وصف القمر

دَلِيلُ رضا الإلَهِ على العَبِيدِ
وسامُ البدرِ في صَدرِ الوُجودِ
فلا تَتَحَنَّثِي بُخلًا وهاتي
رِضابَكِ وابْسِمِي جَذَلًا وجُودي
تَعَالَيْ في ضياءِ البدرِ نَشْكُو
فَمًا لِفَمٍ تباريحَ الصُّدُود
نُعاقِرُ عَتْبَنا ونُجِدُّ عَهْدًا
فَبَعدَ العَتْبِ تجديدُ العُهود
خُذِي ثمنَ الرِّضا أفديكِ رُوحي
وهاكِ البدرُ من خيرِ الشُّهود
يُحاكي في كواكبه عَرُوسًا
وقد نَثَرُوا لها بِدَرَ النقود
ويُشْبِهُ بينها مَلَكًا كريمًا
يُغازِلُ حورَ جَنَّاتِ الخلود
كَأنَّ البدرَ أنتِ أردتِ دَلًّا
فَبَعْثَرْتِ (الدَّراري) من عُقود
كأن البدرَ صدرُكِ وهوَ عارٍ
وفيهِ المَحْوُ ظِلٌّ لِلنهود

•••

وَبِتْنا في ضياءِ البدرِ صدرًا
إلى صدرٍ وجيدًا عند جِيدِ
وباتَ البدرُ يحسدُ أُمَّ طفلٍ
تُرَضِّعُهُ لَمَى ثَغْرٍ بَرُود
وسارَ البدرُ ما بين الدَّراري
كأني سِرْتُ ما بين الجنود
تخالُ نجومَه غُرَرَ المَذَاكي
طَلَعْنَ على عِدانا من نجود
وحاكَ البدرُ وَشْيًا من لُجَيْنٍ
على حُلَلٍ من الأرجاءِ سودِ
كأَنَّ البدرَ لوحُ الغيبِ فيهِ
تَقَادِيرٌ لِذي حظٍّ سعيدِ
وتَحسَبُه كريمًا من طُروسي
وفيه المَحْوُ بيتًا من نشيدِي
وقد لاح الصباحُ كأنَّ سيفًا
يُسَلُّ بِهِ على قلبي العَميدِ
فَوَدَّعْتُ المَلِيحةَ واعْتَنَقْنَا
وقُلْنا يا ليالي البدرِ عُودِي

وقرأ فاضل القصيدة في إحدى المجلات فكتب لصاحب الديوان نقدًا لها، وتباطأت رسائل الشاعر عنه فكتب إليه ملاطفًا مسترضيًا:

نبذتَ مَوَدَّتي من غيرِ ذنبٍ
وكان الرفق دَيْدَنَكَ القديما
فلا كان الهلالُ ولا اقتراحي
فقد أوْسَعْتَنِي هَجْرًا أَلِيمًا
فإنْ كنتَ اعتزلتَ الشعر كَرْهًا
وكنتَ له أبًا وبِهِ رَحيمَا
لِنقدي فاهْدِني لا تَتَّخِذْني
عَدُوًّا أو حَسُودًا أو أَثيمَا
فقد باتَتْ بناتُ الشعرِ تبكي
وأَمْسَى الشعرُ في الدنيا يتيمَا

فأجابه صاحب الديوان:

نَبَذْتُ بناني بل وكفِّي وساعدي
إذا لم تُغَرِّدْ في طروسي قصائدي
يُغَرِّدْنَ تغريد البَلابلِ سُحْرَةً
على رافلٍ في سُندس الرَّوضِ مائدِ
كَأَنَّكَ تَتْلُو مُنْزَلًا من سُطورها
على كُلِّ باكٍ في الضُّلوعِ وساجِدِ
فَمُرْنِي بِما شاءتْ أمانِيكَ إنَّنِي
جَفَوْتُ لأبكارِ المعاني وسائدي
فَمِثلُكَ مَن أَوْفَى لِمَجْدٍ وزانَهُ
لِنَائِي فِجاجِ الهَمِّ وَعْرِ المَقَاصِدِ
فإن أَنا ذَلَّلْتُ القريضَ وَرُضْتُه
وَأَلْبَسْتُهُ زاهِي الحُلَى والمَجَاسدِ
فَفَخْري بِشعري عَائدٌ لَكَ إنَّهُ
يعودُ لِنُورِ الشمسِ نُورُ الفراقد
وإنْ تَأْبَ إلَّا عيبَ شعري ونقدَهُ
فما حِيلَةُ الدينارِ في كفِّ ناقد؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤