في رثاء والده

يا أحمد بنُ عليٍّ كنتُ مِقدامَا
تَنْبُو السيوفُ وتمْضِي أنتَ صِمصامَا
وللمساكين أنهارًا وفاكهةً
وكنتَ سجنًا لِمَنْ يطغَى وإعدامَا
كنتَ السُّلافَ سماحًا والزُّعاف لُقًى
والمِسْكَ نَشْرًا ونورَ الله إِلهامَا
ولِلزكاةِ وحجِّ البيتِ مُحْتَسِبًا
وكنتَ لله صوَّامًا وقَوَّاما
لَكَ المواقفُ بَأْسًا حين يذكرها
هيَّابةُ القَوْمِ يَلْقَى الموتَ بَسَّامًا
لك المناقِبُ جُودًا لستُ أَحْصُرُها
ولو بَرَيْتُ نباتَ الأرضِ أَقلاما
كنتَ الصَّرَاحةَ لَا لَيٌّ ولا خِدَعٌ
ولا خَشَعْتَ لِغيرِ الله إِعظاما
تقول صدقَك لا تخشَى عواقبَه
لو أوْسَعَ الملِكَ الجَبَّارَ إيلاما
وتَتْبَعُ القولَ أفعالًا تُحَقِّقُهُ
بَيْنا يُخال غليظُ القول إيهاما
مَنْ لِلعُفاة هَوَتْ أركانُ صَرْحِهُمُ
تَشَتَّتُوا وغَدَوْا في الأرضِ أيتامَا
من لِلبُغاةِ أُرِيحُوا في سلاسِلِهم
تجمَّعُوا وغَدَوْا هَمًّا وأسقاما

•••

ويومَ (لِلضُّعفاءِ) الغاشمين غدًا
حربًا بما ملأوا الآفاق آثاما
كانوا الشجاعة والإقدامَ حينَ ضَرَوْا
بغيًا فعوَّدْتَهم جُبْنًا وإحجامَا
ورُحْتَ تظلمهم في الله منتَقِمًا
لمَّا غَدَوا لعباد الله ظُلَّامَا
تشتَّتُوا في فِجاج الأرض واختبأوا
كانوا أُسودًا فعادوا اليوم أغناما
لا يَتْرُكُ الذئبَ في أرض تجاورُهُ
يضْرَى أبِي وبَراهُ الله ضِرغاما

•••

شيَّدتَ لله بيتًا طال غاربُه
هامَ السِّماكِ على أُسِّ الهُدى قاما
حَبَسْتَ أعيانَه لله تَقدِمةً
فكان صنعُك للإحسان إتمامَا
أوصَيْتَ لا تَنْحَتُوا لي في جوانبِه
لَحْدًا ولا ترفعُوا لي فيه أعلاما
فَلستُ مُتَّكِلًا يومًا على عملي
بل أسألُ الله غفرانًا وإنعاما
فكان أَمْرُكَ عند الناسِ موعظةً
وعند ربِّك إخلاصًا وإسلاما

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤