محطة نَبْك (بئر السيِّد)

محطة الخُضَيْرَة
في يوم الخميس ٢٣ منه (٢٨ أكتوبر) أخذ في السير في ابتداء الساعة الأولى من النهار، وبعد خمس وعشرين دقيقة منها نزل بمحطة نَبْك،١ المعروفة ببئر السيِّد، وهي محل متسع مرمل بين جبال من صخر، بها معادن الحديد والنحاس والمرقشيثا،٢ وبالمحطة أربعة آبار مبنية، اثنتا منها مردومتان، وبالثالثة ماء يسير لوجود رَدْمٍ بها، وأما الرابعة ففيها ماء عذب، وعمقها خمسة أمتار، وقطرها من الأعلى ثلاثة أمتار، ومن سطح الماء أربعة، لوجود أربعة أكتاف كالعَمَد٣ مبنية من قرارها إلى الماء، وفوق ذلك بُني داير البير أقل قطرًا من الأسفل، وارتفاعه إلى سطح الأرض نحو أربعة أمتار، وفيها أيضًا ردْم، فإن لم تُنْزَح ارتدمت في أقل زمن كالأخريين. وقد بلغت الحرارة عند الزوال ٣٠ درجة.
وفي الساعة ٩ ق٤٥ سار الركب في وادٍ مرمل محاطٍ بجبال يُسمى بوداي النار،٤ لاشتداد الحرارة به صيفًا، وفي الساعة ١٢ عند الغروب نزل، وفي الساعة الأولى من الليل سار، وفي الساعة ٦ استراح، وفي س٦ ق٤٠ سار، وفي س١١ ق١٠ نزل بذلك الوادي بين جبلين، بهما آثار نحاس وحديد بكثرة، أرضه سهلة تعلوها حشائش، وعند اشتداد الشمس تلمع الرمال كالذهب، لكثرة اختلاطها بالمرقشيثا، وهذا المكان يُسمَّى بمحطة الخُضَيْرة.

وفي يوم الجمعة ٢٤ منه (٢٩ أكتوبر) بلغت الحرارة بعد الزوال بساعة ٣١ درجة. وفي الساعة ٩ ق٤٥ سار الركب، واستمر بين جبال سود مكوَّنة من حديد وغيره في أرض سهلة جدًّا في غاية الاستواء، صالحة للطرق الحديدية، ولم تزل كذلك إلى الغروب، وبعد عشر دقايق من الغروب استراح، ثم في الساعة الأولى من الليل سار، وفي س٢ ق٥٠ انتهت الجبال واتسع الوادي، وأما الأرض فما زالت بحالها، وفي س٧ ق٣٠ استراح، وفي س٨ سار، وفي س١٠ ق٢٠ نزل للاستراحة والتهيؤ للدخول إلى ينبُع البحر، ولم تزل الأرض مستوية جدًّا.

١  نبْك: ذكر الرحَّالة الذين سبقوا محمد صادق باشا أن هذا المنزل: نَبَط. قال عنه الجزيري: وهو منهل من المناهل المشهورة، والمياه المذكورة، به ثلاث آبار من الماء الحلو الطيب، وللوفد بهذه الآبار رفق كبير، وخصوصًا إذا لم يكن بالوجه ماء فإن الحاج لا يَرِد على ماء حلو طيب بعد مغارة شعيب عليه السلام إلا منها، ويباع بنَبْط الشواء المعمول في التنًّور والعجوة والبطيخ والفجل مجلوبًا من يَنْبُع (الدرر الفرائد المنظمة، ٢ / ١٤٠٨، بتصرف. أنس الساري والسارب، السراج بن مليح، ص٧٢).
٢  المرقشيثا: حجر النور، يستخرج منه النحاس وأجوده الذهبي.
٣  العَمَد: مفردها عمود، والعمود: الخشبة القائمة في وسط الخِباء، والجمع أعمدة وعُمُد، والعَمَدُ اسم للجمع. وعَمَد الحائط يعمِدُه عمدًا: دعمه؛ والعمود الذي تحامل الثقل عليه من فوق كالسقف يُعمَد بالأساطين المنصوبة (انظر: لسان العرب، ٣ / ٣٠٣، مادة: عمد).
٤  وادي النار: هلك فيه بعض الحجاج في بعض المواسم؛ بسبب الحرارة والعطش رحمهم الله جميعًا؛ لذلك سموه وادي النار.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤