جنات مصر

هزَّتِ النفسَ روضةُ أُنُفُ
كلُّ رُوحٍ بِرَوْحِها كلِفُ
في رُبَى النيل ما انْثَنَى عَجَبًا
تَنْثَني حَولَهُ وتَنْعَطِف
غادةٌ زَهْرُها محاسِنُها
وشَذَاها العفافُ والشَّرف
ثوبُها السُّندسي زَركَشَهُ
بِالنُّضَار النعيمُ والتَّرَف
فَمِنَ الوردِ كلُّ ناديةٍ
فِي أكُفِّ النسيمِ ترتَجِف

•••

تاجُها العَسْجَدِي رَصَّعَه
بِالجُمانِ الثراء والسَّرفُ
فَمِنَ الفُلِّ كُلُّ لؤلؤةٍ
ما تَشَظَّى عن مثلِها الصَّدَف

•••

خِدْرُها من زَبَرْجَدٍ ولَهُ
من دِمَقْسٍ مُفَوَّفٍ سُجُفُ
فمنَ الياسمين مُتَّسِقٌ
ومن الأُقْحُوانِ مؤْتَلِف

•••

يا عروسًا تُزَفُّ حاليةً
عُرسُها فوقَ وصفِ مَنْ يصِفُ
حُمْرُ راياتِه شَقائِقُها
خافقاتٍ والنرجسُ النجَف
والمُغنُّون في بُلَهْنِيةٍ
حولَهم من ثمارِها طِرَف
كل تختٍ من الزُّمُرُّدِ مهـ
ـتزٌّ عليه مُطَرِّبٌ يقف
دمعُه خمرةٌ يُرَقْرِقها
صوتُه والنسيمُ يرتَشِف

•••

تلك جنَّاتُ مصْرَ لا بَرِحَتْ
أنْعُمًا تَجْتلي وتُقْتَطَفُ
أذْكَرتْنِي بِعهدِ ناعمةٍ
كان لي في الصِّبا بها شَغَف
بين سطرٍ من الحسانِ بَدَتْ
قدُّها من حُروفِه الأَلِف
أجْتَلِيها ووجهُها خجَلًا
يرتدي وردَه ويلْتَحِف
ودموعي لِبرقِ مَبْسِمِها
فوق خدَّي عارضٌ يكِفُ
ثم وَلَّى الصِّبا فَوَا أَسَفا
لو يرُدُّ الصِّبا لي الأسفُ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤