أم الكبائر

لولا الهوى وبواعثُ الأشجانِ
لَجَفَوْتُ بعد الشيبِ بنتَ الحانِ
لكنني دَنِفُ الفؤادِ معذَّبٌ
بِلِحاظِ ساقٍ ناعِسِ الأجفان
لولا المُدامُ بكفِّه لهَرَقتُها
وسقيتُه من عَبرتي وسقاني
فلقد شَقِيتُ من المُدامِ وإثْمِها
وحكَيْتُ ناحِلَ جِرْمِها وحكاني
في الكاسِ بعد الكاسِ ضاعت ليلتي
والليلِ بعد الليلِ ضاع زماني
ألْقَتْ عليَّ الخمرُ في شرخِ الصِّبا
من شَيْبَتي كفَنًا من الكتَّان
كم تزعُمون من السنين قضَيْتُه؟
كم في فمي باقٍ من الأَسنان؟
أنا ما بَلغتُ الأربعين وفي فمي
إدمانُها لم يُبْقِ غيرَ لساني!
أَتلفْتُ فيها ضَيْعَتِي وأضعتُ منـ
ـزلَ أسرتي ورضيتُ سُكْنَى الخانِ
وصرفتُ أيامي على نَدْمانِها
والعمرُ خيرُ ذخيرةِ الإنسان
مقبورةٌ في الدِّنِّ نَتْنٌ رِيحُها
ممقوتةٌ في العقل والأديان
مَرَّتْ ومَرَّرَتِ النفوسَ وأَنزلتْ
ذا اللُّبِّ منزلَ أَعْجَم الحيوان
فترى الوَقورَ إذا تناوَلَ رِجْسَها
مُتَغَنِّيًا مُتمايِلَ الأَركان
ويَخالُ عِرْسًا من غَذَتْه لِبانَها
ويرَى الصلاحَ عبادةَ الأوثان

•••

إن قِيلَ أَرْقصتِ الحزينَ مَسَرَّةً
فاسْلَمْ بِلُبِّك ذاك مَسُّ الجان
أو قيل حمرةُ كأسِها فلأَنها
مُلِئَتْ دَمًا من مُهجةِ السَّكران
إني لَأمْقُتُ مُفْسِدي أَخلاقِنا
الأَروامَ أهل البغْيِ والعُدْوان
وأقول والساقي يطوف بكأسِها
كم يفتِكُ الإنسانُ بالإنسان
عَجبًا لِبائِعها بنفْسِ مُريدِها
ولمشتَرِيها كيف يتفقانِ؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤