لا أسامحه

قسمَ الحظوظَ مُدَبِّرُ الأمرِ
رَبُّ الرخاءِ وخالِقُ العُسرِ
فإذا رأيتَ الرَّوْض أخْلَفَهَا
وَبْلٌ وبَلَّ جَوانب القَفْرِ
والروضَ لا نامت ولا قعَدتْ
والقَفْر لم يركبْ ولم يَسِرِ
وجهلتَ ما شاءَتْه حكمتُه
فاعلمْ بأنَّك قاصرُ الفِكْرِ

•••

وإذا رأيتَ الوقفَ صادرني
مالي وقصَّرَ نحسُه عمري
فاعلمْ بأني لا أسامِحُهُ
ما عشتُ في الدنيا وفي الحشْر
تعْسًا لِتلك الحربِ كم تركَتْ
همًّا وكم أخْنَتْ على وفْر
دَعَتِ الغلاءَ فهزَّني أملٌ
لِلكَسْبِ من قُطنٍ ومن بُرِّ
فأخذتُ أعمُرُ كلَّ مزرعةٍ
لِلوقفِ قد وُقِفَتْ على الشرِّ
الأجرُ أضعافٌ مُضاعَفةٌ
والأرضُ من مِلح ومن صخر
أكلَ البلَى منها وأتلَفَها
نومُ الوزير ويقظةُ الوِزْر
ومُدَلَّلُون على مقاعدِهم
يترقَّبُون نهاية الشهر

•••

ولقد سعَيْتُ فلم أَذَرْ بلدًا
إلا أضقتُ بذَرْعِه صدري
مُتَغَلْغِلًا في الأرض مُضطرِبًا
في الشامِ في السودان في مصر
أسرى وعينُ الفهدِ تكْلؤني
وأنامُ بين الليثِ والنَّمِر
وضربتُ في الآفاقِ مُتَّجِرًا
وجمعتُ بين الشَّهْدِ والمُرِّ
وزرعتُ حتى لم أجدْ شجرًا
في البرِّ أزرعُه أو البحر

•••

أمشي ونارُ القيظِ تلفحُني
اختال بين الجسر والنهر
لا صارمي أغنَى ولا قلمي
ورمانِيَ المِحراثُ بالنُّكْرِ
وأشدُّ ما لاقيتُ من نكَدٍ
ورأيتُ من تَعْسٍ ومن ضُرِّ
حُكْمُ الغريبِ عليَّ في بلدي
وتصرُّفُ الأعداءِ في أمْري

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤