ظهور الشاويش «فرقع» …

عندما كان «المغامرون» يأخذون طريقهم إلى فيلَّا «تختخ» آخر النهار … كانت السماء قد بدأت تُرسل رذاذًا خفيفًا … فقال «محب»: يبدو أننا مقبلون على ليلة عاصفة!

نوسة: سوف يكون من حسن حظِّنا … فسوف تخلو الشوارع … وفي الليل تكون فرصتنا أكبر في دخول الفيلَّا.

عندما وصلوا إلى «البرجولة» كان «تختخ» و«زنجر» في انتظارهم، وكان المطر قد بدأ يزداد … فقال «تختخ»: هيَّا إلى الداخل … فالبرجولة لن تحمينا من المطر!

أخذ «المغامرون» طريقهم إلى داخل الفيلَّا، في حين أخذ «زنجر» طريقه إلى بيته الموجود في آخر الحديقة …

قالت «لوزة»: هذه فرصة لنرى الفتاة!

وما دامت السماء تُمطر فإننا سوف نبقى هنا بعض الوقت، فلماذا لا نراها، فقد نستطيع أن نعرف منها أي معلومة.

لم يكن أمام حجة «لوزة» إلا أن يصعد «المغامرون» إلى غرفة «الفتاة المشلولة» … كانت مستيقظة تُشاهد التليفزيون … هتفت «لوزة» عندما وقعَت عيناها عليها: إنها في غاية الجمال … يبدو أنني لم أرها جيدًا!

التفُّوا حول الفتاة التي اندهشت، وإن كان وجهها قد امتلأ بالسعادة، ومدَّت يدها تداعب «لوزة»، فمدَّت «لوزة» يدها تداعبها … فتحت «نوسة» حقيبة يدها الصغيرة، وأخرجت عددًا من حبات الشوكولاتة، وقدَّمتها للفتاة التي نظرَت لها بامتنان، ومدَّت يدها فأخذت حبة واحدة …

ابتسم «تختخ» وقال: تصرُّفها يكشف عن أنها من أسرة طيبة فعلًا!

أصرَّت «نوسة» أن تأخذ الفتاة كل حبات الشوكولاتة وهي تقول: لقد أحضرتها كلها لك!

ابتسمت الفتاة، وقال «تختخ»: هيَّا نعقد اجتماعًا في حجرتي.

فصاحت «لوزة» دعوني معها، فقد أحببتُها جدًّا … وسوف أعرف ما تتفقون عيه وفي الوقت نفسه قد أستطيع معرفة أي معلومات منها!

وافق «المغامرون» وأخذوا طريقهم إلى غرفة «تختخ» والتي كانت مزدحمة بأشياء كثيرة … ضحكت «نوسة» وقالت: فكَّر «تختخ» كما فكرنا … فجهز ملابس المطر وحقيبته الصغيرة التي أُسميها مخزن «تختخ»!

تختخ: دعونا لا نُضيِّع وقتًا … المهم الآن … هل نتصل بالمفتش «سامي» أو نعطي أنفسنا بعض الوقت … فلو أخبرنا الشاويش «فرقع» فسوف يقلب الدنيا ولن نستطيع عمل شيء!

محب: أعتقد أنه من الأحسن أن نُعطيَ أنفسنا بعض الوقت … فنحن لم نَصِل إلى شيء بعد!

نوسة: سوف نقرِّر ذلك بعد مهمتنا الليلة … فإذا حققنا تقدُّمًا فسوف نستمر … وإذا تعقَّدت الأمور أمامنا، فلن يكون هناك سوى المفتش «سامي»، وأعتقد أن عثورنا على الفيلَّا الحمراء بداية طيبة للمفتش «سامي».

عاطف: إننا حتى الآن … لن نستطيع القول بأن هذه الفيلَّا هي التي كانت فيها الفتاة … فالأشجار تملأ حدائق الفيلَّات في المعادي … وقد تكون هناك أشجار أخرى قد أصابها نفس التسوس!

تختخ: عندك حق … يجب أن نتأكد فعلًا من أنها الفيلَّا المقصودة … وهذا لن يتأكد إلا عن طريقين … إمَّا أن نبحث عن فيلَّات أخرى أصاب التسوسُ أشجارها، أو أن ندخل الفيلَّا فنعثر على ما يشير إلى أن الفتاة كانت فيها.

محب: تُصبح مهمتنا الليلة محاولة الدخول للفيلَّا!

نوسة: كيف؟ وبأي صفة كما قال «محب»؟

تختخ: سوف نرى عندما تُصبح هناك!

فجأة دخلت «لوزة» جريًا وقد امتلأ وجهها بالسعادة وهي تصيح: إنها تسمع!

تجمَّدت ملامح «المغامرين» بالمفاجأة وقالت «نوسة»: وهل أجابتك؟!

لوزة: ببعض الإشارات!

أسرع «المغامرون» الخمسة إلى غرفة الفتاة، وقال «عاطف»: ما دامت تسمع فهذا يعني أننا يمكن أن نتحدث إليها … فتجيبنا بالإشارات التي نحاول فهمها.

نوسة: إن معلوماتي تقول إن الذي لا يتكلم فإنه لا يسمع أيضًا … فالأبكم لا يسمع … ولأنه لا يسمع، فماذا يقول إن هذه حالة غريبة!

عاطف: ربما تكون حالة عارضة!

دخل «المغامرون» غرفة الفتاة التي استقبلتهم بابتسامة عريضة، كانت دادة «نجيبة» ترقب سعادة «المغامرين» وقد التفوا حول الفتاة، فيمتلئ وجهُها بالحب لهم … بدأ «تختخ» يتحدث للفتاة … فقال إنهم أصدقاء … وسوف تكون هي أيضًا صديقتهم الجديدة … وهو يريد أن يسألها بعض الأسئلة وعليها أن تحاول الإجابة عن طريق الإشارة … وسوف يحاولون أن يصلوا إلى الإجابة التي تقصدها.

كانت الفتاة تنظر إليهم، وقد غطَّت وجهَها ابتسامةٌ رقيقة … سألها «تختخ»: ما اسمك؟

نظرت الفتاة إليه وكأنها تبحث في وجهه عن معنى … ثم بدأت تُشير إشاراتٍ تقصد بها اسمها، نظر «المغامرون» وهم مستغرقون في التفكير، فقالت «لوزة»: اسمها «شروق»؟

هزَّت الفتاة رأسها بمعنى لا … ثم أعادت الإشارات من جديد …

استغرق «المغامرون» في التفكير في محاولة لحل إشاراتها … وقالت «نوسة»: «فجر»؟

هزَّت الفتاة رأسها بالنفي مرة أخرى، وقال «عاطف»: ليس مهمًّا اسمها الآن، فالظلام قد هبط ولا نريد أن نتأخر.

سألها «تختخ»: أين تسكنين؟

أشارت الفتاة إلى بعيدٍ ورسمَت مبنًى وحوله دائرة واسعة … وأشياء مرتفعة حولها … ثم أشارت وكأنها تشمُّ وردة … فقال «عاطف»: تسكن في منطقة بعيدة في فيلَّا وحولها أشجار وورود.

ابتسمت الفتاة، وهزَّت رأسها بما يعني صح … ثم صفقت بيدها وهي تُشير إلى «عاطف» بمعنى برافو.

فسألها «محب»: هل تعرفين اسم الشارع الذي تسكنين فيه؟

امتلأ وجهُ الفتاة بالحزن، لكنها استغرقت في التفكير لحظة ثم رسمت بإشارات إلى ارتفاعات ومساحات واسعة … لكن «المغامرين» لم يفهموا شيئًا … ظلت محاولات «المغامرين» مع الفتاة للوصول إلى أي معلومات … لكنهم لم يصلوا إلى أكثر من معرفة أنها تسكن في فيلَّا بعيدة … ولم يكن أمامهم إلا الانصراف، حتى يحاولوا دخول الفيلَّا الغامضة.

أخذوا طريقَهم إلى هناك بعد أن تركوا درجاتهم في حديقة فيلَّا «تختخ»، وكانت الرياح تهب بشدة … فقالت «لوزة»: إن الجو بارد جدًّا، وقد تُمطر السماء من جديد!

تختخ: حركتنا سوف تُدفئنا ولن نشعر بالبرد، أما المطر فقد يكون في صالحنا؛ لأن الشوارع سوف تكون خالية!

كان «زنجر» يتقدم «المغامرين» وهو يتقافز أمامهم، وكأنه في رحلة، وقال «تختخ»: سوف ننقسم إلى مجموعتين؛ مجموعة تدور حول الفيلَّا تستطلع إمكانية وجود منفذ يمكن أن ندخل منه … وأنا و«محب» سوف نراقب بوابة الفيلَّا.

لوزة: و«زنجر»؟

فكَّر «تختخ» سريعًا ثم قال: سوف يبقى معكم!

اتجه «عاطف» و«نوسة» و«لوزة» و«زنجر» إلى الشارع الجانبي للفيلَّا … في حين اتجه «تختخ» و«محب» إلى حيث بوابة الفيلَّا التي كانت غارقةً في الظلام فبدَت كتلة سوداء موحشة، كانت الأشجار الضخمة تحيط الفيلَّا إحاطة كاملة … حتى تكاد تُخفيها، لولا ضوء شاحب يصل إليها من خلال عمود الإنارة الذي كان يقع بعيدًا عنها قليلًا …

فجأةً تردَّد نباح الكلاب داخل الفيلَّا، فجاء نباح «زنجر» الذي يميزه «المغامرون»، فهمس «تختخ»: لقد شمَّت الكلاب رائحة «زنجر»! وكأنها مباراة في النباح …

فجأة قطع النباحَ صوتٌ يتردد قائلًا: مَن هناك؟

ابتسم «محب» وقال: الشاويش «فرقع» … يبدو أن نوبة حراسته الليلة!

تختخ: أرجو ألَّا يلتقيَ ﺑ «زنجر» الذي لا يملك نفسه من الهجوم عليه.

اقترب صوت الشاويش «فرقع» يزعق: مَن هناك؟!

فأسرع الصديقان يختفيان خلف شجرة ضخمة … اقتربت صيحات الشاويش «فرقع» أكثر حتى ظهرَت في منتصف الشارع وهو يضرب أسفلت الشارع المبتل بحذائه الضخم … فيُثير بعضَ رذاذ الماء الذي يلمع في الضوء الشاحب … في الوقت نفسه لم ينقطع نباح الكلاب في المكان … ثم انحرف «فرقع» من الشارع الجانبي وهو يزعق: مَن هناك؟!

مع أنه لم يكن أحد هناك … لكن صوته الذي يرن في صمت الليل يملأ سكان المنطقة بالاطمئنان … ويُخيف أيَّ لصٍّ يفكِّر في مهاجمة أيِّ فيلَّا …

فكر «تختخ» ثم همس «لمحب» الذي ظل يراقب «فرقع»: إنه يتجه إلى «المغامرين»، فإذا قابلهم فستكون ليلتنا كلَون الليل!

أسرع وتحدَّث إلى «عاطف» في المحمول وأخبره أن «فرقع» في الطريق إليهم … وأن عليهم أن يبتعدوا عن المكان مؤقتًا … وألا يجعلوا عين «زنجر» تقع عليه … وجاء صوت «عاطف» يقول إنهم تحركوا من نهاية الشارع … واتجهوا إلى الجانب الآخر من الفيلَّا … وأن السور الحديدي مرتفع جدًّا، ومن الصعب تجاوزه … ولا يوجد منفذ فيه … لكن هناك بعض الأشجار العالية التي يمكن الاستفادة منها … نقل «تختخ» ما قاله «عاطف» إلى «محب» الذي قال: إذن هناك فرصة لدخول الفيلَّا!

تختخ: فرصة نعم … لكن الوحوش الموجودة في الحديقة سوف تمنع الوصول إلى الفيلَّا … بالإضافة إلى أنها تبدو مغلقة!

محب: كان يجب أن نفكر في ذلك قبل أن نقرر المجيء!

ابتسم «تختخ» وقال: «المغامرون» يعرفون كيف يتحركون … لقد فكرت في ذلك منذ وقعَت عيوننا على الفيلَّا … وظهور الكلاب المفترسة.

اندهش «محب» وسأل: هل تعني أنك تحمل «اللحم المزيف».

وكاد الصديقان يغرقان في الضحك، لولا أنهما كتَما ضحكتَيهما … أضاء تليفون «تختخ» فأسرع يسمع، وكان «عاطف» هو المتحدث: إننا نراكما، فنحن نقف في نهاية الشارع.

ردَّ «تختخ»: يجب أن تظلوا بعيدين عن الشاويش «فرقع».

عاطف: كيف لم يركما وقد مرَّ بجواركما!

تختخ: إننا ندور مع دورته حتى لا يرانا … فلا تشغلكم هذه الحكاية.

وارتفع صوت الشاويش «فرقع»: مَن هناك؟!

فأسرع «المغامرون» بالاختفاء … في نفس الوقت التصق «تختخ» و«محب» بساق الشجرة التي يقفان خلفها … تباعد صوت «فرقع» فعرف «المغامرون» أنه يمر في منطقة بعيدة … وأن صوته يتردد في سكون الليل … لكن وَقْع أقدام كان يتردد … ركَّز الصديقان سمعهما … كان صوت الأقدام يقترب أكثر فأكثر … حتى ظهر رجل يحتمي من الرياح ويُسرع في خطوته.

ظلَّا يراقبانه حتى أصبح أمامهما … ثم تجاوزهما … وظل يبتعد حتى لم يبقَ سوى صوت أقدامه … وحتى اختفت هي الأخرى، همس «محب»: يجب أن نتحرك الآن … واضح أن الفيلَّا ليس بها أحد!

تختخ: أقترح أن نرى الشجرة التي تحدث عنها «عاطف»، فقد تكون طريق المرور إلى حديقة الفيلَّا!

انتظرَا قليلًا، ثم همَّا بالتحرك، إلا أن وقْعَ أقدام جديدة كان يتردد مقتربًا منهما، ظلَّا يُنصتان، حتى ظهر رجل … كان يبدو وكأنه كتلة سوداء تتحرك … يلبس بالطو، وقد رفع ياقتَه حتى غطَّت وجهه … ظل يقترب ويقترب … ثم اتجه إلى بوابة الفيلَّا!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤