ظل الثلاثين

ظِلُّ الثلاثين عنك اليوم منتقِلُ
هل أنت من بعدها بالعيش محتَفِلُ
بعد السنين التي كانت مُحَبَّبةً
ثم انقضتْ فتقضَّى الأُنسُ والجَذَل
إنْ أنكرتْني عيونُ الحورِ رانيةً
فطالما عرفتني تلكمُ المُقَل
أيامَ أَخطُرُ في ثوبِ الصِّبا مَرِحًا
تميلُ بي نشوةُ الدنيا وتعتدل
والغِيدُ يبسَمْنَ لي من كلِّ ناعمَةٍ
في خدِّها ويدَيْها تصدُقُ القُبلُ
حريرُها جسمُها فوها جواهرُها
فحسْنُها حسْنُها لا الحَلْيُ والحُلَلُ

•••

ما لي تُرَوِّعُني الذكرى وتفتنني الـ
ـدنيا وما لِيَ في معروفِهَا أمل
ألا يُرفِّهُ عنِّي أنني رجُلٌ
قد أَنْقَضَتْ ظهرَه أيامُه الأول
لعلَّ شيبي الذي راعتْ بوادرُه
نورٌ تُضِيءُ به لِلْخابط السُّبُل
أسرفتُ في حبِّ دارٍ لا بقاء لها
وعشقِ مُلكٍ وشِيكًا عنه أنتَقل
أين الأُلى نحن نمشي في منازِلِهم
أين المواكبُ والأقيالُ والدُّوَل
العقلُ يَسْتَهْجِنُ الدنيا ويمقُتُها
والقلبُ مُستهتِرٌ يهذي بها ثَمِل
لا راهبًا ساكنًا في الديْر منصرفٌ
عنها ولا عابدًا في الغارِ يعتزل

•••

فاكدَحْ إلى الله كدْحًا غير مُلتَفِتٍ
لِزينةِ الأرضِ والحَق بالأُلَى وصَلُوا
وصَدِّقِ الشيْبَ واسَتثْمِرْ نصيحَتَه
فهو النذيرُ على آثارِهِ الأجل
وابْرأْ إلى الله ليس العصرُ مُرْتَقِيًا
ما دامَ يُزْري بما جاءتْ به الرُّسُل
أين التمدينُ والأهواءُ غالبةٌ
والناس مثل وحوشِ الغاب تقتَتِلُ؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤