رثاء شوقي وحافظ

مَنْ لِي بِسِمْطٍ من دموع الطائي
أَبكي فقيدَ إمارةِ الشعراءِ
شمسُ البيان هَوَتْ وأعْقَبَ ضوءَها
لُجَجٌ على لُجَجٍ من الظلماء
إنْ كان أَمَّرَهُ على شعرائِنا
فَقْدُ النظيرِ وقِلَّةُ الأَكْفاء
فلقد أفاد وقد أجاد وقد مضى
صُعُدًا يَدُوسُ مناكب الجوزاء
لبسَ الخلودَ حُلًى وغادر بعده
أُمَمًا تَنوحُ وعاطلات رجاء
أرأيتَ في تكريمه كم سؤددٍ
ضافٍ وكم من رونقٍ وبهاء
ومن الممالك واحتشاد وفودها
لنبوغِه وتجمُّع الآراء
ما تمَّ ذاك المهرجان لشاعرٍ
إلَّا لشوقي من بني حوَّاء
شوقي وحافظ أَوحَشا الدنيا معًا
رُزْآنِ قد طغَيا على الأرزاء
عَلَمان قد طالا السِّماكَ وخفَّضا
بِعُلاهما مِن هامِ كلِّ سماء
نهران قد جريا لنا بسُلافةٍ
معسولةٍ تشفي من الأدواء
رَوْضان: هذي زهرُها متضاحكٌ
يَنْدَى وتلك كريمةُ الأفياء
مَلَكان طارا بِالخيالِ وحَلَّقا
بِنُهَاهما في سامقِ الأجواء
فلَكَان ماجا بالضياء وسَبَّحا
لله في الإصباحِ والإمساء
كالفَرْقَدَيْن معالِيًا لاحَا معًا
وتلازَمَا في غَيْبَةٍ وخفاء
عاشا معًا يتنازعان مُدامةً
صَهْبَاءَ من أدبٍ ومن علياء
مُتَسابقَيْن مُجَلِّييْن بِحَلْبَةٍ
أَعْيا مَداها قارحَ البُلغَاء
مُتَكَفِّلَيْن إذا مَضَى قَلَماهمَا
أن ليس يُزْهَي صارمٌ بِمَضاء
والآن قد جُمِعَا بِساحةِ رحمةٍ
وتَعانَقا في أُلْفَةٍ وصفَاءِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤