حظّي أو مثال من حظ الأديب في الشرق

طالِبِ العزمَ بحقٍّ مُقْبِلِ
وبِدُنْيا باطلٍ لا تَحْفِلِ
واصبري يا نفسُ إن رُمتِ العُلا
أو فَطِيري عن ضلوعي وارْحَلِي
واصرِفِي الهمَّ ففي إدمانِهِ
ذَبْحَةُ الصدرِ وحَزُّ المِفْصَلِ
ما الذي صارَ وجِدِّي فاضلٌ
أَن جَدِّي عاثرٌ لم يَفْضُل
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
شعراءَ العصرِ تِيهُوا بِأَبٍ
كلُّنا منه حسينٌ أو علي

•••

يا عَذارَى الوَحيِ من فردوسِها
لِسماءِ النيل تَهتَزُّ انزلي
وارقُصي في مهرجانٍ شائقٍ
عالَمَ الإعجازِ فيهِ مَثِّلي
طَرِّبي في ساحتَيْه واصْفِري
غَرِّدي في رَوْضتَيْه واهْدِلي
واشهدي للشرق عُرسًا زاهرًا
عن عُكاظٍ في مجاليه سلي
زُفَّتِ العلياءُ فيه ناهدًا
لِأميرِ الشعرِ في أَبهَى الحُلِي
مَن لهُ آياتُ فضلٍ باهرٍ
هُنَّ عن ريب الردى في مَعْزِلِ
صاغها لِلنيلِ حَلْيًا (شيخنا)
فانْثَنَى يختالُ عذبَ المنهل
فهي والأهرام تيجانٌ لهُ
بَيْدَ أَنَّ الدُّرَّ غيرُ الجندل

•••

أحمدانِ فيهما الشرقُ زها
واهتَدَى الثاني بِنورِ الأوَّلِ
مُرْسَلٌ بالنثرِ وَافَى مُعْجِزًا
بَعدَهُ بالنَّظْمِ وافَانَا وَلِي
أحمَدُ صَلُّوا عليه ذو أَتى
بِالمَثاني مُحْكَمَاتٍ من عَل
وَأَتى شوقي عليهِ سَلِّمُوا
بِالأغاني من رحيقٍ سَلْسَل
غَنَّتِ الأطيارُ في الروض بها
وشَكا للزَّهْرِ صافي الجدْولِ

•••

أَنْشَأَتْ مصرُ تُناغي أهلَها
فاسْمَعُوا مُطربَ صوت البلبلِ
جَذَلٌ تكريمُ شوقي إنَّما
بِحياتي ضَاعِفُوا لي جَذَلي
أَكْرِمُوا لي عبقَرِيًّا مِنْكُمُ
يَمْنَعُ النيلَ بسُمْرِ الأَسَلِ
لا أَرى رَبَّ يَراعٍ بطلًا
مُغْنِيًا عن ربِّ سيفٍ بطلِ

•••

… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
في التجاراتِ التي كُنَّا بها
نفتحُ الدنيا ولَمَّا نقفلِ
في الزراعاتِ التي كانت بها
خُلْدُ (عَنْخٍ) طاقةٌ لم تذْبُلِ
في الوَغَى في الطعن في ضربِ الطُّلَى
في قِراعِ الدارعِ المُسْتَبْسِلِ
طَالِعِينَا بعد حين والسُّهَا
صَيْدُنا في أيدنَا المُسْتَرْسِلِ
ولنا جيشٌ إذا صُلْنا بِهِ
عاصفًا لُذْنَا لأسمى مَعْقِلِ
يتلاشَى البَرُّ منه في قُوًى
تَتَرَامَى فَيْلَقًا في جَحْفَلِ
يتوارَى البحرُ والجوُّ بِهِ
بينَ أَسرابِ المنَايَا الجُوَّلِ
نحن من قَحْطَانَ في شُمِّ الذُّرَى
يا بَنِي ليثِ العرينِ المُشْبِلِ
بَأْسُ عَمْرٍو تحت أطباقِ الثَّرَى
جَمْرَةٌ من شاء فيها يصْطَلي
نحن أبنَاء الفراعين الأُلى
دَوَّخُوا الدنيا بِحَدِّ المُنْصِلِ
تاجُ (رمسيسَ) على البعد صُوًى
لِلُألَى منا سَرَوْا في مَجْهَلِ
كَفُّ (إبراهيمَ) قالت فاسمعوا
جنة الفردوس ظِلُّ القَسْطَلِ
فَافْتَدُوا تاجَ (فؤادٍ) شِبْلَهُ
بِنفوسٍ في العُلا لم تَبْخَلِ

•••

… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
… … … … …
ما رأينا (كوكبًا ذا ذنبٍ)
لاح في آفاقنا لم يأفل
إن شعبا (سعدُ) من آبائه
ليس من ضعف ولما يفْشَل

•••

سمعتْ مصرُ حديثي فبكتْ
قلتُ يا أمَّ الرجالِ استَرْجلي
إن شعبًا من بنيه (مصطفى)
ليس مَن يأسٍ ولمَّا يخْمَل
واذكري كلَّ صباح كاملًا
تَذْكري عهدَ الرجال الْأَمْثَل
واسألي الله لِسعدٍ صحَّةً
وعلى الله نصيرًا عَوِّلِي
واذْكُرِي كلَّ كريمٍ مخلِصٍ
من بني مصرَ مُعِمٍّ مُخْوِلِ
واذكُري عدلي ورشدي كلَّما
قلتُ يا تاريخ مِصرٍ سَجِّلِ
واسقطي في خبرةٍ منا علي
قُلَّبٍ ما اربَدَّ خَطْبٌ حُوَّلِ

•••

فاسترابتْ وأدارت مُقْلَةً
بِسِوَى (نيَّاتِهِم) لم تُكْحَلِ
فكأَنِّي أُشْرِعَتْ (هِنْدِيَّةٌ)
لِي من عَيْنَيْ مهاةٍ مُطْفِلِ

•••

قلت رُوحي لك يا مصرُ فِدًى
سامِحيني عانقيني قَبِّلي
وانتَشَيْنا فتلاقَيْنا علي
نِعمةِ الحبِّ وغيظِ العُذَّلِ
واجْتَنَيْنا من عفافٍ طاقةً
بِسوَى آدابنا لم تَجْمُلِ
وَجَرَى دمعي على أعطافِها
جَادَها الوَسْمِيُّ منه والوَلي

•••

قلمي، قد عَقَّنِي أخٍ وحميم
فَارْثِ في المِحْنَةِ لي
أَيقِظِ الأوقافَ من أحلامها
هزَّ منها كلَّ ركنِ زلزِلِ
هل من استأجر أرضًا يُبْتَلى
بوباءٍ جارِفٍ مستَأصِلِ
قوِّمي يا مصر من تشريعنا
أَعْوجًا مثلَ قرون التَيْتَلِ
أَجرُ مَن جَدَّ كَفافٌ أو غِنى
لا عِذابٌ واقِعٌ لا يَنْجَلِي
أَنْصِفُوا فلاحَكم لا تُنكروا
حَقَّة في مَلبَسٍ أو مأكل
إنَّ كلَّ العدلِ يستأهِلَهُ
عاملٌ عن نفعكم لم يَعْدِلِ
أو فَقُولوا بعدَ حينٍ تَصْدُقوا
يا سهولَ النيلِ خُضْرًا أَمْحِلي
واحرُثِيهَا أنتِ يا أوقافَهم
وانعَبي فيها غَرابًا واحجِلي

•••

واحمِلِي يا نفسُ محتومَ الأَذَى
واصنَعي ما شئتِ إنْ لم تَحْمِلِي
نِصْفُ أَلفٍ كلَّ عامٍ عَسْجَدًا
للتَّكَايَا من أديبٍ مُعْيلِ
مِنْ شَقِيٍّ شاعرٍ مُسْتَفْلحٍ
من دموعٍ من نقيع الحنْظَلِ
من بريءٍ من دمٍ من عَرقٍ
من خرابٍ كاملٍ مُسْتَعْجَل
من شهيدٍ ضابطٍ مُضْطَهَدٍ
في هَوَى أوطانِهِ مُسْتَقْتِل
حِينَما السيف بكفَّيهِ نَبَا
حَاربَ اليأسَ بِحَدِّ المِنْجَلِ
آذَنَ الصيفُ بِحَبٍّ وَوَفَا
فَاحْتَصِد تِبْنًا وقَمحًا واكْتَلِ
مَوَّنِ الأوقافَ أَشْبعْ جوعَها
إنَّها من حِقْبَةٍ لم تأكل
واعزِقِ القطنَ لها إذْ سُوقُه
أَصبحتْ أرجوحةً للمِغزلِ
واسْلُ يا توفيقُ عن نَظمِ الظُّبَا
وانظِمِ الشِّعرَ وهَلْهِلْ واصقُلِ
واصْطَفِ الألفاظَ من دَمعِ النَّدَى
والمَعاني من أنينِ الشَّمْأَلِ
رَبِّ إنِّي صابرٌ مُحْتَسِبٌ
فكَما شئْتَ مصيري فاجْعَلِ

•••

أنتِ يا أوطانُ أَهْراءُ الغِنَى
لِمَ حظِّي حبَّةُ من خَرْدَلِ
أنا يا نيلُ مُحبٌّ صادقٌ
فَانْسَنِي أَذْكُرْكَ واهْجُرْ أوْصِلِ
أنتِ يا مصرُ فتاةٌ حسنُها
يبعثُ الوجدَ إلى قلب الخَلِي
فَانْثُري من خَدِّكِ الوردَ على
لُؤْلؤٍ من عبرتِي لا تَخْجَلي
رَبِّ بارك في (اللآلي) إنَّها
ثروت في كل كَرْبٍ يبتلي

•••

أطلبُ التحكيمَ يا مصرُ أنا
لستُ بالباغي ولا بالمُبطِلِ
إنني أختارُ سعدًا حَكمًا
إن يُرِدْ عدْلًا نجيبٌ يقْبَلِ
لجنةُ التوفيقِ أرْضَى حُكْمَها
إنْ أبى سعدٌ وإن يَسْتَثْقِلِ
أيها الشعبُ لك الحكم فلا
تتلَكَّأ واستقِلْ أو فافْصِلِ

•••

يسأَلُ النوابَ عني رَبُّهمْ
يومَ لا عُذْرَ لِمَنْ لا يعْدِلِ
يسأل الأوقافَ عني ربُّها
يومَ محرابُ الأَذَى أَسْفَلِ

•••

قلمي، ما أنت مِنِّي أو أرى
قِمَّةَ الإرهاقِ تحت الأَرجُل
فانقُضِ الباطلَ من آساسِه
شرِّدِ الإجحاف عني جَنْدِلِ
قَلْقِلِ الصخرةَ من مَقْلَعِها
صخرةِ الظلمِ صفاةِ الخَجلِ
قُمْ بها يُنْجدُكَ الله علي
نَحْسها في غَفْلَةٍ مِن زُحَلِ
خُذْ جناحَين من الوَحيِ وطِرْ
للسَّماوَاتِ بِجَرْمِ الثِّقَلِ
طُفْ على جَوِّ المُحيطاتِ بها
واقْذِفِ الهادِي بأُمِّ الجَبَل
هُدَّها كم من نفوسٍ رَوَّعتْ
كم ربوعٍ خَرَّبَتْ لم تُؤْهَل
أَسْقطِ الجوَّ رُجومًا فوقها
وعليها سيلَ نارٍ أرسلِ
أسقمتْني عذَّبْتني هَدَّمتْ
صرحَ آمالي بأَلْفَيْ مِعْوَلِ

•••

قلمي قد قامتْ الحربُ على
ساقِها فَاهْتَزَّ رُمْحًا واحْمِلِ
دولةٌ تسلِبُ من أبنائها
شاعرًا فاعجَبْ لبَأسِ الدُّوَلِ
أمَّةٌ تنهبُ مني رجلًا
واحدًا فاغضَبْ لهذا الرجل
يغضبُ الإيمانُ والكفرُ معًا
لأَذَى الحُرِّ وضَيْمِ البَطَلِ

•••

يا شعوبَ الأرض حقِّي (كَهْرَبا)
حَوِّلِي وجهَك عنهُ حوِّلي
عنهُ فِرِّي تسْلَمي من نارِهِ
والمَسِيه تُصْعَقِي أو تُقْتَلِي

•••

يا نيوبَ البغي لحمى (كوليرا)
فَإنِ اسْطَعْتِ فَمِن لحمي كُلِي
أنا بِالحقِّ قويٌّ والذي
رَبُّهُ في صَفِّهِ لم يُخْذَلِ
رَبِّ سامِحْ مصرَ واغفِرْ ذَنبَها
وَاهْدِها لِلرُّشْدِ في المستقبل
وأَعِضْنِي من تُراثي نُزُلًا
من هواها صالحًا لم يُنْزَلِ
فَقَليلٌ شِقْوَتي في حُبِّها
واحتمالي كلَّ غُرْمٍ مُثْقِلِ
وقليلٌ في هواها ناظري
ودَرَارِيه وفَصْدُ الأَكْحَلِ
فهيَ رَيْحاني وراحي والصِّبَا
وشبابي وحبيبي الأوَّلِ
وهيَ أبنائي وأمِّي وأبي
وهي ظِلِّي الزائل المنتقِلِ
وقليلٌ في هوى أَوْطاِننا
ما بَذَلْناه وما لَمْ نبذلِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤