دعوة لدخول الفيلَّا …

كان الرجل الغامض يخطو خطواتِه الأخيرةَ إلى الباب، ثم أخرج شيئًا من جيبه، وضحَ أنه مفتاح البوابة … فجأة ظهرَت سيارة مسرعة وداهمتِ الرجل قبل أن يضع المفتاح في البوابة … لكن الرجل أفلت منها، غير أنه اصطدم بشجرة قريبة من الفيلَّا … وسقط على الأرض بلا حَراك … فقال «محب» مباشرة: هل نتركه؟!

تختخ: لا طبعًا … إن هدفنا هو مساعدة الآخرين، بالإضافة إلى أنه سيكون فرصة جيدة لنا!

اندهش «محب» وسأل بسرعة: ماذا تعني؟!

تختخ: ستعرف بعد قليل.

كان الرجل ممددًا على الأرض، فاقدًا الوعي بتأثير الصدمة العنيفة، اقتربَا منه بسرعة … كان رذاذٌ خفيف قد بدأ يتساقط … وأشار «تختخ» «لمحب» ألَّا يلمسَه الآن … انحنى «تختخ» على الرجل يتسمَّع أنفاسه … كان الرجل يتنفس ببطء … في نفس الوقت كان يئنُّ أنينًا خافتًا … بدأ المطر يزداد، قال «محب»: هل تحمله إلى جانب؟! …

بدأ الرجل يفيق بتأثير سقوط المطر على وجهه، فتح عينَيه ونظر إلى الصديقَين نظرةَ استغاثة، وبجهدٍ قال: انقلاني إلى الداخل!

تختخ: أيُّ داخل؟!

الرجل: داخل الفيلَّا!

تختخ: واضح أنها مغلقة وليس فيها أحد!

حرَّك يده وقال: هذا هو المفتاح.

أخذ «تختخ» المفتاح … اتجه إلى بوابة الفيلَّا، في حين كان الرجل يحاول أن يقف بمساعدة «محب» إلا أنه لم يستطع … وضع «تختخ» المفتاح في البوابة، وأداره مرة ثم دفع البوابة بيده، إلا أنها لم تنفتح … أدار المفتاح مرة أخرى ثم دفع البوابة من جديد … إلا أن البوابة لم تنفتح … في نفس اللحظة كان نباح الكلاب داخل حديقة الفيلَّا يقترب بسرعة … فكر «تختخ» أنه لو فتح البوابة فإنه سوف يصبح فريسة للكلاب المتوحشة … عاد إلى الرجل بسرعةٍ وقال له «تختخ»: هذه الكلاب داخل الحديقة!

الرجل: نعم … نعم … أسنداني إلى الباب، فعندما تراني الكلاب معكما لن تفعل شيئًا.

سنده «تختخ» و«محب»، لكنه لم يستطع المشي … قال «تختخ»: هل أطلب لك الإسعاف؟!

ردَّ الرجل بسرعةٍ: لا … لا … سوف أتحامل عليكما.

وظل ينقل رِجلًا وراء أخرى وهو يتأوَّه … وسأل: هل رأيتما رقم السيارة؟!

ردَّ «محب»: للأسف لا!

أخذ يتحامل وهما يسندانه حتى وصلوا إلى البوابة … فقال الرجل: أَدِرِ المفتاح ست مرات …

أدار المفتاح في البوابة وعند الرابعة … توقف المفتاح … تذكر أنه أداره مرتين قبل ذلك … كان نباح الكلاب مخيفًا … فهي تقف خلف البوابة مباشرة … وكلما كانت تسمع دورة المفتاح في الباب، يعلو نباحها أكثر … ضغط «تختخ» بكتفه على البوابة … فلم ينفتح إلا بابٌ صغير يتسع لدخول واحد فقط … في حين ظلت البوابة ثابتة … هجمت الكلاب على «تختخ» الذي تراجع بسرعة … في حين قال الرجل: انصرفوا!

وفي لحظة كانت الكلاب تتراجع، حتى وقفت بعيدًا … في حين دخل «تختخ» أولًا ثم سند الرجل حتى دخل … ثم دخل «محب».

قال الرجل وهو يتألم: أغلق الباب!

أغلق «تختخ» الباب، فاستند عليهما الرجل وهو يقول: لا أعرف كيف أشكركما … لقد أنقذتماني!

تقدموا إلى باب الفيلَّا … فقال الرجل: افتح الباب!

تختخ: لا يوجد مفتاح!

الرجل: بنفس المفتاح.

تقدَّم «تختخ» وفتح باب الفيلَّا بست دورات أيضًا … وعندما دفع الباب لم يرَ شيئًا … كان الظلام كثيفًا في الداخل … قال الرجل: أدخلاني! … تحامل عليهما حتى دخل الثلاثة، وفجأة غرقت الصالة في الضوء … كانت صالة واسعة مؤثَّثة أثاثًا أنيقًا … لكن لم يظهر أحد … سأل «تختخ»: هل تعيش هنا وحدك؟! … كان الرجل يتألم فلم يردَّ على سؤال «تختخ» … وقال «محب»: هل نستدعي طبيبًا؟!

ردَّ الرجل بسرعة: لا … لا … فقط أدخلاني في هذه الغرفة التي تقع في المواجهة.

أخذاه إلى حيث الغرفة التي حددها … كان «تختخ» يرقب كل شيء أمامه … وعندما دخلوا الغرفة … أُضيئت الأنوار مباشرة … لفت ذلك نظر الصديقين، كانت غرفة نوم واسعة أنيقة الأثاث … وعندما استلقى الرجل على السرير، حاول أن يخلع حذاءَه، لكنه لم يستطع فأسرع «محب» وخلع حذاءه … تنهَّد الرجل في ارتياح وسأل: هل تسكنان في نفس المنطقة؟!

محب: بعيدًا قليلًا!

ثم أسرع «تختخ» بسؤال الرجل: هل هي حادثة مقصودة؟!

لم يُجب مباشرة؛ وإن ظهرت على وجهه علامات الغضب، ثم قال: لا أظن أنها مقصودة … يبدو أن عجلة القيادة انحرفت من يد السائق بتأثير الأرض المبتلة!

تنهَّد بشدة ثم أضاف: إنني أشكركما … ولولا وجودكما لما استطعت الوصول إلى الفيلَّا!

صمت لحظة ثم قال: كيف أضيفكما وأنا على هذه الحالة … تستطيعان أن تضيفَا أنفسكما … فالمطبخ في آخر الصالة …

ابتسم «تختخ» وقال: لسنا في حاجة إلى الضيافة … فقط نُريد أن نطمئن عليك …

تأوَّه الرجلُ ثم قال بقدر من الهدوء: سوف أكون أحسن … إنني فقط أريد مشروبًا ساخنًا … فأنا أشعر ببرد شديد!

تختخ: حالًا!

خرج «تختخ» من غرفة النوم … وبقي «محب» بجوار الرجل الذي ابتسم «لمحب» وهو يجذب الغطاء، ثم سأل: ما اسمك؟ … يبدو أننا سوف نصبح أصدقاء … فلن أنسى هذا الموقف الكريم منكما!

ابتسم «محب» وقال: يُسعدنا طبعًا أن نكون أصدقاء!

الرجل: ما اسمك إذن؟!

محب: جلال.

الرجل: وزميلك؟

محب: فتحي!

كان «تختخ» يجهز كوبًا من الشاي في المطبخ … وقد رسم في ذهنه كل الأشياء التي مرَّ بها، فكَّر … هل يدخل إحدى الغرف ليعرف بعض محتويات هذه الفيلَّا؟!

انتظر لحظة ثم قال في نفسه: إنه لن يستطيع الحركة من السرير! في نفس الوقت لن يشكَّ فينا!

وبسرعة خرج من المطبخ واتجه إلى أقرب غرفة … دفع الباب، فلم ينفتح … فكَّر … إن كل شيء يبدو غريبًا في هذا المكان … فكما أن الغرف تُضاء دون مفتاح إضاءة … فلا بُدَّ أنها تُفتح أيضًا بطريقة سرية!

عاد بسرعةٍ إلى المطبخ … كان الماء يغلي فوق البوتاجاز … جهَّز كوب الشاي، ثم وضعه على صينية … وأخذ طريقة إلى الخارج، لكنه توقَّف فجأة عندما رأى سلة مهملات كانت فيها أوراق وبقايا طعام … وضع الشاي على جانبٍ وأخذ يُقلِّب الأوراق التي في السلَّة … كانت هناك عدة أغلفة شوكولاتة …

أخذ يُحدِّث نفسه: لمن هذه الشوكولاتة؟! لا بد أنها لصديقتنا المجهولة!

أخذ غلافًا وأخفاه في ثيابه … ثم حمل الشاي وخرج.

كان الرجل لا يزال في حواره مع «محب» عندما دخل «تختخ» بصينية الشاي … ابتسم الرجل وقال: لا أعرف كيف أشكرك يا عزيزي فتحي!

برغم أن فتحي دُهِشَ للاسم الذي ناداه به الرجل … إلا أنه فهم بسرعة أن «محب» قد تصرف وذكر للرجل اسمَين غير اسمَيهما الحقيقيَّين …

ابتسم «تختخ» وقال: إنني الذي أشكرك لأن الظروف قدَّمت لي فرصة أُقدم فيها عملًا مفيدًا … خصوصًا مع شخصية طيبة!

الرجل: هذا كرمٌ منك … وأرجو أن أستطيع تقديم أي شيء تطلبانه مني؟!

سأله «تختخ» وهو يُقدِّم له كوب الشاي: هل تعيش هنا وحدك؟!

ابتسم الرجل وقال: ليس دائمًا … فهناك من يأتي في بعض الأحيان!

رَشفَ رشفةً من الشاي الساخن … وبدَا أنه قد هدأ، وقال: لقد أثقلت عليكما … وقد تأخرتما … وسوف يقلق الأهل عليكما، إنني أكرِّر شكري لكما، وأتمنى أن ألقاكما في مناسبة أحسن … إنني آتي هنا في بعض الأحيان … ويمكن أن ألقاكما مرة أخرى … وتستطيعان معرفة وجودي عندما تريان النور في إحدى الغرف!

استأذن الصديقان، وعرضَا عليه أي خدمة يمكن أن يقوما بها، فشكرهما من جديد وهو يقول: أغلقا الباب خلفكما.

قال «تختخ»: وكيف نعيد لك مفتاح البوابة؟!

الرجل: إنها تنغلق بمجرد قفلها ولا تفتح إلا بالمفتاح!

انصرف «تختخ» و«محب» وغادرَا الغرفة وأخذَا طريقهما للخارج … لكن «محب» قال: الكلاب … إنها في الخارج! … «تختخ»: أظن أنها لن تفعل شيئًا!

خرجَا وأغلقَا باب الفيلَّا … ثم أخذَا طريقهما إلى البوابة … ظهرت الكلاب الضخمة لكنها لم تفعل شيئًا سوى أنها ظلت تدور حولهما وتتشمَّمهما.

ابتسم «تختخ» وقال: لقد أصبحنا أصدقاء …

فتح «تختخ» البوابة وخرج، فتبعه «محب» وأغلقَا البوابة … دفعها «تختخ» بكتفه إلا أن البوابة كانت مغلقة جيدًا … وعندما ابتعدَا قليلًا عن الفيلَّا الغامضة وقفَا يتأملانها … كان الضوء القليل يتسرَّب من شيش النافذة المغلق في غرفة الرجل …

قال «تختخ»: إننا لم نتعرف على اسمه!

محب: «نوار».

اندهش «تختخ» وسأل: كيف عرفت؟!

محب: منه … سألني عن اسمي فادَّعيت أنني أحمل اسم «جلال»، وأنت اسم «فتحي»، فقدَّم لي نفسه باسم «نوار».

تختخ: لقد نسينا المغامرين …

أسرع يتحدَّث إلى «عاطف» الذي جاء صوته يقول: لماذا أغلقت التليفون؟!

تختخ: هناك أخبار طيبة … لكننا تأخرنا … وسوف نلتقي غدًا صباحًا عندي في الفيلَّا … قابلونا عند نهاية الشارع.

عندما التقى «المغامرون الخمسة» كانت الساعة تدق الحادية عشرة ليلًا … كانت الدقات صادرة من فيلَّا مجاورة، وبدأت موسيقى نشرة الأخبار … فجأة جاء صوت الشاويش «فرقع» يزعق: مَن هناك؟

قال «تختخ»: هيَّا ننصرف الآن بسرعة قبل أن تقع عيناه علينا.

وبسرعة تفرَّق المغامرون، وأخذ «تختخ» و«زنجر» طريقهما إلى فيلَّا «تختخ» … عندما دخل الفيلَّا، وصَعِد إلى الطابق الثاني، وجد غرفة الضيوف مضاءة، فعرف أن الفتاة ما زالت مستيقظة … دخل الغرفة، فوجد دادة «نجيبة» ساهرة هي الأخرى …

حيَّا الفتاة التي ابتسمت ابتسامة عريضة …

أخرج «تختخ» غلاف الشوكولاتة من بين ثيابه أمام الفتاة … فامتلأ وجهها بالدهشة!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤