن سعرها كان مخفضًا. لكني أحب حقيبتي البرتقالية ماركة جامب. لديَّ عادة اقتناء أشياء عندما أسافر، لذلك عُرِف عني أنني بحاجةٍ إلى حقيبةٍ أخرى لإحضار هذه المقتنيات للمنزل. وهكذا حصلت على هذه الحقيبة البرتقالية في باريس منذ عدة سنوات: اشتريتها من جاليري لافاييت لأنني اشتريت الكثير من الكتب ولم أستطِع وضعها جميعًا في حقيبتي الصغيرة. لم أرَ العلامة التجارية من قبل، لكنني أحببت مظهرها، وأعجبتني البطانة، التي طُبع عليها عبارة: «للقلة السعيدة منذ عام ۱۹٧۹»، والتي اعتبرتها إشارة إلى خطاب الملك الشهير في يوم القديس كريسبين في مسرحية «هنري الخامس» لشكسبير. بعد اختيارها، سحبتها حتى مقهًى في المتجر حيث كان بإمكاني النظر إلى كل شيء — القبة بالأعلى، ومستحضرات التجميل المعروضة بالأسفل، وتماثيل العرض في كل مكان — وجلست وأخذت كأسًا من النبيذ وفحصت القصر المتلألئ بالزجاج الملوَّن والذهب.

إن شراء الأمتعة أثناء رحلة يعطي شعورًا بالدلال بعض الشيء، لكنني بررت ذلك بإخبار نفسي أنه من المحتمل أن يكون إرسال الأشياء إلى المنزل عبر البريد أكثر تكلفة. ورسوم الأمتعة الزائدة عن الوزن باهظة. قبل سنوات، عندما كنت أسافر من مطار هيثرو، أدركت أن حقيبتي كانت ثقيلة جدًّا. كانت الرسوم باهظة، وأعتقد أنني بدوت مذعورة بعض الشيء؛ لأن موظفة لطيفة وكفؤة من شركة فيرجن أتلانتيك جاءت لإنقاذي، وأمرتني بفتح الحقيبة ومعرفةِ ما يمكنني حمله. عاينت المحتويات وبدأت في إخراج الملابس والكتب. وقالت: «ستحتاجين إلى حمل هذه الكتب. وهذا — ارتدي هذا الحذاء ذا الرقبة العالية. إنه ثقيل. ضعي هذا الحذاء الذي ترتدينه هنا.» وواصلَت البحث. «ضعي هذا المعطف فوق سترتك. ولُفِّي هذا الوشاح حولك.» لقد أنقصت وزن الحقيبة إلى الوزن المناسب ووفَّرت عليَّ الرسوم. أشعر بالتشجيع لأن جين أوستن كانت تميل إلى شراء الأشياء في رحلاتها أيضًا. في رسالة إلى كاساندرا بتاريخ ۲ يونيو ۱٧۹۹، كتبت: «أخشى أنني لن أستطيع إحضار حذاء مارثا إلى المنزل؛ لأنه بالرغم من وجود متسع كبير في صناديقنا عندما جئنا، سيكون لدينا الكثير من الأشياء لنأخذها معنا، ويجب أن أفكِّر إلى جانب ذلك في طريقتي في حزم الأمتعة.»4 لا يبدو أنها تفكِّر كثيرًا في حزْم أمتعتها. تعترف بأنها قد تكون قادرة على وضع المزيد في الصندوق إذا رتَّبت ممتلكاتها بشكلٍ مختلف، لكني أحب مقاومتها لفكرةِ أن تكون جيدةً في حزْم الأمتعة، وكذلك الحميمية التي تشير إليها العبارة؛ فمن الواضح أن كاساندرا كانت على دراية بمهارات جين في حزْم الأمتعة التي هي دون المستوى. «طريقتي في حزم الأمتعة.» أنتِ تعرفين.

عندما غادرت مدينة نيويورك، حيث عشت معظم حياتي كامرأة بالغة، لتولي وظيفة في كليتي في كارولينا الشمالية، سجلت حقيبتين ضخمتين من القماش المتين لونهما أسود معي على متن الطائرة. (ليستا الحقيبتين أنفسهما اللتين أملكهما الآن؛ لقد تبرَّعت بهاتين الحقيبتين منذ سنوات.) ودفعت رسوم شركة الطيران مقابل الأمتعة الإضافية ذات الوزن الزائد، حيث بدا الأمر أسهل من شحن الأشياء. كانت إحدى الحقائب تحتوي على مرتبةٍ هوائية نِمت عليها الليلةَ الأولى في شقتي الجديدة الفارغة. في ذلك الصباح، قمت بتفريغ المرتبة من الهواء بعد آخر ليلة لي في شقتي القديمة، ودهستها برجلي للتأكد من إخراج كل الهواء، ثم طويتها، وحزمتها مع الأمتعة. أنزلت الحقيبتين على أربع مجموعات من السلالم وحملتهما في سيارةِ أجرة متجهة إلى مطار لاجارديا. قبل عدة أيام، كنت أنا وصديقي جون قد وضعنا أريكتي في الشارع. كانت هذه آخر قطعة أثاث لديَّ، ولم أتمكَّن من بيعها على موقع كريجزليست. لقد توصَّلنا إلى أنه إذا وضعناها بالخارج، فسيأتي شخصٌ ما ويأخذها بعيدًا، ولكن فور مغادرتها تقريبًا، بدأت تمطر — عاصفة صيفية حقيقية — ودمرت الأريكة. قبل أن أستقل سيارة الأجرة، نظرت إلى البقية الباقية المبتلة من شقتي. كل شيء آخر كان في حقائبَ من القماش المتين. لكنني ما زلت أعود إلى المدينة في بعض فصول الصيف، حينها، أملأ ثلاث حقائب سوداء كبيرة من القماش المتين بالملابس، والكتب، والأطباق، وملايات الأسرَّة، والمناشف، والكتب، وحتى طابعة الليزر الخاصة بي — كلُّ ما أحتاج إليه للغرفة الصغيرة التي استأجرتها في المدرسة اللاهوتية العامة. لا أعرف كيف استطعت صعود الدَّرج بالحقائب. اشتريتها في نهاية صيفٍ ما، من أحد متاجر الأمتعة في تايمز سكوير التي تفوح منها رائحة المواد الكيميائية. الرجال الذين كانوا يعملون في المتجر أحضروا الحقائب من المخزن، وعبَّئوها بشكلٍ مسطَّح، وغلفوها بالبلاستيك.

عندما كنت أصغر سنًّا، كانت الرحلة إلى قسم الأمتعة في متجرٍ متعدد الأقسام بمثابة أحد الطقوس، وهي الخطوة الأولى في الرحلة. نظرت إلى جميع الألوان والأحجام المختلفة للحقائب، والمجموعات المتطابقة المرتَّبة على منصات صغيرةٍ مثل الممثلين على المسرح، كل واحدة تقترح نوعًا مختلفًا من الرحلات. في فيلم «سيي أني ثينج» (۱۹۸۹)، ذهب جون كورت والد ديان (جون ماهوني) إلى قسم الأمتعة لشراء هدية لابنته لرحلتها إلى أوروبا، ورُفضت بطاقته الائتمانية. هذه هي الخطوة الأولى في الكشف عن أنشطته الإجرامية وانهيار حياته. المشهد مهين؛ لأنه كان يغازل البائعة. وغادر المحل خالي الوفاض. يصوِّر فيلم «جو فيرسس ذا فولكانو» (۱۹۹۰) رحلةَ تسوُّق أكثر هزلية. يؤكِّد البائع (باري ماكجفرن) لجو (توم هانكس) أن الأمتعة هي «الشغل الشاغل في حياتي» ويذكِّره: «أنت تسافر حول العالم، بعيدًا عن الوطن — ربما بعيدًا عن عائلتك. كلُّ ما عليك الاعتماد عليه هو نفسك. وأمتعتك.» يثير وصفُ جو رحلتَه إلى جزيرة المحيط الهادئ وابوني وو «مشكلةً تتعلَّق بالأمتعة» التي يحلها البائع من خلال تقديم صندوق باخرة مقاوم للماء لجو يخرجه من غرفة صغيرة تشبه الكنيسة الصغيرة. يشتري جو أربعة، وفي النهاية، سيتعيَّن عليه ربطها معًا كطوف للبقاء على قيد الحياة: إنه «حقًّا» يعتمد عليها. يطلب الكثير من الناس الآن أمتعتهم عبر الإنترنت أو يشترونها من متاجر الأمتعة المتخصصة. لا تزال أقسام الأمتعة موجودة، لكن تراجعت شعبيتها. أصبحت حقائب السَّفر أقلَّ تكلفة خلال العقدين الماضيين، ولكنها أيضًا، في بعض الحالات، أرخص في الصنع. الآن، قد تدوم حقيبة السَّفر بضع سنوات قبل أن تنكسر عجلة أو يتلف السحَّاب. لكن هذه الحقائب صمدت في الماضي. كان الخيار الذي ستتخذه مهمًّا لأنك ستعيش معه بعضَ الوقت. كان هناك أيضًا شيء مثير حول مغادرة المتجر المتعدد الأقسام بحقيبة سفر. كانت لا تزال فارغة. وتحمل ملصقاتها. لم تصبح بعدُ ما ستكون عليه. كان كل شيء وعدًا. وإذا صادف وكنت تتسوَّق لشراء أشياءَ أخرى بعد شراء حقيبة سفرك، يمكنك تخزينها فيها.

كانت الأمتعة هديةً شائعة للتخرُّج في المدرسة الثانوية، خاصة الأمتعة المتطابقة. لقد كانت رمزًا للطبقة الوسطى لمرحلة البلوغ؛ حيث كنت تغادر المنزل. ربما كان لدى زملائي بالفعل ما يكفي من الأمتعة لإيصالهم إلى الكلية، ولكن يجب أن تتطابق أمتعة الكلية المناسبة، ويجب شراؤها لأنك ذاهب إلى الكلية. عندما التحقت بالجامعة في نيويورك عام ۱۹۹٥، لم أحمل معي أمتعة متطابقة. بدلًا من ذلك، أخذت حقيبتين كبيرتين من القماش المتين لونهما أسود (يبدو أن هذه الأشياء تحدِّد حياتي)، وربما كانت إحداهما هي ذات الحقيبة التي رافقتني إلى المخيم الصيفي عندما كنت أصغر سنًّا. كان المعسكر في مزرعةٍ في جبال شمال كاليفورنيا، على طريق سريع طويل ومتعرِّج. أتذكَّر أنني جررت الحقيبةَ على الأرض إلى غرفة النوم، حيث دفعتها تحت سريري. واضطررت إلى ركلها عدة مرات لإخفائها. كان هناك مساحة كافية تحت كل سرير لحقيبتين كبيرتين: حقيبتك وحقيبة رفيقك في الغرفة. كانت هذه الحقائب القماشية شكلًا مستديرًا غيرَ محدَّد، تتمدَّد على ما يبدو في جميع الاتجاهات. وكانت رائحة حقيبتي مثل البلاستيك، وكانت تحمل جميع أغراض المخيم المطلوبة: مصباح يدوي، وبخاخ للحشرات، وملابس عليها اسمي على ملصقات مثبتة بالكي. كان جانبها السفلي مغطًّى دائمًا بالغبار والأوساخ.

عندما كنت في الكلية، ولعدة سنوات بعد الكلية، كان لديَّ حقيبة ظهر كبيرة من نوع إيجل كريك. كانت باللونين الأخضر الداكن والأسود، وأخذتها إلى تركيا، وفرنسا، وأماكن أخرى. ألقيت بها على أرضية العديد من النُّزل. هكذا سافرت وهكذا سافر أصدقائي في ذلك الوقت. لم نُحضِر حقائب سفر قط. لكن كان بإمكانك وضع حقيبة الظهر بشكلٍ مسطَّح وفتح السحاب مثل حقيبة السَّفر. كان هذا تصميمًا شائعًا، وقد نصحني أكثر من شخص بما يلي: لا تشترِ حقيبةَ ظهرٍ تُحمَّل من أعلى. لن تتمكَّن أبدًا من الوصول إلى أي شيء. كانت هذه أيضًا أيام «أحزمة النقود»، كما أطلقنا عليها: جرابات آمنة من البوليستر تشبه الظرف ترتديها حول خصرك، مع إمكانية تعديل الحزام من أجل الراحة. كانت هذه الجِرابات المزودة بسحَّاب مخصَّصة عمومًا للسفر الدولي. وكانت تحافظ على جواز سفرك، وشيكات السَّفر، والنقود (كنت تسحب دائمًا بعض النقود قبل الانطلاق وتحتفظ بنسخٍ من جواز سفرك في حقيبة ظهرك). وكنت ترتدي الحزام على متن الطائرة ثم طوال الوقت، أينما كنت. في وقتٍ متأخر من أيام الصيف الحارة، أصبح الحزام متعرقًا جدًّا على معدتك، تحت أو فوق خَصْر بنطلونك الجينز مباشرة، ودائمًا يمكنك نوعًا ما رؤيته - انتفاخ بسيط — والشعور به، خاصة عندما تجلس. كان حزام المال هو الخلاصة لكل مخاوف السَّفر: الإحساس بأنك معرَّض للهجوم بمجرد مغادرتك للمنزل، وأن اللصوص كانوا في كل مكان. كان من الجنون حمْل حقيبة يد، حيث ستُخطَف. حقيبة ظهر صغيرة؟ — يا لها من حماقة. شخصٌ ما سوف يصل إليها عندما تكون وسط حشد من الناس. هذا ما قيل لك. لكنَّ حزامَ النقود القبيح ذا اللون الكريمي المصفر وعد بحمايتك.

لا تتعلَّق الأمتعة دائمًا بالأمور العملية. كان لدى والديَّ مجموعة متطابقة من حقائب هارتمان الصوفية ذات اللون البني الفاتح في صغري: حقيبتان، واحدة أكبر من الأخرى، مزودة بأقفال رقمية. كان بهما عجلات صغيرة جدًّا لم تكن تتحرك في الواقع وأحزمة قصيرة يمكن ربطها، ولكن إذا حاولت بالفعل سحب الحقيبتين، تسقطان. اعتقد والدي أنهما ربما كانتا هدية من والده لأنه كان لديه الكثير من الأمتعة وأراد التخلُّص من بعضها. كنا نطلق عليه اسم «بوبي». أو أن زوجته جيني، جَدتنا، ربما اشترتهما له. عندما كانت صغيرة، كانت جيني متسوقة محترفة في آي ماجنين آند كومباني، وهو متجر متعدِّد الأقسام لم يَعُد موجودًا في الوقت الحالي. وكان جَدي مديرًا تنفيذيًّا في واينستوكس، وهو متجر آخر متعدِّد الأقسام لم يَعُد موجودًا، وهكذا التقيا. ساعدت جيني النساء الأنيقات، الأثرياء في تأسيس خزانات ملابسهن. وكانت أيضًا تجمع الأشياء — هناك مجموعات رائعة تملأ منزلهما. لكن أمي تتذكَّر شراء الحقائب من واينستوكس في سكرامنتو. كانت تريدها بشدة، وانتظرت حتى انخفض سعرها. أخذ والداي هذه الأمتعة إلى باريس، وهاواي، وسان فرانسيسكو، وأماكن أخرى. كانت الحقائب تحتوي على مقابض وأقفال نحاسية، ومزينة بجلد بني فاتح، ومبطَّنة بقماش شفاف، وكانت هناك رقعة من القماش بالداخل حيث يمكنك كتابة اسمك وعنوانك، وهي تفاصيل تبدو شخصية بشكلٍ غريب بالنظر إلى أنه في حالة فقدان الحقائب، فمن المؤكد أنه سيتم الاستعانة ببطاقات الأمتعة على الجزء الخارجي من الحقيبة. كانت الحقائب ثقيلة حتى وهي فارغة. الآن، يُعدُّ هذا الثِّقَل عيبًا في التصميم؛ لذا لم يسافر والداي بهذه الحقائب منذ سنوات. لكن منذ عقود، كانت هذه الحقائب العملاقة ثقيلة لأنه كان من المفترض أن تكون ثقيلة. كان هذا جزءًا من الطابَع الغريب لهذه الأشياء. لقد جعلها وزنُها عظيمةَ الشأن — مهمة — مثل الشعور بالذهاب إلى مكانٍ ما.

ربما لم يعطِ جَدي وجَدتي والديَّ أمتعةَ هارتمان، لكنهما أعطياني أنا وأخواتي حقائبَ بمناسبة عيد الميلاد في أحد الأعوام. لا أعتقد أن الحقائب كانت مزودة بعجل، لكنها كانت صغيرة، وكانت جميعها نفس الحقيبة بألوان مختلفة: الأزرق الداكن، والأخضر الداكن، والأسود. كانت حقيبتي باللون الأخضر. كانت لينة الجوانب، وكان على كلٍّ منها أحزمة تربطها. أخذنا هذه الحقائب عندما زرناهما في فينيكس، وفي هذه الزيارات أخذانا لرؤية الهضاب المسطحة القمة، وحدائق الصبار النباتية، وأكلنا هلام التين الشوكي، الذي أحضرناه معنا في الحقائب. لا أعرف ماذا حدث لهذه الحقائب. لا يزال والداي يمتلكان حقائب هارتمان القديمة. ومن السهل العثور عليها على موقع إيباي. صادفت مجموعة واحدة أُدرِجت على أنها «حقائب هارتمان عتيقة صوفية وبحزام»، تحمل هذا الوصف: «لديَّ أربع حقائب هارتمان عتيقة مدرجة وكلها جميلة. اشتريتها بقصد السَّفر بها. عُرِض الكل ما عدا واحدة في مكتبي كتحف فنية وحنين إلى الماضي. ومع ذلك، فقد صُنعت للطريق، وربما تنتمي إلى هناك.»

تحفة فنية. رموز للذكريات. أشياء يجب أن تكون على الطريق.

تسبَّب الطقس في إلغاء عدد من الرحلات الجوية، والكثير من الناس لم يستطيعوا الحضور إلى المؤتمر. بعض الأبحاث في جلسات الأبحاث الكبرى قُرئت بواسطة أشخاصٍ آخرين غير مؤلفيها. ما زلت أستمتع بالفندق، على الرغم من أنني أقف باتجاه المصعد من الداخل أثناء صعودي. في الليل، أخرج إلى شرفتي. لا يوجد أي أثاث هناك؛ لذلك أقف وألقي نظرة على المدينة ولا أفكِّر في أي شيء.

الجزء الخاص بالمؤتمر في حقيبتي ممتلئ بملابس متسخة. بعد أن أرتدي شيئًا ما، أطويه وأعيده إلى الحقيبة. يمكنني تحديد الأيام من خلال الملابس المطوية. في الصباح، أطلب خدمة الغرف (بيض بينديكت وقهوة)، وألقي نظرة على السرير الكبير الآخر الموجود في الغرفة، والملابس المبعثرة عليه، وأتساءل عما يجب أن أرتديه.

التقيت بصديقة لتناول طعام الغداء بعد المناقشة الصباحية، ثم ذهبنا لشراء بوربون. إنها تعيش بالقرب مني، في جرينسبورو، وكلانا يحب البوربون. لكن متاجر الخمور التي تديرها الدولة في ولاية كارولينا الشمالية لديها مجموعة محدودة للغاية، لا سيما عندما يتعلَّق الأمر بشيء خارج عن المألوف. التقطت زجاجتين جميلتين ثم أعطتني إياهما. ستسافر بالطائرة؛ لذا لا يمكنها أن تأخذهما معها، لكن يمكنني أخذهما معي في سيارتي. عندما عُدت إلى غرفتي، غلَّفت الزجاجتين بملابسي المستخدمة ووضعتهما في حقيبتي.

انتهى المؤتمر في اليوم التالي. يبدو أنني في الليلة السابقة كنت ثملة قليلًا، وأسقطت إحدى عدساتي اللاصقة بجوار حوض الحمام بدلًا من العلبة، ثم جفَّت. ليس لديَّ عدسات أخرى؛ لذلك ارتديت نظارتي في طريقي للعودة إلى المنزل. حزمت حقيبتي ووضعتها في سيارتي وأخذت ميلي واتجهت إلى جبال كارولينا الشمالية. لقد قرَّرت البقاءَ هذه الليلة في بلدةٍ صغيرةٍ تسمَّى بريفارد. تشتهر المنطقة بشلالاتها.

سِرنا عبر غابة نانتاهالا العامة، وكانت الأشجار ساكنة والشمس منخفضة. توقفت عند الإطلالات الخلابة. مررنا عبر بلدة غنية بشكل مرعب تسمَّى هايلاندز مملوءة بالنوادي الريفية وملاعب جولف. إنه يوم الأحد؛ لذلك كل شيء مغلق ولا يوجد أحد في الجوار. وجدت مطعم وينديز وتوقَّفت لتناول وجبة خفيفة من البرجر بالجبن في فترة منتصف بعد الظهر. وينديز لا يشغل مركزًا عاليًا في قائمتي الخاصة بمطاعم الوجبات السريعة. أثناء قيادة سيارتي عبر الجنوب الشرقي، أبحث عن مطعم فايف جايز أولًا، ثم كوك أوت، ثم ديري كوين، ثم سونيك، ثم وينديز. هذا هو ترتيبي لمطاعم البرجر بالجبن في رحلات السيارة، مع عدم مراعاة الخيارات المتاحة في أجزاء أخرى من البلاد، مثل إن-أند-أوت، وواتابرجر، وبرومز.

في وقتٍ متأخر من بعد الظهر، قُدنا السيارة إلى مكانٍ كلاسيكي يُدعى استراحة سنسيت، حيث رحَّبت بنا طيور الفلامنجو الوردية اللون. لقد سئمت من الاختلاط بالناس وسعِدت بكوني وحدي. أثناء استحمامي، جلست ميلي على سجادة الحمَّام تراقب الباب، كما تفعل دائمًا. حقيبتي موضوعة على أحد الأسرَّة الكبيرة، تراقبنا أيضًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤