الملف الخطير

في نفس الوقت تقريبًا، بدأ الشياطين اﻟ «١٣»، كلٌّ على حِدَة، في قراءة الملف الأزرق … ملف المخدِّرات … وقد اعتمد الجزء الأكبر منه على تقرير وضَعَه رجال كبار متخصِّصون في مكافحة المخدِّرات بجمهورية مصر العربية … بالإضافة إلى المعلومات التي نشرتها معظم الصحف العالمية والمحلية عن المعركة بين قوى الأمن وبين عصابات تهريب المخدِّرات …

وقد كانت الصفحات الأولى عن أنواع المخدِّرات البيضاء … الهيروين والكوكايين …

  • أولًا: الهيروين:

    يُستخلص من المورفين، والمورفين يأتي من الأفيون الذي يُستخرج من نبات الخَشْخاش … فزهرة الخَشْخاش إذن هي أمُّ السموم … يُستخرج منها الكودايين والمورفين والهيروين، والزهرة تشبه رأس الثوم الصغير.

    وتنتشر زراعتها في «المثلث الذهبي»، وهي منطقة تقع في جنوب شرقي قارة آسيا، وتضم ثلاث دول؛ هي: «بورما» و«لاروس» و«تايلاند».

    ومنطقة «الهلال الذهبي»، وتضم: «أفغانستان» و«باكستان» و«إيران»، ومنطقة «الفرشاة النارية»، وتضم: «المكسيك» و«نيبال» و«لُبنان» و«مصر».

    وكذلك تنتشر زراعة الخَشْخاش في «الهند» و«تركيا» … وهناك معامل سرية لتحويل الأفيون إلى مورفين وإلى هيروين في دُول «المثلث الذهبي» ودول «الهلال الذهبي» و«لُبنان» و«المكسيك» …

  • ثانيًا: الكوكايين:

    ويُستخرج من نبات الكوكا … وهي شُجَيْرة ذات أوراق دائمة، تُسمى شُجَيْرة الكوكا الحمراء … وتنبت في «بيرو» و«بوليفيا» من دول أمريكا الجنوبية، كما تُزرع في بعض أراضي فِلَسطين المحتلة، وفي جزيرة «فورفور» وبعض الدول الأفريقية … والكوكايين مسحوق ناعم، بِلَّوْري، أبيض اللون، عديم الرائحة …

    ومضى التقرير يُعدِّد أنواع المشتقات التي تخرج من هذا النبات … ثم جاءت الصفحات الهامة … وهي الخاصة بطرق التهريب … وهو الجزء الذي يهتم به الشياطين اﻟ «١٣» …

ويقول التقرير، الذي وضعه رجال كبار متخصصون في مكافحة المخدِّرات: إنَّ المهرِّبين يشتركون في تنظيمات، ونادرًا ما يقوم شخص بالتهريب لحسابه … وحتى إذا فعلها مرة ونجح، فإنَّه سرعان ما يستعين بأفراد آخرين ليكوِّن منهم عصابة صغيرة، ولكن مثل هذه العصابة لن يُكتب لها النجاح ما لم تنضم إلى العصابات الدولية المنظمة تنظيمًا جيدًا، والتي تعتمد على أحدث وسائل التكنولوجيا، وكذلك على أعلى مستوًى من الاستشارات القانونية، لمعرفة وسائل التهريب من القانون.

وجاءت فِقْرة هامة في التقرير تقول: عادة ما يكون لهذه العصابات مركز رئيسي في دولة الإنتاج، ومراكز فرعية في دُول العبور، أي التي يعبرها المهرِّبون … إلى دول الاستهلاك. وتبرز عصابة المافيا — وهي أشهر العصابات العالمية — في مجال تهريب المخدِّرات البيضاء. وتتسم عصابات التهريب بالعنف والشراسة، ولا تسمح لشخص يعمل بها أن يتركها، وإلَّا قامت بتصفيته تصفيةً جسدية؛ أي قتله، وقد يمتد هذا الانتقام إلى أولاده أو أسرته أو معارفه.

كما أنَّ هذه العصابات لا تستسلم بسهولة لجهات الأمن، لأنَّها تعرف نوع العقوبات التي ينتظرها، لهذا فهي تُقاتل حتى النَّفَس الأخير … بل إنَّها في سبيل إثبات قوتها قد تصل إلى حد قتل أكبر رجال السلطة، مثلما حدث في «كولومبيا»؛ حيث قتلت إحدى عصابات التهريب وزيرَ العدل الذي كان يشُنُّ حملة هجوم عليهم؛ ليُثبتوا أنَّهم أقوى من الحكومة …

وبالطبع فإنَّ هدف هذه العصابات النهائي هو الثروة … فتهريب المخدِّرات يُدِرُّ أرباحًا فاحشة على العصابات. وقد اتضح أنَّ إحدى عصابات التهريب في الولايات المتحدة كانت تربح في اليوم الواحد مليونًا ونصفَ مليون من الدولارات …

ثم يتعرض التقرير إلى نقطة أخرى هامة … بل شديدة الأهمية، ومنها يبدأ عمل الشياطين … وهذه النقطة خاصة بأسلوب التهريب ووسائله …

واتصل «عثمان» ﺑ «أحمد» قائلًا: هل انتهيتَ من التقرير؟

ردَّ «أحمد»: إنني أقرأ الآن في أسلوب التهريب والوسائل التي تستخدمها العصابات.

عثمان: إنني أقرأ في نفس الموضوع من التقرير تقريبًا.

أحمد: إنَّه الجزء الهام من التقرير بالنسبة لنا.

عثمان: طبعًا … ففي ذهني خطة ما، سوف نناقشها عندما ننتهي من قراءة التقرير.

أحمد: أتصوَّر أنَّك تفكر في أن تقوم بالاندساس داخل إحدى هذه العصابات.

صفَّر «عثمان» في التليفون، وقال: كيف تصوَّرت؟

أحمد: لأنني أعرف حبك للمخاطرة.

عثمان: اتصل بي بعد أن تنتهيَ من التقرير.

وانهمك «أحمد» في القراءة عن طرق التهريب … وهي تنقسم إلى عدة طرق، حسب الكمية والنوع.

  • (١)

    يُفضِّل المهرِّبون استخدام طريق البحر لنقل الكميات الضخمة من المخدِّرات … فالبحار لا تخضع لسيادة أي دولة، عدا المياه الإقليمية، أي التي تمتد عند شواطئ الدولة، وهي نحو ٢٥ كيلومترًا …

  • (٢)

    استخدام شحنات البضاعة العادية، مثل: صناديق الفاكهة، أو المأكولات، أو الأدوية، حيث تضع العصابة المخدِّرات مكان هذه المواد.

  • (٣)

    استخدام سيارات النقل الكبيرة، التي تحمل علامات الاتحاد الدولي للنقل.

  • (٤)

    استخدام الطائرات العمودية «الهليوكبتر» … لنقل المخدِّرات من دول الإنتاج إلى أماكن مهجورة في دول الاستهلاك … حيث توجد مطارات صغيرة سرية …

  • (٥)

    مع المسافرين، ويتم إخفاء المخدِّرات في جيوب سرية في الحقائب، وأنابيب معجون الأسنان، وغيرها.

  • (٦)

    استخدام الرسائل البريدية، كما ظلَّ استخدام الجِمال في نقل المخدِّرات في الطرق الجبلية والصحراوية.

  • (٧)

    كثيرًا ما يستخدم المهرِّبون أشخاصًا يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية … وهم أعضاء السفارات، التي تحميهم الحصانة الدبلوماسية من التفتيش … أمَّا باقي التقرير فكان مُخصَّصًا لأهم قضايا التهريب التي ضُبطت في جمهورية مصر العربية في الشهور الأخيرة.

وهو جزء لا يقل أهميةً عن الجزء السابق؛ لأنَّ القضية الملحة أمام الشياطين هي قضية انتشار السموم البيضاء — الكوكايين والهيروين — فيها.

وتركيز العصابات على إفساد الشباب المصري، بعد أن اختفت هذه المخدِّرات من مصر نهائيًّا نحو عام ١٩٣٠م.

ووضع «أحمد» التقرير جانبًا، واستغرق في تفكير عميق، ثمَّ رنَّ جرس التليفون بجواره، وكان المتحدث هو رقم «صفر».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤