من الهديل إلى المطوقة

قُلْ للمُطَوَّقةِ اسجعي وارتادي
قد ضاق عنكِ وعن هواكِ الوادي
تُمْسينَ والهةَ الفؤاد جَوِّيةً
حرَّى الدموعِ شَجِيَّةَ الإنْشَادِ
فإذا تجاوبَتِ الحمائِمُ سُحْرَةً
كلٌّ يبوحُ بوَجدِهِ وينادِي
أَخْرستِ مُنطِقَها بِنَفْثَةِ قَينَةٍ
عزَّافةٍ سحريةِ الأَعْواد
لو كنتِ مُصْغيةً إلى ذي لوعةٍ
يشكو نَواكِ سمعتِ خَفْقَ فؤادي
وسَلِي البدورَ فقد عرَفْنَ تَشَوُّفِي
والنيراتِ فقد بَلَوْنَ جهادي
إنَّ الذي تحْمِينَهُ بَرْدَ المُنَى
وهَوَاكِ حَرَّانُ الجوانحِ صادِ
خَلَتِ السنونُ وما سمعتِ شكايتي
ومضي الزمانُ وما عرفتِ ودادي
قد كنتُ أُخْفي الحبَّ عنك تَجَمُّلًا
فاليومَ أَخْفَى ما بنفسي بادِي
إنْ كنتُ هِمْتُ بكم ولم أَرَكُم فما
يبدو الإلَهُ لِأَعْينِ العُبَّادِ
وأنا الذي أَحببتُ صورةَ غادةٍ
زارتْ خلالَ صحيفةٍ ومِدادِ
شاهدتُ فيها الحسنَ باح بسرِّهِ
والفضلَ — حيَّ على الفلاح – ينادي
تلك اللِّحاظُ الله راشَ نِصالَها
شَقَّتْ — سَلِمْتِ — مرائِرَ الأكباد

•••

ما لي يرَوِّعُني الخيالُ وإنَّني
حَمَّالُ أَلْوِيةٍ وقُطْبُ جلادِ
ويذيبُني لَحْظُ الحسان وإنَّما
قد كنتُ قلتُ شَبِيبَتِي لِبلادي
عَجَبًا لِهذا الحبِّ سرٌّ كُنْهُهُ
أَمْسَى يحَرِّكُ ثابتَ الأَطْوَاد
يا ليتَ شِعري والحياةُ لِغاية
ما تصنعُ الآرامُ بالآسادِ

•••

لله بالفُسطاطِ صادحُ رَوْضةٍ
مُتَنَقِّلٌ فوقَ المنابرِ شادِي
أنسي (الغَرِيضَ) و(مَعْبَدًا) تَرْجِيعَهُ
وأذالَ منْ (عثمانَ) و(العقادِ)
ما كُنتُ أعرف قبلَهُ مُتَرَنِّمًا
بين الحمائمِ ناطقًا بالضادِ

•••

أنا في الغرامِ وما نشرتُ بُنودَهُ
إلَّا على قمرٍ يزِينُ النَّادي
نَشْوانُ إلفُ جَوًى سميرُ لَوَاعَجٍ
وَلْهانُ نِضْوُ ضنًى طريحُ وسادِ
وأنا الفِداءُ من السُّهادِ لِطَرْفِها
ومن الدموعِ وأعينِ الحُسَّاد

•••

قُلْ للأُولَى يرجُون فضلَ تَعَقُّلي
وَيؤَمِّلُون هِدَايتِي ورَشادي
قد بات مفتُونًا بِطَيفِ أَديبةٍ
مَنْ كان يُعرفُ قبلُ في الزُّهادِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤