طرائفُ من المجتمع الياباني

تذكُر الكاتبة البلجيكية إميلي نوثومب في روايتها «رَهبة ورِعدة» التي تدور أحداثها داخل شركةٍ يابانية من كبريات الشركات في العالم، أن المجتمع الذكوري الياباني يقول للمرأة ما نصُّه: «زوجك لن يُحبكِ إلا إذا كان أبله، ولا سعادة لامرأةٍ في أن يُحبها أبلَه. على أيةِ حال أن يُحبك أو لا يُحبك، فلن تشهدي منه ذلك؛ ففي الثانية بعد منتصف الليل، سيلتحقُ بك رجلٌ مجهَد، سكران في الغالب، ليتهالك على السرير ويغادره في السادسة صباحًا دون أن يقول لك كلمة.»

وسوف أعرض فيما يلي ملخَّصًا لدراسةٍ اجتماعية نُشرَت على الإنترنت عن ظاهرةٍ منتشرة بين الشباب الياباني من الذكور. الدراسة بعنوان «عَشْر صفاتٍ في الزوجة تجعل زوجها يُصابُ بمتلازمة رفض العودة للبيت».

تقول الدراسة إن ظاهرة رفضِ الأزواج العودةَ لبيوتهم بعد انتهاء العمل في ازديادٍ مستمر وخاصة بين الشباب، فما إن ينتهي وقت العمل وهو الوقت الذي يُفترض أن يسعد الرجل بالعودة إلى بيته، حتى نرى الكثير من الأزواج يُصاب باكتئابٍ من مجرَّد التفكير في ضرورة العودة للبيت، فنجدُه يتجه بعد العمل إلى البارات أو مطاعم الوجبات السريعة (التي تسمح لنزلائها بالمكوث بها أوقاتًا طويلة) أو دُور السينما أو مقاهي الإنترنت ليقضيَ الوقت ثم يعود بعد أن يتأكَّد من أن كل أهل البيت قد ناموا، بل وفي أسوأ الحالات هناك من يَبيتُ في فنادق الكبسولات ولا يعود لبيته لأيامٍ طويلة. وتشرح الدراسة عَشْرَ صفاتٍ للزوجة يُعتقد أنها هي سبب هذه الظاهرة.

الصفة رقم واحد هي الزوجة المُتحكِّمة التي تكون الآمرَ الناهيَ في البيت. وتكون في الغالب امرأةً مُحبة للكمال في كل شيء، وتتحكَّم في كل سلوكيات زوجها، وتعطيه تعليمات وإرشادات لكي يكون أفضل في كل نواحي حياته، من مأكله، لملبسه، لكيفية صَرفِ مصروف جيبه (أجل في العادة الزوجة اليابانية هي المتحكِّمة في ميزانية الأسرة، وهي التي تعطي زوجها مصروفه الشهري أو اليومي)، في مثل هذا البيت لا يجدُ الرجل حريةً في بيته، وعودتُه له تعنى المعاناة.

الصفة رقم اثنَين هي الزوجة التي تَكْره الهزيمة، هي التي لا ترى في زوجها شريكًا يتعاون معها، بل تراه منافسًا لها في كل شيءٍ ولا يجب أن تُهزم أمامه؛ فكل حالةٍ وكل موقفٍ تُحوِّله إلى صراعٍ يجب أن تكون المنتصرة فيه، فعندما تختلف الآراء بينها وبين زوجها لا تستطيع أن تقول: «آها، هذا أيضًا رأيٌ جدير بالاعتبار.» وتقبل به، بل تَفرِض رأيها على زوجها أيًّا كان وبكل وسيلة. الزوج الذي يخسَر دائمًا في معاركِ اختلافِ الرأي تلك يبدأ تدريجيًّا في تفادي زوجتِه وتفادي الحديثِ معها مخافةَ الخَسارة مثل كل مرة.

الصفة رقم ثلاثة هي الزوجة التي لديها عُقدةُ اضطهادٍ قوية. على العكس من الصفة السابقة الزوجة التي تُحوِّل نفسها إلى ضحيةٍ في كل حواراتها مع زوجها أيضًا يجبُ الحذَر منها؛ ففي كل لقاء مع زوجها تنهالُ عليه بالشكوى من أنه يضطهدها؛ فهو يفرض عليها كل أعمال المنزل ولا يساعدها، بل ولا يسمع لها أو يهتم بها، ثم تجعل نفسها بطلةً في دراما تراجيديةٍ مأساوية، وتكون الطامَّة الكبرى قولها: «عندك حق؛ فأنا لست متعلمة، ولا أملكُ خبرةَ عمل ولا أية خبرة، وأيضا غبية.» عندها يفكِّر الزوج «وماذا عني أنا الذي اخترتُ مثل هذه المرأة كزوجة؟» ويهربُ من بيته هروبَه من الجحيم.

صفة رقم أربعة هي الزوجة التي لا تستطيع التواصُل، فالحوار والتواصُل مع الشريك أحد أساسيات العلاقة الزوجية الصحية، فالزوجة التي لا تستطيع تبادُل الحوار مع زوجها، وتكتفي بأقل الكلمات، تجعله لا يعرف فيما تفكِّر أو ما هي آراؤها. المرأة التي يتحوَّل وجهُها إلى قناعٍ خشبي من أقنعة مسرح النو، لا تجعل بيتها عُشًّا زوجيًّا سعيدًا يستريح فيه الزوج ويَسعَد بالعودة له.

صفة رقم خمسة هي الزوجة التي لا تُرتِّب البيت، فالزوجة التي لا تُنظِّف المنزل ولا تتخلَّص من القمامة ولا تغسل الأواني، وتجعل بيتَها عبارة عن «مزبلة»، بالتأكيد لا يَسعَد رجلٌ بالعودة إلى بيتٍ عبارة عن صندوق قمامة.

صفة رقم ستة الزوجة التي علاقتُها بأطفالها أقوى من علاقتها بزوجها، عندما تكون علاقة الزوجة بأطفالها قويةً إلى درجة عدم قُدرة الزوج على الاندماج معهم هي علاقةٌ غير صحية، لأن وقتها يُحِس الزوج (بسبب بعده عنهم أثناء النهار) أنه منبوذ، وأنه لا يستطيع مشاركتهم أوقاتهم، خاصةً عندما تنتقصُ الزوجة من زوجها أمام أطفالهما، وتكيل له السباب، فعندها تنهار العلاقة بين الأب وأطفاله ربما إلى الأبد، ويبتعدُ تدريجيًّا عنهم.

صفة رقم سبعة الزوجة التي تُمارِس العنف ضد زوجها، تقول الدراسة إن العنف الأُسري ليس فقط من الرجل تجاه المرأة. فيجبُ الحذَر من أنه تُوجَد سيداتٌ يمارسن العنف ضد أزواجهن بركلهم، أو إلقاء أشياء تجاهَهُم، أو على الأقل العنف اللفظي، أو تجاهُل وجود الزوج وعدم توجيه أي كلمةٍ له دونًا عن الجميع، أو فصل ملابسه وأدوات مائدته عن الباقي وعدم غسلها؛ كل ذلك من وسائل العنف الأُسري التي تمارسُها الزوجة ضد زوجها.

صفة رقم ثمانية هي الزوجة التي تهتم كثيرًا بعيون الناس، إنها الزوجة التي تُقارِن كل شيءٍ وكل حالٍ بالآخرين، وتهتم أكثر من اللازم بما يقوله الناس عنها، وتُغرِق زوجها في دوامة المقارنة مع فلانٍ الذي يستلم مُرتبًا أكبر منه، أو عَلَّان ذي الدرجة العلمية الرفيعة إلى آخره، مما يحدُو بزوجها إلى تجنُّب الكلام أو التواصُل معها من أجل الهرب من شعور الدونية التي تصُبُّه عليه.

صفة رقم تسعة هي الزوجة البارزة بروزًا يجعل زوجها يُحِس أنه لا ضرورة له. وتكون في الغالب زوجةً عاملة مستقلة اقتصاديًّا ونفسيًّا ومعتمدة على نفسها بالكامل، ولا تُظهر أي حاجة إلى زوجها. هذه الزوجة في الأغلب تُقرِّر كل شيء بدون أي استشارة لزوجها، بل وتقوم بالتنفيذ حتى دون إخطاره. هذه الزوجة تجعل زوجَها يُحِس أن وجوده وعدم وجوده في البيت سيَّان، ويتجه إلى الهرب منه.

صفة رقم عشرة هي الزوجة المعتمدة على زوجها بشكلٍ أكثر من اللازم، وهي على العكس تمامًا من رقم تسعة؛ فهي لا تستطيع عمل أي شيءٍ ولا أخذ أي قرارٍ مهما كان تافهًا دون الرجوع إلى زوجها. في البداية يَسعَد الزوج بذلك ويمارس دور الرجل القادر على إدارة البيت وتقرير مصيره، ولكنه تدريجيًّا يُصاب بالملَل والكلَل من ذلك، ويصير الأمر ضغطًا عصبيًّا عليه، ويقول في نفسه لماذا لا تستطيع القيامَ بمثل ذلك الأمر التافه، أو أخذَ هذا القرارِ الذي لا تأثير له مطلقًا. ويفرُّ في النهاية تاركًا الأمر كلَّه.

ما رأيكم وما رأيكن؟ عزيزتي الزوجة لو فيك أربعٌ من تلك الصفات فاعلمي أن زوجك على وَشكِ الإصابة بمتلازمة رفض العودة للبيت والهروب منه، إن لم يكن مُصابًا بها بالفعل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤