الفصل الرابع

في علوم الخط

قد صنَّفوا علومًا مختلفة في الخط، منها ما يتعلق بأدواته من القلم والدواة والمداد والكاغد. ونظم «ابن البواب» في أدوات الكتابة قصيدة رائية، ولياقوت رسالة فيها أيضًا. قال عبد الحميد الكاتب المشهور لمسلم بن قتيبة، وقد رآه يكتب خطًّا رديئًا: «إن كنت تحب أن تجوِّد خطَّك فأطل جلفتك وأسمنها، وجوِّف قطتك وأيمنها.» قال مسلم: ففعلت ذلك فجاد خطي. ومنها ما يتعلق بقوانين الكتابة؛ أي في كيفية نقش صور الحروف. ولمحمد أفندي مؤنس المصري رسالة في ذلك سمَّاها: «الميزان المألوف». ومنها ما يتعلق بتحسين الكتابة، ويرجع ذلك إلى حسن تشكيل الحروف، وإلى حسن وضع الكلمات. ومنها ما يتعلق بالإملاء، وللشيخ نصر الهوريني كتاب جليل في هذا الموضوع سماه: «المطالع النصيرية»، وقد تمت تأليفًا وطبعًا سنة ١٢٧٥ للهجرة.

وأعيد طبعها بالمطبعة الأميرية سنة ١٣٠٢. وللشيخ مصطفى السفطي المؤدِّب بالمدارس المصرية رسالة مفيدة في هذا الموضوع اسمها: «عنوان النجابة في قواعد الكتابة»، وللفاضل السيد محمد الببلاوي وكيل المكتبة الخديوية منظومة لطيفة في قواعد الرسم، فرغ من تأليفها سنة ١٣٠٦، وهي مطبوعة في مجموع المتون. ومنها ما يتعلق بخط المصحف، فإن فيه أشياء جاءت مخالفة للقياس فتُحفظ عن السلف ولا يُقاس عليها. ومثل خط المصحف في عدم القياس عليه خط العروضيين؛ فإنهم يكتبون في تقطيع الشعر ما يلفظونه تمامًا، فيكتبون التنوين نونًا، والحرف المُشدَّد بحرفين، ويحذفون «ال» الشمسية ونحو ذلك. قال ابن درستويه: «خطان لا يُقاس عليهما: خط المصحف؛ لأنه سُنة، وخط العروض؛ لأنه يُكتب فيه ما أثبته اللفظ ويُسقط عنه ما أسقطه.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤