مَن للعاديات؟

نصَبْتُ أضالعي غَرَضَ السهامِ
ومَلَّيْتُ الشبابَ من الغرامِ
وفاتنَتِي وإنْ نَزَلَتْ بِمصر
مَهاةٌ من فرادِيسِ الشَّآم
شُوَيْعِرَةٌ لو انَّ الخمر حَلَّتْ
عَصرتُ خيالها وملأتُ جامي
عشقتُ وما رأيتُ سوى خيالٍ
لها في يقظةٍ لا في المنام
أيأْسِرُني لها رسمٌ جمادٌ
فكيف إذا رَنَتْ لِيَ بابتسام
أراني مِلْتُ عن جَدَد المعالي
وطال بمصرَ في لَعِبٍ مُقامي
وعهدي لحظةً لِلغِيدِ قلبي
ودهرًا لِلْمَعامِع والصِّدام
وسيفي لا لِقَيْدِ الغِمدِ لكنْ
لِقَدِّ أضالِع ولِفَلْقِ هام
مَشَتْ للأربعينِ بيَ الليالي
وتلك منازِلُ الرجل التمام
فإن أبْلغْ من الدنيا مَحلِّي
فَبي لِبَرُودِ مشْرعِه أُوامي
وإنْ يقنَعْ لمنْطِقِه لساني
بوصفِ خَريدةٍ رَيَّا القَوَام
فمن للعادياتِ يصيحُ فيها
وقد ضاق المَكَرُّ إلى الأمام
ري عزمي يطالعُ بي خطوبًا
شَحَذْتُ لِغَرْبِها غَرْبَ الحسام
ونفسي تَشْرَئبُّ إلى فَعالٍ
يُقِضُّ مضاجعَ الأممِ النيام
بلَوْتُ بني الزمانِ فآنَسَتْنِي
مُباعَدةُ الأصاغِر والطَّغَام
ولمَّا أنْ وزَنْتُ الناسَ أَرْبَى
حقيرُهُمُ على الملكِ الهُمام
فلم أنظُرْ لأموالٍ جسامٍ
ولم أحفِلْ بِألقابٍ ضِخام
فَرُبَّ وزِير قومٍ أو أميرٍ
تَمَرَّغَ في الدَناءةِ والأثام
وقاضٍ عادلٍ عن كلِّ خيْرٍ
يشايعُه على ظُلْمٍ مُحامي
تعامي في النهارِ عن الدَّعاوَى
وحَدَّقَ للرَّشاوَى في الظلام
ومأمور على ضِعَةٍ تعالَى
وضَنَّ على الرعِيَّةِ بالسلام
تورَّم من سَقامٍ جانِباهُ
وهام بِلَذَّةِ الكسبِ الحرامِ
ورُبَّ مُتَوَّجٍ يختالُ عُجْبًا
بِما يغتالُ من تلك الحُطام
يجدُّ إذا رَمى غَرَضًا خَسِيسًا
ويلعبُ بالحكومةِ والنظام
ورُبَّ جهولِ فِتْيانٍ مُصِرٍّ
على الدَّعْوَى أصَمَّ عن الملام
يبارِزُ رَبَّهُ بالفِسقِ جهْرًا
ويهزأ بالصلاةِ وبالصيام
وشيخ مدمنٍ لِلخمرِ عاصٍ
على عذالِه صعبِ المرام
تذبذبَ في البقاءِ فليس يحيَا
ولا يرضَى مضاجعةَ الرَّغام
سينتصرُ الصلاحُ على المعاصي
وتنتقمُ الحروبُ من السلامِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤