الفصل العاشر

الكيمياء الضوئية الشمسية

في الفصل السابق، ناقشنا الخلايا الشمسية المصنوعة من أشباه موصلات، حيث تولد الفوتونات القادمة من الشمس أزواج إلكترونات وثغرات، ثم تحول الطاقة الموجودة في تلك الأزواج إلى طاقة كهربية. أما الكيمياء الضوئية الشمسية، فتتَّبع مسارًا مختلفًا؛ إذ تتسبَّب الفوتونات القادمة من الشمس في انتقال أي جزيء من حالة الاستقرار الخاصة به إلى حالة إثارة. ويمكن تحويل الطاقة المخزنة في الجزيء المثار إلى طاقة كهربية أو طاقة كيميائية دائمة. وأهم مثال على الكيمياء الضوئية الشمسية هو التمثيل الضوئي؛ أي تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيميائية مخزنة في مادة عضوية، مثل الجلوكوز.

(١) فيزياء التمثيل الضوئي

إن معظم الطاقة التي يستخدمها المجتمع البشري حاليًّا مصدرها عملية التمثيل الضوئي؛ فالطاقة المخزنة في الطعام وأنواع الوقود التقليدية، مثل الحطب، مصدرها على نحو مباشر أو غير مباشر عملية التمثيل الضوئي. فالوقود الحفري هو بقايا الكائنات الحية القديمة؛ أي، الناتج المُخزَّن لعملية التمثيل الضوئي. والتمثيل الضوئي باعتباره مصدر الطاقة لكل مظاهر الحياة على الأرض عملية طبيعية تطورت في المليار عام الأخيرة من خلال الانتقاء الطبيعي. ودراسة هذه العملية ستلهمنا إنشاء نظم عالية الكفاءة للاستفادة المثلى من الطاقة الشمسية. ولمزيد من المعلومات عن هذه العملية، انظر كتاب بلانكنشيب [11] وفوت [86].
يمكن الزعم أن التمثيل الضوئي أهم تفاعل كيميائي على كوكب الأرض. وكدليل على ذلك، حصل تسعة علماء على جائزة نوبل في الكيمياء بسبب أبحاثهم في مجال التمثيل الضوئي، وهم كالتالي:
  • 1915: ريتشارد مارتن فيلشتيتر، لأبحاثه عن تنقية الكلوروفيل وتركيبه والكاروتينات والأنثوسيانينات.
  • 1930: هانس فيشر، لأبحاثه عن تخليق الهيم وكيمياء الكلوروفيل.
  • 1937: بول كارر، لأبحاثه عن تركيب الكاروتينات والفلافينات وفيتامين ب2.
  • 1938: ريتشارد كون، لأبحاثه عن الكاروتينات والفيتامينات.
  • 1961: ملفين كلفن، لأبحاثه عن تثبيت ثاني أكسيد الكربون.
  • 1965: روبرت برنز وودوارد، لأبحاثه عن التخليق الكامل لفيتامين ب12 والكلوروفيل ومنتجات طبيعية أخرى.
  • 1978: بيتر ميتشل، لأبحاثه عن الفسفرة التأكسدية والضوئية ونظرية التناضح الكيميائي.
  • 1988: هارتموت ميتشل وروبرت هوبر ويوهان دايزنهوفر، لأبحاثهم عن تحديد تركيب مركز تفاعل التمثيل الضوئي البكتيري بالأشعة السينية.
  • 1992: رودولف ماركوس، لأبحاثه عن نظرية انتقال الإلكترونات وتطبيقها على الفصل الأولي للشحنات في عملية التمثيل الضوئي.
  • 1997: بول دي بوير وجون إيه ووكر، لاكتشافهما الآلية الإنزيمية لتخليق الأدينوسين الثلاثي الفوسفات.
تتمثَّل المعادلة الكيميائية القياسية للتمثيل الضوئي في إنتاج الجلوكوز أو الفراكتوز، ، من ثاني أكسيد الكربون والماء والطاقة من الإشعاع الشمسي، وذلك كما يلي:
(10-1)

لفهم العملية الأساسية، عادة ما تُكتب المعادلة السابقة كما يلي:

(10-2)
ولأن الطاقة القياسية لفوتون من ضوء الشمس تتراوح بين 1–3eV، فإن العملية السابقة بلا شك عملية متعددة الفوتونات.

(١-١) الكلوروفيل

على الرغم من أنه كانت هناك العديد من عمليات التمثيل الضوئي المختلفة، فقد بقي عدد قليل جدًّا منها فقط بسبب عملية الانتقاء الطبيعي وذلك لدعم الحياة على الأرض. وتعتمد عملية التمثيل الضوئي على الكلوروفيل، وهي المادة الصبغية الخضراء في النباتات. والمقابل الإنجليزي لكلمة كلوروفيل chlorophyll، مشتق من الكلمتين اليونانيتين cholos (خضراء) وphyllon (ورقة).
ونوع الكلوروفيل الأكثر شيوعًا في النباتات والطحالب هو الكلوروفيل أ. ويظهر التركيب الكيميائي له في الشكل ١٠-١. وهو جزيء مستوٍ قريب الشبه بالمربع طوله نانومتر واحد على كلا الجانبين. تتوافق ذرة ماغنسيوم موجودة في مركز الجزيء مع أربع ذرات نيتروجين. كل ذرة نيتروجين جزء من حلقة بيرول. وفي المواضع الخارجية، ترتبط مجموعات مثل و . وللعديد من الأنواع الأخرى للكلوروفيل نفس هذا التركيب الأساسي، لكنها تختلف في المجموعات الموجودة في المواضع الخارجية.
fig127
شكل ١٠-١: الكلوروفيل: التركيب الكيميائي لأكثر أنواع الكلوروفيل شيوعًا، الكلوروفيل أ. يوجد في وسط الجزيء القريب المربع الشكل ذرة ماغنسيوم. وكل ذرة نيتروجين جزء من حلقة بيرول. ويرتبط ذيل من الهيدروكربونات عبر موضع ذرة أكسجين. وفي المواضع الخارجية، ترتبط مجموعات مختلفة.
يظهر طيف امتصاص الكلوروفيل أ وشرحه في الشكل ١٠-٢. إن له ثلاث مجموعات رئيسية من ذروات الامتصاص، التي تتمركز عند طول موجي 662nm (المنطقة الحمراء) و578nm (المنطقة الصفراء) و430nm (المنطقة الزرقاء). والمنطقة الخضراء شفافة، مما يؤدي إلى لونه الأخضر المميز له. ويظهر مخطط طاقة الكلوروفيل أ في الشكل ١٠-٢(ب). فبالإضافة إلى أعلى مدار جزيئي مشغول وأدنى مدار جزيئي غير مشغول، هناك حاجة لمستويي طاقة إضافيين؛ الأول: أقل من أعلى مدار جزيئي مشغول، والآخر: أعلى من أدنى مدار جزيئي غير مشغول، لشرح طيف الامتصاص في الضوء المرئي. وتقابل ذروة الامتصاص في المنطقة الحمراء، بالقرب من 660nm، الانتقال من أعلى مدار جزيئي مشغول إلى أدنى مدار جزيئي غير مشغول. وتقابل ذروة الامتصاص في المنطقة الصفراء، عند نحو 570nm، الانتقال من مستوًى واحد أسفل أعلى مدار جزيئي مشغول إلى أدنى مدار جزيئي غير مشغول. والذروة في المنطقة البنفسجية، بالقرب من 430nm، تقابل الانتقال من مستويات الطاقة التي توجد أسفل أعلى مدار جزيئي مشغول إلى تلك التي توجد أعلى أدنى مدار جزيئي غير مشغول. وفي فترة زمنية قصيرة جدًّا، تسترخي كل حالات الإثارة تلك للحالة الجزيئية التي بأدنى مدار جزيئي غير مشغول واحد، وتكون نحو 1.88eV فوق حالة الاستقرار.
fig128
شكل ١٠-٢: طيف امتصاص الكلوروفيل أ: (أ) ذروات الامتصاص للكلوروفيل أ هي في المناطق الحمراء والصفراء والزرقاء في الضوء فوق البنفسجي القريب. والمنطقة الخضراء شفافة، مما يؤدي إلى لونه الأخضر المميز له. (ب) مخطط مستويات طاقة الكلوروفيل أ. تقابل ذروة الامتصاص في المنطقة الحمراء، بالقرب من 660nm، الانتقال من أعلى مدار جزيئي مشغول إلى أدنى مدار جزيئي غير مشغول. وتقابل ذروة الامتصاص في المنطقة الصفراء، عند نحو 570nm، الانتقال من مستوًى واحد أسفل أعلى مدار جزيئي مشغول إلى أدنى مدار جزيئي غير مشغول. والذروة في المنطقة البنفسجية، بالقرب من 430nm، تقابل الانتقال من مستويات الطاقة التي توجد أسفل أعلى مدار جزيئي مشغول إلى تلك التي توجد أعلى أدنى مدار جزيئي غير مشغول. وفي فترة زمنية قصيرة جدًّا، تسترخي كل حالات الإثارة تلك للحالة الجزيئية التي بأدنى مدار جزيئي غير مشغول واحد، وتكون نحو 1.88eV فوق حالة الاستقرار.

تنتقل الطاقة المخزنة في جزيء الكلوروفيل المُثار إلى جزيء تخزين طاقة، الأدينوسين الثلاثي الفوسفات، الذي يدفع عملية إنتاج السكر من ثاني أكسيد الكربون والماء.

(١-٢) الأدينوسين الثلاثي الفوسفات: عملة الطاقة العامة للحياة

يظهر تركيب كل من الأدينوسين الثلاثي الفوسفات (ATP) وجزيء آخر مرتبط به وهو الأدينوسين ثنائي الفوسفات (ADP) في الشكل ١٠-٣. كلا الجزيئين لهما قاعدة نيتروجينية تُسمى «أدينين»، وسكر مكون من خمس ذرات كربون يُسمى «ريبوز»، ومجموعتين أو ثلاث مجموعات من «الفوسفات». (الأدينين هو أيضًا إحدى القواعد النيتروجينية الأربعة التي تُعد المكونات الأساسية للحمض النووي، وهو مادة الشفرة الجينية.) يُعد هذان الجزيئان البطاريتين العامتين القابلتين لإعادة الشحن في النظم البيولوجية: الأدينوسين الثلاثي الفوسفات هو البطارية المشحونة والأدينوسين الثنائي الفوسفات هو البطارية المفرغة. ويحتاج الأمر لبعض الطاقة لإلحاق مجموعة فوسفات بالأدينوسين الثنائي الفوسفات لتكوين الأدينوسين الثلاثي الفوسفات. وبإزالة مجموعة فوسفات من الأدينوسين الثلاثي الفوسفات لتكوين الأدينوسين الثنائي الفوسفات، تُطلَق طاقة:
(10-3)
fig129
شكل ١٠-٣: الأدينوسين الثلاثي الفوسفات والأدينوسين الثنائي الفوسفات: يحتوي كلا الجزيئَيْن على أدينين وريبوز، ومجموعتين أو ثلاث مجموعات من الفوسفات. ويحتاج الأمر لبعض الطاقة لإلحاق مجموعة فوسفات بالأدينوسين الثنائي الفوسفات لتكوين الأدينوسين الثلاثي الفوسفات. وبإزالة مجموعة فوسفات من الأدينوسين الثلاثي الفوسفات لتكوين الأدينوسين الثنائي الفوسفات، تُطلَق طاقة. ويُعد الأدينوسين الثلاثي الفوسفات «البطارية القابلة لإعادة الشحن» العامة في النظم البيولوجية.
عُزل هذان الجزيئان في عام 1929 من أنسجة عضلية. وفي عام 1940، افترض فريتس ليبمان (الذي نال جائزة نوبل في الفسيولوجيا والطب عام 1953) أن الأدينوسين الثلاثي الفوسفات هو عملة الطاقة العامة في الخلايا. على سبيل المثال، عندما يقوم أي شخص بتدريب هوائي، يتأكسد الجلوكوز من خلال الأكسجين الموجود في الدم ويتحول إلى ثاني أكسيد الكربون وماء، وفي الوقت نفسه يُطلِق طاقة. وتُخزَّن الطاقة على نحو مؤقت على هيئة الأدينوسين الثلاثي الفوسفات. ثم يدفع الأدينوسين الثلاثي الفوسفات المُزود بالطاقة عملية انقباض العضلات.

افترض دانيال آرنون الدور الرئيسي للأدينوسين الثلاثي الفوسفات في عملية التمثيل الضوئي في خمسينيات القرن العشرين. وقد قوبلت فكرته بكثير من الشك. ثم قام زميل له في نفس الجامعة، جامعة بيركلي، ملفين كلفن، بسلسلة من التجارب واكتشف عملية التمثيل الضوئي وتحقق من افتراض آرنون.

يلعب جزيء الأدينوسين الثلاثي الفوسفات دورًا مهمًّا للغاية في علم طاقة الحياة لدرجة أن شرح آلية إنتاجه جعل صاحبَيْها بول دي بوير وجون إي ووكر يحصلان على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1997، وقد أطلقت مجلة «ساينس» عليه في عام 1998 لقب «جزيء العام».

(١-٣) فوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد وفوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد المختزل

إلى جانب انتقال الطاقة، هناك حاجة أيضًا لاختزال ثاني أكسيد الكربون إلى هيدريد الكربون من أجل إنتاج الجلوكوز. وعامل الاختزال في هذه العملية هو فوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد المختزل (NADPH)، الذي يمكن أن يُطلق ذرة هيدروجين مع إلكترون ويصبح فوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد (NADP+). وكلا الجزيئَيْن يحتويان على مجموعة نيكوتيناميد ومجموعة أدينين ومجموعَتَيْ ريبوز وثلاث مجموعات فوسفات (انظر الشكل ١٠-٤).
fig130
شكل ١٠-٤: فوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد وفوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد المختزل: كلا الجزيئَيْن يحتويان على مجموعة نيكوتيناميد ومجموعة أدينين ومجموعَتَيْ ريبوز وثلاث مجموعات فوسفات. فوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد المختزل لديه ذرتا هيدروجين في موقع على مجموعة النيكوتيناميد. وأثناء عملية الاختزال، يُطلِق ذرة هيدروجين مع إلكترون ويصبح فوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد.

(١-٤) دورة كلفن

في أربعينيات القرن العشرين وخمسينياته، قام ملفين كلفن وزملاؤه بسلسلة من التجارب باستخدام أحد نظائر الكربون وتوصلوا إلى مسار عملية التمثيل الضوئي. فبإضافة 14CO2 لسائل يحتوي على الطحلب الأخضر كلوريلا برينويدوزا وباستخدام مخططين كروماتوغرافيين ورقيين ثنائيي الأبعاد، حدث تتبع للجزيئات التالية لعملية التمثيل الضوئي من خلال النشاط الإشعاعي لذرات 14C. وبالنسبة لتفاصيل العملية، أو ما يُطلَق عليه «دورة كلفن»، فهي معقدة إلى حد ما. وأقترح أن يرجع القراء المهتمون بهذا الموضوع لكتاب بلانكنشيب [11] أو الفصل الرابع والعشرين من كتاب فوت [86]. سنعرض هنا بعض النقاط الرئيسية في دورة كلفن فيما يتعلَّق بعمليات انتقال الطاقة:
يعرض الشكل ١٠-٥ الخطوات الأساسية في دورة كلفن. إن أهم اكتشاف في تجارب كلفن هو أن تثبيت الكربون من ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى إنتاج جزيئَيْن متماثلين ثلاثيي الكربون (3-فوسفوجليسيرات) بإدخال ذرة كربون ثم تكسير جزيء خماسي الكربون (ريبولوز-1,5-ثاني الفوسفات). تُسمى الخطوة الأولى في دورة كلفن «تثبيت الكربون». وتتمثَّل الخطوة التالية في اختزال المجموعة الكربوكسيلية لتكوين فوسفات الترايوز باستخدام فوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد المختزل. تتطلَّب العملية الكاملة لإنتاج الجلوكوز تكرار عملية تثبيت الكربون ست مرات. وفي كل مرة، يجب إعادة إنتاج الجزيء الخماسي الكربون (ريبولوز-1,5-ثاني الفوسفات) للإعداد لعملية تثبيت الكربون التالية. ويتطلب الأمر من 9 إلى 10 فوتونات لإتمام عملية تثبيت كل ذرة كربون في المنتج النهائي، على سبيل المثال، الجلوكوز.
fig131
شكل ١٠-٥: الخطوات الأساسية في دورة كلفن: لدورة كلفن ثلاث خطوات أساسية. تتمثَّل الخطوة الأولى، «تثبيت الكربون»، في إدراج جزيء ثاني أكسيد كربون في جزيء مكون من خمس ذرات كربون ومجموعَتَيْ فوسفات. وينقسم الجزيء الناتج إلى جزيئَيْن متماثلين يتكون كل منهما من 3 ذرات كربون. وفي الخطوة التالية، يُختزل الجزيء بفعل فوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد المختزل. وتتكرر العملية ست مرات لإنتاج جزيء جلوكوز. وفي كل مرة، يجب إعادة إنتاج الجزيء الخماسي الكربون (ريبولوز-1,5-ثاني الفوسفات) للإعداد لعملية تثبيت الكربون التالية.

(١-٥) النباتات الرباعية الكربون في مقابل النباتات الثلاثية الكربون

في دورة كلفن التقليدية، هناك تفاعل بديل في خطوة تثبيت الكربون، وهو أن جزيء أكسجين يمكن أن يأخذ دور ثاني أكسيد الكربون وينتج منتجين مختلفين؛ الأول بثلاث ذرات كربون والآخر بذرتي كربون. وتقلل العملية التي تستخدم الأكسجين، التي يُطلق عليها «التنفس الضوئي»، من كفاءة عملية التمثيل الضوئي.

في بعض النباتات، مثل الذُّرة وقصب السكر، تحدث عملية أفضل في خطوة تثبيت الكربون للتحايل على عملية التنفس الضوئي، وذلك من خلال آلية ضخ ثاني أكسيد الكربون التي تنتج كسرتَيْن جزيئيتين متماثلتين تتكون كل منهما من 4 ذرات كربون. ولأن المنتج الأساسي لعملية تثبيت الكربون هو جزيء رباعي ذرات الكربون وليس ثلاثي ذرات الكربون، فإن هذا الشكل المختلف من دورة كلفن يُسمى دورة رباعية الكربون وتُسمى النباتات مثل الذرة وقصب السكر النباتات الرباعية الكربون. وخاصةً في ظل درجة حرارة عالية وبيئات ذات معدل تشميس عالٍ، تكون كفاءة عملية التمثيل الضوئي للنباتات الرباعية الكربون أعلى بكثير من تلك الخاصة بغالبية النباتات التي لديها دورة ثلاثية الكربون [11].

(١-٦) البلاستيدات الخضراء

في النباتات، تحدث خطوات عملية التمثيل الضوئي وتوجد محتوياتها في وحدات طبقية الشكل تُسمى «البلاستيدات الخضراء»؛ انظر الشكل ١٠-٦(a). إن للبلاستيدة الخضراء، التي بحجم قياسي قدره 5μm، تركيبًا واضح المعالم لتسهيل تدفق الماء وثاني أكسيد الكربون والمنتجات. بوجه عام، تحتوي أي خلية ورقية على 20 إلى 60 بلاستيدة خضراء؛ انظر الشكل ١٠-٦(b). ويمكن أن يشتمل مقطع حجمه 1mm2 في أي ورقة ذُرة قياسية على عدد كبير من البلاستيدات الخضراء قد يصل إلى نصف مليون.
fig132
شكل ١٠-٦: البلاستيدات الخضراء: (a) تحدث خطوات عملية التمثيل الضوئي في النباتات في البلاستيدة الخضراء. وللبلاستيدة الخضراء، التي بحجم قياسي قدره 5μm، تركيب واضح المعالم لتسهيل تدفق الماء وثاني أكسيد الكربون والمنتجات. (b) تحتوي أي خلية ورقية على 20 إلى 60 بلاستيدة خضراء.

(١-٧) كفاءة عملية التمثيل الضوئي

من وجهة نظر هندسية، تُعد كفاءة عملية التمثيل الضوئي عاملًا مهمًّا. ونعني بالكفاءة نسبة الطاقة الكيميائية لمنتجات عملية التمثيل الضوئي والطاقة الشمسية الساقطة على الأوراق.

يعرض الشكل ١٠-٧ نتائج دراسة قام بها بولتون وهول [12]. يرجع الفقد الأول لنطاق الطول الموجي. ويمتص الكلوروفيل فقط أقل من نصف الإشعاع الشمسي؛ أي الضوء الأحمر والضوء البرتقالي والضوء الأزرق. أما الباقي، فليس له أي تأثير. أما الفقد الثاني، فيرجع للاسترخاء. وكما هو موضح في الشكل ١٠-٢، يسترخي الجزيء المثار بسرعةٍ للحالة التي لها أدنى مدار جزيئي غير مشغول واحد، والتي تكون عند نحو 1.8eV. ويجب أن تُخزَّن الطاقة الموجودة في حالة الإثارة للكلوروفيل على نحو مؤقت على هيئة طاقة كيميائية قابلة للاستخدام، الطاقة الموجودة في الأدينوسين الثلاثي الفوسفات وفوسفات ثاني نيوكليوتيد الأدينين والنيكوتيناميد المختزل، التي تكون عند نحو 0.54eV لكل جزيء. تُفقد 68 بالمائة من الطاقة. كفاءة دورة كلفن أيضًا ليست كاملة؛ حيث يُفقد ما يتراوح بين 35 و45 بالمائة من الطاقة؛ ونتيجة لذلك، تصل الكفاءة الإجمالية إلى نحو 5 بالمائة.
fig133
شكل ١٠-٧: كفاءة عملية التمثيل الضوئي: تصل الكفاءة الإجمالية لعملية التمثيل الضوئي إلى نحو 5 بالمائة. لاحظ أن أكبر نسبة فَقْد ترجع لتحويل طاقة الإثارة في الكلوروفيل إلى الأدينوسين الثلاثي الفوسفات؛ أي شحن البطارية البيولوجية القابلة لإعادة الشحن، ونطاق الطول الموجي المحدود لطيف امتصاص الكلوروفيل [12].
على الرغم من أن القيمة العددية للكفاءة تبدو هزيلة، ونظرًا للمساحة الهائلة للأرض المغطاة بالنباتات، فإن الإنتاج الإجمالي للطاقة الكيميائية من قِبل عملية التمثيل الضوئي عبر العالم سنويًّا يساوي 3 × 1021J، الذي يزيد 6 مرات عن إجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة في عام 2008.
لمقارنة عملية التمثيل الضوئي بعمليات استخدام الطاقة الشمسية الأخرى، فإن المقياس الذي عادة ما يُستخدم هو «كثافة القدرة» ﺑ W/m2، وهي الطاقة الكيميائية المُنتجة سنويًّا على متر مربع من الأرض مقسومة على عدد الثواني الموجودة في العام الواحد. لاحظ أن المنتج النهائي القابل للاستخدام، على سبيل المثال، السكر أو الديزل الحيوي، هو جزء صغير فقط من الناتج الكيميائي الإجمالي لعملية التمثيل الضوئي. وجزء كبير من منتجات هذه العملية، مثل الجذور والأفرع والأوراق، غير مفيد. يعتمد الجدول ١٠-١ على بيانات قدمها تقرير نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي [72]. وللمقارنة، ضمنا أيضًا بيانات الإشعاع الشمسي الإجمالي وكثافة قدرة الخلايا الشمسية القياسية. ومتوسط معدل التشميس يصل إلى 1500h/year. ومتوسط كفاءة الخلية الشمسية المصنوعة من السيليكون البلوري يصل إلى 15 بالمائة. وما زالت كفاءة طاقة الكتلة الحيوية أقل بكثير من تلك الخاصة بالخلايا الشمسية القياسية، لكن تكلفة النباتات أقل بكثير من تلك الخاصة بالخلايا الشمسية.
جدول ١٠-١: كثافة قدرة عملية التمثيل الضوئي.*
العنصر كثافة الطاقة كثافة القدرة
الوحدة (MJ/year/m2) (W/m2)
الإشعاع الشمسي المتوسط 5400 171
الخلية الشمسية المتوسطة المصنوعة من السيليكون 810 25.6
الخشب (الغابات التجارية) 3–8 0.095–0.25
بذور اللفت (شمال غرب أوروبا) 5–9 0.16–0.29
قصب السكر (البرازيل وزامبيا) 40–50 1.27–1.58
المصدر: «تقييم الطاقة في العالم: الطاقة وتحدي الاستدامة»، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2000 [72].

(٢) التمثيل الضوئي الاصطناعي

لعدة عقود، أخذ العلماء يحاولون محاكاة عملية التمثيل الضوئي المبهرة لتحويل ضوء الشمس إلى وقود يمكن تخزينه واستخدامه، على سبيل المثال، في النقل. والطريقة الأكثر دراسة هي استخدام ضوء الشمس في تقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين:

(10-4)

يمكن استخدام الهيدروجين مباشرة باعتباره وقودًا نظيفًا. وبمجرد إنتاج الهيدروجين، يمكن ربطه مع ثاني أكسيد الكربون لإنتاج وقود سائل؛ ومن ثَم إذا أمكن تنفيذ هذه العملية، فستعد ثورة حقيقية.

الوضع الراهن والصعوبات الحالية لهذه الطريقة معروضان بإيجاز في ورقة بحثية [6]. ما زال الانقسام المباشر للماء إلى هيدروجين وأكسجين بفعل ضوء الشمس حلمًا بعيدًا. وتتمثَّل إحدى الطرق المتحقق منها معمليًّا لإنتاج الهيدروجين والأكسجين بكمية كبيرة في توليد الكهرباء باستخدام الخلايا الشمسية ثم تقسيم الماء باستخدام التحليل الكهربي، ولكن نظرًا للتكلفة العالية والكفاءة المنخفضة لتلك الطريقة، فهي لا يمكن مقارنتها مع طرق تخزين الطاقة الأخرى، مثل البطاريات القابلة لإعادة الشحن (انظر الفصل الثاني عشر).

(٣) الطحالب المعدلة وراثيًّا

على الرغم من أن التمثيل الضوئي الاصطناعي يتطور ببطء، فهناك طريقة بديلة تستخدم التكنولوجيا الحيوية يبدو أنها واعدة للغاية. والتركيز هنا على الطحالب. والطحالب — باعتبارها مصدرًا لوقود حيوي — لها عدة مزايا؛ أولًا: هي تعيش في الماء ومن ثَم لا تشغل أرضًا مزروعة أو تحتاج لري. ثانيًا: يمكن أن تشتمل على نسبة عالية جدًّا من الزيت، قد تصل إلى 50 بالمائة. ثالثًا: مسألة التخلص من الفضلات قد تكون محدودةً للغاية. ويمكن أن يكون إنتاجُ الزيت سنويًّا لكل وحدةِ مساحةٍ من الطحالب أكبرَ عدة مرات حتى من أكثر النباتات المزروعة كفاءةً في إنتاج الزيت، ألا وهو: زيت النخيل. ومؤخرًا، حَظي استخدام الطحالب المعدلة وراثيًّا لإنتاج الوقود السائل باهتمام كبير. وعبر التعديل الوراثي إلى جانب الانتخاب الموجه، يمكن إنتاج أنواع جديدة من الطحالب أو إدخال تعديلات وراثية على أخرى موجودة ستنمو أسرع وتحتوي على وقود أكبر وتكون سهلة في حصادها. ولمعرفة التفاصيل، اطلع على تقرير أصدرته وزارة الطاقة الأمريكية [25].

(٤) الخلايا الشمسية الصبغية

ألهمت آلية عمل عملية التمثيل الضوئي ابتكار نوع جديد من الخلايا الشمسية، ألا وهو: «الخلايا الشمسية الصبغية» [32, 33, 64]. وهو يملك عدة مزايا يتفوق بها على الخلايا الشمسية الشائعة المصنوعة من السيليكون البلوري. وقد انخفضت تكلفة المواد والمعالجة الخاصة بتلك الخلايا على نحو كبير؛ لأن الجانب الأكبر من العملية يحدث عن طريق ترسيب الطور السائل وليس في فراغ. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن إنشاؤها على ركائز مرنة خفيفة الوزن. وحاليًّا، هي تحقق إجمالي كفاءة تحويل إشعاع شمسي لكتلة هواء 1.5 لطاقة كهربية بنسبة تصل إلى نحو 10 بالمائة.
لقد استُخدم تحسس أشباه الموصلات للضوء بطول موجي أطول من ذلك المقابل لفجوة النطاق في التصوير الفوتوغرافي والكيمياء الكهربية الضوئية. فَلِهاليدات الفضة المستخدمة في التصوير الفوتوغرافي فجوات نطاق تتراوح بين 2.7eV و3.2eV، كما أنها ليست حساسة لمعظم الطيف المرئي. وصُنعت الأفلام البانكرومتية بإضافة صبغات لتحسيس هاليدات الفضة؛ مما جعلها حساسة للضوء المرئي.
يظهر التركيب القياسي للخلية الشمسية الصبغية في الشكل ١٠-٨. ولشبه الموصل الأكثر استخدامًا، ثاني أكسيد التيتانيوم (TiO2)، مزايا عديدة للكيمياء الكهربية الضوئية والكيمياء الضوئية المُحسسة؛ فهو مادة منخفضة التكلفة ومتاحة على نطاق واسع وغير سامة وملائمة حيويًّا؛ لذا فهو يُستخدم أيضًا في منتجات العناية بالصحة والتطبيقات المنزلية مثل صباغة الدهانات. وتقع فجوة النطاق، 3.05eV، المقابلة لطول موجي قدره 400nm، في المنطقة فوق البنفسجية القريبة، وهي عالية جدًّا بالنسبة للطيف الشمسي؛ لذا تكون هناك حاجة لإحدى الصبغات للتعامل مع هذه المشكلة.
fig134
شكل ١٠-٨: تركيب خلية شمسية صبغية: (أ) تُنشأ الخلية فوق ركيزة من الزجاج ذات غشاء موصل. ويُضاف غشاء من ثاني أكسيد التيتانيوم مُنشأ باستخدام تقنية النانو بحجم الحبة الذي يصل إلى نحو 15nm وسُمك يصل إلى نحو 10μm فوق هذا الغشاء الموصل. وتُرسب جزيئات صبغة ذات نطاق امتصاص قوي في المنطقة المرئية فوق سطح من جسيمات نانوية من ثاني أكسيد التيتانيوم. والإلكترود المضاد غشاء من أكسيد موصل شفاف. وتُملأ المنطقة فيما بين الكاثود والأنود بإلكترود، يكون بوجه عام محلولًا من يوديد الليثيوم. (ب) صورة ميكرسكوبية لغشاء من ثاني أكسيد التيتانيوم. تسير عملية توليد الطاقة الكهربية على النحو التالي؛ أولًا: يحدث امتصاص لفوتون من قبل الصبغة لرفع إلكترون لحالة الإثارة، بوجه عام أدنى مدار جزيئي غير مشغول. ثانيًا: يُنقل الإلكترون للغشاء الذي من ثاني أكسيد التيتانيوم. ثالثًا: يحدث استرخاء للإلكترون ليصبح في الجزء السفلي من نطاق توصيل ثاني أكسيد التيتانيوم. رابعًا: تُولِّد الخلية فرق جهد ضوئي، يقابل الفرق بين مستوى فيرمي في شبه الموصل وجهد نرنست لزوج الاختزال والأكسدة في الإلكتروليت. منقول بتصرف من المرجعين [33] و[64].
والمُحَسِّس المثالي لخلية كهروضوئية، ذات وصلة واحدة تحول ضوء شمس عام قياسي لكتلة هواء 1.5 إلى كهرباء، يجب أن يمتص كل الضوء الذي يوجد أسفل طول موجي حدي قدره نحو 920nm. بالإضافة إلى ذلك، يجب أيضًا أن يحمل مجموعات ربط مثل الكاربوكسيلات أو الفسفونات كي يلتحم بإحكام بالسطح الأكسيدي شبه الموصل. وعند الإثارة، يجب أن يُدخل إلكترونات للجزء الصلب بناتج كمي قدره 1 تقريبًا. ويجب أن يتوافق مستوى طاقة حالة الإثارة مع الحد السفلي من نطاق التوصيل للأكسيد لتقليل حالات فَقْد الطاقة أثناء عملية انتقال الإلكترونات. ويجب أن يكون جهد الاختزال الخاص به عاليًا على نحو كافٍ بحيث يمكن إعادة إنتاجه عبر منح إلكترونات من إلكتروليت الاختزال والأكسدة أو موصل الثغرات. وأخيرًا، يجب أن يكون مستقرًّا بالقدر الكافي ليتحمل نحو 20 عامًا من التعرض للضوء الطبيعي. وجانب كبير من البحث في مجال كيمياء الصبغات موجه لتحديد وتخليق الصبغات التي تتوفر فيها هذه المتطلبات مع الحفاظ على الاستقرار في البيئة الكيميائية الكهربية الضوئية. وتضمن مجموعة الربط الخاصة بالصبغة أنها ستتجمع على نحو تلقائي على هيئة طبقة جزيئية عند تعريض الغشاء الأكسيدي لمحلول صبغي.
من أكثر الصبغات استخدامًا وخضوعًا للدراسة معقد الروثينيوم إن-3 الموضح في الشكل ١٠-٩. يجعل الامتصاص القوي في المنطقة المرئية لون الصبغة أسود عميقًا مائلًا للبُني، ومن هنا جاء اسمها «الصبغة السوداء». إن الصبغات لديها فرصة رائعة لتحويل الفوتونات إلى إلكترونات، وقد وصلت نسبتها في البداية إلى نحو 80 بالمائة ولكنها أخذت تتحسن للقيام بعملية تحويل شبه كاملة وذلك في الصبغات الأحدث. تصل الكفاءة الإجمالية إلى نحو 90 بالمائة، وترجع العشرة بالمائة «المفقودة» على نحو كبير إلى حالات الفقد الضوئية في الإلكترود العلوي. وتظهر الاستجابة الطيفية لخلية شمسية صبغية تستخدم صبغة الروثينيوم N3 في الشكل ١٠-٩(ب). وتظهر أيضًا استجابة التيار الضوئي لغشاء غير مغطى من ثاني أكسيد التيتانيوم للمقارنة.
fig135
شكل ١٠-٩: صبغة الروثينيوم إن-3 وطيف التيار الضوئي: (أ) التركيب الكيميائي لمعقد الروثينيوم إن-3 المستخدم كمُحسِّس انتقال الشحنة في الخلايا الشمسية الصبغية. (ب) طيف استجابة التيار الضوئي الناتج مع استخدام الصبغة كمُحسس، المنحنى ب. وتظهر أيضًا استجابة التيار الضوئي لغشاء غير مغطى من ثاني أكسيد التيتانيوم، المنحنى أ، للمقارنة. منقول بتصرف من المرجعين [33] و[64].
فيما يلي الخطوات الأربع للعملية الخاصة بتوليد الطاقة الكهربية (ارجع إلى الشكل ١٠-٨(أ)):
  • (١)

    تمتَص الصبغة فوتونًا لرفع إلكترون لحالة الإثارة، بوجه عام إلى أدنى مدار جزيئي غير مشغول.

  • (٢)

    يُنقَل الإلكترون إلى غشاء من ثاني أكسيد التيتانيوم.

  • (٣)

    يحدث استرخاء للإلكترون ليصبح في الجزء السفلي من نطاق توصيل ثاني أكسيد التيتانيوم.

  • (٤)

    تُولَّد الخلية فرق جهد ضوئي، يقابل الفرق بين مستوى فيرمي في شبه الموصل وجهد نرنست لزوج الأكسدة والاختزال في الإلكتروليت.

رغم كل ما سبق، فإن للخلايا الشمسية الصبغية بعض العيوب؛ أولًا: تبلغ كفاءتها نحو نصف كفاءة الخلايا الشمسية المصنوعة من السيليكون البلوري. ثانيًا: تجعل ضرورة وجود إلكتروليت في الطور السائل الخلية الشمسية ضعيفة من الناحية الميكانيكية. ثالثًا: فإن الاستقرار الطويل الأجل للمواد العضوية ما زال يحتاج لتحسين.

(٥) الخلايا الشمسية العضوية الثنائية الطبقة

هناك طريقة أخرى لتفادي التكلفة العالية للخلايا الشمسية المصنوعة من السيليكون البلوري التي تتمثَّل في استخدام أشباه موصلات عضوية، أو بوليمرات شبه موصلة، بدلًا من السيليكون النقي الغالي. فيكفي استخدام غشاء رفيع جدًّا مصنوع من مادة عضوية؛ وذلك بسبب معامل امتصاصه العالي في المنطقة المرئية. ويمكن ترسيب هذه البوليمرات من خلال الطباعة بالشاشة الحريرية أو الطباعة بنفث الحبر أو الرش، حيث إن تلك المواد عادة ما تكون قابلة للذوبان في مذيب. علاوة على ذلك، يمكن أن تُستخدم تقنيات الترسيب هذه في ظل درجة حرارة منخفضة، مما يسمح بتصنيع وحدات مرنة على ركائز بلاستيكية.

ويظهر التركيب الأساسي لأي خلية شمسية عضوية ثنائية الطبقة في الشكل ١٠-١٠(أ). هناك طبقتان من الغشاء البوليمري؛ غشاء من بوليمر ماص — «مانح الإلكترونات» — وآخر «مستقبل للإلكترونات». والطبقتان محشورتان بين غشاء من أكسيد موصل شفاف (الأنود)، وغشاء تماس خلفي معدني (الكاثود). وتتكون عملية توليد التيار الضوئي من أربع خطوات؛ انظر الشكل ١٠-١٠(ب). في الخطوة الأولى: يُمتص فوتون من جانب البوليمر، أو مانح الإلكترونات. ويتولد إكسيتون — زوج إلكترون وثغرة. وفي الخطوة الثانية: ينتشر الإكسيتون داخل البوليمر الماص (المانح) باتجاه السطح ناحية مُستقبل الإلكترونات. في الخطوة الثالثة: ينتقل الإلكترون لمستقبل الإلكترونات. وفي الخطوة الأخيرة: يجمع الكاثود، أو التماس الخلفي، الإلكترون. وعبر الدائرة الكهربية الخارجية، يرجع الإلكترون للأنود (الأكسيد الموصل الشفاف) ويزيل الثغرة.
fig136
شكل ١٠-١٠: خلية شمسية عضوية ثنائية الطبقة: (أ) مقطع عرضي للخلية الشمسية. الإشعاع الشمسي يأتي من أعلى، وعبر ركيزة زجاجية وغشاء من أكسيد موصل شفاف، يُمتص الضوء من قبل غشاء البوليمر الماص، أو «مانح الإلكترونات». وينتقل الإلكترون المولد على هذا النحو إلى «مستقبل الإلكترونات»، ثم إلى غشاء تماس خلفي معدني، أو الكاثود. (ب) خطوات عملية توليد التيار الضوئي؛ أولًا: يولد فوتون إكسيتون؛ على نحو أساسي إلكترونًا في أدنى مدار جزيئي غير مشغول ويترك ثغرة في أعلى مدار جزيئي مشغول. ثانيًا: ينتشر الإكسيتون باتجاه مُستقبل الإلكترونات. ثالثًا: يتفكك الإكسيتون إلى إلكترون حر وثغرة. وفي النهاية، ينتقل الإلكترون إلى الكاثود، ثم يُحرك الدائرة الكهربية الخارجية. منقول بتصرف من المرجعين [80] و[38].
في أول خلية شمسية عضوية ثنائية الطبقة ناجحة، استُخدمت مادة فثالوسيانين النحاس (CuPc) للبوليمر الماص [80]. ويظهر التركيب الكيميائي وطيف الامتصاص لهذه المادة في الشكل ١٠-١١. وهو مادة صلبة ذات لون أزرق داكن، حيث إن الإشعاعات الحمراء والصفراء والخضراء والبنفسجية تُمتص بكثافة. ويصل معامل الامتصاص في بعض النطاقات إلى أكثر من ؛ ومن ثَم يُستخدم غشاء رفيع جدًّا من البوليمر الماص، بوجه عام حجمه نحو 100nm. إن وجود سُمك أكبر على العكس يُعد عيبًا بسبب طول الانتشار القصير، وفيما يلي توضيح هذه النقطة:
تستحق العملية الثانية، انتشار الإكسيتون، اهتمامًا كبيرًا. فبخلاف الخلايا الشمسية المصنوعة من أشباه موصلات، تكون «أطوال انتشار» الإكسيتونات في البوليمرات العضوية قصيرة جدًّا؛ بوجه عام من 5–10nm؛ ومن ثَم فإن عمر الإكسيتونات قصير جدًّا. وإذا كان البوليمر سميكًا جدًّا، فقد لا تصل الإكسيتونات المولدة من الإثارة الضوئية لسطح مانح ومستقبل الإلكترونات ثم تختفي. ومن أجل زيادة احتمالية وصول الإكسيتونات لمستقبل الإلكترونات، عادة ما يُستخدم سطح غير مستوٍ؛ انظر الشكل ١٠-١٠(أ).
في العملية الثالثة، يتفكك الإكسيتون إلى إلكترون حر وثغرة حرة. ويجب أن تسهل مادة مستقبل الإلكترونات عمليتَي التفكك والانتقال الأخير لحامل الشحنة للتماس الخلفي، الكاثود. وفي التجربة الناجحة الأولى لإنشاء خلية شمسية عضوية ثنائية الطبقة، استُخدم أحد مشتقات رباعي كربوكسيليك البيريلين [80]. ولاحقًا، عادة ما يُستخدم بوكمينستر فوليرين (C60) ومشتقاته [15, 38].

وكما هو الحال بالنسبة للخلايا الشمسية الصبغية، فإن الخلايا الشمسية العضوية الثنائية الطبقة لها عيوب؛ فكفاءتها أقل بمقدار النصف عن كفاءة الخلايا الشمسية المصنوعة من السيليكون البلوري، كما أن الاستقرار الطويل الأجل للمواد العضوية ما زال يحتاج إلى تحسين.

fig137
شكل ١٠-١١: فثالوسيانين النحاس وطيف امتصاصه: (أ) التركيب الكيميائي لفثالوسيانين النحاس. (ب) طيف امتصاص غشاء رفيع صلب من فثالوسيانين النحاس. تُمتص الإشعاعات الحمراء والصفراء والخضراء والبنفسجية بكثافة. وتلك المادة لونها أزرق داكن. منقول بتصرف من مرجع [38].

مسائل

  • (10-1) افترض أن 50 بالمائة من سطح الورقة ممتلئ بالكلوروفيل وأن 30 بالمائة من الفوتونات الشمسية الساقطة على الكلوروفيل تولد الأدينوسين الثلاثي الفوسفات، وأننا نحتاج إلى عشرة من جزيئات الأدينوسين الثلاثي الفوسفات لتوليد سُدس الجلوكوز؛ أي وحدة فورمالديهايد. فما كفاءة عملية التمثيل الضوئي هذه؟
    تلميح: استخدام صيغة إشعاع الجسم الأسود لحساب متوسط طاقة فوتونات ضوء الشمس. لاحظ أن:
    (10-5)
  • (10-2) إن تاج شجرة قيقب القياسي هو شكل شبه كروي نصف قطره 5m، إذا كانت عملية التمثيل الضوئي للأوراق موجهة لصناعة الشراب، ففي يوم صيفي مشمس، كم عدد كيلوجرامات شراب القيقب المكثف (الذي يكون 60 بالمائة من وزنه سكرًا) التي يمكن لتلك الشجرة إنتاجها؟
    تلميح: إن 1eV يساوي 96.5kJ/mol. استخدم القيمة التجريبية لكفاءة عملية التمثيل الضوئي (5 بالمائة) لحساب الإشعاع الشمسي المطلوب لإنتاج كيلوجرام واحد من الشراب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤