الفصل الثاني والثلاثون

الصلة

علمتُ من خلال نظرةٍ خاطفة واحدة على وجه السيد ليندسي أنه كانت لديه أخبار لنا؛ ولكن لم يكن يُوجَد سوى نوعٍ واحد من الأخبار التي كنتُ أريدها في تلك اللحظة، وأدركتُ بنفس السرعة أنه، أيًّا كانت الأخبار التي لدَيه، فهي لم تكن لي. وبمجرد أن سمعتُه يقول إنه لم يسمع أيَّ شيءٍ عن مايسي دنلوب أثناء غيابنا، كنتُ سأُغادر، عازمًا على أن أبدأ تحرياتٍ أُجريها بنفسي في المدينة، في التو واللحظة، وبكل إصرار. لكن قبل أن أصل إلى الباب أمسكني بيده.

وقال، بطريقته المُسيطرة التي لا يقوى أحدٌ على مُقاومتها: «هيا ادخُل، يا ولدي، واجلس لتناوُلِ عشائك أنت والسيد سميتون فقد أُعِدَّ لكما.» ثم أضاف: «لا يُمكنك فعْل المزيد الآن؛ فقد أُجريتُ كلَّ الترتيبات المُمكنة مع الشرطة، وهم يجوبون الريف. لذا اجلس على هذا الكرسي، وتناول الطعام والشراب، وستُصبح أفضل حالًا لمواصلة البحث. يا سيد سميتون»، تابع، بينما يأخذنا معًا إلى مائدة العشاء ويبدأ في تقديم الطعام لنا، «لديَّ أخبار لك، وهي، في رأيي، أخبار تهمك أكثرَ من أي رجلٍ له علاقة بها. لقد اكتشف السيد ريدلي شيئًا له صِلة بمايكل كارستيرز من شأنه أن يُغيِّر مجرى الأحداث بالكامل! خاصةً إذا أثبتنا، مثلما لا شكَّ لديَّ في أننا سنفعل، أن مايكل كارستيرز هو والدك، الذي كنت تعرفه باسم مارتن سميتون.»

استدار سميتون في كُرسيه ونظر إلى السيد ريدلي، الذي، بعد أن تناول هو والسيد ليندسي العشاء قبل مجيئنا، كان جالسًا في زاوية بجوار المدفأة، يتفحَّص الغريب القادم من دندي باهتمامٍ واضحٍ وفضولي.

وقال: «لقد سمعتُ عنك، يا سيدي.» وتابع: «لقد قدَّمت بعض الأدلة في التحقيق عن مقتل فيليبس حول بحث جيلفرثويت في سجلَّاتك، على ما أظن، أليس كذلك؟»

قال السيد ليندسي: «أجل، ومن حُسن الحظ — ويُظْهِرُ كيف يؤدي شيءٌ إلى آخر — أن جيلفرثويت ذهب إلى السيد ريدلي!» وتابع: «لقد وضع هذا السيد ريدلي على مسار، وأخذ يتابعه، ولاختصار الأمور، وجد تفاصيلَ عن زواج مايكل كارستيرز، الذي قيل إنه تُوفِّي دون أن يتزوَّج. وتمنَّيت لو لم يكن بورتلثورب قد رجع إلى المنزل في نيوكاسل قبل أن يأتي إليَّ السيد ريدلي بالأخبار.»

مع أني كنتُ متعبًا، ومُنفطر القلب للغاية بشأن مايسي، أصغيتُ السمع لذلك. لأنه على فترات مُتقطعة، ناقشنا أنا والسيد ليندسي احتمالات هذه القضية، وعرفتُ أن ثمَّة احتمالًا قويًّا لاكتشاف أن مارتن سميتون الغامض لم يكن سوى مايكل كارستيرز الذي غادر هاثركلو إلى الأبد وهو شاب. وإن ثبت أنه كان مُتزوجًا، وأن جافين سميتون هو ابنه الشرعي، عجبًا، عندئذٍ … لكن السيد ريدلي كان يتحدَّث، وقد قطعتُ تكهُّناتي الخاصة للاستماع إليه.

قال: «لا أستحقُّ الكثير من الشكر على هذا، يا سيد سميتون.» ثم أضاف: «بطبيعة الحال كان يُوجَد قدرٌ كبير من الحديث في المنطقة بعد ذلك التحقيق في قضية فيليبس؛ إذ بدأ الناس يتساءلون عما كان ذلك الرجل جيلفرثويت يُريد أن يجده في سجلات الأبرشية، والتي، كما أعلم الآن، فحص عددًا كبيرًا منها، على كِلا جانبي نهر تويد. وفي المسار العادي للأمور — وإذا أجرى شخصٌ ما بحثًا مُحدَّدًا بهدفٍ محدَّد — فإن ما عُثِر عليه الآن كان يمكن العثور عليه في الحال. لكني سأُخبرك كيف كان الأمر. منذ ما يصل إلى ثلاثين عامًا، كانت تُوجَد كنيسة أبرشية قديمة في الجزء الأكثر انعزالًا من تلال تشفيوتس وكانت تخدم قريةً اختفت تدريجيًّا من الوجود، مع أنها لا تزال تحمِل اسمًا، وولهولم، ولا يُوجَد سوى منزل أو اثنَين فيها حاليًّا؛ ولأنه لم يكن يُوجَد هناك أيُّ طائفة، والكنيسة نفسها أصبحت مُتهدِّمة، أُلغِيت الأبرشية القديمة، ودُمِجَت في أبرشية فيلسايد المجاورة، التي يمتلك كاهنها، صديقي السيد لونجفيلد، سجلات وولهولم القديمة في حوزته. وعندما قرأ عن تحقيق فيليبس، وما قلته آنذاك، فكَّر في تلك السجلات وأخرجها، من صندوقٍ مكثَتْ فيه لمدة ثلاثين عامًا على أي حال، ووجد على الفور بيانات زواج مايكل كارستيرز من ماري سميتون، والذي كان بموجبِ تصريح، وعقَده آخِرُ قسٍّ في وولهولم؛ كان، في الواقع، آخرَ زيجة تُعقَد على الإطلاق في الكنيسة القديمة. وينبغي أن أقول»، اختتم السيد ريدلي، «كان ذلك ما يُمكن أن نُطلق عليه زفافًا سريًّا؛ سريًّا، على أي حال، لدرجةِ أنه مع كونه أُقيمَ بتصريح، ومع أن الكنيسة القديمة كانت في مكانٍ ناءٍ ومعزولٍ للغاية، بعيدًا عن أي مكان، ومع ذلك لم يَعرف بأمره سوى رجل الدين المسئول والشاهدَين، الذين كان يمكن بالطبع، أن يُطلَب منهم أن يلتزموا الصمت بشأن الأمر، وهو ما حدث على الأرجح. ولكن تُوجَد نسخة من البيانات في السجل القديم.»

تصفَّحتُ أنا وسميتون بتلهُّف قطعة الورق التي مرَّرها السيد ريدلي. ولم يسأل هذا الأخير، الذي كان ذلك الأمر يَعنيه بشدة، إلا سؤالًا واحدًا:

«أتساءل عما إذا كان بوسعي اكتشاف أيِّ شيءٍ عن ماري سميتون!»

علَّق السيد ريدلي قائلًا: «لقد أجرى السيد لونجفيلد بالفعل بعض التحقيقات المُستترة مع اثنَين أو ثلاثة من كبار السنِّ في المنطقة حول تلك النقطة.» ثم أضاف: «لقد تُوفِّي الشاهدان على الزواج، منذ سنوات. لكن يُوجَد أناس يعيشون في المنطقة يتذكَّرون ماري سميتون. الحقائق هي ما يلي: كانت شابةً جميلة جدًّا، لم تكن من مواطني المنطقة، وقد جاءت للخدمة في إحدى المزارع في تلال تشفيوتس، ومن خلال مقارنة التواريخ، يتبيَّن أنها تركت عملَها على نحوٍ مُفاجئ إلى حدٍّ ما بعد ذلك الزواج بوقتٍ قصير.»

التفت سميتون إلى السيد ليندسي بنفس الأسلوب الهادئ.

وسأل: «ما رأيك في كل هذا؟»

أجاب السيد ليندسي بأسلوبه البالِغ الثقة: «الأمر واضح كالشمس.» وتابع: «لقد أُغرِم مايكل كارستيرز بهذه الفتاة وتزوَّجها في هدوء؛ فكما يقول السيد ريدلي، نظرًا لأن الزواج عُقِد بتصريح، فمِن المُحتمل، بل من المؤكد، أنه لم يعرف أحدٌ أيَّ شيءٍ عن الأمر سوى القس والشاهدَين. وأظن أنه بعد الزواج مباشرةً غادر مايكل كارستيرز وزوجته إلى أمريكا، وأنه، لأسبابٍ خاصة به، تخلَّى عن لقب عائلته المُستَحَق واتَّخذ لقب عائلتها. علاوة على ذلك»، اختتم كلامه، وهو يضرب بكفِّه على ركبته، «ليس لديَّ أي شكٍّ في أنك ثمرة ذلك الزواج، وأن اسمك الحقيقي هو جافين كارستيرز، وأنك وريث البارونية، وأنك … المالك الحقيقي لهاثركلو، وهو الأمر الذي سيُسعدني أن أُثبته.»

قال سميتون، بهدوءٍ كعادته: «سنرى.» ثم أضاف: «ولكن … أمامنا الكثير ممَّا يتعيَّن علينا فعلُه قبل أن نصِل إلى تلك النقطة، يا سيد ليندسي! المالك الحالي، أو المُدَّعي، على سبيل المثال، ماذا عنه؟»

أجاب السيد ليندسي: «لقد أصررتُ على أن تضع الشُّرطة كلَّ ذرةٍ من الآليات المُتاحة في إطار جهدٍ مبذولٍ للقبض عليه.» ثم أضاف: «لم ينقُل موراي فحسب كلَّ ما أخبرَنا به هولينز الليلة الماضية لشرطة جلاسجو هذا الصباح، وهو ما كان أول شيءٍ شرع في فعله، لكنه أرسل رجلًا إلى هناك مع أخبارٍ وافية للغاية؛ كما أبرق لسلطات لندن، وطلب مساعدة مُحقِّقٍ خاص. وحصل على اثنين من المُحقِّقين من نيوكاسل؛ وكل ما يمكن فعْله قد فُعِل. ومن أجلك أيضًا، يا هيو، يا ولدي!» أضاف، وهو يلتفت نحوي فجأة. وقال: «أيًّا كان ما تبذُله الشرطة في الاتجاه الآخر، فهي تبذل مثله من أجل قضيتك. لأنه، مع القُبح الذي قد يبدو عليه الأمر، لا يُوجَد شيء يُضاهي مواجهة الحقائق، وأخشى، أخشى كثيرًا، أن يكون اختفاء مايسي دنلوب هذا له صِلة بهذه الجرائم الحقيرة التي حدثت … أخشى ذلك بالفعل!»

دفعتُ طبقي بعيدًا عند سماع ذلك، وانتصبتُ واقفًا. كنتُ أنا نفسي أرتعد خوفًا من ذلك، طوال اليوم، لكنني لم أجرؤ مُطلقًا على التفوُّه به.

وسألته: «أتقصد، يا سيد ليندسي، أنها بطريقةٍ ما وقعَتْ في أيدي … ماذا؟ مَن؟»

أجاب وهو يهزُّ رأسه أسفًا: «شيءٌ ما وشخصٌ ما في أعماق كل هذا!» وتابع: «للأسف، يا ولدي، للأسف!»

بعد ذلك تركتهم جميعًا، ولم يُحاول أحد إيقافي، تلك المرة؛ فربما رأوا في وجهي أنه لا فائدة من المحاولة. غادرتُ المنزل، وذهبت، دون وعي، على ما أظن، بعيدًا عبر البلدة إلى منزل والدتي، دافعًا أظافري في راحة يدي من التوتُّر، وأنا ألعن السير جيلبرت كارستيرز — شعرت وكأن هذا هو اسم الشيطان! — وأنا أصِرُّ على أسناني. ومِن لعنِه انتقلت للعنِ نفسي؛ لأنني لم أُبلِغ على الفور أنني رأيتُه عند مُفترق الطرق في الليلة التي ذهبتُ فيها لقضاء مهمة جيلفرثويت.

كان الوقت متأخِّرًا عندما وصلنا أنا وسميتون إلى منزل السيد ليندسي، وكان الليل قد هبط حينئذٍ على المدينة؛ ليل أسود حالك، تكتنِفه غيوم هائلة تُنذِر بعاصفةٍ رعدية. كان منزلنا في جزءٍ سيئ الإضاءة من الشارع، وكان كئيبًا بما فيه الكفاية عندما اقتربت، وأنا أتناقش في نفسي حول ما يُمكنني فِعْله أكثر؛ كنتُ أعرف أنه لا ينبغي لي النومُ حتى أتلقَّى أنباءً عن مايسي. ووسط تخميناتي، خرج رجل من زاوية زقاقٍ ضيِّق يمتدُّ من زاوية منزلنا، ولمس مرفقي. كان ثمة بصيص من الضوء عبر نافذة أحد الجيران؛ من خلاله استطعت تمييز أن الرجل هو شخص اسمه سكوت يشتغل بأعمال بستنةٍ قليلة هنا وهناك في المنطقة.

قال وهو يجذبني إلى ظلال الزقاق: «ابقَ هادئًا، يا سيد هيو! لقد كنتُ أنتظر مجيئك، أريد التحدُّث معك على انفراد.»

فقلت: «حسنًا، ماذا تريد؟»

قال بحماس: «سمعتُ أنك تَعِد بعشرة جنيهات، نقدًا في الحال، للرجل الذي يُمكنه أن يُقدِّم لك بعض الأخبار عن خطيبتك؟» وتابع: «هل هذا صحيح؟»

سألت: «هل يُمكنك ذلك؟» وتابعت: «لأنك إن فعلت، فسترى على الفور أن الأمر صحيح.»

رجاني، وقد سمح لنفسه مرةً أخرى أن يُمسك ذراعي: «هل ستكون عقلانيًّا حيال ذلك؟» ثم أضاف: «إذا لم أتمكَّن بالضبط من منحك ما تُسمِّيه أخبارًا دقيقةً ومُحدَّدة، فهل ستعتبرها نفسَ الشيء إذا قدَّمت تلميحًا يا سيد هيو؟ تلميحًا من شأنه أن يؤدي إلى شيءٍ ما؟»

صِحتُ: «أجل، سأفعل!» وتابعت: «وإذا كان لدَيك أي تلميحات يا سكوت، فأفصح عنها، ولا داعيَ للَّفِّ والدوران! أخبِرني بأي شيءٍ يؤدي إلى كشف الغموض، وستحصل على العشرة جنيهات فورًا.»

أجاب: «حسنًا، يجب أن أكون مُتأكدًا، لأنني رجل فقير، كما تعلم، وأطفالي صغار، وسيكون سيئًا أن أُلمِّح إلى أي شيءٍ من شأنه قطْع لقمة عيشهم، ولقمة عيشي. ولديَّ الآن فرصة للحصول على وظيفةٍ جيدة، ومُنتظمة في هاثركلو، ولا أرغب في المجازفة بإضاعتها.»

سألته بلهفة: «إنك تتحدَّث عن هاثركلو إذن، أليس كذلك؟» ثم أضفت: «بحقِّ الرب يا رجل، أفصِح! ما الذي يُمكنك أن تُخبرني به؟»

رجاني قائلًا: «لن تُخبر مخلوقًا بما سأقول، في أي وقت، حاضرًا أو مستقبلًا، يا سيد هيو، أليس كذلك؟»

صِحت بلهفة: «ويحك، يا رجل، لن أنطق بكلمة!» وتابعت: «لن أُفصح أبدًا أنني سمعتُ كلمة منك في هذا الشأن!»

همس، وهو يقترب منِّي أكثر: «حسنًا، إذن، ضع في اعتبارك أنه لا يُمكنني قول أي شيءٍ على وجه اليقين؛ إنه مجرد تلميح أعطيك إيَّاه، ولكن لو كنتُ مكانك، لكنتُ سآخُذ جولةً هادئة في ذلك الجزء العتيق من هاثركلو هاوس، كنتُ سأفعل ذلك بالتأكيد! إنه لا يُستخدَم أبدًا، كما تعلم، لا أحد يقترب منه مُطلقًا، ولكن، يا سيد هيو، أيًّا كان وكيفما كان الأمر، فإن ثمة شخصًا ما فيه الآن!»

صِحت: «الجزء العتيق!» وتابعت: «جزء البرج، أليس كذلك؟»

أجاب: «بلى، بالتأكيد!» ثم أضاف: «إذا كان بإمكانك الوصول إليه بهدوء …»

أمسكتُ ذراعه بقبضتي بقوَّة ربما تكون قد أوحت بالكثير.

وقلت: «سأراك على انفرادٍ غدًا يا سكوت.» ثم أضفت: «وإذا كانت أخبارك ذات نفع، يا رجل، فستحصل على العشرة جنيهات في يدك بمجرد أن أراك!»

بعد ذلك انطلقتُ مُبتعدًا عنه ودخلتُ مُسرعًا إلى مدخل منزلنا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤