لغز أيسلاند

قال السيد «راسي» الشرطي السري الشهير لولدَيْه «روي» الأسمر ذي الشعر الأسود والذي يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة وشقيقه «كيم» الأشقر … والأصغر من شقيقه بعام …

الأب: ما رأيكما في رحلةٍ إلى أيسلاند؟!

نظرا إلى بعضهما بدهشة وقال «كيم»: أيسلاند؟ في القطب الشمالي؟!

الأب: نعم … وهي ليست رحلة … وإنما مغامرة خطرة أيضًا … فقد تقودكما إلى أخطر لغزٍ صادفتماه في حياتكما …

روي: وما هو هذا اللغز يا أبي؟

الأب: لا … لا أستطيع أن أخبركما بتفاصيله الآن … إنه في منتهى السرية … كل ما يُمكنني أن أصرِّح به، هو أن مهمتكما ستقتصر على البحث عن شخصٍ مفقود، تبحث عنه شركة تأمين لتدفع له مبلغ خمسة آلاف دولار … والرجل اسمه «ريكس بارتون»، وقد أوصى له بالمبلغ شخص أنقذه «ريكس» من الغرق …

ابتسم «روي» وقال: أنقذه من الغرق؟! هل كان يعمل بحَّارًا؟

الأب: فعلًا … وآخر مكانٍ عمل به، هو الشركة البريطانية البحرية، وقد حصل ذلك قبل أن تغرق الباخرة التي كان يعمل على ظهرها بالقرب من الساحل الفرنسي، وقد تعقَّب رجال الشرطة في أوروبا آثاره حتى وصلوا إلى أسرة على الشاطئ الإنجليزي … ولكنه لم يكن موجودًا هناك، كل ما عثروا عليه ورقة صغيرة، مكتوب عليها كلمة أيسلاند …

نظر إليهما السيد «راسي» قليلًا … ثم أتم كلامه: يبدو من كلمة أيسلاند أن السيد «ريكس» قد عاد إلى موطنه الأصلي، وهو الآن في حوالي الستين من عمره … ومهمتكما أن تتعقَّبا أثره هناك، ومن هنا تستطيعان أن تستقلَّا طائرة تقوم من نيويورك مباشرةً إلى ريكجافيك عاصمة أيسلاند.

سأل «كيم»: هل يمكن أن نصطحب «توني» معنا؟

و«توني» هو صديقهما العزيز … أقرب الأصدقاء إليهما … وهو فتى سمين وظريف … مخلص، محب للأكل دائمًا …

صمت الأب قليلًا ثم قال: «توني» صديق ظريف، وقد يفيدكما في مغامرتكما … فلا مانع من أن يذهب معكما على أن تنبها عليه بالاحتفاظ بمغامرتكما سرًّا لا يعرفه أحدٌ … حتى لا يجلب عليكما المشاكل …

أسرعا يعدَّان نفسيهما للرحلة، وراجعا جوازات سفرهما وهي معدة دائمًا استعدادًا للطوارئ … واتصلا ﺑ «توني» الذي كان يسكن في مزرعةٍ قريبةٍ من المدينة، فحضر مسرعًا في عربته القديمة، وقفز منها وهو يصيح: ماذا حدث؟ هل هو لغز جديد؟!

ابتسم الشقيقان، ورحبا به، وفي لحظات كان الثلاثة قد اتفقوا على موعد السفر، وطلب «روي» أن يأخذا معهما بعض الملابس الثقيلة … وسأل «توني»: هل سنخبر باقي الفريق عن رحلتنا؟!

كيم: … لقد طلب منا أبي أن نلتزم بالكتمان تمامًا!

توني: ولكنهم سيعرفون أننا سافرنا، بمجرد أن تقوم بنا الطائرة …

روي: هذا صحيح … ما رأيكما في أن نخبرهم أننا مسافرون في مهمة، بدون ذكر أية تفاصيل …

وافق الجميع على الفكرة … وقرروا الاتصال بالفريق والذي كان يتكوَّن من أصدقائهما «رامي» و«فادي» و«هاني» و«مودي» … بالإضافة إلى «لولا» شقيقة «توني» … وصديقة «كيم» … و«ناديا» صديقة «روي» …

وما إن سمع باقي الفريق بهذه الأخبار، حتى قرروا أن يُقيموا لهم حفل وداع كبيرًا، يلتقي فيه الجميع حول مائدة حافلة بأطيب الفطائر التي تعدها لهم والدة «مودي» الفتى الرياضي ذي القامة الطويلة الرشيقة والذي تطوَّع بإقامة الحفل في منزله في الساعة السابعة مساءً …

وقف «روي» ينتظر أن يتم «كيم» ارتداء ملابسه حتى يذهبا إلى الحفل، عندما ارتفع رنين جرس التليفون، وأسرعت والدته ترد على المتحدث، وفجأةً ظهرَت على وجهها الدهشة الشديدة … ولم تنطق بحرفٍ واحد … حتى تركت سماعة التليفون …

سألها «روي»: ماذا حدث؟!

الأم: مكالمة عجيبة، هل هي «ناديا» صديقتك؟! ولكن لا أعتقد أنها يمكن أن تفعل ذلك … لقد قالت إن البيت الأبيض يطلب السيد «راسي» … ثم أغلقت السكة …

شعر الشقيقان بالقلق … لا يمكن أن تكون «ناديا»!

فهل هو مقلب من أحد السخفاء …؟ لم يستطيعا تفسير المكالمة الغامضة، فاتفقا على ألَّا يذكرا عنها شيئًا لأي شخصٍ …

مضيا في الطريق الواسع إلى منزل «مودي» … هناك استقبلهما الفريق كله بالصياح والترحيب … وأسرع «روي» يُصافح صديقته «ناديا» … ويُساعدها في إعداد الأسطوانات المرحة الراقصة، وأخذ الجميع يرقصون على نغماتها، حتى أعلنت والدة «مودي» أن الطعام في انتظارهم … فأسرعوا إليه …

بعد قليلٍ قال «روي» ﻟ «ناديا»: ما رأيكِ … أريد أن أسير قليلًا حول البيت في الهواء الطلق؟!

قالت «ناديا»: وأنا أيضًا!

وأخذها «روي»، واتجها إلى باب الخروج، ومضيا في ممر الحديقة حتى وصلا إلى الشارع … وبمجرد أن خطا «روي» خطوة، حتى لاحظ وجود عربةٍ تقف قريبًا … وقد فتحت أبوابها الأربعة، وخرج منها ثلاثة رجال، أحدهم يسير في المقدمة، اتجه مباشرةً في اتجاه «روي» وقال بصوتٍ صارم: تعال معنا فورًا!

وأطلقت «ناديا» صرخةً مدوية، وأسرعَت عائدة إلى المنزل …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤