دين الفطرة

هيَ رَشقَةٌ من لَحْظِها النشوانِ
وأتَتْ على أثر الطبيب تراني
قالت له والحزنُ أَشْجَى صوتَها
يا لَلْأَسَى أَيُفَكُّ هذا العاني
فدَنا الطبيبُ وجسَّ نار صبابتي
ثم انثنَى ويداهُ تستعران
قال الإلهُ هو القدير وذلكمْ
لا أرتجيهِ، وكل شيءٍ فانِ

•••

فتنفَّستْ نفَسًا تساقط جَمْرُهُ
بَرْدًا عليَّ ورحمةً تغشاني
وتفرَّقُوا ومضت يميلُ بها الهوى
مَيْل النسيم بِناضرِ الأغصان

•••

وخرجتُ من جوفِ السَّقامِ لِصَوْبِها
أَقْضِي حقوقَ جمالها الفَتَّان
يا قصرَ مَن رحلَتْ وخَلَّفتِ الحَشَا
وَقْفًا على البُرَحاءِ والأشجانِ
لو كنتَ مِثليَ يستحِفُّكَ نَأْيُها
لم تَبْقَ يومًا قائمَ البُنيانِ
لكنَّ من لحمٍ خُلقتُ ومن دمٍ
وقُدِدْتَ من صخرٍ ومن صَوَّان
كانت تُطِلُّ عليَّ من أبراجِهِ
كالشمسِ حين تُطِلُّ للأَكوان
لو شاء أن أنسى البخارُ ذنوبَه
عاد البخارُ بِهِمْ إلى الأوطان
أو عاد بي يطوِي المراحلَ قاصدًا
رَوْضَ المُطَهَّرِ من بني عدنان
حيثُ العُلا قد أورقَتْ أغصانُها
والمجدُ نَضْرٌ مُثَّمِرُ الأفنان
والوحيُ يهبِطُ بِالشَّرائِعِ والهُدَى
وبِبَاقياتِ خوارِقِ الفُرقان
هل مرَّ يومٌ لم يَلُحْ في أُفْقِهِ
شَمسٌ تُضِيءُ لَنَا من القرآن
أم هزَّتِ الأجيالُ دين محمدٍ
فرَأَتْهُ غيرَ مُثَبَّتِ الأركان
أم يجهلُ الثَّقلَان أن نبيَّنا
كنزُ العلومِ وكعبةُ العرفان
ومُثَبِّتُ التوحيدِ في أقطارِهَا
بالمعجزاتِ وساطِع البرهان
ولَرُبَّما جعل الحسامَ نصيرَه
في رَوْعِ أَهلِ الظلمِ والطغيان
عابوا الجهادَ وليس عابًا إنَّما
خَفِيَتْ فَضائلُهُ على الأذهان
نشرَ الحضارةَ في البلاد وضمَّ مِن
أطرافِهَا بروابِطِ العمران
ذَمُّوا الطلاقَ وأنكروه وإنَّما
جُعِلَ الطلاقُ لَهُنَّ خيرَ ضمان
حتى إذا أبدى الزمانُ صلاحَهُ
خَرُّوا لِحكمته إلى الأذقانِ
وفشا الطلاقُ وصار شرعًا صالحًا
في كلِّ مُعْتَقَدٍ وكلِّ مكانِ
وإذا أتَتْكَ من الشُّئونِ عَويصةٌ
فاعْهَدْ بِهَا لِتصرُّفِ الأزمانِ

•••

أَرَأَيْتَ أفضلَ مِن وضوئِكَ خمسةً
لا سِيَّما إنْ عِشتَ بالسُّودان
واسْتَفْتِ بُقْراطًا فما في طِبِّهِ
مثل الصيامِ لِصحَّة الأبدان
والله قد شَرَعَ الصلاة عبادةً
ورياضةً لِلرُّوحِ والجُثْمانِ
كُتِبتْ علينا كلَّ يومٍ خمسةً
لِنراقبَ الدَّيَّانَ كلَّ أوان
أمَّا الزكاةُ فرحمةٌ ومحَبَّةٌ
تأْسُو جراحَ البُؤس والحِرْمان
والحجُّ في الإسلامِ أكبَرُ معرضٍ
وكَفَاهُ فضلُ السَّعْيِ والجولان

•••

هذي عَقيدتُنا وهذا شرعُنا
أكْرِمْ بِشرعِ العدلِ والإحسانِ
وأحَقُّ دِينٍ أنت مُحْتَفِلٌ بِهِ
دينٌ يُلائِمُ فِطرةَ الإنسان
لو نَهتَدِي يومًا بهديِ كتابنَا
لم يُلْفَ مِنَّا راضيًا بِهَوان
وَلَما هُزمْنَا لو تَجَمَّعَتْ العِدَا
لِقتالِنَا واستَظْهَرُوا بالجان
لَكِنَّنا فشَتِ المعاصي بيننا
فتَحكَّمَتْ فينا يدُ الشيطان

•••

يا نفسُ ما لَكِ والأسَى إن الأسى
مُدْمٍ حَشايَ وهائجٌ نِيرَاني
لا بُدَّ من يومٍ نُغيرُ على الخَنَا
ونعوقُ كوكبَهُ عن الدَّوَران
ونُرِي الذين تعمَّدونا بالأذى
هولًا يُشيب ذوائب الولدان
فقد اجتمعنا بعد طول تَفَرُّقٍ
ولقد هممنا بعد طولِ تواني
قد طال نومُ النصرِ عن أسيافِنَا
لم يبقَ إلا يقظةُ اليَقْظانِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤