المفاجأةُ الكبرى!

كان قرار السفر ضروريًّا … بالرغم من خطورته … فلم تعُد هناك رحلاتٌ في هذا اليوم إلى «لندن» … لذا فسيُضطرُّون لاستئجار طائرة خاصة … والسفر بها بعد منتصف الليل … والوصول إلى هناك في وقتٍ غير اعتيادي لهذه الرحلات، مما قد يثير انتباه العاملين بمطار «هيثرو»، وقد يكون بينهم عملاء «السايبر سبيس» أو «سوبتك».

إلا أن «ريما» كان لها رأيٌ آخر … طلب منها «أحمد» أن تَعرِضه فقالت لهم: إذا كان الوصول في هذا الوقت إلى مطار «هيثرو» فيه خطورةٌ علينا … فلماذا لا تنزل الطائرة في أي قاعدةٍ عسكرية … ومنها يتم الوصول إلى المطار.

عثمان: لديَّ فكرةٌ أخرى … لماذا لا تكون رحلة الطائرة إلى مكان آخر … ويُصيبها العطب بالقرب من «لندن»، فتُضطَر للنزول في مطار «هيثرو».

أحمد: فكرةٌ جيدة … أهنئك يا «عثمان».

أعجبَت الفكرة بقية الزملاء … وتم إبلاغها إلى قيادة المقر التي وافقَت عليها … وفي أقلَّ من خمسين دقيقة كان كلُّ شيءٍ خاص بالرحلة قد تم تجهيزه حتى وسيلة الانتقال من المقر إلى المطار.

فقد نزلَت على سطح المقر طائرة هليكوبتر، حملَت «أحمد» و«عثمان» و«ريما» ثم ارتفعَت في سماء ميدان الرماية … واستدارت حول نفسها ثم انطلقَت إلى مطار «القاهرة» … إلى أن وصلَت إلى المهبط فهبطَت إلى جوار طائرة «إيرباص» … وفي نفس الوقت اقتربَت منهم سيارة شرطة نزل منها ضابط استقبلهم بترحابٍ شديد … ثم سلمَهم جوازات سفرهم وتذاكر صادرةً من شركة «مصر للطيران» وتمنَّى لهم التوفيق.

وانتقل الشياطين إلى الإيرباص … وكانت دهشتُهم كبيرة … حين وجدوا الطائرة ممتلئةً عن آخرها ولا تُوجد مقاعدُ شاغرة إلا لهم هم فقط.

وحين جلسوا على مقاعدهم انطلقوا يضحكون … ثم مالوا على بعضهم يتهامسون حيث قال لهم «أحمد»: هل كل هؤلاء كُمبارس؟

ضحكت «ريما» ثم قالت: أنحن ذاهبون لتصوير فيلم؟

عثمان: «أحمد» معه حَق … فإن لم يكونوا رُكابًا حقيقيين … فهم كُمبارس … لإقناع سلطات مطار «هيثرو» بأنها رحلةٌ عادية.

أحمد: لا يمكن أن يكونوا كُمبارس … وإلا فمن أين حصلوا على جوازات سفر وتأشيرات دخول … وتذاكر سفر؟

ريما: أعتقد أن المنظمة تستطيع عمل ذلك.

أحمد: ولكن ليس في هذا الوقت القصير.

عثمان: أتعتقد أنها رحلة اعتيادية؟

أحمد: نعم، وسأعرف لكم الأخبار.

وأشار بيده لإحدى المُضيفات … فحَضرَت وحيَّته … فأشار لها بيده مرةً أخرى … فمالت عليه … ثم ابتسمَت وقالت له: تحت أمرك يا سيد «أحمد».

وتركَتْه وانصرفَت … وبعد دقائق عادت … فأسرَّت له في أُذنه ببضع كلمات فابتسم وحيَّاها … ثم اعتدل في جلسته وأغمض عينَيه.

مما أثار «ريما» التي مالت على «عثمان» تقول له: هل فهمتَ شيئًا؟

عثمان: لا … والسبب «أحمد».

ريما: إنها طريقتُه التي لا يُغيرها دائمًا.

عثمان: هل يعرفُها من قبلُ؟

ريما: تقصد بينهما علاقة؟

عثمان: هل أنا قُلت ذلك؟

ورغمًا عنه … ابتسم «أحمد» … ثم التفَت إلى «ريما» يقول لها: إن فُضولَكِ مُزعِج …

ريما: ألسنا شركاء؟

أحمد: ألستُ قائد المجموعة؟

عثمان: ماذا يجري الآن؟

أحمد: لا شيء … كنت أريد أن أعرف إذا كانت هذه رحلةً عادية.

عثمان: وماذا قالت؟

أحمد: قالت إنها رحلةٌ عادية.

ريما: إذن لماذا لم تُجبك إلا بعد أن دخلَت غرفة القيادة وخرجَت؟

أحمد: لقد طلبتُ أن أقابل الطيار.

ريما: وهل وافق؟

أحمد: نعم … ولكن بعد ساعة!

عثمان: هل يعرف من أنت؟

أحمد: يعرف أنني في مهمَّةٍ أمنيَّة.

كان «أحمد» يريد أن يقابل الطيار لأسبابٍ كثيرة … فهو يريد أن يعرف منه الحيلة التي سينزل بها مطار «هيثرو».

ويريد أن يعرف كيف تمَّ الِاتفاق معه … ومن الذي أصدر له الأوامر؟ فقد اعتاد على أن يسأل عن كلِّ شيءٍ ويعرف كلَّ شيءٍ مُتعلقٍ بعمله.

وكان «عثمان» يعرف في قرارة نفسه كلَّ ذلك … غير أنه كان مطمئنًّا لتدابير قيادة المنظمة … وكان يتحرك وراء الأوامر التي تصدر إليه.

أما «ريما» فقد كانت منشغلةً جدًّا ﺑ «إلهام» … فهي وحدها الآن بين قطبَي الشر في العالم … وقد عرفَت أحد رجال عصابةٍ منهما … وهناك احتمال أن يعرفها. لقد كان من الصواب أن تتصل المنظمة بأعوانها هناك لتأمينها … أو نَقلِها من هذا الفندق … وقد راوَد هذا الخاطر «إلهام»؛ فقد بكَّرت في الانتقال من الفندق عندما ازداد نشاط الحرس الخاص في تأمين الفندق والاستعلام عن النزلاء … ومراقبتهم.

وقد أثار أعصابَها بشدة … ما وجدَت عليه غرفتَها عند عودتها بعد تناوُلها لعَشائها.

فقد وجدَتْها في حالة فوضَى شديدة مما يدُل على أنها قد تعرَّضَت لتفتيش دقيق … وبمهارة الخبير … قامت بالبحث عن أجهزة تنصُّت قد تم زرعُها في زوايا خفيةٍ بالغرفة.

وقد صدَق حدْسُها … فقد عثَرَت على جهاز غاية في الدقة مثبت أسفل المقعد المجاور لسريرها … بالإضافة إلى كاميرا دقيقة … قد تم تعليقُها أعلى المصباح الكهربائي … فقامت بإضافة عدسة مكبِّرة إلى الكاميرا … لتجعل الصورة مشوَّشة … وأيضًا قامت بإضافة وحدةٍ إلكترونيةٍ دقيقة إلى ناقل الصوت. تجعل الصوت المنقول حادًّا إلى درجة لا يمكن معها تفسير الكلام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤