حرف القاف

  • «قَابِلِ الْقُرعْ عَلَى سُوقِ الطَّوَاقِي» الطواقي جمع طاقية، وهي عندهم قَلَنْسُوَةٌ خفيفة تُعْمَلُ من البَزِّ. والقُرْع في مدة القَرَع لا يَلْبَسُون إلا الطواقي من الجلد أو اللبد، فهم لا يُوجَدون في سوق الطواقي المعروفة. يُضرَب للشيء المُسْتَبْعَد حصوله، فهو في معنى قولهم: «في المشمش.» والمثل قديم كان معروفًا عند العامة في زمن الراغب الأصفهاني، وأورده في محاضراته برواية: «طريق الأقرع على أصحاب القلانس.»١
  • «اِلْقَادِرْ عَايِبْ» أي: في الغالب أن القادر يَغْتَرُّ بقدرته، فيظلم ويرتكب ما لا يَحْسُن.
  • «اِلْقَاضِي إِنْ مَد إِيدُهْ كِتْرِتْ شُهُودِ الزُّورْ» أي: إن مَدَّ القاضي يده للرِّشْوَة كثرت شهود الزور للاحتياج إليهم في الدعاوى الكاذبة. يُضرَب في أن فساد الرأس رأسُ الفساد.
  • «قَاضِي الْأَوْلَادْ شَنَقْ نَفْسُهْ» أي: من جعل نفسه حكمًا بين الأطفال فإنه يحكم على نفسه بالموت شنقًا لما يعانيه من إبرامهم له. وسيأتي بعده: «قاضي العيال اشتكى روحه.»
  • «قَاضِي الْعِيَالِ اشْتَكَى رُوحُهْ» العيال: الأطفال. ومن يُقِمْ نفسه حكمًا بينهم يَكُنْ كَمَنْ شكا نفسه وجنى عليها. وقد تَقَدَّمَ قبله: «قاضي الأولاد شنق نفسه.»
  • «قَاعِدْ عَلَى نُخ وِعَمَّالْ يُجُخ» النخ: نوع غليظ من نسيج الحلفاء يُتَّخَذُ جوالقَ، ويستعمله الفقراء بدل الحصير. وعَمَّال: مُشْتَغِلٌ. والجَخُّ: التفاخر؛ أي: يكون على نَخٍّ من فقره وضعته ولسانه مشتغل بالتفاخر الكاذب. يُضرَب للمتفاخر بشيء وحاله يُكَذِّبُهُ.
  • «قَاعِدْ لِلسَّاقْطَهْ وِاللَّاقْطَهْ» أي: شاغل نفسه بأمور الناس ومُتَيَقِّظٌ لما يصدر منهم يعد عليهم ما يفعلون. والعرب تقول: «لكل ساقطة لاقطة»؛ أي: لكل كلمة ساقطة أذن لاقطة. يُضرَب في التَّحَفُّظِ عند النطق، فكأن مراد العامة أنه مشتغل بمن يتكلم ومن يسمع.
  • «قَاعِدْ يِنِش» يُضرَب للخالي من العمل؛ أي: ليس له عمل يعمله إلا طَرْد الذباب. والعرب تقول في أمثالها: «تركته يتقمع»؛ أي: يَذُبَّ من فراغه القَمَع، وهو الذباب الأزرق العظيم كما يَتَقَمَّع الحمار، وهو أن يحرك رأسه ليذهبَ الذباب.
  • «قَاعْدَهْ عَ الْبَرَّانِي وَاضْرَبْ بِلْسَانِي» البَرَّانِي عند الريفيين: الفرن الذي يعمل في ساحة الدار. والضرب باللسان: كثرة الكلام. يُضرَب لمن يُكْثِرُ القول ولا يعمل.
  • «قَافْلَهْ فَايْتَهْ وَلَا حْمَارْ مَرْبُوطْ» الفايته: المارَّة؛ أي: لَأَنْ تمر بنا قافلة فنطعمها وتمضي، أهون من حمار واحد مربوط عندنا. يُضرَب في أن الإنفاق على كثيرين مَرَّةً واحدة أهون من الإنفاق على واحد مستديم. وبعضهم يروي: «ولا جحش» بدل ولا حمار؛ أي: ولو كان ذلك الفرد صغيرًا خفيف المئونة.
  • «قَالِ: ابْعِدْ عَنِ الشَّر وِقَنِّي لُهْ، قَالْ: وَاغَنِّي لُهْ» قَنِّي: اشْتَقُّوهُ من القناية، وهي القناة للماء؛ أي: قيل لشخص: تباعَدْ عن الشر واجعل بينك وبينه قناةً من الماء تَحُولُ بينكما، فقال: لا أفعل ذلك فقط، بل وأغني له أيضًا حتى يَمُرَّ بسلام. يُضرَب في الحثِّ على التباعد عن الشر بكل الوسائل. والعرب تقول في أمثالها للحثِّ على البعد عن الشر والفرار منه: «اجر ما استمسكت.» قال الميداني: يُضرَب للذي يَفِرُّ من الشر؛ أي: لا تفتر من الهرب وبالغ فيه. وتقول أيضًا: «اترك الشر ما تركك.» أورده جعفر بن شمس الخلافة في كتاب الآداب.٢
  • «قَالْ: جَاتِكْ دَاهْيَهْ يَا مَرَهْ، قَالِتْ: عَلَى رَاسَكْ يَا رَاجِلْ» أي: قال الزوج: أصابتك داهية أيتها المرأة، فقالت له: إذا أصابتني فإنما تقع على رأسك. يُضرَب في تمني أمر تقع غوائله على متمنيه؛ لأن المرأة إذا أصيبت بمصيبة تَحَمَّلَ الزوج غوائلها.
  • «قَالْ دَسِّنِي فِي عِينِ اللِّي مَا يْحِسِّنِي» انظر: «دسني في عين …» إلخ. في الدال المهملة.
  • «قَالْ: صَبَاحِ الْخِيرْ يَا عُورَهْ، قَالِتْ: دَا بَابْ شَر» لأن مواجهته لها بإظهار عيبها يدل على بدء خصام، فليس هو صباح خير بل صباح شر يُرَاد. يُضرَب للعازم على مناوأة شخص فيبدو من عباراته ما يدل على ما ينطوي عليه.
  • «قَالْ لُهْ: نَامْ لَمَّا ادْبَحَكْ. قَالْ: دَا شِيءْ يِطَيَّرِ النُّومْ» لَمَّا هنا بمعنى: حَتَّى. يُضرَب لأمر شخص بالمساعدة على شيء فيه تهلكته؛ أي: علمي بنتيجة نَوْمِي تطرده من جفوني فكيف تأمرني به؟! وبعضهم يرويه: «نام لما ادبحك …» إلخ، بدون «قال له» في أوله.
  • «قَالْ: اللهْ يِلْعَنِ اللِّي يِسِبِّ النَّاسْ. قَالْ: الله يِلْعَنِ اللِّي يِحْوِجِ النَّاسْ لِسَبُّهْ» أي قيل: لعن الله من يَسُبُّ الناس. فقال قائل: بل لعن الله من أحوجهم ودفعهم إلى سبه وسَبَّبَ لنفسه ذلك بما يأتيه من الأمور الداعية للذم. ولكعب بن زهير— رضي الله عنه:
    مَقَالَةُ السُّوءِ إِلَى أَهْلِهَا
    أَسْرَعُ مِنْ مُنْحَدِرٍ سَائِلِ
    وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى ذَمِّهِ
    ذَمُّوهُ بِالْحَقِّ وَبِالْبَاطِلِ٣
  • «قَالْ: مَالَكْ يَا حَمَّارْ بِتِبْكِي عَلَى بْكَايَهْ؟ قَالْ: دَانَا بَابْكِي عَلَى كْرَايَهْ» الحمار: المكاري. قال له مؤجر حماره: ما لكَ تبكي لبكائي؟ فقال: إنما أنا أبكي على الكرا لا عليك، خوفًا من أن تلهيك المصيبة عني. يُضرَب في أن كل شخص إنما يهتم بما يعنيه.
  • «قَالْ: نَمُوسَه وعَامْلَهْ جَامُوسَهْ» النموسة: الناموسة؛ وهي البعوضة. يُضرَب للحقير الضئيل يُظْهِرُ للناس أنه كبير عظيم.
  • «قَالْ: يَابَا إِيهْ أَحْلَى مِ الْعَسَلْ؟ قَالِ: الْخَل إِنْ كَانْ بَلَاشْ» أي: قال: يا أبي، أَيُّ شيء أحلى من العسل؟ فقال: يا بنيَّ، أحلى منه الخل إذا كان بلا ثمن. يُضرَب في تفضيل النفوس ما يكون بلا ثمن على علَّاتِه.
  • «قَالْ: يَا ابُويَا شَرَّفْنِي. قَالْ: لَمَّا يْمُوتِ اللِّي يِعْرَفْنِي» أي: شَرِّفْنِي يا أبي بذكر أصلك وفضائلك، فقال: حتى يموت من يعرفني. وبعضهم يرويه بدون «قال» في أوله، وروايته عنده: «يَابَا قُومْ شرفنا، قال: لما يموت اللِّي يعرفنا.» وأورده الموسوي في نزهة الجليس٤ في أمثال العامة برواية: «يا أبي شرفني، قال: حتى يموت من يعرفني.» ومثله قولهم: «اشرفوا عند اللِّي ما يعرفوا.»
  • «قَالْ: يَا رَب سَلِّمْ وِغَنِّمْ. قَالْ: يَا رَب سَلِّمْ وِبَس» بَس (بفتح الأول مع تشديد السين) أي: كفى. يُضرَب في أَنَّ السَّلامة مُفَضَّلة على كل غُنْم فَلْيَرْضَ المرءُ من الغنيمة بالإياب. وقريب منه قول البحتري:
    وَكَانَ رَجَائِي أن أَؤُوبَ مُمَلَّكًا
    فَصَارَ رَجَائِي أَنْ أَؤُوبَ مُسَلَّمَا٥

    والعرب تقول لمن يخرج من الأمر سالمًا لا له ولا عليه: «المَلَسَى لا عهده.» وتقول أيضًا: «من نجا برأسه فقد ربح.» ومنه قول الراجز:

    الليلُ داجٍ والكِبَاشُ تَنْتَطِحْ
    فَمَنْ نَجَا برأسه فقد رَبِحْ٦

    انظر في مجمع الأمثال: «رضيت من الغنيمة بالإياب.»

  • «قَالْ: يَا رَبِّي دَخَّلْنَا بِيتِ الظَّالِمِينْ وَطَلَّعْنَا سَالْمِينْ. قَالْ: وِايْش دَخَّلَكْ وِايْشْ طَلَّعَكْ» طلَّع بمعنى: أخرج. يُضرَب في الحَثِّ على تَجَنُّبِ ما يَضُر.
  • «قَالْ: يَا مَرَهْ مَالْ مَنَاخِيرِكْ بِتْشُر؟ قَالِتْ: مِنِ الشِّتَا. قَالْ: أَعْرَفِكْ فِي الصِّيفْ» مال؛ أي: ما لكذا؟ والمناخير: الأنف. وشَرَّ: سال؛ أي: ما لأنفك يسيل أيتها المرأة؟ فقالت: من برد الشتاء. فقال: إني أعرفك في الصيف. يُضرَب للمعتذر عن نقصه بشيء طارئ وهو قديم فيه.
  • «قَالُوا: أَبُو فَصَادَهْ بِيِعْجِنِ الْقِشْطَهْ بِرِجْلِيهْ. قَالْ: كَانْ يِبَانْ عَلَى عَرَاقِيبُهْ» أبو فصادة: عصفور يَضْرِب إلى الزرقة كثير الوَثْب أسود الرجلين. والقشطة: خلاصة اللبن؛ أي: قيل: إن أبا فصادة يعجن القشطة برجليه، فقال قائل: لو كان كذلك لظهر أثرها على عرقوبيه ولما بقيت رجلاه سوداوين. يُضرَب لمن يَدَّعِي دعوى تُكَذِّبُهَا الشَّوَاهِدُ.
  • «قَالُوا: تِرْمِسْ إِمْبَابَهْ أَحْلَى مِ اللُّوزْ. قَالْ: دَا جَبْرْ خَاطِرْ لِلْفُقَرَا» إمبابة (بكسر الأول): بلدة على النيل قرب القاهرة، والصواب فيها أَنْبَابة (بفتح الأول وبالنون بعده)، والمراد: من قال: إن تِرْمِسَهَا أجود وأحلى من اللوز فقد قصد تسلية الفقراء؛ لأنهم يأكلونه ولا يأكلون اللوز. يُضرَب لمن يفضل الرديء على الجيد بلا حُجَّة. وإنما قالوا: ترمس أنبابة؛ لأنها اشتُهِرَتْ بتحليته لبيعه بالقاهرة، وذلك بأن يُوضَع في مكاتل من خوص النخل ونحوه ويُرْبَط كل مكتل بحبل ويُلْقَى بالنيل، فيبقى به نحو ثلاثة أيام حتى تذهب أكثر مرارته، ثم يُسْلَق فيزول ما بقي به من المرارة ويُمَلَّح ويُؤْكَل.
  • «قَالُوا: تِعْرَفِ الْهَايِفْ بِإِيهْ؟ قَالْ: بِكَلَامُهْ. وِقَالُوا: تِعْرَفِ السَّقِيلْ بِإِيهْ؟ قَالْ: بِسُؤَالُهْ» الهايف: الرجل الذي لا طائل تحته، وهو يُعْرَفُ بكلامه؛ لأنه يدل على عقله، وكذلك الثقيل يُعْرَفُ بسؤاله عَمَّا لا يَعْنِيه.
  • «قَالُوا: الْجَمَلِ اعْقِلُوهْ. قَالُوا: هُوَّ قَايِمْ بِطِنُّهْ!» أي قالوا: اعقلوا هذا البعير، فقيل لهم: هل هو قائم بطَنِّ نفسه ومستطيع للحركة حتى نعقله؟! يُضرَب لطلب التشديد على شخص لا يَسْتَحِقُّه.
  • «قَالُوا: الْجَمَلْ طِلِعِ النَّخْلَهْ. قَالُوا: آدِي الْجَمَلْ وِآدِي النَّخْلَهْ» آدي: ها هو. يُضرَب لمن يَدَّعِي المُسْتَحِيل وتكذبه شواهد الامتحان.
  • «قَالُوا: رَاحْ تِجَّوِّزِي فِي بِيتْ عِيلَهْ؟ قَالِتْ: رَاحْ يِبْقَى مَعَايَا لِسَانِي وَاغْلَبْ؟» تِجَّوِّزِي: تَتَزَوَّجِينَ. والعِيلَة: الأهل والأسرة. والمقصود هنا كثرتهم، وكلمة راح يستعملونها مكان سوف والسين؛ أي: سوف تتزوَّجين في أسرة كبيرة تضيعين بينها ويتسلطون عليك، فقالت: ما دام لساني معي لا أهتم بشيء. يُضْرَب في سلاطة اللسان.
  • «قَالُوا: السَّمَكْ بِيْطَلَّعْ نَارْ. قَالْ: كَانِتِ الْمَيَّه تِطْفِيهْ» انظر: «السمك بيطلع نار …» إلخ. في السين المهملة.
  • «قَالُوا: شَكَرْنَا غَنَّامْ. غَنَّامْ طِلِعْ حَرَامِي» غَنَّام: اسم شخص وليس المقصود شخصًا معينًا. وطلع هنا معناه: ظَهَر. يُضرَب للشخص يظهر أنه على خلاف ما كان يُظَنُّ فيه من الخير.
  • «قَالُوا: صَبَاحِ الْخِيرْ يَا جُحَا. قَالْ: دَنَا لِسَّهْ سَارِحْ» جُحَا: مضحك معروف. ودنا أصلها: دا أنا؛ أي: هذا أنا. لسه: أصلها للساعة؛ أي: للآن. وسارح معناها: خارج لأسيم ماشيتي المرعى. والمراد: انتظروا قليلًا فإني خرجت الآن فقط. يُضرَب للشخص يعجله آخر بشيء لم يتهيأ له بعد.
  • «قُالُوا لِلْأَعْمَى: زَوَّقْ عَصَايْتَكْ. قَالْ: يَعْنِي مِنْ حُبِّي فِيهَا» لأن الأعمى يلازم العصا اضطرارًا لا حُبًّا فيها، فكيف يُطْلَبُ منه العناية بتزويقها وتحليتها؟! وهو من أمثال العامة القديمة، أورده الأبشيهي في «المستطرف» برواية: «قالوا للأعمى: زوق عصاتك. قال: هو أنا محب فيها.»٧
  • «قَالُوا لِلْأَعْمَى: الزِّيتْ غِلِي. قَالْ: فَاكْهَهْ مِسْتَغْنِي عَنْهَا» مستغني: يريدون مُسْتَغْنًى بصيغة اسم المفعول. والمراد: أن الأعمى لا يهمه غلاء الزيت، وسواءٌ عنده بَقِيَ في الظلام أم في ضوء مصباح، فهو عنده كفاكهة استغنى عنها (أورده في سحر العيون أواخر ص١٣٣ بلفظ: قالوا للعميان: غلي الزيت. قالوا: دي نوبة استرحنا منها).
  • «قَالُوا لِلْأَعْوَرْ: اِلْعَمَى صَعْبْ. قَالْ: نُصِّ الْخَبَرْ عَنْدِي» النُّصُّ (بضم أوله وتشديد ثانيه) معناه: النصف. يُضرَب لمن عنده خبرة ببعض الشيء (أورده في سحر العيون آخر ص١٣٣ بلفظ: قالوا للأعور: ما أصعب العمى. قال: نصف الخبر عندي).
  • «قَالُوا لِلْجَعَانْ: اِلْوَاحِدْ فِي وَاحِدْ بِكَامْ؟ قَالْ: بِرْغِيفْ» لأن الجائع لا يفكر إلا في الطعام ولا يلهج إلا به، وقد قالوا في معناه: «الجعان يحلم بسوق العيش.» وتقدَّم في الجيم.
  • «قَالُوا لِلْجَمَلْ: زَمَّرْ. قَالْ: لَا شَفَايِفْ مَلْمُومَهْ وَلَا صَوَابِعْ مِفَسَّرَهْ» الشفايف: الشفاه. والصوابع: الأصابع؛ أي: طلبوا من البَعِير أن يزمِّر؛ فاعتذر بغِلَظِ شفته وخُفِّه. ويُروى هذا المثل على عِدَّةِ وجوه؛ أحدها هذا، والثاني: «قالوا: يا جمل زمِّر. قال: لا أصابع ملمومة ولا حنك مفسَّر.» وهي رواية أهل الصعيد. ويرويه بعضهم: «لا صوابع مبرومة.» ويرويه آخرون: «قالوا للجمل: زمر. قال: لا شفايف ملايمه.» ولفظ ملا يستعملونها في معنى ناهيك، كما يقال: ملا راجلًا؛ أي: ناهيك به من رجل. ويرويه بعضهم: «قالوا للجمل: غني. قال: لا حس حَسَنِي ولا حنك مساوي.» ويريدون بالحسني الحسن وبالحس الصوت وبالحنك الفم. وهو مَثَلٌ قديمٌ في العامية، أورده الأبشيهي في «المستطرف» برواية: «قالوا للجمل: زمر. قال لا شفف ملمومة ولا أيادي مفرودة.»٨ يُضرَب لتكليف شخص بشيء لا يحسنه. وفي معناه: «قالوا للدبة: طرزي …» إلخ.
  • «قَالُوا لِلْجَمَلْ: غَنِّي. قَالْ: لَا حِس حَسَنِي وَلَا حَنَكْ مِسَاوِي» انظر: «قالوا للجمل: زمر …» إلخ.
  • «قَالُوا لِحَرَامِي الدِّقِيقْ: اِحْلِفْ. قَالْ: يَا مَرَه انْخُلِي» أي: قيل لسارق الدقيق: احلف بأنك لم تسرق فلم يجبهم، بل قال لزوجته: انخلي يا امرأة، فأفهمهم أنه معترفٌ بالسرقة، وأن لا داعي للحلف. يُضرَب للأمر تظهره شواهد منه فلا يُحْتَاج إلى عناء في كشفه. وانظر قولهم: «انخلي يا أم عامر.»
  • «قَالُوا لِلْحَرَامِي: ابْنَكْ بِيِسْرَقْ. قَالْ: مَا اشْتَرَاهْشْ مِ السُّوقْ» الحرامي: اللص؛ أي: قيل له: إن ابنك يسرق، فقال: لم يَشْتَرِهِ من السوق، بل هو مما ورثه، فهو في معنى: الولد صِنْوُ أبيه ومن يشابه أَباه فما ظلم.
  • «قَالُوا لِلْحَرَامِي: احْلِفْ. قَالْ: جَا الْفَرَجْ» الحرامي: اللص، وإذا كانت نجاته من التهمة متوقفة على تحليفه، فقد جاءه الفرج؛ لأن الحلف أهون الأشياء عليه. يُضرَب لمن يُكَلَّفُ بالأمر الهين في نجاته من الأمر العظيم (انظر قول المتنبي في العكبري ج٢ ص٤٠١، فلَعَلَّه يصح ذكره هنا:
    ويكون أكذب ما يكون ويُقْسِمُ

    وانظر في غرر الخصائص ص٥٨ بيتين لابن حجاج). وانظر في الحاء المهملة: «حلفوا القاتل …» إلخ. وتَظَرَّفَ ابن حجاج في قوله:

    وأَدْعُو إلى القَاضِي عَسَاهُم
    إِذَا وَقَعَ اليَمِينُ يُحَلِّفُونِي
    وأَضْيَعُ ما يكون الحقُّ عندي
    إذا عَزَمَ الغَرِيمُ على اليَمِينِ٩
  • «قَالُوا لِلدِّبَّهْ: طَرَّزِي. قَالِتْ: دِي خِفِّةْ أَيَادِي» أي: قالت ذلك تهكمًا؛ لأن يديها غليظتان. يُضرَب لتكليف شخص بأمر لا يحسن عمله ولا يليق له. وهو من الأمثال القديمة عند العامة، رواه الأبشيهي في «المستطرف» بلفظه.١٠ وفي معناه قولهم: «قالوا للجمل: زمر …» إلخ.
  • «قَالُوا لِلدِّيبْ: حَ يْسَرَّحُوكْ فِي الْغَنَمْ، قَامْ عَيَّطْ. قَالُوا: دَا شِيءْ تِحِبُّهْ؟ قَالْ: خَايِفْ يُكُونِ الْخَبَرْ كِدْبْ» عَيَّطَ: بكى، وقام: يستعملونها بمعنى الفاء، والحاء مختصرة من راح؛ والمراد بها سوف أو السين؛ أي: قالوا للذئب: سيطلقونك في الغنم، فبكى، فقالوا: هذا شيء تحبه. قال: نعم، ولكن أخشى أن يكون الخبر مكذوبًا.
  • «قَالُوا لِلدِّيكْ: صَيَّحْ. قَالْ: كُل شِيءْ فِي أَوَانُهْ مَلِيحْ» يُضرَب للشيء يُطْلَب عمله في غير أوانه.
  • «قَالُوا لِلصَّيَّادْ: اصْطَدْتْ إِيهْ؟ قَالْ: اِللِّي فِي الشَّبَكَهْ رَاحْ» أي: قيل: ما اصطدته يا صياد؟ فقال: لم أَصْطَدْ شيئًا، والذي كان في الشبكة ذهب أيضًا لسوء الحظ. يُضرَب لمن يظن أنه ربح ربحًا جديدًا، فإذا به قد أضاع ما كان عنده. وفي معناه قول أبي الحسن محمد بن أحمد الأصبهاني المعروف بابن طباطبا العلوي:
    لَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ
    صَوَابًا بَعْدَمَا أَنْصَتْ
    خَرَجْنَا لَمْ نَصِدْ شَيْئًا
    وَمَا كَانَ لَنَا أَفْلَتْ١١
  • «قَالُوا لِلْعَبْدْ: سِيدَكْ رَاحْ يِبِيعَكْ. قَالْ: يِعْرَفْ خَلَاصُهْ. قَالُوا: تِهْرَبْشْ؟ قَالْ: أَعْرَفْ خَلَاصِي» راح هنا بمعنى: السين أو سوف؛ أي: سيبيعك. وقولهم: يعرف خلاصه، يريدون: هو أعرف بشأنه؛ أي: قيل للعبد: إن سيدك سيبيعك. فقال لهم: هذا من شأنه، فقيل له: وهل عزمت على الهرب إذن؟ فقال: هذا من شأني. يُضرَب في أن كل إنسان أَعْرَفُ بشئونه؛ فَتَعَرُّض الناس لها فضول ودخول فيما لا يعنيهم.
  • «قَالُوا لْعَنْتَرْ: إِنْتَ تِضْرَبْ أَلْفْ؟ قَالْ: أَضْربْ أَلْفْ وِوَرَايَا أَلْفْ» أي: قالوا لعنترة: عهدناك تقابل ألفًا فتهزمهم وحدك لشجاعتك وشدة بطشك، فقال: نعم، إني أفعل ذلك وأنا معتز بألف ورائي ينجدونني إذا احتجت للنجدة، فبوجودهم أَصُول وأضرب لا بشجاعتي وحدها. يُضرَب في أن اعتزاز المرء بمن يحميه يُحْدِث له في نفوس أعدائه هيبةً يفعل بها الأعاجيب. وفي معناه من أمثال العرب: «ليس الدلو إلا بالرشاء.» والرشاء (بالكسر): الحبل. يُضرَب في تَقَوِّي الرجل بأقاربه وعشيرته.
  • «قَالُوا لِلْغُرَابْ: لِيهْ بِتِسْرَقِ الصَّابُونْ؟ قَالْ: الْأَذِيَّهْ طَبْعْ» أي: قيل للغراب: لأي شيء تسرق الصابون وأنت لا تستعمله في الغسل، ولا هو مما يُؤْكَلُ؟ فقال: ماذا أصنع وقد طُبِعْتُ على الأذى؟! يُضرَب للمطبوع على أذى الناس ولو لم يستفدْ شيئًا. وقد أورده الأبشيهي في «المستطرف» برواية: «قالوا للغراب: مالك تسرق الصابون؟ قال: الأذى طبعي.»١٢
  • «قَالُوا لِلْفَارْ: خُدْ لَكْ رَطْلِينْ سُكَّرْ وِوَصَّلِ الْجَوَابْ لِلْهِر. قَالْ: اِلْأُجْرَهْ طَيِّبَهْ وِلَكِنْ فِيهَا مْشِقَّهْ» لا يستعملون الهِرَّ إلا في الأمثال ونحوها. ومعنى المثل ظاهر. ويُضرَب في الأمر الصعب فيه التهلكة، ولكن ما يدفع عليه من الأجر كبير.
  • «قَالُوا لِلْقَاضِي: يَا سِيدْنَا، الْحِيطَهْ شَخَّ عَلِيهَا كَلْبْ. قَالْ: تِنْهِدِمْ سَبْعْ وِتِنْبِنِي سَبْعْ. قَالُوا: دِي اللِّي بِينَّا وْبِينَكْ. قَالْ: أَقَلَّ مِنَ الْمَاءِ يِطَهَّرْهَا» السِّيد (بكسر الأول وسكون الياء المخففة): السَّيِّدُ. والحِيطة (بالإمالة): الحائط. وشخ: بال. يُضرَب في أن أحكام أغلب الناس مبنية على الأغراض والمنفعة (في الضوء اللامع ج٢ ص٧٦١ نظم عبد الرحمن المنهلي لهذا المثل إلى أول ص٨٦٢). وانظر في المُثَنَّاةِ التحتية: «يفتي على الإبرة ويبلع المدره.» ففيه شيء من معناه.
  • «قَالُوا لِلْقِرْدَهْ: اتْبَرْقَعِي. قَالِتْ: دَا وِش وَاخِدْ عَ الْفِضِيحَهْ» أي: قالوا للقردة: تبرقعي واستري وجهكِ، فقالت: هذا وجه مُتَعَوِّدٌ على الفضيحة. ومعنى واخد: آلِفٌ ومُتَعَوِّد. يُضرَب للمستهتر بأمر الخالع لعذاره يُطْلَب منه التحشم.
  • «قَالُوا لِلْكَاتِبِ: اسْتِرَيَّحْ. قَامْ وِقِفْ» قام هنا في معنى الفاء؛ أي: قالوا للكاتب: استرح، فوقف على قدميه؛ وذلك لأن الكاتب كثير القعود فراحته في وقوفه. يُضْرَب في أن الراحة حسب أحوال الشخص؛ فما يريح زيدًا قد يُتْعِبُ بكرًا.
  • «قَالُوا لِلْمُخُوزَقِ: اسْتِحِي. قَالْ: اِللِّي رَاجِعِ الدِّنْيَا يِبْكِي عَلِيهَا» المُخُوزَق: الذي وُضِعَ على الخازوق، وهو خشبة تدخل في أسفل الرجل فتمزق أحشاءه وتقتله. وانظر في معناه قولهم: «قالوا للمشنوق: غطي رجليك. قال: إن رجعت عاتبوني.»
  • «قَالُوا لِلْمَشْنُوقْ: غَطِّي رِجْلِيكْ. قَالْ: إِنْ رِجِعْتْ عَاتْبُونِي» أي: قالوا لمن عزموا على قتله شنقًا أي تعليقًا في حبل: وَيْكَ اسْتَحِ وَغَطِّ قدميك، فقال لهم: إن رجعتُ إلى الدنيا عاتبوني إذن. يُضرَب في أن اليأس يحمل على ما لا يَحْسُن. وفي معناه قولهم: «قالوا للمخزوق: استحي …» إلخ.
  • «قَالُوا: مَا لِكْ بِتِجْرِي وِتْهَرْوِلِي؟ قَالِتْ: بِنْتُ اخْتِي عَامْلَهْ فَرَحْ» يُضرَب للساعي المتعب نفسه.
  • «قَالُوا: يَا جُحَا، إِمْتَى تْقُومِ الْقِيَامَهْ؟ قَالْ: لَمَّا أَمُوتْ أَنَا» جحا: مضحك معروف له نوادر، قيل له: متى تقوم القيامة؟ فقال: إذا مِتُّ أنا. يُضرَب لمن لا يُعْنَى بغيره.
  • «قَالُوا: يَا جُحَا، إِيهْ أَحْسَنْ أَيَّامَكْ؟ قَالْ: لَمَّا كُنْتْ أَعَبِّي التُّرَابْ فِي الطَّاقِيَّهْ» جحا: مضحك معروف. والطاقية: قَلَنْسُوَة خفيفة من البَزِّ. والمراد: أحسن أيامي يوم كنت صَبِيًّا أحمل التراب في قلنسوتي، وألهو وألعب ولا أُلَامُ. يُضرَب في مدح الصِّبَا.
  • «قَالُوا: يَا جُحَا، عِد غَنَمَكْ. قَالْ: وَاحْدَهْ نَايْمَه وْوَاحْدَهْ قَايْمَهْ» يُضرَب للشيء القليل الذي لا يحتاج لعد.
  • «قَالُوا: يَا جُحَا، عِد مُوجِ الْبَحْرْ. قَالِ: الْجَيَّاتْ أَكْتَرْ مِنِ الرَّايْحَاتْ» يُضرَب للأمر الكثير ينتظر منه أكثر مما مضى، ولا سبيل إلى إحصائه.
  • «قَالُوا: يَا جُحَا فِينْ بَلَدَكْ؟ قَالِ: اللِّي امْرَاتِي فِيهَا» يُضرَب في أن اختيار المكان تابع للميل للسُّكَّان.
  • «قَالُوا: يَا جُحَا، فِينْ مِرَاتَكْ؟ قَالْ: بِتِطْحَنْ بِالكِرَا. وِطْحِينَكْ؟ قَالْ: كَرِيتْ عَلِيهْ. قَالُوا: كُنْتْ خَلِّي مْرَاتَكْ تِطْحَنُهْ» جُحا: مضحك معروف. وفين (بالإمالة) أصلها: في أين؟ والمراد: أين؟ يُضرَب للمُتَخَبِّط في أموره.
  • «قَالُوا: يَا جُحَا، كَلْبَكْ بِالسُّخُونَهْ. قَالْ: أَهُو فَاضِي لْهَا» جحا: مضحك معروف. والسخونة: يريدون بها الحُمَّى؛ أي: قيل له: كلبك محموم، فقال: دعوه فإنه متفرِّغ لها. يُضرَب لمن يُشْغَل بمكروه أو عمل شاقٍّ هو جدير به ومستحقٌّ له.
  • «قَالُوا: يَا جُحَا، مِرَاةَ ابُوكْ تِحِبَّكْ؟ قَالْ: هِيَّ اجَّنِّنِتْ؟!» جُحا: مضحك معروف له نوادر. قيل له: إن امرأة أبيك تحبك، فقال: أَجُنَّتْ هي؟! يُضرَب في بُغْضِ الزوجات لأولاد أزواجهنَّ.
  • «قَالُوا: يَا جِنْدِي عَزِّلْ. رَمَى الْقَاوُوقْ مِنِ الطَّاقَهْ» ويُروَى: «قال: القاووق في الطاقة.» ومعنى الجندي: التركي؛ لأن جند مصر كانوا من الترك. والقاووق: قلنسوة تركية كانوا يلبسونها. والمراد: أنهم لما طلبوا منه أن ينتقل من الدار اكتفى برمي القاووق منها، أو قال لهم: قاووقي بالطاقة؛ كناية عن عدم وجود شيء عنده غيره ينقله. يُضرَب في الخفيف الأثقال الذي لا يملك منها إلا القليل.
  • «قَالُوا: يَا حَمَا مَا كُنْتِيشْ كَنَّهْ؟ قَالِتْ: كُنْتْ وِنْسِيتْ» أي: قيل للحماة: ألم تكوني كنة يومًا ما؟ فقالت: كنت كذلك ولكني نسيت الآن. يُضرَب لمن ينسى ما كان فيه إذا انتقل من حال إلى حال فيصنع بغيره ما كان يُصْنَعُ معه من الشِّدَّة ونحوها.

    (انظر في السيرافي على سيبويه ج١ ص٤٢٤ بالكلب خيرًا والحماة شرًّا في رجز).

  • «قَالُوا: يَا قِرْدْ رَاحْ يِسْخَطُوكْ. قَالْ: رَاحْ يِعْمِلُونِي غَزَالْ» راح يستعملونها مكان السين وسوف. والسَّخْطُ عندهم: المسخ. يُضْرَب للقبيح ليس بعد قبحه قبح، كالقرد إن أرادوا تغيير خَلْقِه فلا سبيل إلا إلى قلبه لما هو أحسن؛ لأنه لا أشنع منه (اذكر الآية الكريمة المتضمنة مسخ قوم قردة وخنازير، وانظر التفاسير).
  • «قَالُوا: يَا كْنِيسَهْ اسْلَمِي. قَالِتِ: اللِّي فِي الْقَلْبْ فِي الْقَلْبْ» انظر: «اِللِّي في القلب في القلب يا كنيسه» في الألف.
  • «قَالُوا: يَا اللِّي أَبُوكْ مَاتْ مِ الْجُوعْ. قَالْ: هُوَّ شَافْ شِيءْ وَلَا كَلْشْ؟» أرادوا ازدراءه فقالوا له: يا من أبوه مات من الجوع لفقره، فأخرج هو الكلام مخرجًا آخر وقال: أكان وجد شيئًا ولم يأكله؟ والمراد: أنتم أولى بهذه المَعَرَّة؛ لأنكم تركتموه جوعًا ولم تعطفكم الشفقة عليه، ثم لم يكفكم ذلك حتى عيرتموه وعيرتموني بما أنتم أولى فيه بالمَعَرَّة.
  • «قَالُوا: يَا مَا الْبَطِّيخْ كَسَّرْ جِمَالْ. قَالْ: وِيَا مَا الْجِمَالْ كَسَّرِتْ بَطِّيخْ» يا ما: يريدون بها: كثيرًا ما؛ أي: إذا كان البطيخ كسر جمالًا وأضناها في حملها له، فقد كسرت الجمال أيضًا كثيرًا منه. يُضرَب في المكافأة من جنس العمل (انظر نظمه في مجموعة أزجال النجار ص٢٢).
  • «قَالُوا: يَا مَرَهْ اِنْتِ سْمِينَه وْعُورَهْ. قَالِت: قِيمْ دَهْ جَنْبْ دَهْ» أي: السمن تقوم فضيلته جنب نقيصة العور فتتوازن الكفتان. يُضرَب للفضيلة والنقيصة يجتمعان في شخص فيُقْبَل لفضيلته. وانظر: «أقرع ودقنه طويله.»
  • «قَامِتْ بِخِفَّهْ هَدِّتِ الْبَوَّابَهْ وِالصُّفَّهْ» البوابة: الباب الكبير؛ أي: إذا كانت في قيامها بخفة فعلت ذلك، فكيف إذا قامت بثقلها؟! يُضرَب للثقيل الجسم والروح.
  • «اِلْقَبَّانِي بْآخْرُهْ» يُضرَب في الشيء يرجح في آخر أمره كالقباني لا يُعْرَف أقل ما يزنه إلا بعد تحرير آخر الميزان، وذلك في الميزان ذي الكفة الواحدة؛ أي: العبرة بخواتم الأمور لا بمقدماتها. وانظر: «التقل ورا يا قباني» في المُثَنَّاة الفوقية.
  • «اِلْقَبَّانِي شِرِيكِ الْمِحْتِسِبْ» لأنه يُغْضِي عنه في مقابلة إشراكه في ربحه. يُضرَب في الرقيب يشارك من يراقبه في الاختلاس. وانظر في الخاء المعجمة: «الخباز شريك المحتسب.»
  • «اِلْقَب عَلَى قَدِّ الْعَاتِقْ» أي: قَبُّ القميص على قدر عاتق لابسه. يُضرَب في الشيء يُعْمَل فلا ينقص ولا تزيد منه فضلة.
  • «قِبْطِي بَلَا مَكْرْ سَجَرَهْ بَلَا طَرْحْ» أي: شجرة بلا ثمر. وبعضهم يرويه: «سجره بلا تمر»؛ وذلك لأنهم يتهمون الأقباط بالمكر والدهاء ولا يَرَوْنَ لهم فضيلة في غير ذلك، فإذا خلا من المكر فهو في نظرهم كشجرة غير مثمرة. وبعضهم يروي: «صرمه بلا نعل»، والصرمه: النعل البالية، ويريدون بالنعل ما يكون منها تحت القدم.
  • «قَبْلْ مَا اقُولْ يَا أَهْلِي يُكُونُوا جِيرَانِي غَاتُونِي» أي: إن جيراني يغيثونني قبل أن أستصرخ بأهلي، وذلك لقربهم مني.
  • «قَبْلْ مَا تِتْعَلِّمِ الْعُومْ تِغَاطِسْ؟!» أي: كيف تسابق غيرك وتناظره في الغوص وأنت لم تتعلم السباحة بعد، فهو في معنى «تزبَّبَ قبل أن يتحصرم.»
  • «قَبْلْ مَا تْحَارِبْ دَارِجْ وِمَا تْقُلْشْ قَبِيحْ، وِامْشِي تَحْتِ الْجَرْفْ زَيِّ الْقَارِبْ لَمَّا يْطِيبِ الرِّيحْ» لما هنا يريدون بها: حتى، ويريدون بدارج: أَدْرِجْ ودَارِ؛ أي: قبل أن تقاتلَ دَارِ عدوك ولا تُظْهِرْ له عداوة ولا تَقُلْ فيه قبيحًا حتى تثق بمساعدة الزمان لك، وكن في ذلك كالقارب يسير جنب الجرف ولا يخوض غمار التيار حتى تطيب له الريح، فهو في معنى قول المتنبي:
    الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ
    هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ الْمَحَلُّ الثَّانِي
  • «قَبْلْ مَا تِحْبَلْ حَضَّرِتِ الْكَمُّونْ، وِقَبْلْ مَا تِوْلِدْ سَمَّتُهْ مَأْمُونْ» ويروي بعضهم فيه: «منصور» بدل مأمون، وهو عيب في السجع؛ أي: قبل أن تحمل جهزت الكمون وما يلزم للحامل، وقبل أن تلد سمته بكذا. يُضرَب للشيء يُعْمَلُ قبل أوانه. وفي معناه: «قبل ما خطب …» إلخ. و«قبل ما يشتري البقرة بنى المدود.»
  • «قَبْلْ مَا تِعْمِلِ الشِّيءْ اِدْرِي عُقْبُهْ» ويُروَى: «اقرا» بدل ادري؛ أي: قبل أن تُقْدِمَ على أَمْرٍ اقرأ عواقبه.
  • «قَبْلْ مَا تْفَصَّلْ قِيسْ وِقَبْل مَا تِلْبِسْ رِيسْ» أي: قس ثيابك قبل أن تفصلها، وإذا تهيأت فقبل أن تلبسها كن رئيسًا في نفسك أهلًا لأن تظهر بها بين الناس. يُضرَب في الحث على قياس الأمور قبل الإقدام عليها وعلى التأهيل لها قبل القيام بها. وبعضهم يروي: «وقبل ما تقيس ريس.» ومعناه: كن رئيسًا أستاذًا في صناعتك. ومن أمثال المُوَلَّدين التي في مجمع الأمثال للميداني: «قدر ثم اقطع.»
  • «قَبْلْ مَا خَطَبْ عَبَّى الْحَطَبْ، وِقَالْ: أَبْنِي الْكَوَانِينْ فِينْ؟» أي: قبل أن يخطب أخذ في جمع الحطب لإيقاده في طعام العرس، وقال: أين أبني المواقد التي يُطْبَخ عليها. يُضرَب للشيء يُعْمَل قبل أوانه. وبعضهم يروي: «وقاول الزلباني» بدل «وقال: أبني الكوانين فين؟» ومعناه: أخذ يشارط الزلباني على عمل الزلابية في العرس، وهو طعام معروف. وفي معناه: «قبل ما تحبل حضرت الكمون …» إلخ. و«قبل ما يشتري البقرة …» إلخ.
  • «قَبْلْ مَا شَافُوهْ قَالُوا: حِلْوِ الْقَوَامْ زَيَّ ابُوهْ» انظر: «قبل ما يشوفوه …» إلخ.
  • «قَبْلْ مَا وِلْدُوه قَالُوا: عَرِيضِ الْقَفَا زَيَّ ابُوهْ» انظر: «قبل ما يشوفوه …» إلخ.
  • «قَبْلْ مَا يِبْلِي يْدَبَّرْ» يُضرَب في المصيبة يَحُفُّها الله — تعالى — بلطفه، ومعناه ظاهر.
  • «قَبْلْ مَا يِبْنِي الْجَامِعْ اِتْرَصِّتِ الْعِمْيَانْ» اترصت؛ أي: اصْطَفَّتْ. والمراد: قبل أن يبني المسجد اجتمعت العميان واصطفت لطلب الصدقة من المصلين. يُضرَب للمتكالبين على أمر يتهيئون له قبل أن يتهيأ.
  • «قَبْلْ مَا يِشتِرِي الْبَقَرَةْ بَنَى الْمَدْوِدْ» المَدْوِد (بفتح فسكون فكسر): المِذْوَدُ كمِنْبَر، وهو معلف الدابة. يُضرَب للشيء يُعْمَلُ قبل أوانه، ويُتَسَّرع فيه قبل الثقة مما عُمِلَ لأجله. ويرويه بعضهم: «حضروا المداود قبل حضور البقر.» وقد تقدم في الحاء المهملة.
  • «قَبْلْ مَا يْشُوفُوهْ قَالُوا: كْوَيِّسْ زَيَّ ابُوهْ» أي: قبل ما يرونه قالوا: مليح مثل أبيه. يُضرَب للحُكْم على الشيء قبل رؤيته. ويرويه بعضهم: «قبل ما شافوه قالوا: حلو القوام زَيَّ ابوه.» ويرويه آخرون: «قبل ما ولدوه قالوا: عريض القفا زَيَّ ابوه.»
  • «قَبْلْ مَا يِقْطَعْ هِنَا يِوْصِلْ هِنَا» أي: قبل أن يقطع الله — تعالى — رزق عبد من عبيده من جهة يصله من جهة أخرى، فهو في معنى قول الشاعر:
    لَمْ يَخْلُقِ اللهُ مَخْلُوقًا يُضَيِّعُهُ
  • «قَحْطَانَهْ عَمَلِتْ وَحْمَانَهْ» القحطانة: النهمة التي تُقْبِلُ على كل شيء، وأصله من القحط؛ لأن من يصابون به لا يردُّون أي طعام يجدونه. ومن عادة الوحمى أن تشتهي صنوفًا من الطعام، فتوسلت هذه النهمة إلى بغيتها بأن جعلت نفسها وَحْمَى حتى تسعف بما تشتهي. يُضرَب للشَّرِه والمتوسل ببعض الأسباب لنوال بغيته. وانظر: «الدنية تتمنى وحمتها.» ومن أمثال العرب: «وحمى ولا حَبَل.» يُضرَب للشره والحريص على الطعام وللذي يطلب ما لا حاجة إليه.
  • «قَدِّ الزِّبْلْه وِيْقَاوِحِ التَّيَّارْ» انظر: «زبله ويقاوي التيار» و«بعره ويقاوح التيار.»
  • «اِلْقَد قَدِّ الْفُولَهْ، وِالْحِس حِسِّ الْغُولَهْ» يُضْرَب للضئيل الحجم العالي الصوت الكثير الجَلَبَة. وانظر في معناه: «الحس عالي والفراش خالي» في الحاء المهملة.
  • «اِلْقَد قَدِّ الْقَد، وِالسَّمَا عَالِي مَا يْطُلُوشْ حَد» قَد؛ أي: قدر، وحَد؛ أي: أحد. والمعنى: إذا كانا متشابهين في القامة والهيئة، فليسا بمتساويين في عُلُوِّ القدر، وأين الثريا من يد المتناول؟ يُضْرَب للوضيع يساوي نفسه بالرفيع.
  • «قَدِّ النَّمْلَه وْتِعْمِلْ عَمْلَهْ» أي: تكون قدر النملة في الصِّغَرِ أو القوة، ثم تَجَرَّأ على إحداث حادثة. يُضرَب للضعيف يتسبب في حدوث حادث عظيم.
  • «اِلْقَدِيمَهْ تِحْلَى وِلَوْ كَانِتْ وَحْلَهْ» أي: الزوجة القديمة مهما يهجرها زوجها أو يطلقها، فإنها تحلو في عينه بعد ذلك، ولو تكون في قبحها كالوحل، فهو في معنى قول أبي تمام أو قريب منه:
    نَقِّلْ فُؤَادَكَ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الْهَوَى
    مَا الْحُبُّ إِلَّا لِلْحَبِيبِ الْأَوَّلِ
    كَمْ مَنْزِلٍ فِي الْأَرْضِ يَأْلَفْهُ الْفَتَى
    وَحَنِينُهُ أَبَدًا لِأَوَّلِ مَنْزِلِ
  • «قَرَّبُوا تِبْقُوا بَصَلْ، بَعِّدُوا تِبْقُوا عَسَلْ» أي: إذا أكثرتم من القرب من الناس مَلُّوكُم، وأَبْغَضُوكم كما يُبْغِضُون رائحة البصل، وإذا تباعَدْتُمْ عنهم كنتم عندهم كالعسل في محبتهم له، فهو في معنى: «زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا.» وقولهم: تبقوا؛ أي: تَصِيرُونَ وتَكُونُونَ.
  • «اِلْقِردْ فِي عِينُ امُّهْ غَزَالْ» يُضرَب في منزلة الأبناء عند الآباء. وفي معناه قولهم: «الخنفسة عندُ امَّها عروسة.» وقولهم: «خنفسة شافت بنتها …» إلخ. وقد تقدما في الخاء المعجمة فراجعهما. وفي الأمثال العربية: «زُيِّنَ في عين والد ولده.»
  • «قِرْدِ مْوَافِقْ وَلَا غَزَالْ شَارِدْ» لأن الموافق أنفع من الشارد فيفضل عليه.
  • «قِرْدْ حَارِسْ وِبَيَّاعْ مَكَانِسْ» يُقَال هذا لمن يشغل نفسه بعدة أمور لا يحسن واحدًا منها.
  • «قِرْدِ يْبِيعْ أُمِّ الْخُلُولْ، غَارِتِ الْبُضَاعَهْ مِنْ وِشِّ التَّاجِرْ» معناه الظاهر.
  • «اِلْقِرْشِ الْأَبْيَضْ يِنْفَعْ فِي النَّهَارِ الْأَسْوَدْ» انظر: «الجديد الأبيض …» إلخ في الجيم.
  • «اِلْقِرْشْ يِلَعَّبِ الْقِرْدْ» يُضْرَب في نفع النقود وأنها تُعِينُ على كل شيء. والمراد بالقرد هنا: المُعَوَّد على اللعب الذي يكون مع القَرَّاد.
  • «قَرْعَهْ بِمِشْطِينْ، وِعُورَهْ بِمُكْحُلْتِينْ» القرعة: يريدون القَرْعَاء؛ أي: التي ذهب القرع بشعرها. والعورة: العوراء. يُضرَب لمن يتخذ من الأداوي ما لا ينفعه وفوق ما يلزمه تفاخرًا مع عدم تنبهه لما في نفسه من النقص.
  • «اِلْقَرْعَهْ تِتْبَاهَى بْشَعْرْ بِنْتُ اخْتَهَا» أي: القرعاء التي ذهب القرع بشعرها تتباهى وتفتخر بشعر بنت أختها. والمراد: إحدى قريباتها. يُضرَب للمُتَفَاخِر بمفاخر غيره إذا عَرِيَ عنها، وهو من أمثال النساء التي أوردها الأبشيهي في «المستطرف» ولكن برواية: «تباهت الرعنة بشعر بنت أختها.»١٣ ورواية: «القرعة» ألصق بالمعنى.
  • «قَرْقَرْ جُرْنَكْ وَلَا تْقَرْقَرْ مَخْزَنَكْ» قَرْقرْه؛ أي: لا تُبْقِ في قراره شيئًا. والجرن: البَيْدَرُ. والمراد: افعل ذلك في بيدرك؛ لأن ما تبقيه فيه يأخذه الناس، ولكن لا تفعل ذلك في مخزنك، بل أَبْقِ به بقية؛ لأنها محفوظة وربما تحتاج إليها. ثم هم يعتقدون أن إخلاء المخزن من الحبوب شؤم، وكذلك الكيس لا ينفقون ما فيه جميعه بل لا بد من إبقاء شيء فيه، ولو فلس، على اعتقاد أنه يجيب غيره.
  • «قَسَمُوا الْقَسَايِمْ خَدْتَ انَا كُومِي. قَالُوا: مَسْكِينَهْ. قُلْتْ: مِنْ يُومِي» أي: لما قُسِّمَتِ الحظوظ أخذتُ أنا حظي مع من أخذ، فقال الناس: إنها مسكينة سيئة الحظ، فقلت: هذا من القِدَم؛ أي: من يوم ولادتي. يُضرَب للسيئ الحظ مدة حياته كلها. وفي معناه قولهم: «من يوم أن ولدوني في الهم حطوني.»
  • «قَشِّشْ عَلَى مَيِّتَكْ تِسْخَنْ» المية (بتفخيم الياء): الماء. ومعنى قشش: اجمع لها القش؛ أي: حطام العيدان للوقود. والمراد: اعْتَنِ بأمورك وعالجها ولو بالقليل تَسْتَقِمْ.
  • «اِلْقَشَلْ خُزَامِ الْعَنْتِيلْ» القشل: الإفلاس. والخزام (بالضم): ما تجعل في جانب منخر البعير من خيط أو إبرة لإذلاله وإخضاعه. والعرب تقول: الخِزَامة (بكسر الأول). والعنتيل: العَاتِي؛ أي: لا يزلُّ المستكبر العاتي الجبار مثل الإفلاس. وقالوا في معناه: «الفقر خزام العتريس.»
  • «قُصْر دِيلْ يَا ازْعَرْ» الأزعر: يريدون به الذي ليس له ذَنَبٌ. والمراد: إحجامك عن هذا الأمر ما هو إلا لقِصَرِ يدك وعجزك عنه. وانظر: «موش حايشك عن الرقص إلا قُصْر الأكمام» في الميم.
  • «قُصْرِ الْكَلَامْ مَنْفَعَهْ» معناه ظاهر. وقالوا أيضًا: «كتر القول دليل على قلة العقل.» و«كتر الكلام خيبة.» وسيأتيان في الكاف، وانظر: «عيب الكلام تطويله» في العين المهملة.
  • «قُصِّ حْمَارَكْ يِكْبَرْ، وِقُص جَمَلَكْ يِصْغَرْ» لأن الحمار يَحْسُنُ مَنْظَرُهُ بالقَصِّ فيملأ العيون. والجمل إذا زال وَبَرُهُ قبح منظره وظهر للعيون ضئيلًا. يُضرَب في أن لكل شيء ما يليق به، فما يحسن عمله في البعض قد لا يَحْسُن في غيره.
  • «قَصْقَصْ رِيشْ طِيرَكْ دَنُّهْ حَوْلَكْ، طَوِّلُه يْرُوحْ لِغِيرَكْ» دَنُّهْ (بفتح أوله وتشديد النون)، ويقولون فيه: تَن أيضًا، بمعنى: يَبْقَى؛ أي: قُصَّ ريش طائرك يَبْقَ حولك، وإن تركته ينبت ويطول فإنه يطير لغيرك. يُضرَب في الاحتياط وعدم التفريط للخدم ونحوهم.
  • «قَضِّيتِ الْعُمْرْ فِي قَهْرْ هُوَّ الْعُمْرْ كَامْ شَهْرْ» القهر: يريدون به الهَمَّ والغَمَّ؛ أي: إذا كنتُ قَضَيْتُ عمري في هموم وأحزان فأي معنى للحياة مع هذه الحالة؟ وإلامَ أنتظر تَبَدُّلَ الأحوال وعمري ينقضي سريعًا كأن سنيه شهور؟ يُضرَب في هذه الحالة واليأس من تبدلها.
  • «قُط خُلْصْ وَلَا جَمَلْ شِرْكْ» يُضرَب في مدح القليل الخالص وتفضيله على الكثير المُشْتَرَك فيه. ويُروَى: «كلب خلص» بدل قط. وانظر قولهم: «حمار ملك ولا كحيلة شرك.»
  • «اِلْقُط مَا يْحِبِّشْ إِلَّا خَنَّاقُهْ» انظر: «القط يحب خناقه.»
  • «قُطُعِ الطِّشْتِ الدَّهَبْ اِللِّي أَطْرُشْ فِيهِ الدَّم» الطَّشْت (مفتوح الأول) وورد بالسين والشين، والعامة تكسر أوله وتقتصر على المعجمة: وعاء معروف. والطراش: القيء، ويريدون بقولهم: «قطع» الدعاء بالقطع، أي العدم؛ أي: لا كان هذا الطشت المصوغ من الذهب إذا أُعِدَّ لأَقِيءَ فيه الدم، وما فائدة إكرامي به وهو من معدات هلاكي؟!
  • «قَطْعِ الْوَرَايِدْ وَلَا قَطْعِ الْعَوَايِدْ» الورايد: يريدون جمع وريد، وهو مما لا يستعملونه إلا في الأمثال. والمراد: موت الإنسان خير من قطع ما تعوده من البر للناس. وأنشد ابن الفرات في تاريخه للشيخ أحمد الدنيسري الشهير بابن العطار المُتَوَفَّى سنة ٧٩٤:
    هَجَرْتنِي بَعْدَ وَصْلٍ
    فَمَدْمَعُ الصَّبِّ صَبُّ
    وَلَسْتُ أَشْكُو وَلَكِنْ
    قَطْعُ الْعَوَائِدِ صَعْبُ١٤
  • «قُطْعِتِ الْعِيرَهْ لَو كَانِتْ لُامِّي تِقَلَّعْهَا لِي مَا تِخْتِشِي مِنِّي» قطعت: دعاء عليها بالقطع. والعيرة (بكسر الأول): العارية؛ أي: لا كانت العارية فإنها لو كانت لأمي وأعارتها لي لاستردَّتْهَا ولم تستحِ مني.
  • «قَطَعُوا إِيدُهُ صَحِّتْ لِلطَّنْبُورَهْ» أي: قطعوا يده لإتلافها فإذا بها صلحت للضرب بها على الطنبور. ويرويه بعضهم: «قطعوا إيد العبد قال: صحت للطنبور»؛ وذلك لأن العبيد السودان يضربون الطنبور (انظر قول المتنبي ج٢ ص٨٠):
    وَرُبَّمَا صَحَّتِ الْأَجْسَامُ بِالْعِلَلِ
  • «اِلْقُط مَا يِهْرَبْ مِنْ عِرْسَهْ» العرسة (بكسر فسكون) يريدون بها ابن عِرْس. يُضرَب في أن القويَّ لا يفر من الضعيف.
  • «اِلْقُطِّ يْحِب خَنَّاقُهْ» يُضرَب للئيم يحب من يسيئه ويؤذيه. وبعضهم يرويه: «القط ما يحبش إلا خناقه.» ومن أمثال العرب: «أحب أهل الكلب إليه خانقه.» يُضرَب للئيم؛ أي: إذا أَذْلَلْتَهُ يُكْرِمك وإن أكرمته تَمَرَّدَ. ومن أمثالها أيضًا: «حبيب إلى عبد من كَذَّهُ.» يعني أن من أهانه وأتعبه فهو أحب إليه من غيره؛ لأن سجاياه مجبولة على احتمال الذُّلِّ.
  • «قَطْعُهْ وَلَا نَحْتُهْ» المراد: الكلام؛ أي: قطعه وإنهاء الملاحاة خير من تطويله بأعذار لا تُقْبَل ولا تفيد.
  • «اِلْقُطَّهْ مَا تِهْرَبْشْ مِنْ بِيتِ الْفَرَحْ» أي: الهرة لا تهرب من دار العرس ولا تفارقها مهما تُضْرَب وتُطْرَد، وذلك لما تصيبه من الأطعمة. يُضرَب لمن يحمله الطمع على لزوم مكان فيه غُنْم غير مبال بالطَّرْدِ والإهانة.
  • «قُطُّهُمْ جَمَلْ وِبَرَاغِيتْهُمْ رِجَّالَهْ» يُضْرَب لمن يبالغ في الأشياء ويُكَبِّر الصغير، فيجعل الهِرَّ جملًا والبراغيث رجالًا.
  • «قُعَادِ الْخَزَانَهْ وَلَا الْجَوَازَهْ النَّدَامَهْ» الخزانة (بفتح الأول): يعنون بها الحجرة الصغيرة في أكواخ الريف. والندامة مصدر وُصِفَ به، والجوازة: الزواجة؛ أي: لَأَنْ تَبْقَى البنت قاعدة في حجرتها خير لها من التزوج زواجًا تندم منه. يُضرَب في تفضيل أَخَفِّ الضررين. وفي معناه قولهم: «العزوبية ولا الجوازة العرة.»
  • «قَعْدِتِي بِينِ اعْتَابِي وَلَا قَعْدِتِي بِينَ احْبَابِي» ويُروَى: «على» بدل «بين» الأولى، و«عند» بدل الثانية. والمراد تفضيل قعود المرء في داره؛ أي: لَأَنْ تكون لي دار أجلس على أعتابها خير لي من الجلوس بين الناس ولو كانوا من أحبابي وأصحابي؛ فهو أقرب للسلامة، وأدعى للراحة، وأحفظ للكرامة، وأصون لماء الوجه.
  • «اِلْقَعْدَه تْحِب، وِالْعَلْقَه تْدِب» تحب هنا مرادهم به تُحَبُّ بالبناء للمجهول. والعلقة: النَّوْبَةُ من الضرب للعقاب. والمعنى: القعود محبوب لما فيه من الراحة، ولكن العقاب على الإهمال شديد يَسْتَفِزُّنَا إلى الدَّبِّ؛ أي: الحركة للعمل. يُضْرَب في ذَمِّ الكسل والتيقظ لما يترتب عليه.
  • «قَعْدَهْ عَلَى قَعْدَهْ رَاحِ النَّهَارْ يَا سِعْدَهْ» سعدة: اسم امرأة، ولا يريدون به شخصًا معينًا. يُضرَب في سرعة مُضِيِّ الوقت. وبعضهم يزيد فيه: «واتشمتت العدا.» أي: الأعداء.
  • «اِلْقَفَصِ الْمِزَوَّقْ مَا يِطْعِمِ الطِّيرْ» معناه ظاهر؛ لأن زخرفة القفص لا تقوم مقام طعام الطائر. يُضرَب في أن حسن المَسْكَن لا يُغْنِي عن الطعام.
  • «قُفْطَانُه وْجِبِّتُهْ تِغْنِي عَنْ خُضَارُه وِلَحْمِتُهْ» القفطان: ملبوس معروف يُلْبَسُ تحت الجبة. والخضار: الخضر التي تُطْبَخ. تقوله الزوجة إذا كان زوجها حَسَنَ البَزَّة قليل البِرِّ للمدافعة عنه.
  • «اِلْقُفَّه اللِّي لَهَا وِدْنِينْ يِشِيلُوهَا اتْنِينْ» الودن (بكسر فسكون): الأذن. يُضرَب للأمر المُتْقَن الذي فيه ما يعين على القيام به.
  • «قِل مِ الْأَرْضْ وِاخْدِمْ» معناه ظاهر؛ لأن كِبَرِ المزرعة لا يُفِيدُ مع عدم العناية بها.
  • «قِل مِ النَّدْرْ وِاوْفِي» أي: إذا نَذَرْتَ فَانْذِرْ قليلًا مع الوفاء به، فذلك خير من أن تَعِدَ بالكثير وتعجز عنه.
  • «قَلْبِ الْمُؤْمِنْ دَلِيلُهْ» يُضْرَب عند صِدْقِ الحَدْس في شيء.
  • «اِلْقَلبِ يْحِن» أي: قد تعاوده الشفقة والحنان على الولد. يُضْرَب للولد يسيء إلى والديه فينبذانه، ثم تعاودهما الشفقة عليه والحنين إليه أحيانًا، لما هو مُودَعٌ في قلوب الآباء للأبناء، ويرادفه من أمثال العرب: «لا يَعْدَم الحُوارَ من أمه حَنَّة.» والحوار (بضم أوله وكسره): ولد الناقة.
  • «قَلْبِي عَلَى وِلْدِي انْفَطَرْ وِقَلْبْ وِلْدِي عَلَيَّ حَجَرْ» يُضْرَب في شفقة الآباء (المحتسب ج٢ أوائل ٢٤ ولد، ويُحَقَّق من غيره).
  • «قُلْتِ لْبَخْتِي: أَنَا رَايْحَه اتْفَسَّحْ. قَالْ: وَانَا مَا نِيشْ مِكَسَّحْ» البخت: الحظ. والمراد هنا السيئ. وأتفسح: أَتَنَزَّهُ. والمكسح (بكسر الميم والصواب ضمها): المُقْعَد. يُضرَب في أن سيِّئ الحظ يتبعه حظه أينما سار؛ أي: قلت لحظي السيئ: دعني قليلًا فلست أحاول في ذهابي اغتنام مغنم حتى تتبعني لتحول بيني وبينه، وإنما قصدي التنزه وإراحة البال. فقال: لا تظني أني مقعد لا أتكلف الذهاب إلا في المهمات، بل أنا نشيط ليس بي عاهة تمنعني من اتباعك كل حين. وبعضهم يزيد فيه: «قلت: رايحه للجيران. قال: وأنا مانيش تعبان. قلت: رايحه لأهلي، قال: وأنا أمشي واحدة واحدة على مهلي» يريدون ﺑ «واحدة واحدة»: خطوة بعد خطوة؛ كناية عن المشي على مَهَل. وفي معناه قولهم: «البخت يتبع أصحابه.» وقولهم: «بختها معها معها …» إلخ. فليراجعا.
  • «قِلِّتْهُمْ تِحْوِجْ» أي: النقود إذا قَلَّتْ من يد شخص احتاج لغيره. وقد أضمروا النقود وإن لم يَجْرِ لها ذكر. وبعضهم يروي فيه: «تفضح» بدل تحوج.
  • «قِلَّه وْعَامِلْ قَنَاطَهْ» القلة: يريدون بها صغر الحجم. والقناطة: التكبر والتَّجَهُّم للناس؛ أي: يكون صغيرًا وحقيرًا ويتظاهر بذلك، وبعضهم يرويه: «زَيِّ ولاد الغار قلة وقناطه.» وتقدم في الزاي.
  • «قُلُوبْ عَلِيهَا دْرُوبْ وِقْلُوبْ مِنِ الْهَمِّ تْدُوبْ» أي: القلوب ليست متساوية؛ فمنها ما عليه أبواب مغلقة لا تنفذ إليها الهموم، ومنها ما تذوب لأقل هَمٍّ. والدرب لا يستعملونه بمعنى الباب إلا هنا. وقالوا أيضًا: «القلوب موش زَيِّ بعضها.»
  • «اِلْقُلُوبْ مَا تِسَّخَّرْشْ» أي: القلوب لا تُسَخَّر للبُغْضِ أو الحُبِّ، بل هما بحسب الميل. وفي معناه: «حبني وخد لك زعبوط.» وقد تقدم في الحاء المهملة. وانظر في الكاف: «كل شيء عند العطار …» إلخ.
  • «اِلْقُلُوبْ مُوشْ زَيِّ بَعْضَهَا» لأن منها القاسي واللين والحقود والصافي، فلا ينبغي أن يحكم الإنسان بما في قلبه على قلب غيره. وقالوا أيضًا: «قلوب عليها دروب …» إلخ.
  • «قَلِيلِ الْبَخْتْ يِلَاقِي الْعَضْمِ فِي الْكِرْشَهْ» أي: قليل الحَظِّ يَجِدُ العظم في الكرش، والكروش ليس بها عظام. يُضرَب في سيئ الحظ تلاقيه العثرات فيما هو سهل ميسر. وبعضهم يروي فيه: «اللية» بدل الكرشة، وهي ألية الشاة، والمؤدى واحد.
  • «قَمْحْ وَالَّا شْعِيرْ؟» جملة تقال للقادم بخبر للاستفهام عما وراءه، وهي في معنى المثل العربي: «أسعد أم سعيد؟» وانظر قولهم: «طاب والا اتنين عور.» فهو في معناه، وقد تقدَّم في الطاء المهملة. وانظر أيضًا: «سبع والا ضبع.»
  • «اِلْقَمْحِ يْدُورْ وِيِجِي الطَّاحُونْ» أي: مصير كل شيء لما جُعِل له، فإن القمح إنما وُجِدَ ليُطْحَن ويُعْجَن فمهما يَدُرْ؛ أي: يذهبوا به إلى هنا وهناك، فمصيره إلى الطاحون. وقد يقصدون به أحيانًا التهديد؛ أي: أنت متباعد الآن عَنِّي ولا تصل يدي إليك ولكن مرجعك إليَّ آخر الأمر.
  • «اِلْقَنَاعَهْ مَالْ وِبْضَاعَهْ» البضاعة: سلع التاجر التي يعرضها للبيع. ومعنى المثل ظاهر، وهو من مثل قديم رواه صاحب العقد الفريد بلفظ: «القناعة مال لا ينفد.»١٥
  • «قُولْ لُه فِي وِشُّهْ وَلَا تْغِشُّهْ» انظر: «بدال ما تغشه …» إلخ. في الباء الوحدة.
  • «قُولِةْ بُكْرَهْ مَا تِنْقِضِيشْ» أي: الإحالة على الغد لا تنقضي ولا حَدَّ لَهَا، فهي من علامات التسويف. وفي معناه: «كلمة بكره أعطيك يا ما طوت أيام.» وقولهم: «كلمة بكره زرعوها ما طلعتش.» وسيأتيان في الكاف.
  • «قُولِةْ حَا تُسُوقِ الْحِمِيرْ كُلُّهُمْ» هو كقولهم: «اِللِّي يقول: حه يسوق العجول الكل.» وقد تقدم في الألف. وكلمة «حا» زجر للحمير وحَثٌّ لها على السير.
  • «قُولِةْ لَوْ كَانْ تُوَدِّي الْمُرُسْتَانْ» تودي؛ أي: تؤدي إلى كذا. والمرستان (بصمتين فسكون) يريدون به مستشفى المجانين، وأصله في الفارسية بيمارستان، ومعناه: مكان المرضى؛ فحرفته العامة إلى مرستان، وخصته بمكان المجانين. والمعنى: كلمة «لو كان» لا تفيد والتشبث بها يضل العقول. وانظر قولهم: «زرعت سجرة لو كان …» إلخ. وقولهم: «كلمة يا ريت ما عمرت ولا بيت.» وفي معناه قول بعض العرب:
    وَقِدْمًا أَهْلَكَتْ لَوٌّ كَثِيرًا
    وَقَبْلَ القَوْمِ عَالَجَهَا قدارُ

    وقول النمر بن تولب:

    بَكَرَتْ بِاللَّوْمِ تَلْحَانَا
    فِي بَعِيرٍ ضَلَّ أَوْ حَانَا
    عَلَقَتْ لوا تكررها
    إن لوا ذَاكَ أَعْيَانَا
  • «قُولِةْ مَا اعْرَفْشِي رَاحْتِكْ يَا نَفْسِي» أي: من أَقَرَّ بجهله للشيء أراح نفسه، وقد جمعوا فيه بين الشين والسين في السجع، وهو عيب.
  • «قُولِةْ هِش تِرَبِّي الْغِش» هِش (بكسر الأول وتشديد الشين): زجر للطير والبهائم. الغش (بكسر الأول وتشديد الشين أيضًا): يريدون به مرضًا يصيب الماشية من شربها الماء الساخن من الخلجان فيميتها. والمراد: زجر الماشية وتفزيعها يمرضها. يُضرَب في أن الفزع يَضُرُّ بالشخص.
  • «قَوِّي نَارِكْ تِسْبَقِي جَارِكْ» أي: إذا قويت نارك على طعامك تسبقين جارك في إنضاجه. والمقصود: كوني نشيطة في عملك. وبعضهم يروي فيه: «تغلبي» بدل تسبقي.
  • «قَيِّدْ بِهِيمَكْ يِبْقَى لَكْ نُصُّهْ اُرْبُطُهْ يِبْقَى لَكْ كُلُّهْ» أي: إذا قيدته فكأنك حفظت نصفه. وأما إذا ربطته في مدوده فقد أمنت عليه. يُضرَب في الحث على زيادة الاحتياط. وانظر: «اِللِّي ما يربط بهيمه ينسرق.»
  • «قَيِّدْهَا بْقِيدْ حَدِيدْ وِجَوِّزْهَا فِي بِيتِ السِّعِيدْ» يُضرَب في اختيار الزوج الغني على علاته. ويرويه بعضهم للمذكَّر؛ أي: «قيِّده …» إلخ.
  • «قِيرَاطْ بَخْتْ وَلَا فَدَّانْ شَطَارَهْ» البخت: الحَظُّ. والشطارة: الحذاقة والمهارة. والفدان: الجريب من الأرض، وهو مقسوم إلى أربعة وعشرين قيراطًا. والمراد: قليل من الحظ أنفع للمرء من كثير من المهارة. والعرب تقول في أمثالها: «جدك لا كدك.» يرُوى بالرفع على معنى جدك يغني عنك لا كدك، ويُروى بالنصب؛ أي: ابغ جدك لا كدك. ومن أمثال فصحاء المُوَلَّدِينَ: «كف بخت من كر علم.»
  • «قِيرَاطْ فِي اللَّحْمَهْ وَلَا فَدَّانْ فِي امِّ الْكُرُوشْ» الفدان: الجريب من الأرض، وهو أربعة وعشرون قيراطًا. وأم الكروش يريدون الكرش. وأكثرهم يروون: «اللية» بدل أم الكروش وهي الألية. يُضرَب في أن القليل من الجيد خير من الكثير الرديء. ومن أمثال فصحاء المُوَلَّدِين: «شبر في ألية خير من ذراع في رية.»
١  محاضرات الراغب ج٢ أوائل ص٤٨.
٢  ص١٦.
٣  خزانة الأدب للبغدادي ج٤ ص١١.
٤  ج٢ ص٢٤٥.
٥  نهاية الأرب للنويري ج٣ ص٩٧.
٦  الآداب لابن شمس الخلافة ص١٥٤.
٧  ج١ ص٤٦.
٨  ج١ ص٤٦.
٩  نهاية الأرب للنويري ج٢ ص٣٧٩.
١٠  ج١ ص٤٦.
١١  نهاية الأرب للنويري ج٣ ص١٠١.
١٢  ج١ ص٤٦.
١٣  ج١ ص٤٧.
١٤  تاريخ ابن الفرات ج١٧ آخر ص٣١.
١٥  العقد الفريد ج١ أوائل ص٣٣٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤