الفصل الرابع

التكوين التوراتي

(١) لمحة تاريخية

إذا كان لنا أن نأخذ ما كتبه العبرانيون عن أنفسهم في توراتهم، باعتباره تاريخًا، لتتبَّعنا ظهور العبرانيين في المنطقة، من خلال ثلاث حركات بشرية أساسية؛ الأولى: هجرة إبراهيم الجد الأول، من مدينة أور الكلدانية في أرض الرافدَين، واستقراره في أرض كنعان بفلسطين: «وقال الرب لأبرام، اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك، إلى الأرض التي أُريك، فأجعلك أمةً عظيمة، وأباركك وأُعظم اسمك.»١ وبعد وصول إبراهيم وأهله إلى كنعان، يبرم معه الرب ميثاقًا، فيعطيه الأرض له ولنسله من بعده: «في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقًا قائلًا: لِنسلك أُعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات.»٢ والحركة الثانية تظهر بقيادة يعقوب أو إسرائيل بن إسحاق وحفيد إبراهيم، وعن يعقوب هذا تصدر أسباط إسرائيل الاثنا عشر، ومعه يجدِّد الرب عهد إبراهيم: «والأرض التي أعطيت إبراهيم وإسحاق، لك أعطيها ولنسلك من بعدك أعطي الأرض.»٣ أمَّا الحركة الثالثة فتقوم بها جموع اليهود الفارين من مصر بقيادة موسى، تلك الشخصية الغامضة في التاريخ، غموض شخصية إبراهيم، وذلك في أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
دخلت هذه الجموع الرعوية الجائعة أرض فلسطين من الجنوب بعد أن تاهوا في صحراء سيناء أربعين سنة، جزاء خوفهم من دخول الأرض أول مرة. لقد أرهبَتهم أرض كنعان بما رأوا فيها من منعة وثروة وحضارة، فقفلوا راجعين إلى الصحراء: «فأرسلهم موسى ليتجسَّسوا أرض كنعان … قد ذهبنا إلى الأرض التي أرسلَنا إليها. وحقًّا إنها تفيض لبنًا وعسلًا وهذا ثمرها. غير أن الشعب الساكن في الأرض معتز، والمدن حصينة عظيمة جِدًّا … وجميع الشعب الذي رأينا فيها أناسًا طوال القامة. وقد رأينا هناك الجبابرة بني عناق، فكنا في أعينهم كالجراد … فرفعَت الجماعة كلها صوتها وصرخت، وبكى الشعب تلك الليلة، وتذمَّر على هارون وموسى جميع بني إسرائيل، وقال لهما كل الجماعة ليتنا متنا في أرض مصر.» وهنا يغضب يهوه إلههم، ويقرِّر حرمانهم من دخول الأرض التي وعدهم بها، إلى أن يتطهَّروا من أدرانهم: «في هذا القفر تسقط جثثكم … وأمَّا أطفالكم فإني سأدخلهم، فيعرفون الأرض التي احتقرتموها. فجثثكم أنتم تسقط في القفر، وبنوكم يكونون رعاةً في هذا القفر أربعين سنة، ويحملون فجوركم حتى تفنى جثثكم في القفر.»٤
كان تقدُّم العبرانيين في أرض كنعان بطيئًا جِدًّا، إلا أن سياسة الإفناء التي اتبعوها لم يذكر لها التاريخ مثيلًا: «رجع جميع إسرائيل إلى عاي وضربوها بحد السيف. وكان جملة من قُتل في ذلك اليوم، رجل وامرأة، اثنَي عشر ألفًا، جميع أهالي عاي … وأحرق يشوع عاي، وجعلها تل ردم إلى الأبد خرابًا»،٥ «وعاد يشوع في ذلك الوقت وافتتح حاصور وقتل ملكها بالسيف، وضربوا كل نفس فيها بحد السيف، ولم تبقَ نسمة، وأحرق حاصور بالنار»،٦ «وقال صموئيل لشاول، إياي أرسلَ الربُّ لمسحك على شعبه إسرائيل. والآن فاسمع كلام الرب … اذهب واضرب عماليق ولا تعفُ عنهم، بل اقتل رجلًا وامرأة، طفلًا ورضيعًا، بقرًا وغنمًا، جملًا وحمارًا.»٧
وعندما تمَّ لهم الاستيلاء على فلسطين وزَّع القائد يشوع بن نون (خليفة موسى) الأرض على القبائل الإسرائيلية الاثنتَي عشرة، ثم عاشوا مدة قرنَين لا يجمعهم نظام سياسي يوحِّدهم، إلى أن أسَّس شاؤل المملكة الموحَّدة، ثم خلفه داود وسليمان. وبعد وفاة سليمان انقسمت المملكة الموحَّدة إلى مملكتَين: إسرائيل في الشمال، ويهوذا في الجنوب. وبقي العبرانيون عالةً على الثقافات المجاورة؛ ففي أوج ازدهار دولتهم، أيام الملك سليمان، نجد هذا الملك يستعين بالحرفيين والصناع الفينيقيين لبناء هيكله المشهور، ويستورد له المواد اللازمة من فينيقيا: «وأرسل سليمان إلى حورام ملك صور قائلًا: كما فعلت مع داود أبي إذ أرسلت له أرزًا ليبني بيتًا يسكن فيه، فها أنا ذا أبني بيتًا لاسم الرب إلهي … فالآن أرسل لي رجلًا حكيمًا في صناعة الذهب والفضة والنحاس والحديد والأرجوان والقرمز ماهرًا في النقش … وأرسل لي خشب الأرز وصندل وسرو لبنان لأني أعلم أن عبيدك ماهرون في قطع خشب لبنان.»٨

في عام ٧٢١ق.م. قضى صارغون الآشوري على مملكة إسرائيل وسبى كثيرًا من أهلهم وأسكنهم في مناطق أخرى. وفي عام ٥٨٧ق.م. دمَّر نبوخذ نصر البابلي أورشليم وأنهى الوجود السياسي لمملكة يهوذا. وبعد ذلك جاء العصر الفارسي ثم اليوناني ثم الروماني، وتلاشى اليهود كمجموعةٍ دينية في فلسطين، لا سيما بعد انتشار المسيحية.

(٢) الخلفية الثقافية

لم يُحضر اليهود إلى سوريا الجنوبية معهم ثقافةً خاصةً بهم؛ فقد عاشوا في مصر عيشة العبيد والأذلاء، وفرُّوا منها استجابةً لدعوة رجل فولاذي هو موسى. وقد تضاربت الآراء حول هذه الشخصية الفذة. ولعل أكثر هذه الآراء إثارةً النظرية القائلة بأن موسى مصري الأصل وليس عبرانيًّا،٩ وأنه قائد عسكري من أتباع ديانة آتون، وهي أول ديانة توحيدية معروفة تاريخيًّا، أسَّسها الفرعون أخناتون. ولمَّا هلك أخناتون، ودمَّر كهنة الديانات التقليدية كل ما بناه؛ تفرَّق أتباعه وأهله، إلا أن موسى التابع المخلص لأخناتون أخذ على عاتقه متابعة الرسالة فقام باختيار اليهود، تلك الفئة الغريبة المضطهدة؛ للتبشير بينهم، وقادهم، لقاء اهتدائهم، في مسيرتهم الطويلة للخلاص من العبودية. ولعل هذا الاختيار الذي قام به موسى، هو الذي أعطى فكرة اختيار الإله يهوه لشعبه في التوراة. وتُتابع هذه النظرية منطقها فتقول إن اليهود بعد خيباتهم المتلاحقة وضياعهم الطويل، قد قتلوا قائدهم في ثورة من ثورات الغضب، وهذا الفعل الشنيع هو الذي أدخل على اليهودية فكرة المسيح المنتظر؛ لأن الندم قد اعتصر قلوب المغتالين، وترسَّخ بعد ذلك في لا شعور الجماعة، ونشأت الأمنية بعودة القتيل، الذي لم يمت وإنما اختفى؛ ليعود في نهاية العالم لقيادة شعبه.
رغم قلة ما نعرفه عن الديانة الآتونية، بسبب الانتقام الشامل الذي تعرضت له من قِبل الكهنة الثائرين، فإننا نستطيع أن نلمح بعض أوجه التشابه بين الديانتَين، الآتونية والموسوية، وذلك رغم ما خضعت له الأخيرة بعد موسى من تبدُّلات.
  • فأوَّلًا: تصر الديانتان، ولأول مرة في التاريخ، على وحدانية الإله. إلا أن وحدانية أخناتون أعم وأشمل؛ لأنه يرى آتون إلهًا للأمم كلها، بينما بقيت اليهودية على الاعتقاد بيهوه إلهًا للشعب اليهودي، يتجلَّى في المعارك والانتصارات، لا كما يتجلَّى آتون في الأزهار والأشجار وجميع أشكال النماء والحياة.
  • ثانيًا: تمنع الديانتان أي نوع من أنواع التصوير أو النحت للإله الواحد؛ لذلك فقد حُطِّمت كل التماثيل إبان حكم أخناتون ومُسحت عن جدران المعابد كل صور وأسماء الآلهة القديمة. وكانت الإشارة الوحيدة المسموح بها كرمز للإله هي أشعة الشمس التي كانت جميع الصلوات تحث على النظر للقوة الكامنة خلفها. فآتون ليس قرص الشمس ذاته، بل خالق أشعته التي يمدها بالطاقة. وليس ما في الكرة الملتهبة من مجد مشرق، إلا رمزًا للقدرة المستورة. كذلك نقرأ في التوراة: «لا تصنع لك تمثالًا، صورة ممَّا في السماء من فوق، وما في الأرض من أسفل، وما في الماء تحت الأرض.»١٠
  • ثالثًا: لا نجد في الديانتَين أثرًا لفكرة البعث والحساب والحياة الآخرة؛ فأخناتون في صراعه مع الديانات القائمة آنذاك، أراد أن يحرم أوزوريس، وهو الإله الشعبي الأول، ملكوته في العالم الآخر؛ لأنه كان رب البعث والحساب الذي يزن الحسنات والسيئات في العالم الأسفل، ومالك قلوب العباد الباحثين عن السعادة في الحياة الثانية. فعمد أخناتون إلى إلغاء فكرة البعث والحساب. وعلى منواله نُسجت الديانة الموسوية التي لا نجد عندها أفكارًا واضحةً عن الحياة بعد الموت،١١ بل إن هذه الفكرة قد اعتُبرت لفترات طويلة ضلالًا مبينًا، ولم تبدأ في السيطرة على عقول بعض المتدينين إلا في الفترات المتأخِّرة وقبل ظهور السيد المسيح.
  • رابعًا: نظرًا لاتصال الديانات المصرية بالسحر؛ فقد حاربت الآتونية السحر والسحرة وأبطلت تأثيرهم في المجتمع. كذلك الأمر في الديانة اليهودية التي حرَّمت السحر.

إن تأثر الديانة الموسوية بالديانة الآتونية هو أمر منطقي وممكن، بصرف النظر عن حكاية موسى المصري؛ فالديانة الموسوية نشأت في زمن لا يبعد كثيرًا عن زمن ازدهار الآتونية. ونستطيع بسهولة أن نفترض أن الديانة الآتونية بعد انهيارها، قد تحوَّلت إلى ديانة سرية انتشرت بين المضطهدين الغرباء، وخضعت لتحوُّلات أساسية عبر الوقت، إلى أن اتخذت شكلها الجديد على يد موسى. وقد استمرَّت بعض الصلوات الآتونية حيةً في كتاب التوراة. ومن ذلك مثلًا إحدى صلوات أخناتون في تسبيح إلهه التي نجدها في المزمور ١٠٤ من سفر المزامير في التوراة:

(٢-١) صلاة أخناتون١٢

• العالم في ظلام كأنه الموت. الأسود تخرج من عرينها،
والحيَّات من جحورها،
والظلام يسود،
وعندما تشرق في الأفق يتلاشى
الظلام، وكلٌّ يذهب إلى عمله.
• تزهر كل الأشجار والنباتات وتتفتَّح،
والطيور ترفرف على أعشاشها، والخرفان
ترقص وتثب على أرجلها.
• السفن تمخر عُباب الماء صعودًا وهبوطًا،
والأسماك في النهر تقفز أمامك، وأشعتك
في وسط البحر العظيم.
– كم هي متعدِّدة أعمالك … لقد خلقت
الأرض وفقًا لمشيئتك. وكل ما عليها
من ناس وحيوان.
• لقد خلقت نيلًا في السماء
يرسل الماء على المخلوقات، فيسقي
حقولهم، ويجعل الجبال تفيض سيولًا؛
فتروي الناس والقطعان في الأرض.
• أنت الذي خلق الفصول، وخلقت السماء
البعيدة تسطع فيها وتشرق وتغرب يومًا بعد يوم.
• العالم كله بين يدَيك. عندما تسطع على المخلوقات
تحيا، وعندما تغرب عنها تموت، وبك يعيش الإنسان.

(٢-٢) المزمور ١٠٤

تجعل ظلمةً فيصير ليل، فيه تدب
كل حيوان الوعر،
الأشبال تزمجر لتخطف وتلتمس من الرب
طعامها.
• تشرق الشمس فتجتمع في مآويها وتربض.
الإنسان يخرج إلى عمله وإلى شغله إلى المساء.
• تشبع أشجار الرب أرز لبنان الذي نصبه
حيث تعشعش هناك العصافير، أمَّا اللقلق فالسرو
بيته. الجبال العالية للوعول، والصخور ملجأ للوبار.
• هذا البحر الكبير الواسع الأطراف،
هناك دبابات بلا عدد. صغار الحيوانات مع كبار،
هناك تجري السفن.
• ما أعظم أعمالك يا رب! كلها
بحكمتك صُنعت. ملآنة الأرض بغناك.
• الساقي الجبال من علاليه. من ثمر
أعمالك تشبع الأرض. المنبت عشبًا
للبهائم، وخضرة لخدمة الإنسان لإخراج
خبز من الأرض،
وخمر تُفرح قلب الإنسان.
• صنع قمرًا للمواقيت.
الشمس تعرف مغربها.
كلها إياك ترتجي لترزقها قوتها في حينه.
تعطيها فتلتقط، وتفتح يدك فتشبع خبزًا، تحجب وجهك
فترتاع، تنزع أرواحها فتموت، وإلى ترابها تعود
ترسل روحك فتخلق وتجدِّد وجه الأرض.

هذا وربما كُنَّا أقدر على إيجاد مزيد من المشابهات لو وصلَنا من تراث الآتونية أكثر ممَّا وصل. ولكن الانتقام الشامل الذي تعرَّضت له هذه الديانة بعد وفاة مؤسِّسها جعل التاريخ لا يعرف عنها إلا القليل.

وإذا كانت الآتونية قد أعطت اليهودية دفعتها الأولى، فإن المناخ الثقافي الذي نمت فيه وترعرعت، فيما بعد، وأعني به الثقافة السورية المجاورة، كان له أكبر الأثر في تشكُّلها وتطوُّرها البطيء. وقد كُتِب التوراة عبر مسافة زمنية تبدأ في القرن العاشر قبل الميلاد، وتنتهي في القرن الأول؛ فالأسفار الخمسة الأولى قد كُتبت على مدى ثلاثة قرون ابتداءً من القرن العاشر، أمَّا آخر أسفار التوراة، وهي سفر المكابين الأول، وسفر المكابين الثاني، فقد حُرِّرت خلال القرن الأول قبل الميلاد. والتوراة هو المأثرة الثقافية الوحيدة للشعب اليهودي.

ومع هذا التطوُّر البطيء تطوَّرت فكرة اليهود عن الإله. وكان على إلههم يهوه أن ينتظر طويلًا قبل أن ينتقل من مجرَّد إله خاص بشعب إسرائيل، يصارع ويقارع آلهة الشعوب الأخرى للحفاظ على وحدانيته لدى شعبه المختار، إلى إله مطلق للعالم. فآيات التوراة تتحدَّث عن يهوه دائمًا كأعظم الآلهة شأنًا: «والبيت الذي أنا بانيه عظيم لأن إلهنا أعظم من جميع الآلهة.»١٣ ويهوه نفسه على ما يبدو كان إلهًا كنعانيًّا؛ فقد وُجدت في أرض كنعان عام ١٩٣١م بعض المكتشفات؛ قطع من الخزف من بقايا عصر البرونز، مكتوب عليها اسم إله هو ياه أو ياهو. كما نسمع الإله إيل يقول في بعض ألواح أوغاريت: اسم ابني ياو. وهذا الإله ربما حمله العبرانيون معهم إلى مصر، وعادوا به وقد اختلط بالإله آتون بعد هربهم من هناك، أو طردهم.١٤
وفي أسفار التوراة الأولى نجد أن اليهود ينادون إلههم باسم إيل، وهو رب الأرباب عند الكنعانيين والآراميين وإله السماء. نقرأ في سفر التكوين: «وبكَّر يعقوب في الصباح وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه عمودًا، وصبَّ زيتًا على رأسه، ودعا المكان بيت إيل … وهذا الحجر الذي أقمته يكون بيت الرب.»١٥ وفي مكان آخر نقرأ: «فأتى يعقوب إلى لوز التي في أرض كنعان هو وجميع القوم الذين معه، وبنى هناك مذبحًا ودعا المكان بيت إيل؛ لأنه هناك ظهر له الرب حين هرب من وجه أخيه.»١٦ هذا ونجد اسم إيل في كثير من أسماء الأعلام اليهودية مثل؛ رعوئيل، إسماعيل، إسرائيل … إلخ. وهي أسماء مركبة؛ رعو-إيل، إسماع-إيل، إسرا-إيل.
وفي المراحل التالية نجد يهوه ينفصل عن إيل ويحاول انتزاع صفات وسلطات الإله السوري بعل إله المطر والصاعقة والرعود، والإله الأكثر محبةً في قلوب السوريين. فالرعد هو صوت بعل الذي يعلن قدومه، والغيوم مركبته التي تُقله، والصاعقة سلاحه، والبرق هيبته، والمطر نعمته. هذه الرموز كلها ادعاها يهوه لنفسه: «صوت الرب على المياه، إلى المجد أرعد، الرب فوق المياه الكثيرة، صوت الرب بالجلال.»١٧ وأيضًا: «الجاعل السحاب مركبته، الماشي على أجنحة الريح.»١٨ فيهوه هنا يتخذ لنفسه صفةً أساسيةً من صفات بعل وهي: راكب الغيوم. وحتى عندما يأتي يهوه لمصارعة التنين والقضاء عليه فإن تنين يهوه هو نفس تنين بعل. نقرأ في ألواح أوغاريت، وفي سفر إشعيا:
النص الأوغاريتي* سفر إشعيا ٢٧: ١
والآن تريد أن تقتل لوتان في ذلك اليوم يعاقب الرب
الحية الهاربة بسيفه القاسي العظيم الشديد
الآن تريد أن تجهز على الحية الملتوية لوتان الحية الهاربة
شالياط العتية لوتان الحية المتحوية
ذات الرءوس السبعة ويقتل التنين الذي في البحر
النص الأوغاريتي ترجمة أنيس فريحة: أوغاريت، دار النهار، بيروت ١٩٨٠م، ص١٥٦. وقد أرجعت كلمة «لوباثان» في أصلها الأوغاريتي «لوتان» وفق ترجمة غوردن.

ويأتي المزمور ٩٢ بسرد مشابه لسرد النص الأوغاريتي عن صراع بعل ضد أعدائه:

النص الأوغاريتي* المزمور ٩٢
هو ذا أعداؤك يا بعل هو ذا أعداؤك يا رب
هو ذا أعداؤك تبيدهم هو ذا أعداؤك تبيدهم
هو ذا خصومك تفنيهم يتبدَّد كل فاعلي الإثم
C. H. Gordon, Ugarit, Norton Library, New York 1962, p. 48.
وكما تغلَّب بعل على المياه الأولى يم كذلك يهوه: «أنت متسلِّط على كبرياء البحر، أنت سحقت رهب مثل القتيل.»١٩ وكما طالب بعل ببناء بيت له بعد انتصاره، كذلك يفعل يهوه: «وفي تلك الليلة كان كلام الرب إلى ناثان قائلًا، اذهب وقل لعبدي داود، هكذا قال الرب، أأنت تبني لي بيتًا لسكناي؛ لأني لم أسكن في بيت منذ يوم أصعدت ببني إسرائيل من مصر إلى هذا اليوم، بل كنت أسيرًا في خيمة؟»٢٠ وكان اليهود لدى قراءتهم في التوراة يتهيَّبون لفظ اسم يهوه، فعندما يصلون في قراءتهم للاسم يلفظون بدلًا عنه اسم أدوناي وهو من ألقاب بعل، كما أن اسم أدوناي يرد تبادليًّا مع اسم يهوه في أكثر من موضع في الكتاب المقدس.
وإذا كان يهوه قد حاول التشبُّه بالآلهة السورية والبابلية، فإنه قد بزَّ قساتهم بما جنته يداه من أعمال الدمار والفتك والقتل. فهو إله حقود لا يكتفي بعقوبة المذنب وحده، بل إنه يتابع انتقامه من ذرية المذنب، ويحل عليهم غضبه وانتقامه: «أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء، وفي الجيل الثالث والرابع من الذين يبغضونني.» «وغضبه لا يهدأ إلا بالتضحيات التي تُحرق على المذبح ويُسر لرائحتها كثيرًا.» ويرتِّب بنو هارون، الكهنة، القطع مع الرأس والشحم فوق النار التي على المذبح. أمَّا أحشاؤه وأكارعه فيغسلها في الماء، ويوقد الكاهن على المذبح محرقة وقود، رائحة سرور للرب:٢١ «وتوقد كل الكبش على المذبح، هو محرقة للرب، رائحة سرور، وقود هو للرب.»٢٢
وغضب يهوه لا يزول بالتضحية الحيوانية فقط، بل لا بد من التضحية الإنسانية أيضًا. نقرأ في سفر صموئيل الثاني من العهد القديم … إن جوعًا وقحطًا شديدَين قد عمَّا البلاد مدة ثلاث سنوات، وكان ذلك أيام الملك داود فيطلب داود وجه الرب، ويفهم منه أنه حاقد من أجل شاول الذي قتل الجبعونيين، فيقوم داود بتقديم سبعة رجال قربانًا للرب حتى يهدأ: «وسلَّمهم إلى يد الجبعونيين، فصلبوهم على الجبل أمام الرب، فسقط السبعة معًا، وقُتلوا في أيام الحصاد.»٢٣
ورغم قسوة يهوه وجبروته فإن اليهود لم يتوقَّفوا عن عبادة آلهة السوريين طيلة تاريخهم؛ فهذا يعقوب نفسه يطلب من أهل بيته أن ينزعوا الآلهة السورية من وسطهم: «فقال يعقوب لبيته ولكل من كان معه: اعزلوا الآلهة الغريبة التي بينكم وتطهَّروا وأبدلوا ثيابكم … فأعطَوا يعقوب كل الآلهة الغريبة التي بين أيديهم، والأقراط التي في آذانهم، فطمرها يعقوب.»٢٤ وهؤلاء بنو إسرائيل وموسى بعد بين ظهرانيهم، يتركون يهوه ويتجهون لعبادة بعل: «وتعلَّق إسرائيل ببعل، فحمي غضب الرب على إسرائيل، فقال الرب لموسى خذ جميع رءوس الشعب وعلقهم للرب مقابل الشمس، فيرتد حمو غضب الرب.»٢٥
والملك سليمان، أعظم ملوك اليهود قاطبة، كان من عبدة الآلهة السورية: «ولم يكن قلبه كاملًا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. فذهب سليمان وراء عشتاروت إله الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب، ولم يتبع الرب.»٢٦ وبعد سليمان كان معظم ملوك اليهود يعبدون مع يهوه آلهة سوريين: «وعمل آخاب الشر في عينَي الرب أكثر من جميع الذين قبله، وسار وعبد البعل وسجد له، وأقام مذبحًا للبعل في بيت البعل الذي بناه بالسامرة.»٢٧
وهكذا نجد أن مطلب يهوه المتواضع في الوصية الأولى من الوصايا العشر لم يتحقَّق له، وهو أن يكون مقامه فوق سائر الأرباب. لقد كانت رحلةً مضنية، تلك التي مشاها يهوه، عبر تاريخ طويل امتدَّ أكثر من ألف سنة، قبل أن يصبح من خلال الديانة المسيحية إلهًا واحدًا مطلقًا. لقد ابتدأ يهوه بدايةً وثنيةً متواضعة، ثم شقَّ طريقه بدأب نحو الوحدانية. ولعل علاقته المبكِّرة مع موسى تظهر تلك البداية المتواضعة. فيهوه لا يدَّعي العلم المطلق عندما يطلب إلى اليهود أن يميِّزوا بيوتهم بدهنها بدماء الخرفان المضحاة، فلا يهلكوا مع من يريد إهلاكهم من المصريين: «ويكون لكم الدم علامةً على البيوت التي أنتم فيها، فأرى الدم وأعبر عنكم، فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر.»٢٨ وهو إله متردِّد يخشى شماتة الناس به وبشعبه، ويستطيع موسى بذكائه أن يدفعه لتغيير رأيه: «إلى متى يهينني هذا الشعب، وحتى متى لا يصدِّقونني؟ إنني سأضربهم بالوباء، وأبيدهم.» فقال موسى للرب: «فإن قتلتَ هذا الشعب، يتكلَّم الشعوب الذين سمعوا بخبرك قائلين لأن الرب الذي لم يقدر أن يدخل هذا الشعب إلى الأرض التي حلف لهم، فقتلهم في القفر. اصفح عن ذنب هذا الشعب، وكما غفرت لهذا الشعب من مصر إلى هنا. فقال الرب قد صفحت حسب قولك.»٢٩
وهو إله مُشخَّص يمكن رؤيته بالعين المجرَّدة؛ فهذا موسى يلمح قفاه: «فقال أرِني مجدك … فقال الرب هو ذا عندي مكان فتقف على الصخرة، ويكون متى اجتاز مجدي، أني أضعك في نقرة من الصخرة وأسترك بيدي حتى أجتاز، ثم أرفع يدي، فتنظر إلى ورائي، وأمَّا وجهي فلا يرى.»٣٠ وهو بطل يصارع الوحوش والتنانين تمامًا كآلهة السوريين والبابليين والإغريق: «أنت شققت بعزتك يم٣١ وشدخت رءوس التنانين على المياه، أنت رضضت رءوس لوياتان، جعلته مأكلًا لزمر القفار.»٣٢

وقصارى القول إن كتاب التوراة وهو المأثرة الثقافية الوحيدة للشعب اليهودي، قد نشأ وتطوَّر انطلاقًا من أرضية ثقافية سورية وبابلية ومصرية. وإن مسيرة الفكر العبراني، في سعيه لبناء ديانة مستقلة، لم تتكلَّل بالنجاح إلا عن طريق استيعاب وتمثُّل الديانات السابقة، والآلهة القوية التي لم يستطِع يهوه زحزحتها إلا باستعارتها لنفسه.

لقد بدأت المشابهات بين التوراة وآداب الشرق القديم تظهر عندما بدأت الحضارات القديمة للمنطقة تتكشَّف من تحت التراب بواسطة الحفريات الأثرية التي أحيت آدابًا قد فُقدت منذ عهد بعيد. إن ضوءًا قويًّا قد سُلط الآن على التوراة ومنشئه، وأصبح في وسع القائلين بالمعجزة التوراتية أن يدركوا أن آداب التوراة لم تظهر كاملة النمو، وإنما مدَّت جذورها عميقًا لتشرب نسغ حضارات معاصرة لها وأخرى سابقة عليها. وأن التربة التي أمدَّت مؤلفي التوراة بمادتهم الأدبية كانت تربة كنعان وآرام وأرض الرافدَين.

(٢-٣) أسطورة التكوين التوراتية

لنقرأ الآن أسطورة التكوين التوراتية كما وردت في مطلع كتاب التوراة: سفر التكوين، الإصحاحان الأول والثاني:

الإصحاح الأول: «في البدء خلق الرب السموات والأرض، وكانت الأرض خربةً وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الرب يرف فوق وجه الماء. وقال الرب ليكون نور فكان نور. ورأى الرب النور أنه حسن، وفصل الرب بين النور والظلمة، ودعا الرب النور نهارًا والظلمة ليلًا، وكان مساء وكان صباح يومًا واحدًا.

وقال الرب ليكن جَلَد (قبة السماء) في وسط المياه، وليكن فاصلًا بين مياه ومياه. فعمل الرب الجَلَد وفصل بين المياه التي تحت الجَلَد والمياه التي فوق الجَلَد، وكان ذلك. ودعا الرب الجَلَد سماءً. وكان مساء وكان صباح يومًا ثانيًا.

وقال الرب لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة، وكان كذلك. ودعا الرب اليابسة أرضًا، ومجتمع المياه دعاه بحرًا، ورأى الرب ذلك أنه حسن. وقال الرب لتنبت الأرض عشبًا وبقلًا يبزر بزرًا، وشجرًا ذا ثمر يعمل ثمرًا كجنسه بزره فيه على الأرض، وكان كذلك فأخرجت الأرض بقلًا وعشبًا وبقلًا يبزر بزرًا كجنسه، وشجرًا يعمل ثمرًا بزره فيه كجنسه، ورأى الرب ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يومًا ثالثًا.

وقال الرب لتكن أنوار في جَلَد السماء لتفصل بين النهار والليل، وتكون أنوارًا في جَلَد السماء لتنير على الأرض، وكان كذلك. فعمل الرب النورَين العظيمَين، النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل، والنجوم جعلها الرب في جَلَد السماء لتنير على الأرض. ولتحكم على النهار والليل. ولتفصل بين النور والظلمة، ورأى الرب ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يومًا رابعًا.

وقال الرب لِتفِض المياه زحَّافات ذات نفس حية، وليطِر طير فوق الأرض على وجه جَلَد السماء. فخلق الرب التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كأجناسها، وكل طائر ذي جناح كجنسه، ورأى الرب ذلك أنه حسن. وباركها الرب قائلًا أثمري واكثري واملئي المياه في البحار، وليكثر الطير على الأرض. وكان مساء وكان صباح يومًا خامسًا.

وقال الرب لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها، بهائم ودبابات ووحوش أرض كأجناسها وجميع دبابات الأرض كأجناسها، ورأى الرب ذلك أنه حسن. وقال الرب نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلَّطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض. فخلق الرب الإنسان على صورته، على صورة الرب خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم. وباركهم الرب وقال لهم أثمروا واكثروا واملئوا الأرض وأخضعوها، وتسلَّطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض. وقال الرب إني أعطيتكم كل بقل يبزر بزرًا على وجه الأرض، وكل شجر فيه ثمر شجر يبزر بزرًا لكم يكون طعامًا. ولكل حيوان الأرض وكل طير السماء وكل دبابة على الأرض فيها نفس حية أعطيت عشبًا أخضر طعامًا، وكان كذلك. ورأى الرب كل ما عمله فإذا هو حسن جِدًّا، وكان مساء وكان صباح يومًا سادسًا.»

الإصحاح الثاني: «فأكملت السموات والأرض وكل جندها. وفرغ الرب في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الرب اليوم السابع وقدَّسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الرب خالقًا.

هذه مبادئ السموات والأرض حين خُلقت، يوم عمل الرب الإله الأرض والسموات، كل شجر البرية، ولم يكن بعد في الأرض، وكل عشب البرية لم ينبت بعد؛ لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر على الأرض، ولا كان إنسان يعمل على الأرض، ثم كان ضباب يطلع من الأرض ويسقي كل وجه الأرض. وجبل الرب آدم ترابًا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة الحياة، فصار آدم نفسًا حية. وغرس الرب الإله جنة من عدن شرقًا، ووضع هناك آدم الذي جبله. وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة، ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رءوس؛ اسم الواحد فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب، وذهب تلك الأرض جيد، هناك المقل وحجر الجزع. واسم النهر الثاني جيحون، وهو المحيط بجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل، وهو الجاري شرقي آشور. والنهر الرابع الفرات. وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها.»

يقتفي التكوين التوراتي أثر أساطير التكوين السومرية والبابلية والكنعانية في خطوطه العامة وفي تفاصيله. فالحالة البدائية السابقة للخلق حالة عماء مائي، وظلمة سرمدية. ومن هذه المياه تمَّ التكوين، حيث يقوم يهوه بتقسيم المياه إلى قسمَين؛ رفع الأول إلى السماء، وترك الثاني في الأسفل فصار بحارًا منها برزت اليابسة. وعلى هذه اليابسة تابع يهوه أفعاله الخلاقة، فأخرج النبت والمرعى والشجر المثمر، وخلق الحيوان. وفي السماء خلق الشمس والقمر والنجوم، وفي البحر خلق الحيوانات المائية، وفي الجو خلق الطير، وأخيرًا خلق الإنسان.

وإذا كان صراع يهوه مع التنين البدئي لم يظهر في هذه الأسطورة كمقدمة للخلق، كما هو الشأن في أسطورة التكوين البابلية، فإن مثل هذا الصراع يظهر في نصوص أخرى تتحدَّث عن أفعال يهوه الخلاقة. وفيها نجده قبل الخلق وقد انهمك في الصراع مع تنينه لوياتان. من ذلك مثلًا المزمور الرابع والسبعون: «أنت شققت البحر بقوتك، كسرت رءوس التنانين على المياه، أنت رضضت رءوس لوياتان، جعلته طعامًا للشعب، لأهل البرية. أنت فجَّرت عينًا وسيلًا، أنت يبَّست أنهارًا دائمة الجريان. لك النهار ولك الليل أيضًا. أنت هيَّأت النور والشمس. أنت نصبت كل تخوم الأرض. الصيف والشتاء أنت خلقتهما.»

على أن القراءة المتأنية لنص التكوين التوراتي تُظهر لنا تناقضًا واضحًا في أحداثه. ففي البدء خَلَقَ الربُّ السموات والأرض، ثم نجده يخلقهما مرةً ثانيةً بفصل المياه عن بعضها. ومرةً نجده يخلق البشر دفعةً واحدة: «ذكرًا وأنثى خلقهم وباركهم الرب وقال لهم أثمروا واكثروا واملئوا الأرض»، وفي المرة الأخرى يخلق الرب الإنسان بدءًا من زوجَين أوليَّين مقتفيًا بذلك أثر الأساطير البابلية والسومرية: «جبَلَ الرب الإله آدم ترابًا من الأرض …» وفي الواقع فإن هذا النص، ونصوصًا أخرى كثيرةً في التوراة، قد كُتبت بعد التوفيق بين روايتَين. دعا علماء التوراة الرواية الأولى بالرواية اليهوية، والثانية بالرواية الإلوهيمية. في الرواية الأولى يظهر الإله تحت اسم يهوه، وفي الثانية تحت اسم إيلوهيم.٣٣ وقد جرى المزج بين الروايتَين بعد العودة من الأسر البابلي عام ٥٣٨ق.م. عندما قام كهنة اليهود بصياغة مُوحَّدة لأسفار التوراة. فإذا حلَّلنا رواية التكوين إلى مكوِّناتها، استطعنا تمييز الروايتَين عن بعضهما وفق الآتي:٣٤

(٢-٤) النص الإيلوهيمي

  • (١)

    الحالة الأولى للكون، عماء مائي.

  • (٢)

    يُعزى الخلق إلى إيلوهيم الذي قام به في ستة أيام منفصلة، في كل يوم عمل. والاسم إيلوهيم يرد في الترجمات العربية بصيغة «الله».

  • (٣)
    تتسلسل مراحل الخلق وفق الآتي:
    • النور.

    • السماء.

    • اليابسة.

    • الزرع.

    • الأجرام السماوية.

    • الأسماك والطيور.

    • الحيوانات والبشر رجالًا ونساءً.

(٢-٥) النص اليهوي

  • (١)

    الحالة الأولى للكون قفر وخراب لا حياة فيه ولا زرع ولا ماء.

  • (٢)

    يعزى الخلق إلى يهوه دون أي تقسيم زمني، والاسم يهوه يرد في الترجمات العربية بصيغة «الرب الإله».

  • (٣)
    تتسلسل مراحل الخلق وفق الآتي:
    • الإنسان، آدم من تراب.

    • جنة في شرقي عدن.

    • الأشجار من كل نوع بما فيها شجرة المعرفة.

    • الحيوانات والوحوش والطيور (لا ذكر للأسماك).

    • المرأة تُخلق من الرجل.

هذا ولعل أكثر المشابهات إثارةً بين أسطورة التكوين التوراتية وبقية الأساطير في المنطقة، هي المشابهات مع الإينوما إيليش، ممَّا سأتحدَّث عنه مفصَّلًا فيما يأتي:

١  العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح ١٣: ١-٢.
٢  العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح ١٥: ١٨.
٣  العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح ٣٥: ١٣.
٤  العهد القديم، سفر العدد، الإصحاح ١٣: ٢٩–٣١.
٥  العهد القديم، سفر يشوع، الإصحاح ٨: ٢٣–٢٨.
٦  العهد القديم، يشوع، الإصحاح ١١: ١٠-١١.
٧  العهد القديم، صموئيل ١، الإصحاح ١٥: ١–٣.
٨  العهد القديم، أخبار الأيام ٢، الإصحاح الثاني: ٣–٨.
٩  سيجموند فرويد: موسى والتوحيد.
١٠  العهد القديم، التثنية، الإصحاح ٥: ٧.
١١  لمزيد من التفاصيل عن وجهة نظر اليهودية في موضوع الحياة الآخرة، راجع سفر العالم الأسفل من هذا الكتاب.
١٢  الأسطر الآتية منتخبة من صلاة أخناتون. من أجل النص الكامل للصلاة راجع: William H. McNell, The Ancient Near East, Oxford London, 1968.
١٣  العهد القديم، أخبار الأيام ٢، الإصحاح الثاني ٥.
١٤  ينقل المؤرِّخ يوسيفوس عن مانيتون، وهو مؤرخ مصري عاش في القرن الثالث قبل الميلاد، أن اليهود قد طُردوا من مصر بسبب وباء تفشَّى بينهم، وأن موسى كان كاهنًا مصريًّا خرج للتبشير بين اليهود وتعليمهم قواعد النظافة على نسق ما هو متبع بين الكهنة المصريين.
١٥  العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح ٢٨: ١٨–٣٢.
١٦  العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح ٣٥: ٤–٨.
١٧  سفر المزامير، المزمور ٢٩.
١٨  سفر المزامير، المزمور ١٠٤.
١٩  العهد القديم، سفر المزامير ٨٩.
٢٠  العهد القديم سفر صموئيل الثاني، الإصحاح ٧: ٣.
٢١  العهد القديم، سفر اللاويين، الإصحاح ١: ٦.
٢٢  العهد القديم، سفر الخروج، الإصحاح ٢٩: ١٧.
٢٣  العهد القديم، سفر صموئيل ٢، الإصحاح ٢١: ٩.
٢٤  العهد القديم، سفر التكوين، الإصحاح ٣٥: ٢.
٢٥  العهد القديم، سفر العدد، الإصحاح ٢٥: ٢-٣.
٢٦  العهد القديم، سفر الملوك ٢، الإصحاح ١١: ٤-١.
٢٧  العهد القديم، سفر الملوك ٢، الإصحاح ١٦: ٣٠–٣٢.
٢٨  العهد القديم، سفر الخروج، الإصحاح ١٢: ١٣.
٢٩  العهد القديم، سفر العدد، الإصحاح ١٤: ١١–٢٠.
٣٠  العهد القديم، سفر الخروج، الإصحاح ٣٣: ٢٠–٢٣.
٣١  بعض الترجمات العربية للتوراة تترك اسم يم كما هو، وبعضها يستبدله بالبحر. والأول أصح لأن النص التوراتي يعني بيم المياه الأولى كما وردت في النصوص السورية القديمة.
٣٢  العهد القديم، المزمور، ٧٤: ١٣-١٤.
٣٣  ويذكِّرنا اسم إيلوهيم بلفظ الجلالة الإسلامي اللهم. كما أن الشق الأول منه مأخوذ من إيل إله السماء الكنعاني.
٣٤  S. H. Hooke, Middle Eastern Mythology. Pelican Book, London, 1968.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤