شكر وتقدير

جاء هذا الكتاب ثمرة جهد استمر لفترة طويلة من أجل إيضاح نقطة بديهية، وجاء قسط كبير من ذلك الجهد على هيئة محاضرات ألقيتها حول ذلك الموضوع منذ أن نشرت كتاب «الثقافة الحرة» (٢٠٠٤). كان هناك ما يربو على مائتين من تلك المحاضرات. في كل مرة، كانت الحجة تطرح وتتغير، تغيرًا طفيفًا في بعض الأحيان، ومؤثرًا في أحيان أخرى. ويمثل هذا الكتاب نهاية ذلك التطور، وإن كان هذا فقط بسبب تحويلي لبؤرة اهتمام عملي إلى وجهة أخرى.

طيلة سنوات تلك الفترة، كنت أشعر كما لو كنت أعمل وسيطًا بين وجهتي نظر قويتين؛ إحداهما عبر عنها العمل الذي ألفه الراحل لايمان راي باترسون، والأخرى عبرت عنها عاطفة الراحل جاك فالينتي.

كان باترسون أستاذًا للقانون بجامعة جورجيا. كان واحدًا من أوائل الباحثين في مسألة حقوق التأليف والنشر الذين نظروا إلى قانون حقوق التأليف والنشر وإلى واقع المجتمع المعاصر، وتوصلوا إلى استنتاج مؤداه أن هناك خللًا عظيمَ التأثير. كان فالينتي رئيس اتحاد صناعة السينما الأمريكية. وكان هو الآخر ينظر إلى قانون حقوق التأليف والنشر وواقع المجتمع المعاصر، واستنتج أن هناك خللًا عظيمَ التأثير. من وجهة نظر باترسون، كان منبع الخلل هو القانون. أما بالنسبة لفالينتي فكان المجتمع، أو على الأقل شباب مجتمعنا. وعمل كلاهما حتى يومي وفاتيهما على تصحيح الخلل الذي وضع كل منهما يده عليه.

التقيت باترسون مرة واحدة فحسب، وناظرت جاك فالينتي علنًا أربع مرات، وبرغم أن رأيَي الرجلين كانا على أشد ما يكون الاختلاف أحدهما عن الآخر، فإنني في النهاية أدركت أن بؤرة الاهتمام المحددة لهذا الكتاب، وعملي طيلة تلك السنوات الأربع الماضية، جاءت بقدر كبير نتاج التأثير النافذ لكلا الرجلين. ولو كانا لا يزالان على قيد الحياة، لكنت استأذنتهما قبل أن أمزجهما معًا في إهداء واحد. ولكن لأن كلًّا منهما كرس قسطًا كبيرًا من حياته لمهمة التدريس (حتى وإن كان ذلك تم بطريقتين مختلفتين تمامًا)، فإنني أثق في أن كليهما كانا سيوافقان على الدرس الذي يقدمه هذا المزيج الخاص.

إنني ممتن لأولئك الكثيرين الذين استعنت بأفكارهم وحججهم في كتابي هذا، ولأولئك الذين شكلوا جذور فكري. كان لدي مفهوم مختلف تمامًا عن القصة التي يحكيها هذا الكتاب، إلى أن غير تيم أوريلي وجهة نظري تغييرًا جذريًّا. وعلى نفس النحو، وإن كان بدرجات متفاوتة، حدث ذلك مع آخرين ممن تحاورت معهم وظهرت أسماؤهم على صفحات هذا الكتاب: بريان بيليندورف، مارك براندون، كانديس برايتز، ستيوارت بترفيلد، ستيف تشين، جريج جيليس، مارك هوسلر، جوي إيتو، ميمي إيتو، دون جويس، بروستر كال، هيذر لوفر، ديكلان ماكولا، ديف مارجلين، كريج نيومارك، سيلفيا أوشوا، فيليب روزدال، مارك شاتلوورث، جون سودربرج، فيكتور ستون، جيمي ويلز، جيري يانج، وروبرت يونج. لقد اكتسبت قدرًا عظيمًا من المعرفة منهم جميعًا، وآمل أن أكون قد تمكنت من أن أوضح بجلاء بعضًا من ذلك الفهم من خلال الكتاب.

هناك ثلاثة آخرين ممن حاورتهم أمضوا وقتًا طويلًا وهم يعلمونني مادةً لم أشرع في ذكرها ها هنا، قدمت لي دانا بويد بسخاء معرفتها الثرية الاستثنائية بالشباب والإبداع، وفي النهاية، صرت مؤمنًا بأن هذا البحث ينبغي أولًا أن يقدم بمعرفتها هي، يمكنك أن تعتبرني ضمن أولئك الذين يدينون له بالعرفان باعتباره بحثًا بالغ الأهمية بالنسبة لفهم هذا الجيل المقبل. بنجامين ماكو هيل وإريك مولر أمضيا الكثير من الوقت في تحديد ملامح الفهم الثري والمعقد للثقافة الحرة، إن ذلك العمل أكمل وصحح لي الكثير مما قلته في كتاب «الثقافة الحرة»، لكن كان من شأن الاستفاضة في الحديث عنه هنا تغيير القصة كثيرًا، يكفيني القول بأن هناك المزيد مما يجب أن يقال، وإني آمل أن أحصل على فرصة لقول شيء منه.

أشعر بعظيم الامتنان لمجموعة مذهلة من الطلبة ممن ساعدوني في تصويب أخطائي، وبينوا لي أجزاء في الحجة غابت عني، أو كانت في حاجة لمزيد من المطالعة، ومن بين هؤلاء شيرين بارداي، وكيفين دونوفان، وبول جاودر، وإريكا مايرز، ومايكل واينبرج. وكان صاحب النصيب الأوفر من العمل على التنسيق بين أولئك الطلبة مساعدة بحث تتمتع بكفاءة غير عادية، وزعامة ذات رؤية مستنيرة؛ تريسي روبن. كما قامت كريستينا جانييه بمهمة خارقة لحدود القدرات البشرية، ليس فقط في توفير البحوث الأساسية، وإنما في تجميع أوصال تلك المادة البحثية للتحقق من كل شيء ذكرته في هذا الكتاب، وهذا هو الكتاب الثاني التي تعاونني فيه كريستينا حتى يخرج إلى النور، وإنني لأشعر بعظيم الامتنان لها على ذلك.

إضافةً إلى الحوارات الثلاثة التي لم تظهر في هذا الكتاب، هناك مشروع تجريبي هائل الحجم لم أجد فيه القدر الكافي من التثقيف الذي يدعوني لضمه إلى الكتاب. فقد أسهمت شركة أليكسا المتخصصة في البحوث بسخاء في ذلك المشروع بتقديمها لقائمة طويلة بأسماء أكبر مائة ألف موقع على شبكة الإنترنت، وقدم فريق هائل من المتطوعين من منظمة المشاع الإبداعي يد العون في استقراء مادة تلك المواقع كي يحدد نوع التفاعل الذي شجع كل منها على قيامه، على أنه في النهاية، جاءت النتائج شديدة الإبهام بحيث لم تكن لتضيف أي معنًى لهذا الكتاب. وآمل أن أتم عملي في مقال سوف أنشره في وقت لاحق، غير أنني ممتن بوجه خاص لكثيرين ممن عاونوا في تنسيق شئون ذلك المشروع الاستقرائي الهائل، ومن بينهم د. إمري بايامليوجلو، بودو بالاش، لو فانج، ليتال لايشتاج، جيه سي دو مارتان، دراجوسلافا بيفيفا، جون فيليبس، سونج شي، أَنَس طويلة، هونج في تران، جون هندريك فايتزمان، وفومي يامازاكي.

هناك أيضًا قائمة طويلة من الأصدقاء، وأصدقاء الإنترنت ممن قدموا لي النصح والمعلومات التي لا غنى عنها، ومن بين هؤلاء بابلو فرانشيسكو آرييتا، وشون فيري، وأندي مورافشيك، وكوري أوندريجكا، وساعدني دان كاهان في التفكير مليًّا في تأثيرات القانون الرديء على الأعراف. وقدم بيج شامباين (موقع www.bigchampagne.com) بيانات شاملة عن ممارسات تشارك الند للند في الملفات. وإنني لممتن لأنهم قاموا بذلك بروح «الاقتصاد التشاركي»؛ إذ إن ميزانية كتاب مثل هذا ما كانت لتحتمل أكثر مما حققته.

شرعتُ في تأليف هذا الكتاب في الأكاديمية الأمريكية في برلين، وإنني لأعرب عن خالص امتناني لتلك القطعة من الجنة على الأرض، ولمديرها التنفيذي — جاري سميث — الذي أقنعني بالسعي نحو إنجازه، كما أود كذلك التعبير عن عرفاني بجميل كلية حقوق ستانفورد، ودين لاري كريمر، لدعمه الذي لا نهاية له الذي قدمه لمعاونتي على إتمام الكتاب.

مثلما يعلم أي امرئ سبق له أن عمل معي خلال السنوات القليلة الماضية، فإنني ما كان لي أن أتمكن من القيام بهذا العمل، ومن أداء أشياء أخرى كثيرة بدون مساعِدتي فائقة المثالية إلين أدولفو؛ إنها ليست مجرد مساعِدة تفوق في كفاءتها بكثير أي شخص آخر في العالم، وإنما تتحلى أيضًا بقدر من الرقة والصبر يندر العثور عليه في هذا العالم، وما من سبيل كي أوفيها حقها من الشكر على ما قدمته من معاونة.

وأخيرًا، أشكر أسرتي، لقد نشر كتاب «الثقافة الحرة» بعد ولادة طفلنا الأول مباشرةً. وبدأت في هذا الكتاب بمجرد أن رزقنا بطفلنا الثاني. ومثلما يعلم أي إنسان رزق بتلك النعمة بوجه خاص، لا شيء يمكن مقارنته بتلك البهجة، حتى وإن ضارعتها متع كثيرة وجمة في هذه الدنيا. كما أعرب عن شكري وحبي اللانهائي لزوجتي بتينا، التي بنت تلك المتعة الخاصة معي، رغم الأعباء التي فرضها عليَّ هذا العمل في خضم ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤