الفصل السادس عشر

الرجل الذي في الزنزانة

قبل أن أتمكَّن من الرد على استفسار تشيسهولم، أخرج السيد ليندسي رأسه من باب غرفته ورأى رقيب الشرطة هناك فسأله عما يريد. وعندما كرَّر تشيسهولم سؤاله، نظر كلاهما نحوي.

فأجبت: «لقد رأيتُ محفظة كرون بالفعل في تلك الليلة، وهي قديمة ومربوطة برباط حذاء. وكان بها الكثير من المال، أيضًا.»

سأل تشيسهولم: «تعالَ معي، إذن، وانظُر ما إذا كان بإمكانك تحديد أنها هي نفسها التي وجدناها مع الرجل.» وأضاف، مُلتفتًا إلى السيد ليندسي، «وثمة شيء آخر. لقد استفاق الرجل من حالة السُّكر، بعد أن قبضنا عليه؛ جعله ذلك يستجمع نفسه قليلًا. وهو يُطالب بمحامٍ. ربما ستأتي من أجله، يا سيد ليندسي.»

سأل السيد ليندسي: «مَن هو؟» وتابع: «أهو رجل من بيرويك؟»

أجاب تشيسهولم: «إنه ليس كذلك.» وتابع: «إنه غريب؛ رجل يقول إنه كان يبحث عن عمل، ويُقيم في مسكنٍ مشترك في البلدة. وهو يقسِم أنه لا علاقةَ له بقتل كرون، ويصيح مُطالبًا بمحامٍ.»

وضع السيد ليندسي قبَّعته، وانطلقنا مع تشيسهولم إلى قسم الشرطة. وعندما أصبح على مرمى بصرنا، أدركنا أن ثمة تجمهرًا في الشارع أمام بابه. كان خبر الاعتقال قد انتشر بسرعة، وهُرع الناس للحصول على مزيدٍ من التفاصيل. ومن بين النساء والأطفال والمُتسكعين الذين كانوا يتزاحمون كانت مُدبِّرة منزل كرون، وهي امرأة أيرلندية ضخمة، وبدينة، وخشنة الشعر تُدعى نانسي ماجواير، وكانت تلوِّح بذراعيها الكبيرتَين وتهزُّ قبضتيها في وجه اثنين من رجال الشرطة، اللذين كانت تناشدهما إخراج القاتل، حتى تقتصَّ منه في التو واللحظة، وكل هذا كان مختلطًا بتعدُّد محاسن الضحية.

كانت تصرخ بأعلى صوتها: «لقد كان أفضل رجلٍ على الإطلاق!» وتابعت: «أفضل وأطيب مخلوقٍ على الإطلاق وطئت قدمه أرض بلدتكم القاتلة! ألم أكن أعلم أنا أنه سيُقتَل على يدِ بعضكم؟ ألم يُخبرني بنفسه أن رجلًا كان على استعدادٍ للتضحية بعينَيه من أجل رؤية جثته؟ وإذا كنتم قد قبضتم على الجاني، فأخرجوه هنا إليَّ، وسوف …»

وضع السيد ليندسي يده بهدوء على ذراع المرأة ولفَّ جسدها في اتجاه كوخها.

وهمس قائلًا لها: «هدئي من روعكِ، أيتها المرأة الصالحة، وعودي إلى البيت!» ثم أضاف: «وإن كنتِ تعرفين أيَّ شيء، فأمسكي عليكِ لسانكِ حتى آتي لزيارتكِ. غادري الآن، ودَعي الأمر لي.»

لا أعرف كيف حدث ذلك، لكن نانسي ماجواير، بعد نظرةٍ فاحصة للسيد ليندسي، استدارت مُبتعدةً بخنوع مثل حمَلٍ وديع، وغادرت، باكيةً، لكن في هدوء، تمشي في الشارع، وتبِعها نصف الحشد، بينما توجَّه السيد ليندسي، وتشيسهولم، وأنا إلى مركز الشرطة. وهناك التقينا بالسيد موراي، الذي هز رأسه نحونا كما لو كان راضيًا جدًّا عن شيءٍ ما.

وقال، وهو يصحبنا إلى مكتبه: «لا يُوجَد الكثير من الشك حول هذه القضية الأخيرة، على أي حال.» ثم أضاف: «يمكنك القول إن الرجل قد قُبِضَ عليه مُتلبسًا! ومع ذلك، يا سيد ليندسي، من حقه أن يطلُب مُحاميًا، ويمكنك مقابلته وقتما تشاء.»

سأل السيد ليندسي: «ما حقائق القضية؟» وتابع: «اسمحوا لي أن أعرف ذلك أولًا.»

أشار السيد موراي بإبهامه نحو تشيسهولم.

وأجاب: «إن الرقيب هناك يعرفها.» وتابع: «فهو مَن ألقى القبض على الرجل.»

قال تشيسهولم، الذي أصبح بارعًا في عرض البيانات أمام الناس: «لقد حدث الأمر بهذه الطريقة، كما ترى، يا سيد ليندسي.» وتابع: «أنت تعرف تلك الحانة الصغيرة بجانب النهر هناك، خارج السور؛ اسمها كود آند لوبستر، أليس كذلك؟ حسنًا، لقد جاءني، جيمس ماكفارلين، صاحب الحانة، ربما منذ ساعة أو نحو ذلك، وقال إن رجلًا، غريبًا عن المدينة، كان يدخل الحانة ويخرج طوال اليوم منذ الصباح، ويشرب الخمر؛ وعلى الرغم من أنه لم يقُل إن الرجل قد صار ما يمكن أن تصفه بحقٍّ بأنه قد شرب حتى الثُّمالة، إلا أنه كان مخمورًا، ودخل إلى هناك مرة أخرى، فرفضوا تقديم الخمر له، فأصبح عدوانيًّا وبذيئًا، وأثناء ذلك أخرج محفظةً أكَّد رجل آخر كان هناك، لماكفارلين، بعد أن انتحى به جانبًا، أنها تخصُّ أبيل كرون. لذا أخذتُ معي اثنين من رجال الشرطة وعُدت مع ماكفارلين، فوجدنا الرجل ما زال يُطالِب بالحصول على الخمر، ومعه حفنة من المال لإثبات أنه يستطيع دفع ثَمن ما يطلبه. وعندما بدأ يتحوَّل إلى العنف، ويُظهِر الرغبةَ في التشاجُر، ببساطةٍ وضعنا القيود في يديه وأتينا به إلى القسم، وها هو ذا في الزنزانة، وبالطبع، جعله هذا يستفيق، وهو يُطالِب بحقوقه في مقابلة محامٍ.»

سأل السيد ليندسي: «مَن هو؟»

أجاب تشيسهولم: «غريب عن المدينة.» ثم أضاف: «ورفض أن يذكر اسمه أو عنوانه إلا لمحامٍ، حسبما يقول. لكننا نعلم أنه كان يُقيم في أحد المساكن المشتركة — مسكن واتسون — منذ ثلاث ليالٍ، وأنه لم يذهب إلى هناك على الإطلاق في آخر ليلتين.»

سأل السيد ليندسي بجدية: «حسنًا، أين تلك المحفظة؟» وتابع: «إن السيد مونيلوز هنا يقول إنه يمكنه التعرُّف عليها، إن كانت تخصُّ كرون.»

فتح تشيسهولم دُرجًا وأخرج المحفظة التي عُرف في الحال أنها محفظة أبيل كرون؛ والتي كانت في الواقع نوعًا من دفتر الجيب القديم أو محفظة صغيرة، من نوعٍ ما من الجلد، ما زال عليه قدرٌ كبير من الشَّعر الأصلي، ومربوطة بجزءٍ من رباط حذاء قديم. كانت تحتوي على عملات ذهبية وفضية، تمامًا كما رأيتها عندما أخرجها كرون ليعطيني باقي قطعة من خمسة شلنات كنت قد أعطيتها له؛ ولمزيد من التأكيد، كانت قطعة الخمسة شلنات نفسها لا تزال داخلها!

فصحتُ: «تلك محفظة كرون!» وتابعت: «ليس لديَّ شك في ذلك. وهذه قطعة خمسة شلنات أعطيتُها له بنفسي؛ ولا شك لديَّ في ذلك أيضًا!»

قال السيد ليندسي: «دعونا نرَ الرجل.»

قادنا تشيسهولم عبر ممرٍّ إلى الزنازين، وفتح باب إحداها. وخطا داخل الزنزانة، مُشيرًا إلينا أن نتبعَه. وهناك، على المقعد الوحيد في المكان، جلس رجل ضخم، عملاق يُشبه عمال الحفر، وكانت ملابسه الخشنة تدل على نومه فيها بالخارج، وحذاؤه مُلطَّخ بالوحل والطين الذي تجمَّع على الأرجح خلال سيره على ضفة النهر. كان يجلس واضعًا رأسه بين يدَيه، وهو يزمجر في نفسه، ورفع ناظريه إلينا بنظرةٍ تُشبه النظرات التي رأيت الوحوش البرية تنظر بها عبر قضبان الأقفاص. وعلى نحوٍ ما، كان في عينَي الرجل ما جعلني أظن، في التو واللحظة، أنه لم يكن يُفكِّر في أي جريمة قتل ارتكبها، لكنه كان غاضبًا بحنق وغباء من نفسه.

قال تشيسهولم: «والآن، ها هو ذا مُحامٍ من أجلك.» وتابع: «السيد ليندسي، المحامي.»

بدأ السيد ليندسي الحديث، وهو يُلقي نظرة فاحصة على هذا العميل الغريب وقال: «حسنًا، يا رجل!» وتابع: «ماذا لديك لتُخبرني به؟»

ألقى السجين على تشيسهولم نظرةً ناقمة.

وزمجر قائلًا: «لن أقول كلمة أمام أمثاله!» وتابع: «أنا أعرف حقوقي، أيها الرئيس! ما سأقوله، سأقوله لك على انفراد.»

قال السيد ليندسي: «من الأفضل أن تتركنا، أيها الرقيب.» وانتظَر حتى غادر تشيسهولم الزنزانة، بقليلٍ من المُمانعة، وأغلق الباب، ثم التفت إلى الرجل. وتابع: «والآن، أتعرف ما يتهمونك به؟ لقد كنتَ شبهَ ثملٍ؛ هل أنت واعٍ بما يكفي لتتحدَّث حديثًا منطقيًّا؟ حسنًا، إذن؛ ما الأمر الذي تُريدني من أجله؟»

قال السجين مزمجرًا: «أن تُدافع عني، بالطبع!» ثم لفَّ يده إلى مؤخرة سرواله كما لو كان يبحث عن شيءٍ ما. وقال: «لدي نقود خاصة بي؛ وضعت القليل من المال في حزام؛ سوف أدفع لك.»

أجاب السيد ليندسي: «لا تهتمَّ بذلك الآن.» وتابع: «مَن أنت؟ وماذا تريد أن تقول؟»

أجاب الرجل: «اسمي جون كارتر.» وتابع: «عاملٌّ عام، بأعمال الحفر، وأي شيء من هذا القبيل. وأنا أتنقل، بحثًا عن عمل. جئت إلى هنا، متجهًا شمالًا، في الليلة قبل الماضية. ولا علاقةَ لي بجريمة قتل ذلك الرجل مُطلقًا!»

قال السيد ليندسي بحدة: «لقد وجدوا محفظته معك، على أي حال.» وتابع: «ماذا الذي يمكنك أن تقوله عن ذلك؟»

أجاب كارتر بعُنف: «أقول إنني أحمق ملعون!» وتابع: «أعرف أن كل الشواهد ضدي، لكني سأُخبرك؛ يمكن للمرء إخبار المُحامين بأي شيء. مَن هذا الشاب؟» سأل فجأة، بحدَّة في وجهي. وقال: «لن أتحدَّث أمام أيِّ مُحقِّقين.»

أجاب السيد ليندسي: «إنه مُتدرِّب في مكتبي.» وتابع: «والآن، إذن؛ أخبرني بحكايتك. فقط تذكَّر الموقف الخطير الذي أنت فيه.»

تمتم السجين: «أعرف ذلك مثلك تمامًا.» ثم أضاف: «لكنني واعٍ بما فيه الكفاية، الآن! الأمر وما فيه أنني جئتُ إلى هذه البلدة منذ ثلاث ليالٍ، وبحثتُ هنا وهناك عن عملٍ في اليوم التالي، ثم سمعتُ عن عملٍ مُحتمَل في منطقة أعلى النهر فذهبتُ سعيًا للحصول عليه ولم أوفَّق؛ لذلك سلكت طريق العودة مرةً أخرى إلى هنا؛ وكان ذلك في وقتٍ مُتأخر من الليل. وبعد عبور ذلك الجسر في مكانٍ يسمَّى تويزل، نزلت إلى ضفة النهر، كي أسلك طريقًا مختصرًا. وكان ذلك بعد حلول الظلام بوقتٍ طويل، ثم تذكَّر، أيها الرئيس، أثناء سيري عبر الغابة، مباشرةً قبل موضع التقاء النهر الصغير بالنهر الكبير، صادفتُ جثةَ هذا الرجل؛ تعثرت فيها. تلك هي الحقيقة!»

قال السيد ليندسي: «حسنًا!»

تابع كارتر: «كانت الجثة مطروحةً هناك — يُمكنني أن أريك المكان بسهولة — بين حافة الغابة وضفة النهر.» وأضاف: «وعلى الرغم من أنه كان ميتًا بالفعل عندما وجدته، أيها الرئيس، إلا أنه لم يكن قد مات منذ فترة طويلة. لكنه كان ميتًا بالفعل؛ ولستُ أنا من قتله.»

سأل السيد ليندسي: «في أي ساعة هذا؟»

أجاب كارتر: «كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة.» وتابع: «كانت العاشرة عندما مررتُ بمحطة كورنهيل. سلكت ذلك الطريق — عبر الغابة إلى ضفة النهر — لأنني كنتُ قد لاحظتُ كوخًا هناك في الصباح يُمكنني النوم فيه؛ وكنتُ ذاهبًا إلى هناك عندما وجدتُ الجثة.»

سأل السيد ليندسي باقتضاب: «حسنًا؛ ماذا عن المحفظة؟» وتابع: «لا أكاذيب، الآن!»

هزَّ السجين رأسه ردًّا على ذلك، وزمجر؛ ولكن كان واضحًا أنه يزمجر غضبًا من نفسه.

وقال: «أصبتَ القول.» وتابع: «لقد فتشتُ في جيوبه، وبالفعل أخذتُ محفظته. لكن … لم أُلقِه في الماء. هذه هي الحقيقة، أيها الرئيس. لم أفعل أكثرَ من أخذِ المحفظة! تركته هناك، تمامًا كما كان، وفي اليوم التالي شربتُ الخمر، وفي الليلة الماضية ذهبتُ إلى ذلك الكوخ مرة أخرى، واليوم أخذت أشرب الخمر، وأفرطتُ في الشرب، ولعِبَت الخمر برأسي بعض الشيء وأخرجت المحفظة، وتلك هي الحقيقة، على أي حال، سواء كنتَ تُصدِّقها أم لا. لكنني لم أقتل ذلك الرجل، على الرغم من أنني سأعترف أنني سرقتُ من جثته؛ ويا لي من أحمق!»

قال السيد ليندسي: «حسنًا، انظر أين وصل بك الحال.» وأضاف: «حسنًا — أمسِك عليك لسانك الآن، وسأرى ما يُمكنني فعله. سأحضُر معك الجلسة عندما تَمثُل أمام القاضي غدًا.»

نقر على باب الزنزانة، فقادنا تشيسهولم، الذي كان من الواضح أنه ينتظر في الممر، للخارج. ولم يقُل السيد ليندسي شيئًا له ولا لرئيس الشرطة — وقادني بعيدًا إلى الشارع. وهناك ربَّت على ذراعي.

وتمتم: «أنا أُصدِّق كلَّ كلمةٍ قالها ذلك الرجل!» ثم أضاف: «تعالَ، الآن؛ سنزور نانسي ماجواير هذه.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤