رسالة من عمالقة المحيط!

أشرقت شمس صباح اليوم الثالث، وبدأ الشياطين في العد التنازلي للأيام القليلة الباقية على مرور السفينة المختطفة … لقد بدءوا في وضع خطة محكمة لمواجهة خاطفي السفينة وتفادي الخطر القادم معها … خرج «باسم» و«رشيد» للميناء لتجهيز قارب الحاج «أحمد جوهر»، وعمل كاتم لصوت الموتور حتى يتحركوا في سرية وهدوء …

نزل «باسم» و«رشيد» إلى غرفة الماكينة، لم يكن هناك سواهما … لقد تأخر بقية الشياطين في بيت الحاج «أحمد»، وتركوا «باسم» و«رشيد» يقومان بهذه المهمة حتى يكونوا مستعدين في الأيام القليلة الباقية … وظلَّا ساعة يفكَّان أجزاء ثم يركبانها حتى تلوثَا من الشحم والزيت … لكن كان هناك شيء غريب يحدث بالخارج … لقد كان هناك لنش مطاطي يقترب في هدوء حتى التصق بالقارب … وصَعِد منه ثلاثة رجال أحاطوا بالغرفة … وهنا لاحظ «باسم» و«رشيد» ما يحدث.

فصَعِد «باسم» درجتَين من السلَّم الخشبي ثم نظر حوله فوجد ثلاثة يقفون صامتين … وكان في يد اثنين منهما مسدسان … أشار الثالث ﻟ «باسم» أن يصعد … فصَعِد دون أن يتكلم … وحين وضعَ رِجْلَه على آخر درجات السلم الخشبي حاول أن يدفع الرجل إلى الماء … لكن كانت هناك ضربة قوية أخذَت طريقَها إلى رأسه، فسقط على ظهر القارب فاقد الوعي … أخرج «رشيد» رأسه لينظر ما يحدث؟ وأين ذهب «باسم» فوجد هؤلاء حوله، فاقتربوا منه ثم صوبوا مسدساتهم إلى رأسه …

فخرج ثم أوثقوا يدَيه وأنزلوه بهدوء إلى اللنش المطاطي … لقد كان هناك شخصان آخران ينتظران في اللنش … ثم صَعِد أحدهم ووضع رسالة في جيب «باسم»، وانطلقوا خارجين من الميناء …

مرَّت عشر دقائق و«باسم» ملقًى على ظهر القارب … ثم بدأ يتحرك ويتحسَّس رأسَه، ثم اعتدل وأخذ ينادى «رشيد» … «رشيد» … أين أنت؟

قام من مكانه بصعوبة … فما زال يشعر بالألم، نظر في القارب … لم يجد ﻟ «رشيد» أثرًا …

أحسَّ بشيء خشن في جيبه … وضع يدَه على جيبه فوجد ورقة أخرجها ونظر فيها: «أمامكم وقتٌ لتغادروا الجزيرة حتى صباح غدٍ … وإلا … فلا تفكروا في صاحبكم إلى الأبد، الإمضاء: عمالقة المحيط …»

أحسَّ «باسم» بشيء من الإحباط والضيق، وقفز إلى الشاطئ يترنَّح ويضع يدَه كلَّ فترة على رأسه يتحسَّسها … وأسرع حتى وصل إلى البيت حيث يقيم الشياطين …

ودخل «باسم» مترنِّحًا وارتمَى على أحد المقاعد … وقف الشياطين واقترب «أحمد» منه، وقال: ماذا حدث؟ وأين «رشيد»؟

لم يستطع «باسم» الكلام … أخرج الورقة وناولها ﻟ «أحمد» … نظر «أحمد» فيها، ثم فركها بيده، وقال: قراصنة … لقد خطفوا «رشيد».

حكى «باسم» ما حدث حتى تلقِّي الضربة وسقوطه!

أحمد: ومنذ متى حدث هذا؟

باسم: من ثلث ساعة تقريبًا.

صاح «أحمد»: «خالد» … «بو عمير» … بدِّلَا ملابسكما واستعدَّا في لحظات …

في ثوانٍ قليلة كان الثلاثة قد استعدوا … وخرجوا مسرعين إلى الميناء … لقد كانت المسافة قصيرة لا تحتاج إلى سيارة … ومروا في طريقهم على الحاج «أحمد» وقصُّوا عليه ما حدث … فأشار عليهم أن يأخذوا ماكينة أخرى للنش المطاطي وينطلقوا بهما … فذلك … أسرع …

حمل الثلاثة الماكينة، وأسرعوا بها إلى الشاطئ حيث اللنش المطاطي وأركبوها بجوار الماكينة الأخرى ثم نقلوا عدة خزانات للوقود إضافية … ثم دفعوا اللنش المطاطي بعيدًا عن الشاطئ … وأمسك «أحمد» بالماكينة الأولى يُديرها وجذب «خالد» ذراعَ الثانية ليُديرَها … فقفز اللنش فوق الماء كالنورس الرشيق … ثم جذب الثلاثة نظارات الماء فوق أعينهم … وطاروا إلى المجهول …

كان اللنش لا يكاد يلامس الماء من سرعته … وكانت نفوس الشياطين الثلاثة تغلي من الداخل، يكادون يطيرون من فوق اللنش للحاق بهؤلاء القراصنة، رفع «بو عمير» المدفع الرشاش بذراعه اليمنى … كأنه يقتحم معركة فاصلة … كان يتمنى أن يرى أيَّ أثر لهؤلاء القراصنة، ثم نظر إلى «أحمد» وهو ما زال ممسكًا بالمدفع: إلى أي اتجاه نحن ذاهبون؟

أحمد: ليس بعيدًا إنهم قريبون من هنا … فلا بد أنهم في إحدى الجزر … إنهم فقط يلاعبوننا حتى يمرَّ الهدف وهم يريدون أن يجعلوا «رشيد» ورقةَ ضغط علينا …

كان اللنش متجهًا إلى الجنوب في الطريق إلى جزيرة «مايوتة»، فهي الوحيدة التي يمكن أن تأويَ هؤلاء القراصنة … لأنها لا تزال خاضعة للنفوذ الفرنسي وهي في طريق السفينة وربما تتوقف فيها لتتزود بالوقود …

أمسك «خالد» بالمنظار المكبر ثم نظر وجعل يدور لليمين والشمال ثم ركز نظرَه في اتجاه جزيرة «مايوتة»، ثم أشار بيده في اتجاه مقدمة اللنش ثم هتف: إنهم هناك … في مقدمة اللنش … مدَّ «أحمد» يدَه وتناول المنظار ثم نظر طويلًا … لقد كانوا على مسافة بعيدة منهم … وبدوا من بعيد كأعواد ثقاب فوق سطح المحيط … هزَّ «أحمد» رأسه … ثم قال: لن نُدركَهم … لكن قد عرفنا اتجاههم …

التفت «بو عمير» إلى «أحمد»، وقال: لكن … هل تظنُّ أننا مراقبون من الجزيرة؟ أخشى أن نعود فلا نجد «باسم» و«قيس» …

ردَّ «أحمد»: هم يعلمون أننا بالجزيرة … لكنهم لا يستطيعون مراقبتَنا من الجزيرة لأنهم سينكشفون بسرعة … فالجزيرة محدودة … وهم لا يخفون على أهل الجزيرة، لكن أستطيع أن أقولَ لك بثقة إنهم يراقبون تحرُّكاتِنا من خارج الجزيرة من المحيط فقط … ولذلك انتظروا حتى تمكَّنوا من «باسم» و«رشيد» ثم فروا هاربين …

قال «بو عمير»: وماذا سنفعل إزاء هذه التهديدات؟ لقد فتحوا أمامنا جبهة ثانية …

أحمد: إنهم يريدون أن يشغلونا عن المهمة الأصيلة بالبحث عن «رشيد» حتى يتمكنوا من الإفلات بالغنيمة … لكننا لن نجعلَهم يفرحون بها … ثم رفع «أحمد» المنظارَ المكبر، وهدأ من سرعة اللنش … الذي كان يقتحم الماء كالحوت ويطوي المسافات كالسهم … ثم أخذ ينظر … ثم قال ﻟ «قيس»: أوقف الماكينات …

أوقف «قيس» الماكينات، وأطال النظر في المنظار، وأخذ يُخبر زملاءَه بما يراه … لقد وصلوا إلى الشاطئ الآن … إنهم يدفعون «رشيد» إلى الشاطئ … إنهم يصعدون الصخور … هناك آخرون ينتظرونهم … ما هذا؟ بناية عالية بيضاء … إنها قلعة … إنهم يدخلون القلعة …

بو عمير: ألن نقترب؟

أحمد: لا … إنها مغامرة غير مضمونة العواقب … كأننا نقدم أنفسنا هدية لا بد من خطة، إنك تواجه قراصنة … ولا تعرف كم عددهم؟ ولا كم عدد مَن في القلعة؟ إن الاقتراب معناه الانتحار …

بو عمير: وماذا سنفعل بعد ذلك؟

أحمد: سنعود إلى جزيرتنا … وسنعود لهم بالمفاجآت، وقبل أن يأتيَ الغد سيكون «رشيد» بيننا.

كان القراصنة قد أدخلوا «رشيد» على زعيمهم الذي يقطن الدور العلوي من القلعة … لقد كان يُشبه الشيطان الأسود … ليس فيه شيء أبيض إلا أسنانه … أشعث الشعر بلا ثيابٍ تقريبًا … وكان يجلس على مقعد منحوت من الصخر، نظر زعيم القراصنة إلى «رشيد» كالذئب المفترس، ثم ضرب الأرض بقدمه وصاح: صبية … أطفال صغار … من أين جئتم أيها الصبي؟

لم ينطق «رشيد» … بل جلس ينظر إلى هذا الكائن الغريب بمنتهى الهدوء …

انتفض زعيم القراصنة من لا مبالاة «رشيد»، وصاح: لماذا جئتم إلى هنا؟ ألَا تخافني؟ ألَا تعرف «أوكارا» سيد البحر والبر؟ إنك ما زلت صغيرًا … لم تسمع عني من قبل …

لم يردَّ «رشيد» عليه سوى أن نظر عاليَه نظرةَ استخفاف … استأنف زعيم القراصنة كلامه … اسمع أيها الصبي … لقد أمهلتُ الصغارَ زملاءَك حتى صباح غدٍ ليرحلوا من هنا … لقد كان بإمكاني أن أطحنَكم وأجعلكم لحمًا مفرومًا لرجالي، فهم يتشوقون إلى اللحم الآدمي … لكنكم ما زلتم صغارًا … لذا منحتكم فرصة ذهبية … وإلا سأتغدَّى بك غدًا ويتعشَّى رجالي بزملائك … خذوه إلى الزنزانة …

جرَّ القراصنة «رشيد» وأنزلوه في غرفة صخرية مظلمة أسفل القلعة، رطبة وعفنة.

أحسَّ «رشيد» بالغثيان، فجلس على أرض الغرفة التي كانت عبارة عن قِطَع أحجار صغيرة وزلط ورمال … وكان بها طاقتان صغيرتان بعيدًا عن السقف يأتي منهما بعضُ الضوء …

مرَّت ساعةٌ و«رشيد» يروح ويجيء كالأسد الثائر المحبوس … لا يقدر على فعل شيء … ثم أحسَّ بشيء يصطدم به وهو يمشي في الغرفة … فنظر فإذا هي ثمرة جوز الهند ألقَوها له من أعلى الباب الذي توجد به فتحةٌ مملوءة بالأسياخ الحديدية … نظر إليها «رشيد» ثم قال: لا بأس … إنها تكفي …

•••

جلس الشياطين في بيت الحاج «أحمد جوهر» بعد الغروب وقد ألمَّ بهم القلقُ والخوف على «رشيد»، وراح «أحمد» يشرح لهم كيفية الوصول إلى «رشيد» … ووضع خطة لاقتحام القلعة من الناحية الأخرى، لكن كانت هناك مشكلة … إن القراصنة يراقبون الميناء، وأي تحرك للشياطين سيكون ملاحَظًا، ولا بد من التحرك بعيدًا عن أعينهم …

كان الحاج «أحمد جوهر» يجلس في مقعده بعيدًا، لكنه كان يتابع الخطةَ كلَّها، ثم قال: عندي اقتراح للخروج من هذه المشكلة …

قال «أحمد»: ما هو؟

ردَّ الحاج «أحمد»: رأيي أن أستأجرَ لكم قاربًا من أحد المرافئ الشرقية ثم تنطلقوا من هناك، وهكذا لن يراكم أحد ولن يفكر أحد في أنكم ستخرجون بهذه الطريقة بعيدًا عن غرب الجزيرة كلِّها، لكن هذا سيستغرق ساعتين إضافيتَين.

هتف «خالد»: إنها خطة جديدة وليس اقتراحًا … ومتى نستطيع فعل ذلك؟

الحاج «أحمد»: في أي وقت؟

ردَّ «أحمد»: أفضِّل أن يكون الآن يا حاج «أحمد» … فليس أمامنا وقتٌ فقد أمهلونا حتى الصباح!

وقف الحاج «أحمد»، وقال: وهو كذلك تعالَ معي الآن نُتمم الصفقة حتى تكونوا جاهزين للانطلاق في أية لحظة.

ركب الحاج «أحمد جوهر» سيارتَه و«أحمد» بجواره، وانطلقَا في الاتجاه الشرقي للجزيرة، لم يمضِ سوى ثلث ساعة حتى كانَا أمام أحد المقاهي قريبًا … من الشاطئ، خرج الحاج «أحمد» من السيارة وتَبِعه «أحمد» ودخلَا المقهى … وأشار الحاج ﻟ «أحمد» كي يجلس وجلس بجانبه، ثم نادى الحاج «أحمد»: يا «عبد الله» … يا «عبد الله» … مرَّت ثوانٍ قليلة، ثم جاء شابٌّ قمحيُّ اللون، نحيف الجسم تتدلَّى شعيرات قليلة من ذقنه، ثم انحنى وسلَّم على الحاج «أحمد» …

انتظر الحاج لحظة ثم قال: هات لنا كوبَي كاكاو … ثم في لمح البصر تذهب وتُحضر لنا الحاج «عبده السقاف». هزَّ «عبد الله» رأسَه، ثم قال: سمعًا وطاعة يا سيدي الحاج …

مضى «عبد الله» وراح «أحمد» يتحدث مع الحاج ثم قال: لقد لاحظتُ أن معظم الأسماء هنا مضافة لكلمة «عبد» … «عبد الكريم» … «عبد الله» … «عبده» …

قال الحاج «أحمد»: الإنسان القمري مسلم يعتزُّ بإسلامه ويحرص على كل شيء يمسُّ دينه وعقيدته … ولذلك ستجدهم يسمون كثيرًا من أبنائهم «عبد الله» … «عبد الكريم» …

ردَّ «أحمد»: لقد لاحظت أنهم طيبون بالفطرة ومسالمون …

مرَّت دقائق ثم أقبل «عبد الله» في صحبة رجل وقور يرتدي جلبابًا وفوقه عباءةٌ بُنِّيَّة اللون وطاقية … بلون العباءة، وما إن رآه الحاج «أحمد» حتى قام إليه يصافحه ويحتضنه … وتبادلَا السلام والتحية، وسلَّم الحاج «عبده» على «أحمد» ثم جلس بجوارهم، وأحضر له «عبد الله» فنجانًا من القهوة … وتحدَّثَا قليلًا … وتعاتبَا على طول الفراق … ثم التفت الحاج «أحمد» إلى «أحمد»، وقال: ولدي «أحمد» … جاء في زيارة من مصر …

ردَّ الحاج «عبده»: أهلًا ولدي ومرحبًا بك من بلد الطيبين …

استأنف الحاج «أحمد» كلامه: ولدي «أحمد» وإخوانه جاءوا يبحثون عن مجال يستثمرون فيه أموالهم، شباب ويحبون المغامرة …

الحاج «عبده»: عظيم … وهل توصَّلتم لشيء؟

الحاج «أحمد»: نعم … إنهم يفكرون في تسويق الأسماك … لكنهم يريدون أن يتعرفوا على بعض الأشياء في جزيرة «مايوتة» و«هنزوان»، وقد جئنا نستأجر لنشًا يكون تحت أيديهم لمدة يومين حتى تنتهيَ مهمَّتُهم …

الحاج «عبده»: كل قواربي رهنُ إشارتك …

الحاج «أحمد»: شكرًا لك يا أخي … ومتى نجدها جاهزة؟

الحاج «عبده»: أنا جاهز ومستعدٌّ من الآن … تعالَ لنُلقِ عليها نظرة عند الشاطئ …

سار الثلاثة تحت أضواء المصابيح الخافتة والريح الرقيقة تجلب لهم من بعيد خليطًا من الروائح والعطور المنعشة … كان الجو ساحرًا كأنها فعلًا جزر على القمر … ساحرة جميلة إلى درجة لا توصف …

بعد دقائق قليلة وصل الثلاثة إلى مرفأٍ صغير محاطٍ بالصخور الضخمة … وكانت ترقد في مياهه عدةُ قوارب ولنشات مطاطية … اقترب الثلاثة وتسلَّقوا الصخور، ووقفوا بإزاء القوارب واللنشات. نظر الحاج «عبده» إلى الحاج «أحمد جوهر»، وقال: اختر أيهما شئت!

صمت الجميع لحظة، ثم قال الحاج «عبده»: رأيي أن تأخذوا «الظافر».

نظر «أحمد» إلى الحاج «عبده» مستفهمًا … قال الحاج «عبده»: هذا اللنش اسمه «الظافر»، وهو دائمًا «ظافر»، فهو سريع … خفيف …

قال الحاج «أحمد»: على بركة الله …

هزَّ «أحمد» رأسَه موافقًا ثم قال للحاج «عبده»: سنأتي أنا وزملائي لنستقلَّه أثناء الليل … لأن جولتنا ستستغرق ساعات طويلة في بقية الجزر … لذا سنخرج مبكرين حتى نعود غدًا قبل مغيب الشمس.

ردَّ الحاج «عبده»: إنه من الآن تحت سيطرتكم … فافعلوا ما تريدون.

وعاد الثلاثة إلى المقهى حيث بقيَ الحاجُّ «عبده»، وعاد الحاج «أحمد جوهر» ومعه «أحمد» في السيارة إلى البيت …

بدأ الشياطين منذ لحظة وصول «أحمد» يجهزون أشياءهم للانطلاق … فارتدوا ملابس البحر … وأعدوا الأسلحة والذخائر … ووضع «خالد» عدة قنابل صغيرة في حقيبة خاصة … ثم حمل «بو عمير» قاذف اللهب … اطمأن الشياطين الخمسة إلى أن مسدساتهم محشوة بالرصاص وجاهزة للاستخدام.

كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة، أي قبل منتصف الليل … وكان الشياطين جاهزين للانطلاق والحاج «أحمد جوهر» يجلس قريبًا منهم … وبعد أن فرغوا من الاستعداد قال الحاج «أحمد»: أريد أن أقول لكم شيئًا مهمًّا.

ردَّ «أحمد»: ما هو يا حاج؟ …

الحاج «أحمد»: إن القلعة التي تصفونها في شمال الجزيرة … ولأن هذه المنطقة غير معمورة لوعورتها فإني أرى من الخير لكم أن تأتوها من الغرب حيث تكثر الصخور … لأن هؤلاء القراصنة لن يفكروا في مجيء أحد من هذه الناحية … ستواجهون بعضَ التعب في التسلل والصعود إلى أعلى وبين الصخور … لكن هذا هو الطريق الوحيد الآن المأمون …

ردَّ «خالد»: شكرًا يا حاج «أحمد» … إنها فعلًا … معلومات مهمة …

الحاج «أحمد»: وشيء مهم آخر … موعدكم هنا مغيب الشمس … وإن تأخرتم، فستجدون كلَّ الزوارق والقوارب قد أتت وحاصرت الجزيرة …

أحمد: لا … اطمئن … سيكون كلُّ شيء على ما يرام … وسوف نتناول معك العشاء …

كانت الساعة قد دقَّت تمام الثانية عشرة …

عندئذٍ وقف الشياطين الخمسة وحملوا أشياءَهم … نظر «أحمد» إلى الحاج «أحمد جوهر»، وقال له: لا بد أن نكون هناك قبل الصبح على الأقل بساعتين حتى نفاجئَهم …

ردَّ الحاج «أحمد»: كما ترون!

نزل معهم الحاج «أحمد» كي يُوصلَهم بسيارته إلى حيث يستقر اللنش بعيدًا … عن أعين القراصنة … وأنزل الشياطين أشياءَهم في قلب اللنش ثم خرجوا يجدفون حتى يبتعدوا عن الشاطئ دون إحداثِ صوتٍ، وحين ابتعدوا قام «خالد» وأدار المحرك بقوة، فقفز اللنش، ثم صاح «أحمد»: قادمون إليكم يا «أوكارا» … سنجعل السمك يضحك عليكم يا عمالقة المحيط …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤