لست منهم

تَخَرَّصَ فيك الكاشحون ورَجَّمُوا
فَظَنُّوكَ منهم لسْتَ والله منهمُ
كأنَّكَ في عينِ العُداةِ مهابةً
سليلُ لَظًى أو سَمْهَريٌّ مُقَوَّم
كأنَّ الذي بين الأناملِ عندما
تَمُدُّ جراحاتٌ وكفُّكَ مَرْهَم
كأنَّكَ بُرْجٌ في السماءِ وهذه الـ
ـعلاماتُ بدرٌ لاح فيك وأنْجُم
ونَقْعٌ تَلاقَى الدَّانُ فيه كأنَّما الـ
ـقيامةُ قامت والنجومُ تُحَطَّم
هزَرْتَ له نفسًا تَفُلُّ غروبُها
ظُبَا الموتِ حَدُّ الدهرِ فيها مُثَلَّم
ويوم يُريكَ الخيلَ بالخيل ترتَمِي
كأن صُرُوحًا أو جبالًا تُهَدَّم
تخالُ دويَّ المتريوز ونارَه
رعودًا تلاها عارض مُتَهزِّم
وقفْتَ كأنَّ البِيضَ حولكَ روضةٌ
بها الطعنُ وردٌ زاهرٌ يتبسَّم
يَروح إلى أعدائِكَ الموتُ ضاحكًا
ويرتَدُّ عنكَ الموتُ يبكي ويلطُم

•••

وكم ليلةٍ أَلقَى الكرَى عن جفونِه
وآلى ثلاثًا أنَّها لا تُهَوِّمُ
سَرَيْتَ على مثْلِ الظلامِ إلى العِدَا
وعندكَ أوْلى الخيلِ بالليْلِ أَدْهم
إذا ما رآهُ البرقُ يستَرِقُ الدُّجَى
يشيرُ إليه باللِّحاظِ ويبِسم
تُقَصِّرُ كفُّ الرَّاح عن زهوِ عِطْفِه
وتنْقطِعُ الأوتَارُ عمَّا يُحَمْحِمُ
كسَتْهُ عيونُ الغانياتِ سوادَها
فعينٌ له ترنو وقلبٌ يُتَيَّم
تَرَدَّى دَمًا حتَّى كأنَّ شرارةً
رمَتْها على الأعداءِ منه جَهَنَّمُ

•••

فَذَا يا عليَّ الشعرُ إني أصُونُه
عن الناسِ إلَّا من أُحِبُّ وأكْرِم
فإني لَفي أهلِ المعالي مُقَدَّمُ
كما أنا في أَهلِ المعاني مقَدَّم
جزَيْتُكَ حقَّ الودِّ إن كان جازيًا
سوابِغُ سرْدُ المَجدِ فيهنَّ مُحْكَم
تفُلُّ شباةَ النقدِ في يومِ عَرضِها
وإنْ جال فيها قاطِعُ الحدِّ لَهْذَمُ
فقُلْ لِلأُلَى رامُوا مكاني لأَنَّني
فصيحٌ إذا أعْرَبتُ في القولِ أعجموا
وراءَكمُ هذا جريءٌ مقَدَّمٌ
وحسبُكم ما تجهلون ويعلمُ
يَهُبُّ لأبكار المعاني مُبَكِّرًا
ويَسري وأنتم غافلون ونُوَّم
مَعانٍ إذا أُفرِغْنَ في نفس سامعٍ
ينال الحشَى منها ويرتشِفُ الدَّم
يُغَرِّدُ في الرَّوْضِ الهَزارُ تَرنُّمًا
وناعِبةُ الغِربانِ لا تَتَرَنَّمُ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤