مقدمة

الطبعة الشعبية الصادرة في عام ١٩٧٩م

يتضح، بعد مرور خمس وعشرين سنة، أن الأفكار الرئيسية التي عرضها كتاب الأمم الزنجية والثقافة لم يتقادم عليها الزمن، بل أصبحت جميعًا الآن من المسائل المألوفة، بينما بدَت في الفترة التي ظهرت فيها هذه الأفكار، ثوريةً إلى الحد الذي كان يدفع عددًا ضئيلًا من المثقفين الأفارقة إلى التجاسر والقبول بها. ويتعين علينا أن نُحَيِّيَ هنا شجاعةَ الشاعر العبقري إيميه سيزير ونظرته الثاقبة وأمانته؛ فقد تردَّد على كافة الأوساط التقدمية الباريسية آنذاك، بعد أن قرأ طوالَ ليلةٍ واحدة كلَّ الجزء الأول من المؤلَّف بحثًا عن اختصاصيِّين مستعدِّين للدفاع معه عن هذا الكتاب الجديد ولكن بلا جدوى؛ فقد أحاط به الفراغُ من كلِّ جانب.

وإليكم المواضيع الرئيسية التي تناولها هذا المؤلَّف، والتي لم تَعُد تُثير الرجفةَ لدى المثقفين.

الأفارقة:
  • استقلال أفريقيا.

  • قيام دولة اتحادية على صعيد القارة الأفريقية.

  • الأصل الأفريقي والزنجي للبشرية والحضارة.

  • الأصل الزنجي للحضارة المصرية-النوبية.

  • إسهام هذه الحضارة، وبالتالي الفكر الزنجي، في الحضارة الغربية في مجالات العلوم والآداب والفنون.

  • تحديد تيارات الهجرة الكبرى وتكوين العروق الأفريقية.

  • التقارب اللغوي بين مصر وأفريقيا السوداء.

  • الأصل الحقيقي للعالم السامي.

  • تحديد المجال الثقافي للعالم الأسود، الممتد حتى آسيا الغربية في وادي نهر السند.

  • تحديد السمات المميزة للبنيات السياسية والاجتماعية الأفريقية.

  • قيام الدول الأفريقية في كافة أرجاء القارة بعد أفول نجم مصر، وتواصل العلاقة التاريخية-الثقافية حتى فجر الأزمنة الحديثة.

  • وصف عالم الفن الأفريقي ومشاكله (النحت، التصوير، الموسيقى، العمارة، الأدب … إلخ).

  • التدليل على قدرة لغاتنا على استيعاب الفكر العلمي، والفلسفي، وبناء عليه أول تدوين أفريقي لا يعتمد على التصنيف العِرقي لتلك اللغات … إلخ.

    بل إنه من المعروف أن اليونسكو تبنَّت منذ أكثر من عشر سنوات جانبًا كبيرًا من تلك الأفكار المتعلقة بالتاريخ الأفريقي وبتطور لغاتنا القومية.

    وقد بدا لنا أنه ليس من المفيد أن نُدخِل تحسيناتٍ على هذا الكتاب الذي كان بدايةَ تلك الانطلاقة، وذلك بمناسبة صدور طبعاته المتتالية. ويتعين أن يظلَّ على ما كان عليه كشاهدٍ دائم على جهودنا الأولى لتحديد القضايا الأفريقية ومعالجتها والتطورات التي طرأت على هذه الأطروحات. والتحسينات المختلفة موجودة في مؤلفات جاءت بعد ذلك ومنها: أسبقية الحضارات الزنجية: أهي أسطورة أم حقيقة تاريخية؟١  (Antériorité des civilisations négres: mythe ou vérité historique?).
  • وعلاقة القربى المتوارثة بين اللغة المصرية الفرعونية واللغات الأفريقية الزنجية (Parenté génétique de l’égyptien pharaonique et des langues négro-africaines).

    وإني لأرجو أن يجد الشباب الذي سيقرأ هذا الكتاب دواعيَ للأمل، وهو يعيش المسافة التي قُطعت منذ أن تمت كتابته.

شيخ أنتاديوب
١  مطبوعات Présence Africaine، باريس، ١٩٦٧م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤