الطريق ليثرب

كان الشاعر قد عاد إلى حلفا بالسودان من زيارته ليثرب مدينة الرسول، على صاحبها وآله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فكتب إليه من عطبره بالسودان زميله في الجيش، ورصيفه في الأدب اللواء محمد فاضل يرحب بمقدمه، قال:

أهلًا بِمَنْ زار النبيَّ ومرحبًا بقدومِهِ
قُلْ لِي بحقِّكَ والحميمُ يُجيبُ سُؤْلَ حميمِهِ
ماذا لَقِيتَ من الجلالِ حديثِه وقديمِهِ؟

فكتب الشاعر على رقعته مجيبًا، قال:

شكرًا جزاك الله أَوْ
فى فضلِهِ ونعيمِهِ
وهداكَ للفردوسِ تَحْسُو
الصفوَ من تَسْنِيمِهِ
إني بمُلكِ الشَّام جُزْ
تُ وزرتُ بعض تُخومِهِ
فشَهِدْتُ في يافا وفي
حَيْفا جمال كرومِهِ
وأطوف بالقصرِ المَشِـ
ـيدِ يرُوعُ في تنظيمِهِ
فرمقتُ صفحةَ بدرِهِ
ورشقْتُ وجنة رِيمِهِ
من كلِّ صافي الحسنِ ذا
بَ الدرُّ فوق أديمِِه
لكن سُوقَتَهم يسبُّ الـ
ـمرءُ (إمَّ) غريمِهِ

•••

ورأيت مجدَ الشام في
بيروتَ في تعليمِهِ
لا كسبَ لِلإغريقِ فيه
ولا انتفاعَ لِرُومِهِ
ما لِلغريبِ هناك غُنْـ
ـمٌ غيرَ نفيِ همومِهِ
بِشُجونِ منطقِ أهلِهِ
وعيونِ حورِ نعيمِهِ
أما (الزبيب) وشربُهم
لِحديثِهِ وقديمِهِ
فَذَر النديمَ به يغا
زلُ وردَ خدِّ نديمِهِ
ونزلتُ من لُبنانَ أرْ
شِفُ من سُلافِ نسيمِهِ
في شاهقٍ كادت يدا
يَ تَمَسُّ زُهْرَ نجومِهِ
سامٍ يُريكَ ديارَه
في الجوِّ فوق غُيومِهِ
في حُسنِهِ يتحيَّر الرا
ئي في تقسيمِهِ

•••

وقد انثنَيْتُ إلى دمشـ
ـقَ أذوقُ حُلوَ طعومِهِ
فجرى القطارُ بنا على
لبنانَ زَهرةَ يومِهِ
مُترفِّعًا بين الريـ
ـاضِ الخُضرِ من مطعومِهِ
أو هاويًا بين الغِيـ
ـاضِ الفِيحِ من مشمومِهِ
فالخوخُ والتفاحُ والبر
قوقُ بُرءُ سقيمِهِ
ورأيتُ جامعَهَا كَما
قد قيل في تفخيمِهِ
ورحلتُ منها لِلحِجا
زِ أزورُ رَوضَ عَظيمِهِ
مُتَغَزِّلًا في ظبيِه
ومَهاتِهِ وظليمِه
فعَييتُ عن وصفي لَه
وعجزتُ عن تكريمِهِ
وطن النبيِّ المصطفى
برِّ الفؤادِ رحيمِهِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤