سياحة في السماء

أسْقمتْنا مناظرُ الغبراءِ
وسئِمْنا في الأرضِ طولَ الثَّوَاءِ
وجَهِلْنا حقائقَ الأشياءِ
قَرِّبوا الوهمَ مركبَ الشعراء
قد نَوَيْنا سياحةً في السماءِ
أنتَ نعم البالونُ طِرْ في الهواء
وتغَلْغَلْ في مُهجةِ الظَّلْماءِ
سِرْ حثيثًا بِسرعةِ الكهرباءِ
لِسُهَيْلٍ فَفيه خُضْرُ الأماني
فهو نعم المقرُّ للأدباء
أَخذ الرقصَ واكتمالَ البهاءِ
عن فؤادي ووجنةِ الحسناء
قد دنونا يا حُسنَه من مساء
فارقُبِ الأُفْقَ هل ترى من ضياء
واستمع يا خيالُ لِلضوضاء
إنني سامعٌ كمِثْلِ الغناء
وأرى شِبْهَ روضةٍ خضراءِ
وَكَثِيبًا أظُنُّه من جُمانِ
قد وصلْنا لِساحةٍ فَيْحاءَ
ودخلنا قصرًا فخيما بِنَاءَ
والتقينا بغادة هيفاء
تبهر المجتلِي سَنًى وسناءَ
وازْدهانا المقامُ زهرًا وماءَ
فأشارت رقيقةً كحلاء
لِقيانٍ كأنهنَّ صفاءَ
ذُبْنَ نورًا مغرِّدًا وهناءَ
في رخيمٍ من شَدْوِهنَّ شجاني
رَدِّدي اللحنَ أنت ذاتَ الوشاح
أنا صادٍ لِنشوةٍ وارتياح
ردِّديهِ للصُّبحِ هل من صباحِ
عندكم مثلنا ومن أتراح
فأجابتْ في بسمةٍ وانشراح
بل خُلِقْنا لِلَّهْوِ والأفراح
ثم نادت فجِيءَ بالأقداح
فشربْنا راحًا ولا كالرَّاح
في كُئُوسٍ نُوريَّةِ الألوانِ
قلتُ هل تمْزِجُنَّهَا بالسحاب
قُلْنَ آنًا وتارةً بالرُّضابِ
فتراجعتْ خطوةً للشباب
وتعلقتْ في ذيول التصابي
وحَدَا بي لِقُبلةٍ ما حَدَا بي
قالت اصبِرْ وُقيتَ سرَّ العذابِ
(إنَّ لِلصابرين حسنُ مآبِ)
نحن لِلصالحين خيرُ نوابِ
نحن لِلفائزين أهلُ الأمانِ
قلتُ لِلنفسِ وَيْكِ يا نفس تُوبي
واتَّقِي الله وارجعي من قريبِ
حاذري النارَ أخْلِصي وأَنيبي
لا تَضِلِّي لا تَخْسَري لا تخيبي
أنتِ أهلٌ للذُّلِّ والتعذيب
ما نَهَاها عن التصابي مَشِيبي
ليتني ما حملتُ عبءَ الذنوب
رَبِّ لا تجعلْ الشقاءَ نصيبي
فاستجاب الكريمُ لي وهداني

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤