الطيف الهاجر

هلْ عندَ طيفكِ أَنَّني مَهْجُور
أم ما ثَناهُ، وكان قبلُ يزُورُ؟
أيام يطْرُقُني فَيؤْنِسُ وَحْدتي
ويسُرُّني ولو انَّ ذاكَ غُرور
تاهَ الخيالُ وقد أكونُ وزُوَّرِي
بعد الهدوءِ كواكبٌ وبُدور
بيضُ السوالِفِ كاعِباتٌ خُرَّدٌ
حُمْرُ المَرَاشِفِ ناعماتٌ حورُ

•••

إني كَعهدِكِ جامُ لهوى مُتْرَعٌ
صَفْوًا، ورَبْعي بالنَّعيمِ مَطِيرُ
وغصونُ رَوْضي في الغرامِ ثِمارُها
دُرَرٌ وأوراقُ الغصونِ حَرير
وأَرُوحُ أخْطُرُ كالنسيمِ لِطَيتِي
وأكادُ من مَرَحِ الشبابِ أَطِيرُ

•••

ولقد يؤَرِّقُني الغزالُ، كِنَاسُه
قَصْرٌ على تاجِ السِّماكِ يغيرُ
في جنَّة مُخضلَّةٍ فَينَانةٍ
فيها لقاصِفَةِ الطيورِ صَفِير
فأروحُ أَعْثرُ بالحُتُوفِ وصاحبي
دونَ الصحابِ مُشَطَّبٌ مَأْثُور
أَسْرِي وأسرابُ المعاطبِ حُوَّمٌ
فوقي ويقْظَانُ القَضاءِ يُشير
فهتكتُ سجْفَ الخَزِّ عن إنْسِيةٍ
سجَدَ الجمالُ لوجهِها والنور
وتفتَّحت أكمامُها عن وردةٍ
ذاكي النَّثا أَرَجٌ لَها وعبير
مصريةٌ عربيةٌ مَلكيةٌ
صافي السَّنَى تاج لها وسَرِيرُ
قبَّلتُ ذياكَ البساطَ تحيةً
بالناظِرِين، وإنَّهُ لَطَهُور
بِتْنا وبِالألحاظِ كأسٌ بيننا
تَجْري وَجَامُ بالحديثِ يدُور
حَتى إذَا رَفَعَ الظلامُ سُتُورَهُ
عَنَّا ولاحَ مِن الصباحِ نذير
ودَّعتُ — مجروح الفؤادِ — جوانحي
تَدْمَى، وعِرْضِي سالمٌ مَوْفُور
وعَسَى أُفِيقُ ولَنْ أفِيقَ من الصِّبا
ألا وعَنْبَرُ شَعريَ الكَافور

•••

إني وإن أنفقتُ بعضَ شَبِيبَتِي
لَهْوًا لَشيخٌ في الشبابِ وَقُور
يا مصر كَمْ من ليلةٍ أحْييتُها
شَجَنًا ودَمعي في الوفاءِ غزيرُ
وينام يا شرقُ الشيوخُ ضراعةً
وأبيتُ أَنْفاسي عليكَ سعيرُ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤