مقدمة

لأول مَرَّة أعترف بأن مُعظَم قصص هذا الكتاب من خيالي البحت، باستثناء ثلاث أو أربع قصص مُستمَّدة من واقع الحياة. وقصة واحدة واقعية بجميع حذافيرها، من تاريخ وأسماء وأرقام ووقائع ونتائج. ولا بد أنْ سيدركها القارئ من تلقاء نفسه.

ومع ذلك، فأرجو أنْ يجد القارئ العزيز في هذه القصص ضالَّته المنشودة من متعة وعظة.

قد يظن القارئ أنَّ كتابة القصة لا تحتاج إلى مجهود، أو إعمال الفكر. هذا غير صحيح؛ فالقصة لا يمكن أنْ تُسمَّى قصة، إلا إذا كانت وراءها فكرة سليمة مُقنِعة ومعقولة، تُرضي القارئ، وتُثري عقله بالرأي القوي السليم، وبالموعظة المفيدة.

لذا أعترف — ولأول مرة — بأن تأليف هذه القصص أنهكَني وأرهقَني، ونال مِنِّي تمامًا؛ حتى إنني كنت إذا ما فرغت من قصة، ظللت الساعات تلو الساعات أفكِّر في موضوع القصة التالية ووقائعها وخاتمتها … حتى يهديني الله، ويوحي إليَّ، بما أريد.

ما كنتُ أظن أنني سأستطيع تضمين هذا الكتاب عشرين قصة. ولكن الله — جلَّت قدرته — مكَّنني من كتابتها. فهو إذا أراد شيئًا، إنما يقول له: كُنْ فَيَكُونُ … وبذا أراد لكتابي هذا أنْ يرى النور، بالحجم المناسب المعقول.

قد يكون الهدف من هذه المجموعة القصصية غامضًا، أو غير واضح بالنسبة للقارئ، إلا أنَّه بعد أنْ يقرأها سيعرف الهدف من كل قصة، وما ترمي إليه من غرضٍ سامٍ؛ فوراء كل قصة فكرة معقولة، مهما تبدو خارقة.

هذا هو كتابي التاسع أو العاشر، في مجال القصة القصيرة. وإني لَأشكر القرَّاء الذين أمطروني برسائلهم تحمل عبارات الإعجاب والتقدير لما قرءوه في كتبي السابقة، في مضمار القصة القصيرة بالذات. ولعل هذا هو ما شجعني على المُضِي في هذا الطريق؛ فأقدم هذا الكتاب الجديد، وأنا مقتنع غاية الاقتناع، بأنني أُسْدي إلى القارئ العربي خدمة بالغة الفائدة، سوف تَلقى منه نفس الترحيب والقبول.

هناك حقيقة هامة، ربما لا يعرفها القارئ، ألا وهي ما أصاب عالَم النشر من نفقات باهظة تكاد تكون خيالية، من ارتفاع أسعار الورق، وأجْر عمَّال الطباعة، وأثمان المواد والأصباغ وغيرها مما يلزم للطباعة … وبذا أصبحت هذه النفقات عقبة كَأْدَاء تقف في طريق طبع ونشر أي كتاب. وقد لا يعلم القارئ العزيز أنني أطبع مُعظمَ كتبي على نفقتي الخاصة، ومن جيبي الخاص، الذي كاد يخلو من كل نقود.

لهذا السبب، سأجد نفسي سعيدًا جدًّا، إنْ وفَّقني المولى الكريم إلى نشر هذه المجموعة، وإخراجها إلى حيِّز النور. ففي هذا إثراء للمكتبة العربية، رغم قِلة ما يُوزَّع ويُباع، نظرًا لارتفاع سعر الكتاب المصري، مما يجعل الإقبال عليه قاصرًا على الفئة القادرة ماديًّا، وعشاق القراءة، وهذا نادرًا ما يتوفر.

ختامًا، أعتذر للقارئ الكريم، لو وجد في كتابي هذا أي تقصير، فهو غير مقصود مني بأية حال، والله ولي التوفيق.

المؤلف
أمين سلامة
٩١/١٢/٩

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤