العمالقة في جزيرة الذهب!

كان «هل» ومعه أربعة آخرون على ظهر الغواصة … قال «أحمد»: إنه «فيشر» … وهو نفسه «بورو» الذي سمع عنه «عثمان» في ميناء «عقيق» …

تقدم الرجال الخمسة إلى الشاطئ … كانت حركتهم واضحة على شاشة الرادار … ظل الشياطين يتتبعون خطواتهم حتى اختفوا تمامًا … داس «أحمد» ذراع الطفو، فأخذت الغواصة طريقها إلى السطح، ثم أخذت تقترب من الغواصة الكبيرة … كانت غواصة متوسطة الحجم، يبدو أنها مجهزة بطريقة خاصة، وعلى ظهرها كانت توجد صناديق مقفولة … فتح «أحمد» سقف غواصتهم ثم قفز إلى سلم الغواصة الكبيرة وما كاد يلمسها حتى دوت أجراس الإنذار … ألقى «أحمد» نفسه بسرعة في الغواصة الصغيرة ثم قادها سريعًا إلى خليج صغير قريب … وداس ذراع الغطس، فاختفت الغواصة الصغيرة تحت سطح الماء … أخرج جهاز التصنُّت المُثبَت في سقف الغواصة، وبدأ يسمع ما يقال … كانت الأصوات تقول: هناك أحد في الجزيرة … قد يكون دخل الغواصة … لا أظن … إن أجراس الإنذار دقت ثم توقفت، وهذا يعني أن أحدًا صعد إلى الغواصة، لكنه لم يكن ينتظر هذه الأجراس … قد يكون داخلها، واستطاع إيقاف الأجراس …

وعلى شاشة الرادار … كان الرجال يتقدمون إلى الغواصة.

ابتسم الشياطين الثلاثة، وظلوا في أماكنهم لا يتحركون … نزل أفراد العصابة إلى الغواصة، ثم أخذوا يُفتِّشونها …

تحرك «أحمد» في بطء إلى اتجاه أبعد، حيث أوقف الغواصة مُحازية للشاطئ تمامًا … قال «قيس»: هيا … نخرج من هنا … فتح «عثمان» الباب … وفجأة بدأ الشياطين يتسلَّلون … أغلق «عثمان» الباب بسرعة ثم أدار «أحمد» جهاز طرد الهواء، فشعر الشياطين بالراحة …

قال «أحمد»: هذه منطقة سامة … يبدو أن المنطقة الوحيدة الصالحة للتنفس … هي التي تقف فيها الغواصة …

قال «قيس»: ربما يلبسون أجهزة ضد التسمم …

عاد أفراد العصابة إلى الجزيرة … فتح «أحمد» جيبًا سحريًّا في الغواصة، ثم أخرج ثلاث كمامات، لبسها الشياطين، ثم بدءوا يستعدُّون للنزول … كانت هناك منطقة نباتية قريبة منهم …

نزل الشياطين إلى شاطئ الجزيرة الصخري، ثم بدءوا يتسلقون الصخور الحادة التي كانت أمامهم، والتي كان يبدو أنها وضعت بطرقة خاصة، حتى يُصبح دخول الجزيرة شيئًا مُستحيلًا …

وصل الشياطين إلى قمة الصخور، فظهرت أمامهم النباتات الاستوائية الشديدة الخُضرة: أشجار الكاكاو … وجوز الهند … والموز … والمانجو … طارت في الجو طيور غريبة، ذات ألوان زاهية … أخرج «أحمد» منظاره المُكبَّر، ثم بدأ يتجه بين الأشجار العالية … كان هناك كوخ من الخشب على الطراز الإنجليزي … قال «أحمد»: ينبغي أن نتفرَّق، حتى لا نقع في أيديهم … مكان التجمع، السيارة …

بدأ كل واحد من الشياطين يأخذ اتجاهه … كانت الاتصالات بينهم عن طريق الأجهزة اللاسلكية الصغيرة، التي يحملونها …

فجأة، ظهر أمام «أحمد» عملاق ضخم، غير أن «أحمد» كان يَختفي بين النباتات الكثيفة … دار «أحمد» حوله حتى لا يظهر، غير أن كلبًا ضخمًا ارتفع نباحه، ثم طار في الهواء مُلقيًا نفسه على «أحمد»، الذي أخرج خنجرًا سامًّا، وتلقَّى به الكلب الضخم … فجاءت الطعنة في بطنه فسقط صريعًا، غير أن ذلك كشف مكان «أحمد» أمام العملاق … صرخ العملاق وقفز قفزة واسعة جعلته مقابلًا تمامًا ﻟ «أحمد» …

وقف الاثنان قبالة بعضهما، في نفس الوقت الذي ارتفعت فيه صرخة … عرف «أحمد» أنها صوت «عثمان» … شعر بالدماء تصعد إلى رأسه وفي حركة واحدة، كان قد ضرب العملاق بقدمه في وجهه ضربة جعلته يَنكفئ على الأرض … وسقط مغشيًّا عليه …

التفت «أحمد» خلفه … كانت هناك مجموعة من الكلاب المدربة في الطريق إليه، ولم يكن أمامه إلا أن يصعد أقرب شجرة إليه … غير أن الكلاب كانت تأخذ طريقها بشكل غريب إلى أعلى الشجرة، وعندما أصبحت قريبة منه، ضغط على فرع الشجرة، ثم قفز فطار في الهواء إلى شجرة أخرى، ومنها إلى الثالثة، حتى أصبح قريبًا من الكُوخ الخشبي … كان أفراد العصابة يقفون هناك … وفجأة ظهر عملاق ضخم، يحمل «عثمان» بين يدَيه مغشيًّا عليه، ثم ألقاه على الأرض … شعر بحرارة الجهاز السري، فعرف أن «قيس» قريبٌ منه … نظر إلى الجهاز، فرأى المؤشر يتجه إلى اليمين … نظر في اتجاه السهم، كان «قيس» يَختبئ بين أفرع شجرة … نظرا لبعضهما نظرات يفهمانها … ثم أخرج «أحمد» مسدسًا وأطلق طلقة صوتية، تردَّد صداها في أنحاء الجزيرة، حتى إن العصابة ظنت أن هناك حربًا نووية …

اختفى أفراد العصابة داخل الكوخ، وأصبحت الفرصة سانحة للشياطين حتى يتصرَّفوا … كان «عثمان» مُلقًى على الأرض … أطلق «قيس» طلقة صوتية أخرى في اتجاه الكوخ، حتى إنه اهتز … وفي لمح البصر، كان «أحمد» يحمل «عثمان» بين ذراعيه … لكن طلقة نارية دوت بجوار أذنَيه، جعلته ينبطح على الأرض … أخرج «أحمد» بعض النشادر من حقيبته، وأخذ يُقربه من أنف «عثمان» الذي بدأ يفيق … ونظر حواليه في دهشة … ابتسم «أحمد» له ثم همس: اتبعني.

ظلَّ الاثنان يزحفان … بينما كانت أصوات طلقات الرصاص تملأ الجزيرة، في نفس الوقت الذي كان فيه «قيس» يُغطي انسحاب الاثنين …

جلس «أحمد» و«عثمان» تحت شجرة، وكان «عثمان» يحسُّ بدوار، بتأثير الضربة التي سددها إليه العملاق فوق رأسه دون أن يراه …

وفجأة ظهر أربعة رجال أطبقوا على «أحمد» و«عثمان» الذي لم يدر ماذا حدث … غير أن «عثمان» استطاع أن يتصرَّف بسرعة … فقد ضرب أحد العمالقة في صدره ضربة جعلتْه يترنَّح … إلا أنَّ الآخر كان قد أطبق على ذراعَي «عثمان»، حتى لم يَعُد يستطيع الحركة … اقترب العملاق الآخر، وأوثق «عثمان» وساقا الاثنَين إلى الكوخ، وعندما اقتربوا منه، شاهد «قيس» ما حدث … وفي نفس اللحظة … انهالت طلقات الرصاص على «قيس» الذي نزَل بسرعة وأخذ يَزحف مُبتعدًا عن المكان …

فكَّر «قيس» بسرعة … لم يكن أمامه إلا أن يتَّجه إلى السيارة … وعندما كان قريبًا منها، أخرج بندقيته وركَّب أجزاءها ثم أطلق طلقة على رباط الغوَّاصة فانقطع.

بدأت الغواصة تأخذ طريقها إلى وسط المحيط … كان الجَزر شديدًا حتى إن الغواصة ابتعدت عن الشاطئ بسرعة … وشاهد أفراد العصابة يجرُون إلى الشاطئ وهم يَصرُخون … لكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا.

ابتسم «قيس» وقال: الآن تحدَّدت إقامتكم … لن تستطيعوا مغادرة الجزيرة، حتى أعود إليكم …

فجأة، طار عصفور أزرق اللون فوق رأسه، فنظر له مُبتسمًا … كان العصفور جميلًا، إلى درجة تغري بصيده إلا أن «قيس» كان يتجه بسرعة إلى حيث توجد غواصتهم … غير أنَّ شيئًا لفَت نظره … إن الطائر الأزرق كان يَتبعه … ويطير فوق رأسه … ثم بدأ يُهاجمه. جرى «قيس» سريعًا، غير أنَّ الطائر كان أسرع منه … ظلَّ يَضربه بجناحَيه … أخرج مسدسه وصوَّبه إلى الطائر، إلا أن الطائر استطاع أن يَتفادى الطلقة … ملأت الدهشة وجهَ «قيس»، لا بدَّ أن هذا طائر مُدرب … أطلق عليه طلقة أخرى، إلا أنَّ الطائر تفادها أيضًا … توقف «قيس» فهاجَمه الطائر، وضرَبه بجناحَيه على وجهه … أخرج خنجرًا، وانتظرَ أن يُهاجمه الطائر إلا أن الطائر ارتفع إلى مسافة بعيدة … وبدأ «قيس» يسمع أصوات العصابة تَقترب … تأكد أن الطائر الأزرق طائر مُدرَّب، وأنه أرشد العصابة إلى مكانه … نظر يبحث عن الطائر … كان يطير فوقه تمامًا … صعد «قيس» إحدى أشجار المانجو، واختبأ بين أفرعها … نظر في اتجاه الطائر، فلم يجدْه … أخذ ينتقل بين أفرُع الشجرة، حتى استطاع أن يصل إلى شجرة أخرى، فانتقل إليها … كانت هذه هي الطريقة الوحيدة التي استطاع بها أن يهرب من الطائر … تباعدَت الأصوات، لكنه كان قد ابتعد هو الآخر عن مكان الغواصة …

كانت أضواء النهار تَختفي شيئًا فشيئًا، وبدأ الظلام يأخذ طريقه إلى الجزيرة … ظل «قيس» في مكانه حتى أظلمت الدنيا تمامًا، فنزل في اتجاه غوَّاصة الشياطين حتى إذا اقترب منها، كانت هناك مُفاجأة أخرى …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤