الفصل العاشر

الفوضى الاستقلابية

في العام ١٩٢٨م، وفي أحد مُختبَرات مستشفى سانت ماري في لندن، اكتشف ألكسندر فليمنغ Fleming١ البنسلين. كان يزرع بكتيريا العنقودية staphylococcus على لوح للزرع، ولدى عودته من عُطلة لاحظ أنها تلوثت ببقعة من فطر العفن mold. وحول البقعة، تناثرت أشلاء البكتيريا الميتة. وعندئذٍ قام فليمنغ بعزل الفُطر، فوجد أنه يستطيع تخفيفه بواقع ألف مرة وسيظلُّ قويًّا بما يكفي لقتل تلك الميكروبات. واصل فليمنغ أبحاثه ليُثبت أن العفن، الذي ينتمي إلى جنس البنسليوم Penicillium، كان فعَّالًا أيضًا ضدَّ جراثيم العقديات streptococcus، والمكورة الرئوية pneumococcus، والمكورة السحائية meningococcus، والمكورة البنية gonococcus، والدفتيريا (الخناق: diphtheria)، والجمرة الخبيثة anthrax، وكثير من أنواع البكتيريا القاتلة التي يمكن الآن إبطالُ مفعولها بواسطة بضع جرعات من المضادَّات الحيوية، مما يسمح لنا بأن نعيش طويلًا بما يكفي للإصابة بالسرطان.
استُخدم مستشفى سانت ماري منذ ذلك الحين كحرم جامعي لكلية إمبريال كوليدج الطبية، حيث كنتُ أسيرُ في أصيل أحد الأيام على الجانب المقابل لحديقة هايد بارك لمقابلة إيليو ريبولي Riboli، مدير كلية إمبريال كوليدج للصحة العامة. امتدَّت مسيرة ريبولي المهنية كاختصاصي في الوبائيات على مدى أربعة عقود، مما يجعله مؤهلًا بصفة خاصة للتأمل في التغيرات التي طرأت على أفكارنا حول ما يسبِّب وما لا يسبِّب السرطان. لقد اتضح أن المُسرطِنات الكيميائية تؤدِّي دورًا أقلَّ بكثير مما كان يُشتبَه فيه، كما كانت الحُجَّة المؤيِّدة أو الداحضة لدور بعض الأطعمة ضبابيةً كما كانت في أيِّ وقت مضى. بدَا ريبولي كرجل يمكنه أن يساعد في تصويب هذا الالتباس.
كان يومًا ربيعيًّا صافيًا، وفي أثناء سيري حاولتُ أن أتخيل ظلام الثورة الصناعية عندما كان الهواء كثيفًا بما يحمله من الدخان وغبار الفحم. شهدَت لندن في أواخر العقد الأول من القرن الثامن عشر اكتشاف بيرسيفال بوت Pott للعلاقة بين التعرض للسخام soot والإصابة بسرطان الصفن لدى مُنظِّفي المداخن، في واحدة من الملاحظات المبكرة التي ساعدت البشرية على تلمُّس طريقها لوضع نظرية تفسر السرطان. لم يكُن مُنظِّفو المداخن مثل تلك الشخصية السعيدة التي جسَّدها ديك فان دايك Van Dyke في فيلم ماري بوبينز Mary Poppins.
كان يُغرى الأولاد النحفاء بفعل سوء التغذية٢ لقاء مبالغ زهيدة بالانزلاق، وهم عُراة في كثير من الأحيان، عبر الممرات المكسوة بالسخام. وكما كتب بوت: «يبدو مصير أولئك الأشخاص٣ صعبًا على وجه الخصوص؛ ففي فترة صِباهم المبكر كثيرًا ما كانوا يُعامَلون بوحشية كبيرة، كما كانوا يتضوَّرون بفعل الجوع والبرد، ويجري الزجُّ بهم لأعلى المداخن الضيقة، والساخنة أحيانًا، حيث يُدفَنون، ويُحرَقون ويختنقون تقريبًا، وعندما يصلون إلى سنِّ البلوغ، يصبحون عُرضةً لواحد من أكثر الأمراض إثارةً للاشمئزاز والألم، وهو داء قاتل.» وقد تضمَّن العلاج وقتئذٍ استئصال جزء وَرَمي من كيس الصفن scrotum، من دون مخدِّر. كان من الضروري تنفيذ هذا الإجراء على الفور، فبمجرَّد انتشار السرطان إلى الخصية، عادةً ما يكون الوقت قد تأخر كثيرًا حتى لإجراء عملية الإخصاء castration.
لقد أُجريَت هذه التجربة مراتٍ عديدة،٤ ولكن على الرغم من أن القروح قد التأمت بعد هذه العملية بصورة مُرضية، في بعض الحالات، حيث خرج المرضَى من المستشفى وهم يبدون بصحة جيدة، ومع ذلك، ففي غضون بضعة أشهر، ما كان يحدث عمومًا هو أنهم يعودون إما بنفس المرض في الخصية الأخرى، أو في الغُدد الأربية، أو بتلك البشرة المصفرَّة، والطلعة الشاحبة السقيمة، وبفقدان كامل للقوة، وبآلام داخلية متكررة وحادة، والذي ثبت بما لا يدع مجالًا للشكِّ أنه اعتلال يصيب بعض الأحشاء، والذي تليه وفاة مؤلمة.
كان السبب المفترَض للسرطان هو دخول السخام في الجلد المسحوج. لم يكُن مُنظِّفو المداخن في القارة الأوروبية،٥ الذين كانوا يرتدون الملابس الواقية — كان الزيُّ الذي يرتدونه شبيهًا ببذلة الغوص — يُصابون بالسرطان، لم يكُن معروفًا في إدنبرة،٦ حيث المداخن أقلُّ انحناءً وضيقًا من تلك الموجودة في لندن، والتي تُنظَّف عادةً من أعلى باستخدام مكنسة مثبَّت فيها ثقل معيَّن. لكنه كان من المستحيل رسم سهم بسيط بين السبب والنتيجة. وحتى بين مُنظِّفي المداخن في لندن، كان السرطان نادرًا للغاية وقد يستغرق عشرين عامًا لكي يظهر. ولماذا يصيب كيس الصفن في الأغلبية الساحقة من الحالات — كانت هناك تقارير قليلة عن ظهور ثآليل السخام على الوجه — لكن ليس أجزاء الجسم الأخرى التي تتعرض لنفس التعرض السحجي للمادة المُسرطِنة؟ لا بدَّ أن تكون هناك عوامل أخرى مكتنفة في العملية. فكرتُ في التجارب التي أُجريَت في أوائل القرن العشرين، عندما قام عالِم ياباني اسمُه كاتسوسابورو ياماغيوا Yamagiwa بتحريض أورام متفاوتة الحجم «من حجم حبة الأرز٧ إلى حجم بيضة العصفور»، عن طريق تطبيق قطران الفحم على آذان الأرانب، لكنه كان إجراءً مُضنيًا ومحفوفًا بالفشل، كما أن الأورام لم تظهر سوى بعد التطبيقات المتكررة للسخام المُسرطِن.
وقد مثَّلت حالات التعرض المهني أيضًا الشغل الشاغل لبرناردينو راماتزيني Ramazzini، وهو طبيب إيطالي ألَّف كتابًا بعنوان «أمراض العمال»،٨ والذي نُشر في العام ١٧٠٠م. كانت اهتماماته شاملة، فلم يكتفِ بدراسة العمال والتجار، بل وكذلك الصيادلة والمغنون والغاسلات والرياضيون والمزارعون، وحتى «الرجال المتعلمون»، ومنهم علماء الرياضيات والفلاسفة وكذلك زملاؤه من الأطباء. كانوا جميعًا عُرضةً للإصابة بمختلف الأمراض والعلل، لكن السرطان الوحيد الذي ذكره في الكتاب يصيب الراهبات. لاحظ راماتزيني أنهن يُظهرن معدَّلاتٍ أعلى لسرطان الثدي بالمقارنة مع النساء الأخريات. وقد كتب قائلا: «إن كل المُدن الإيطالية٩ تضمُّ العديد من الطوائف الدينية من الراهبات، ونادرًا ما تجد ديرًا لا يُؤوي بين جدرانه هذه الآفة اللعينة؛ السرطان.» وقد عزَا ذلك إلى العزوبة celibacy، وإلى «تعاطف غامض» بين الرحم والثدي، والذي من شأنه أن يفسر أيضًا مدى سهولة تدفُّق الحليب في الغُدد الثدييَّة للمرأة عندما تصبح حاملًا. وقد كتب قائلًا: «علينا أن نؤمن بالتأكيد بأن الله قد حبَا الرحم والثديَين بِنيةً معيَّنة، وتدبيرًا معيَّنًا ما زلنا نجهله حتى الآن.» «عسى أن يكشفه مسار الزمن، لأن ميدان الحقيقة بأكمله لم يتمَّ فكُّ مَغالقه حتى الآن.»
كان علينا الانتظار حتى القرن العشرين لكي يبدأ العلماء في تمحيص وفهم المنظومة المعقَّدة للهرمونات الجنسية التي تنتقل عبر مجرى الدم إلى الأجزاء البعيدة من الجسم، ومن بين أدوارها العديدة فهي تنسِّق نشاط الرحم والثدي. ومن خلال التخلِّي عن حمل وإرضاع الأطفال،١٠ ومن التعرُّض لعددٍ أكبرَ من الدورات الطمثية، تزيد الراهبات، عن غير قصد، من تعرُّضهن لهرمون الإستروجين، وهو مُسرطِن داخلي يُنتجه الجسم، ويعمل على تسريع عملية الانقسام الخلوي ومن ثَم زيادة احتمالات حدوث الطفرات.
ومع ذلك، فهناك أيضًا فائدة لقضاء العمر من دون زواج. فبعد قرن ونصف من الزمان، لاحظ إيطالي آخر، هو دومينيكو ريغوني-ستيرن Rigoni-Stern،١١ أن الراهبات يُصَبن بسرطان عنق الرحم بمعدَّلاتٍ أقل، مما مهَّد لاكتشاف أن السبب الرئيسي لذلك السرطان هو فيروس الوَرَم الحليمي البشري، والذي يُكتَسب عن طريق الاتصال الجنسي. سخام المداخن، والهرمونات الجنسية، والفيروسات في حالات قليلة؛ هناك الكثير من الأشياء التي يمكنها إحداثُ انفجار خلوي، والكثير جدًّا من العوامل التي لا يزال يتعين فهمُها.

كان ريبولي، الذي حصل على درجة الدكتوراه في الطبِّ وماجستير في الصحة العامة من جامعة ميلانو في العام ١٩٨٠م، جزءًا من خطٍّ جليلٍ من الأطباء الإيطاليين الباحثين عن مفاتيح لحلِّ مَغالق النزوات السرطانية. ومن ميلانو، توجَّه ريبولي إلى هارفارد للحصول على ماجستير آخر في علم الوبائيات، وعندما وصلتُ إلى الحرم الجامعي في لندن، كان ينتظرني في مكتبه. كان رجلًا نحيلًا طويل القامة، كما كان رقيقًا معسول الكلام، وكان متحمسًا للأدلة القائلة بأن تحكُّم المرء في وزنه وممارسة الرياضة يمنحه الأفضلية في مقاومة أمراض القلب والسرطان على حدٍّ سواء. ولمدَّة ساعة ونصف الساعة، تحدثنا عمَّا تعلَّمه في سياق بحوثه الوبائية. وبنظرةٍ إلى الوراء بعد ذلك ببضعة أشهر، صُدمتُ مرةً أخرى بالتأثير الشديد التقلُّب لعلوم التغذية، حيث ما هو جيد بالنسبة إليك اليوم قد يكون سيئًا في اليوم التالي، ولذلك تساءلت: ما المدى الذي يمكننا أن نتحكم فيه حقًّا فيما إن كنَّا سنُصاب بالسرطان أم لا؟

بحلول الوقت الذي بدأ فيه ريبولي حياته المهنية، كان من الواضح أن دخان التبغ يسبِّب وباءً من سرطان الرئة، كما بدَا معقولًا أن تُعزى أنواع أخرى من السرطان بدورها لموادَّ كيميائيةٍ بعينها؛ الملوِّثات الصناعية التي تُضاف إلى الهواء والماء، والمواد الحافظة، وبقايا المبيدات الحشرية الموجودة في الأطعمة. وفي هذا السياق، قال: «كان المبدأ الراسخ هو أن السرطان١٢ لا بدَّ أن ينتُج عن موادَّ مُسرطِنة؛ الكيماويات، والفيروسات والبكتيريا، وبعضها يؤثر من بعيد. ولكنْ في وقت مبكر، كانت هناك دلائل على كون تلك الفرضية معَيبة.» «وعلى الرغم من الأبحاث المتعمقة التي أُجريَت على بعض أنواع السرطان الأكثر شيوعًا — مثل سرطان الثدي، وسرطان القولون، وسرطان البروستاتة — لم تُكتشَف مادة مُسرطِنة واحدة تؤدِّي دورًا ذا مغزًى لدى البشر.» لم يكُن ريبولي يقصد القول إن العوامل المسبِّبة للسرطان ليس لها أيُّ تأثير على السكان، فقد قال: «من الممكن أن يتعرض البشر لعدد كبير من المُسرطِنات في الهواء والماء، والتي يمكنها أن تسبِّب السرطان، بل وتُحدثه بالفعل. ولكن بالنسبة إلى خمسين أو ستين في المائة من حالات السرطان، لم تكُن لدينا أدنى فكرة عن سبب حدوثه.»

وفي قِلة محدودة من الحالات، يمكن إلقاءُ اللوم مباشرةً على العيوب الجينية الموروثة، وهذا ما أثبتته الدراسات التي أُجريَت على المهاجرين. إن الأشخاص الذين ينتقلون للعيش في بلدان جديدة، حاملين معهم نفس الجينات، يتعرضون لمخاطر أكبر لاكتساب سرطانات مضيفيهم، خلال جيل واحد، وكثيرًا ما يتركون وراءهم أنواع السرطان الشائعة في أوطانهم. وكما أشارت إليه دراسة دول وبيتو البالغة التأثير، كان العامل الأهم هو السلوك البشري، وهناك إجماع بدأ يتشكَّل؛ وهو أن السبب الأقرب احتمالًا هو ما نأكله.

جاءت القرائن الأولى من التجارب المُختبَرية؛١٣ فبدلًا من تطبيق قطران الفحم على آذان حيوانات المُختبَر، حاول الباحثون إطعامها كمياتٍ وأصنافًا مختلفةً من الأغذية١٤ ليَرَوا مقدار الدهون — أو الشحم — الذي تكتسبه. وكما قال ريبولي: «في عدد من التجارب، لم تُستخدَم أيُّ مُسرطِنات كيميائية، ولكنْ عن طريق تعديل النظام الغذائي — عن طريق تعديل الشحامة adiposity — أثبت الباحثون أنه يمكن تغييرُ تواتُر الأورام.» لأول وهلة، بدَا وكأن السبب هو وجود كمية مُفرطة من الأطعمة الدسمة، لكن البحوث المتعمقة أشارت إلى أن الكميات المفرطة من الدهون أو المكوِّنات الأخرى ليست هي الملومة هنا، بل المدخول الإجمالي من السعرات الحرارية، وبالتالي تكون السمنة نفسها إحدى القوى الرئيسية المسبِّبة للسرطان.
بدَا أن بعض الأطعمة تمثِّل مخاطر ضئيلة، كما ارتبط النظام الغذائي الغني بالملح١٥ بسرطان المعدة، واللحوم الحمراء والمصنَّعة بسرطان القولون، ربما بسبب النتروزامينات nitrosamines، ومركَّبات ن-نتروزو N-nitroso، وغيرها من المواد.١٦ وكما قال ريبولي: «لم تكُن هناك علاقة قوية للغاية، مثل تلك التي توجَد بين التدخين وسرطان الرئة، حيث التأثير هائل.» «كنا نتحدث عن خطر متزايد قدْرُه واحد ونصف إلى ضعفَين فيما يتعلق ببعض عادات نمط الحياة بالمقارنة مع غيرها.» عندما يكون الخطر ضئيلًا منذ البداية، فحتى مضاعفته تجعل احتمالات إصابة المرء بالسرطان ضئيلةً للغاية. ولكنْ عند انتشاره ضمن جمهرات سكانية تقدَّر بالملايين، فإن الآثار قد يكون لها تأثير كبير على الصحة العامة. وعلى أيِّ حال، فإن التمحيص المتعمق لذلك سيتطلب إجراء دراسات وبائية كبيرة، والتي قد يكون تفسيرها صعبًا على نحوٍ مُحبِط.
استجمع ريبولي ذكرياته قائلًا: «كانت ثمانينيات القرن العشرين فترةً صعبةً للغاية.» فقد انقسم باحثو السرطان إلى فصيلَين اثنين. ذكَّره ذلك بمدينة البندقية في عصر دانتي Dante، حيث انقسم الغويلفيون Guelphs المتحاربون إلى النيري والبيانكي، أي السُّود والبِيض. «كان لدينا حزبان؛ يقول الأول إن الأمر يتعلق برمَّته بالمُسرطِنات البيئية، ويقول الآخر إن السرطان قد يحدث من دونها. وقد انتقلت من حزب التسرطُن إلى حزب نمط الحياة.» فقد صار مهتمًّا، ليس فقط بالعوامل التي يُحتمَل أن تسبِّب السرطان، ولكن أيضًا بتلك التي قد تمنع وقوعه.
وخلال العقد الذي أعقب ذلك، قدَّم يد المساعدة من خلال دراسة نظَّمها صندوق أبحاث السرطان العالَمي والمعهد الأمريكي لأبحاث السرطان، لمراجعة زهاء أربعة آلاف دراسة١٧ حول التغذية والسرطان ومن ثَم التعرُّف على الأنماط التي قد تنشأ عنها. وفي العام ١٩٩٧م، أصدرت المجموعتان تقريرهما المُعنوَن «الغذاء والتغذية والوقاية من السرطان: منظور عالمي»، والذي كان مصدر إلهام لبرنامج الحصص اليومية الخمس، الذي حقق شعبيةً كبيرةً خلال السنوات التي سبقَت تشخيص نانسي. واستنادًا إلى أفضل الأدلة المتاحة، بدَا أن الفواكه والخضراوات تمتلك قوًى ملحوظة: «فالأنظمة الغذائية التي تحتوي على كميات كبيرة١٨ من مجموعة متنوعة من الخضراوات والفواكه يمكنها وحدها أن تقلِّل من المعدَّلات الإجمالية للإصابة بسرطان الكُلى بنسبة تزيد على ٢٠ في المائة.» وتمثلت التوصية الأولى في تناول الطعام «أطعمة ترتكز في معظمها على النباتات»،١٩ على هيئة خمس حصص أو أكثر يوميًّا. وفي عمودها المقروء على نطاق واسع في صحيفة نيويورك تايمز، وعنوانه «الصحة الشخصية»، كتبَت جين برودي Brody ملخَّصها لتوصيات الدراسة، التي تتسم بكونها محدَّدةً بشكل ملحوظ:
إن الأطعمة الغنية بصفة خاصة بالمواد الكيميائية الواقية من السرطان٢٠ تشمل عائلة البصل، والخضراوات التي تنتمي إلى عائلة الكرنب (بما في ذلك البروكلي، والقنبيط، والبوك تشوي (الملفوف الصيني)، واللفت، وملفوف بروكسل)، والفاصوليا والبازلاء المجفَّفة، والطماطم، والخضراوات والفواكه ذات اللون الأصفر والبرتقالي الداكن (مثل البطاطا الحلوة، والشمام، والقرع الشتوي)، والحمضيات، والعنب البري والفواكه المجفَّفة مثل الخوخ والزبيب.
ليت الأمر قد تبيَّن أنه بهذه السهولة. بعد ذلك بعقد من الزمان، وبالتحديد في العام ٢٠٠٧م، جاءت نتائج المتابعة مخيِّبةً للآمال،٢١ كان ريبولي مرةً أخرى عضوًا رئيسيًّا في الفريق القائم على الدراسة، ومع تراكم قدْر أكبر وأفضل من الأدلة، تلاشت الحُجَّة الداعمة لتناوُل الفواكه والخضراوات. كان لا يزال هناك عدد من الأدلة «المحدودة» إلى «المحتملة» على أن بعض هذه الأطعمة قد تقلِّل قليلًا من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، لكن المؤلفين خلصوا إلى أنه «لا يمكن الحكم الآن بأن الأدلة على أن هذه الأطعمة توفر الوقاية هي أدلة مُقنِعة بأيِّ حال من الأحوال».٢٢
تمثلت المشكلة في التقرير السابق (وبصورةٍ أقلَّ مع الجزء المتمِّم له) في أن الاستنتاجات قد استندَت بشكل كبير للغاية إلى الدراسات الاستعادية retrospective studies، التي ينبغي فيها الاعتماد على أن يتذكَّر الناس بالتفصيل ما تناولوه من الطعام قبل سنوات وحتى عقود، وهي فترة الحمل المتعلقة بكثير من أنواع السرطان. وفي هذا السياق، قال ريبولي: «إذا سألت شخصًا في السبعين من عمره، مُصابًا بسرطان القولون، عمَّا كان يأكله عندما كان في سن الخامسة والأربعين أو الخمسين، ستكون هذه مهمَّة صعبة؛ فتذكُّر أشياء مثل التدخين أو تناوُل الشراب هو أكثر وضوحًا، فهذه الأمور متكررة للغاية ومستقرة.» وبالتالي فهي أشياء يمكنك تذكُّرُها، «لكن ما مدى تواتُر تناوُلك للجَزر؟ وما مدى تواتُر ما أكلته من الكمثرى؟ وتحديد عدد الكمثرى، وعدد حبَّات الفراولة، وعدد البيضات، بما في ذلك جميع البَيض الذي لا تدري عنه شيئًا لأنه متضمَّن في وصفات الطعام.» يعتقد ريبولي بأن الإجابات الأفضل تكمن في الدراسات المستقبلية، من النوع الذي يتتبع عددًا كبيرًا من الناس في أثناء ممارستهم لحياتهم الطبيعية. وبعد ذلك، فمن الممكن مقارنة الذين أُصيبوا بالسرطان بأولئك الذين لم يُصابوا به. وكما قال ريبولي: «لن نحتاج إلى التوجُّه إلى شخص قعيد الفراش لإصابته بالسرطان لكي نسأله عن عدد المرات التي كان يتناول فيها السلطات salads، بل سنعمد إلى تجميع المعلومات من الأشخاص الذين يعيشون حياتهم الطبيعية.»
في حين كانت المشاريع من قِبَل الصندوق العالمي لبحوث السرطان جارية، كان ريبولي يضغط لتشكيل الدراسة المعروفة باسم EPIC، وهي اختصار «الاستقصاء الأوروبي المستقبلي التوجُّه٢٣ للسرطان والتغذية».٢٤،٢٥ وخلال تسعينيات القرن العشرين، شرع الباحثون في مراقبة صحة ٥٢٠ ألف شخص في عشر دول. جرى سحبُ عينات من الدم بصفة دورية، ومن ثَم حفظُها في النيتروجين السائل. جرى تسجيلُ الأطوال والأوزان والتاريخ الطبي، كما جرى تجميعُ معلومات عن النظام الغذائي والنشاط البدني. ومع تنامي حجم قاعدة البيانات، سنةً بعد سنة، بدأ الباحثون في عدد من الجامعات والوكالات الحكومية في البحث عن ارتباطات.
كان عدد قليل من النتائج السابقة قد نُشر في تقرير العام ٢٠٠٧م، ما ساعد على ترجيح كفَّة الميزان بعيدًا عن الهوس بتناول الفواكه والخضراوات. ومنذ ذلك الحين، ظهر مزيد من المفاجآت. وبحلول الوقت الذي تحدثت فيه إلى ريبولي، كان نحو ٦٣ ألف شخص من بين نصف المليون المشاركين في الدراسة قد أُصيب بالسرطان. لم يكُن هناك في ذلك الوقت سوى أوهن الأدلة٢٦ على أن تناول الكثير من الفواكه والخضراوات يُحدث فرقًا كبيرًا. من الواضح أن ذلك لم يقلِّل من خطر الإصابة بسرطان الكُلية أو حتى بسرطانات معيَّنة،٢٧ مثل تلك التي تصيب الثدي، والبروستاتة، والكُلى، والبنكرياس. كانت هناك إشارات إلى وجود تأثير وقائي محدود،٢٨ خصوصًا بين المدخِّنين، ضدَّ الإصابة بسرطان الرئتين، والفم، والبلعوم، والحنجرة، والمريء. لكن الوقت ما زال مبكرًا لوضع أكثر من تخمينات مبدئية.٢٩ وإلى جانب التدخين، يمثل الإفراط في شرب الخمر أحد عوامل الخطر للعديد من هذه السرطانات. وقد تبيَّن، كما كان متوقَّعًا، أن الأشخاص الذين يدخنون ويعاقرون الخمر بشكل مُفرط٣٠ يكونون أقلَّ احتمالًا لتناوُل الفواكه والخضراوات. وقد وجدت دراسة تمهيدية أن هذه الأطعمة قد تؤدِّي دورًا محدودًا٣١ في تقليل حالات سرطان القولون، لكن هذا أيضًا لا يزال محلًّا للخلاف.٣٢
وفي مقال افتتاحي لمجلة المعهد الوطني للسرطان، خلص والتر سي ويليت Willett، وهو خبير بارز في مجال التغذية (والذي ترأَّس «دراسة صحة الممرضات»، وهي بحث عالي التأثير حول النظام الغذائي ونمط الحياة)، كما كان زميلًا لريبولي منذ وقت طويل، إلى أن الباحثين قد «أفرطوا في التفاؤل»،٣٣ وأن نتائج الدراسة EPIC لم تُضف إلى الأدلة سوى «أن أيَّ ارتباط بين تناول الفواكه والخضراوات وبين خطر الإصابة بالسرطان يُعَدُّ ضعيفًا في أحسن الأحوال.» وقد بات واضحًا من أبحاث دول وبيتو أن المُسرطِنات الاصطناعية لم تكُن هي الدليل الدامغ، إذ يبدو الآن أن الفواكه والخضراوات لم تكُن بمنزلة حلٍّ سحري.
لكن النظام الغذائي لم يكُن عديم الصلة بالموضوع، لكن باحثي الدراسة EPIC هم مَن قدَّروا أنه بالنسبة إلى شخص يبلغ من العمر خمسين عامًا، والذي تناول قدْرًا كبيرًا من اللحوم الحمراء والمصنَّعة (١٦٠ غِرامًا، أو أكثر من ثُلث رطل يوميًّا)، فإن خطر إصابته بسرطان القولون والمستقيم على مدى عشر سنوات٣٤ هو ١٫٧١ في المائة، أيْ أعلى بنسبة ٠٫٤٣ في المائة من الخطر الذي يتعرض له شخص يتناول أقلَّ من ٢٠ غِرامًا منها. يعادل ثُلث رطل يوميًّا تناوُل الكثير من شطائر الهمبرغر والنقانق (الهوت دوغ)، وكذلك فهناك تعقيدات أخرى يجب أن تؤخَذ بعين الاعتبار. أجرت الدراسة تعديلاتٍ مقابل التدخين ومعاقرة الخمور والعوامل الخارجية الأخرى، لكن قد تكون هناك عوامل أخرى تتعلق بسلوك الحيوانات الآكلة للحوم أدَّت إلى تشويه النتائج، كما توصلت دراسات أخرى إلى استنتاجات متضاربة.٣٥ ستكون هناك دائمًا شكوك متعلقة بعلم الوبائيات الرصدي وبالسؤال الذي لا مفرَّ منه حول التفريق بين السبب والتأثير. سيتطلب الاقترابُ من الوصول إلى أجوبة إجراء تجارب معشَّاة randomized trials كبيرة للغاية، والتي تقوم فيها مجموعة من السكان بأمانة بتناول قدْرٍ أكبرَ من بعض المواد الغذائية في حين تتناول مجموعة أخرى كميةً أقل. وبعد عشرين أو ثلاثين عامًا من التنفيذ الشديد الصرامة للتجربة، قد يمكن القول بشيء من الثقة فيما إذا كان هناك فرق في خطر الإصابة بالسرطان. إن البيانات التي تأمل الدراسة EPIC في تجميعها خلال العقود المُقبِلة قد تكون أفضل خيارٍ ثانٍ متاح.
ومن خلال تجاوز القضايا المطبخية الصرفة، عززت الدراسة EPIC من الحُجَّة ضدَّ السمنة؛ فقد وجدت إحدى الدراسات أن النساء المُسنَّات اللواتي ازداد وزنُهن بمقدار ١٥ إلى ٢٠كغم،٣٦ أو حوالي ٤٠ رطلًا، منذ أن بلغن سنَّ العشرين يزداد خطر إصابتهن بسرطان الثدي بنسبة ٥٠ في المائة. وكما كانت الحال في التجارب القديمة التي أُجريَت على الحيوانات، فإن السمنة نفسها، أيًّا كان سببُها، يبدو أنها كانت القوة الدافعة.٣٧ وجنبًا إلى جنبٍ مع عدم ممارسة الرياضة، فقد تكون السمنة مسئولةً عمَّا يصل إلى ٢٥ في المائة من حالات السرطان،٣٨ في حين ينخفض دور الخيارات الغذائية إلى ما لا يزيد على ٥ في المائة. هذه هي الرسالة التي تلخِّص عقودًا من الأبحاث الغذائية والطبية: إن فهم السرطان يتعلق بالأطعمة التي نتناولها بصورةٍ أقلَّ مما يتعلق بالكيفية التي يقوم بها الجسم بتخزين واستخدام الطاقة.
وفي وسط هذا اللغز الاستقلابي، يوجَد هرمون الإنسولين insulin. عندما نأكل الطعام ويرتفع مستوى الغلوكوز (سكر الدم)، فإن الإنسولين، الذي يفرزه البنكرياس، هو ما يرسل إشاراتٍ إلى خلايانا لحرق هذا الوقود مباشرةً ومن ثَم تخزين الفائض في صورة الغليكوجين glycogen (النشا) أو دهون الجسم. ومع انخفاض نسبة السكر في الدم، تعتمد الخلايا على احتياطياتها عن طريق تحويل الغليكوجين إلى غلوكوز مرةً أخرى. وعند الحاجة إلى مقدار أكبر من الطاقة، تطلق الخلايا الدهنية إمداداتها الطويلة الأجل. وعلى أيِّ حال، ففي بعض الأحيان يقع خطأٌ ما؛ حيث يُنتج الجسم قدْرًا قليلًا للغاية من الإنسولين أو لا يستجيب لتأثيره. وعندما يحدث هذا الأخير، يستجيب البنكرياس عن طريق إنتاج مزيد من الإنسولين، وتستجيب الخلايا بأن تُصبح أكثر مقاومةً وبالتالي يجري إفراز مزيد من الإنسولين. وهذه الدوامة المَرضيَّة — وهي حالة تُعرف باسم المتلازمة الاستقلابية metabolic syndrome — مكتنفة في الحالات المُزمنة مثل فرط ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري، والسمنة. وكذلك فهي تؤدِّي دورًا في السرطان، ويرجع ذلك لأسباب معقَّدة.٣٩ إن الإنسولين وعددًا من الهرمونات القريبة الشبه به، والتي يُطلَق عليها اسم عوامل النموِّ الشبيهة بالإنسولين (IGFs)، يمكنها تحفيز الخلايا السرطانية، وتغذية توسع الأورام وحتى تشجيع عملية تولُّد الأوعية الدموية. والإنسولين مكتنف أيضًا في تنظيم الهرمونات الجنسية، وعلاوة على ذلك، فإن ارتفاع مستويات الإنسولين يسرِّع من تراكم الدهون في الجسم، كما تقوم الخلايا الدهنية بتصنيع الإستروجين. إن الإنسولين، والإستروجين، والسمنة ترتبط جميعها بالسرطان في العقدة الاستقلابية نفسها.
من المنطقي أن تتطور مثل هذه الارتباطات. يجب أن تتغذى المرأة جيدًا من أجل إنتاج أطفال أصحَّاء. وفي أوقات المجاعة، لا توجَد طاقة زائدة لتخزينها، ومن ثَم تستجيب الآليَّة الاستقلابية عن طريق تقليل توافر الإستروجين. لا يكون الوقت مناسبًا حينئذٍ لحدوث الحمل. ومع توافر مزيد من الأغذية، تتراكم الدهون — وهي الطاقة التي ستحتاج إليها الأم أثناء فترة الحمل والإرضاع — ويجري إفراز مزيد من الإستروجين، مما يحفِّز عملية التبويض ovulation، وإنتاج حليب الثدي بعد اكتمال الحمل. وهنا يمكن أساس «التعاطف الغامض» الذي تساءل عنه راماتزيني منذ أكثر من ثلاثة قرون. ولكن في حضارة يصبح فيها الغذاء وفيرًا، وبشكل مبالَغ فيه، يضطرب هذا التعاطف. ينخفض سنُّ بدء الحيض،٤٠ مما يضيف إلى عدد دورات الإستروجين ويزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي. وقد تؤدِّي زيادة التغذية أيضًا إلى إطلاق هرمونات تزيد من طول الجسم،٤١ وهو عامل اختطار آخر للإصابة بالسرطان. وكما قال ريبولي: «إن ما يظهره هذا هو الكيفية التي يمكن بها لشيء لا يعدو أنه تعديل لعملية فيزيولوجية طبيعية — والتي تظلُّ عاديةً ولا تسبِّب أيَّ مرض — أن يكون له تأثير كبير في أواخر العمر على الإصابة بالسرطان. لا يمثِّل هذا نوعًا من التسرطُن الكيميائي، أو الفيزيائي، أو الفيروسي؛ بل هو ضرب من التسرطُن الاستقلابي.» لقد عادت الفكرة القديمة حول السرطان بوصفه نزعةً تشمل الجسم بأكمله، ولكنْ في صورةٍ أكثرَ تطورًا. وكذلك فإن كمية الدهون المُختزَنة تؤثر أيضًا في الجهاز المناعي٤٢ بطرق قد تساعد على نشوء الأورام الخبيثة. وبالإضافة إلى الخلايا الدهنية، تحتوي الأنسجة الدهنية على كُتَل من البلاعم، وهي خلايا تتزاحم على بُؤَر التوتر المُصابة بالعدوى لالتهام الغُزاة، والتي يمكن توجيهُها أيضًا للمساعدة في صدِّ هجوم سرطاني. وتفرز الخلايا الدهنية نفسها عوامل أخرى تحرِّض الالتهاب inflammation، وهي آليَّة للشفاء تنطوي على البناء السريع لأنسجة جديدة. هناك خطٌّ رفيعٌ بين ذلك وبين النموِّ الوَرَمي. منذ أكثر من قرن من الزمان، أشار رودولف فيرخوف Virchow٤٣ إلى أن الالتهاب المُزمِن، من خلال قدرته على تسريع تكاثر الخلايا، ويمثِّل أحد أسباب السرطان (وهذا قد يفسر سبب كون الأسبرين وغيره من الأدوية المضادَّة للالتهاب،٤٤ يبدو في بعض الدراسات أنه يقلِّل من خطر الإصابة بالسرطان). وقد جرى وصفُ السمنة باعتبارها نوعًا من «الحالة الالتهابية المُزمِنة المنخفضة الدرجة»،٤٥ كما وصفت الأورام على أنها «جروح لا تلتئم».٤٦ الكيموكينات chemokines، والإنتغرينات integrins، وإنزيمات البروتياز، والعدلات، والوحيدات، واليوزينيات … هناك الكثير من الأجهزة الخفيَّة المستبطنة للشعور الخام بمفصل نابض أو جرح حار ممتلئ بالقيح. وكذلك فقد جرى ربطُ الالتهاب بالمتلازمة الاستقلابية والداء السكري. السرطان، والسمنة، والداء السكري …٤٧ تمت الإشارة إلى قوة هذه الارتباطات في الدراسات التي أُجريَت على الأشخاص المُصابين بزيادة صارخة في الوزن، والذين خضعوا لجراحة المجازة المعدية gastric bypass كمحاولة أخيرة للإغاثة. ومع انخفاض كتلة أجسامهم، ينحسر الداء السكري،٤٨ كما توجَد أدلة على تناقص خطر إصابتهم بالسرطان.
وكلما تعمَّقَت نظرتك، ازداد تعقيد الأمر برمَّته؛ فالكورتيزول، وهو هرمون الكَرْب stress، والميلاتونين الذي ينظِّم النوم، مكتنفان بدورهما في الحلقات الاستقلابية التي تتضمن الطاقة، وتدفق الإستروجين، والالتهاب. وقد أشارت الدراسات الوبائية إلى أن النساء اللواتي يعملن ليلًا قد يتعرَّضن لمخاطر أكبر للإصابة بسرطان الثدي. وعند التفكُّر في هذا وغيره من الأدلة على تأثير أشعَّة الشمس ودورات النوم في الجسم، أضافت منظَّمة الصحة العالمية «العمل بنظام المناوبة الذي ينطوي على اضطراب الساعة البيولوجية»٤٩ إلى قائمة المُسرطِنات المُحتمَلة، وهو واحد من السُّبُل الأخرى التي قد تبرِّر الحاجة إلى استكشافها. تتحد جميع هذه الظواهر عند الجذور الخلوية، وبالتالي فسيحتاج فهم سرطان إلى استبعادها جميعًا. لقد انخفضت معدَّلات الوقوع الإجمالية للسرطان خلال العقود الأخيرة.

هل تتعلم أجسامنا التكيف مع تلك الإيقاعات الجديدة؟ لن نتمكن مطلقًا من أن نقارن على وجه اليقين بين معدَّلات الإصابة بالسرطان في القرن الحادي والعشرين وبين تلك التي سادت قبل مئات السنين. وإذا كانت هناك زيادة على المدى الطويل، فمن المُحتمَل أن تكون التغيُّرات الحديثة التي تزعزع أُسُسَنا الاستقلابية جزءًا من القصة.

وبحلول الوقت الذي التقيتُ فيه ريبولي، كان هو وزملاؤه يتحدثون أقلَّ عن البروكلي، والقنبيط، والملفوف الصيني، واللفت، وكرنب بروكسل وأكثر عن توازن الطاقة في الجسم، وعن كيف تحولت نقطة الارتكاز منذ العصور القديمة. كنتُ قد قرأتُ عن المناقشات الدائرة حول ما يُسمَّى بالنظام الغذائي القديم paleo diet. هل كان أغنى في الفواكه والخضراوات أم في اللحوم والدهون؟ وعلى أيِّ حال، فقد كان منخفض المحتوى من الكربوهيدرات المكررة والسكر، وهي الأطعمة المُفعَمة بالطاقة التي تصل إلى مجرى الدم بسرعة، مما يتسبب في ارتفاع مستويات الإنسولين وربما تعطيل الكثير من العمليات البيوكيميائية. وقرب نهاية حوارنا، أخرج ريبولي من مكتبته ملفًّا يحتوي على عدد من الرسوم البيانية. قال ريبولي: «في نهاية العام ١٨٠٠م، كان الاستهلاك المعتاد للسكر في معظم البلدان الأوروبية يبلغ ٢–٣كغم للشخص الواحد في السنة، أمَّا الآن فهو يتراوح بين خمسين وستين كيلوغرامًا.»٥٠ تخيَّلتُ كومةً تزن مائة رطل من السكر ومن ثَم التهامها على مدى اثني عشر شهرًا. ذكَّرني ذلك بالصحافي غاري توبيس Taubes، الذي يجادل بأن الكربوهيدرات والسكر،٥١ وليس الدهون الغذائية والإفراط في تناول الطعام، هي ما يوجِّه وباء السمنة الحديث والأضرار التي يسبِّبها، بما في ذلك السرطان، من خلال تغيير الطريقة التي يستهلك بها الجسم الطاقة.
يشكُّ ريبولي وزملاؤه في أن المشكلة تتمثل في جميع الأطعمة الغنية بالطاقة. وعلى الرغم من أنها هي عالية المحتوى من السُّعرات الحرارية، فمن الممكن أن تترك أجسامنا جوعى وتطلب المزيد. وكما قال: «إذا توجهت لشراء همبرغر أو شطيرة، فهي تحتوي غالبًا على ما بين خمسمائة وخمسين وستمائة كيلو سُعر حراري، أمَّا لو قمت بإعداد طبق من المعكرونة اللذيذة، على النمط الإيطالي، مع بعض الصلصة والفلفل الحلو وبعض الخضراوات، فستصل بالكاد إلى خمسمائة سُعر حراري. لكنني أتناول شيئًا وافرًا يجعلني أشعر بالامتلاء، أتناول شطيرةً ومع ذلك أشعر بأنني لم آكُل أيَّ شيء، لكني تناولتُ مزيدًا من السُّعرات الحرارية، أي المزيد من الطاقة.» من شأن هذا الشعور بالفراغ أن يحفِّز الرغبة في تناول قطعة من الحلوى، وربما كان ذلك سببًا كافيًا لتناوُل المزيد من الفاكهة والخضراوات والألياف، فهي تملأ معدتك، وتقلِّل من مدخولك من الطاقة، وبالتالي تزيد من حِمْل الإنسولين في جسمك.٥٢
وعلى الجانب الآخر من معادلة الطاقة، توجد ممارسة الرياضة البدنية، وفي العصر الحديث صار في وسع الناس أن يعيشوا حياةً أكثر خمولًا.٥٣ وأضاف ريبولي: «نجلس نحن الاثنان هنا، وتدور بيننا محادثة لطيفة للغاية، وفي وقت آخر، وفي مكان آخر، قد يكون في وسعنا إجراءُ هذه المحادثة ونحن نسير في أحد الحقول. نحن نتحرك أقلَّ ونأكل أكثر.» وعلى أيِّ حال، فإن ممارسة الرياضة ليست مسألةً بسيطةً تتعلق بحرق بعض الكيلوغرامات، فالمجهود يجعلك تشعر بالجوع وبالتالي فربما تستجيب عن طريق تناوُل نفس القدْر من السُّعرات الحرارية الذي فقدته، إن لم يكُن أكثر. وقد يتمثل الأمر الأكثر أهميةً في تأثير ممارسة الرياضة على التحكم في الإنسولين والهرمونات الأخرى. عليك تخفيض وزنك، وممارسة قدْر أكبر من الرياضة. وكما قال ريبولي: «قبل عشرين عامًا، لم تكُن هذه سوى مجرَّد أفكار.» أمَّا الآن، فالدراسة EPIC تسعى للحصول على دعم علمي، فقد بدأت البحث من فَوره. صدر بيان رسمي عن الدراسة EPIC،٥٤ والذي يَعِدُ باستكشاف التفاعلات المعقَّدة بين العوامل الوراثية والاستقلابية والهرمونية والالتهابية والغذائية، وهو ما يعني المزيد من العُقد التي يجب حلُّها.
أخبرتُ ريبولي بأنني شعرتُ بتحسُّن أكبر بسبب السير إلى مكتبه طوال الطريق المُوصِل إليه عبر حديقة هايد بارك، فضحك، وعندما شرعتُ في إغلاق دفتر ملاحظاتي اصطحبني في جولة سريعة سيرًا على الأقدام عبر القاعة، ثم خرجنا من المبنى، وتجاوزنا بوابة المستشفى، حتى صرنا نقف على جانب شارع برايد Praed. أشار الرجل إلى نافذة في مبنى المستشفى القديم، وهي نافذة مكتب ألكسندر فليمينغ، وقد روى لي قصةً صارت جزءًا من الأسطورة، كيف أن فليمينغ ترك النافذة مفتوحةً بطريق الخطأ، مما سمح لأبواغ spores فُطر البنسلين بتلويث طبق المُختبَر. قد تكون بقية التفاصيل ملفَّقة، لكنها تمثِّل تذكيرًا مشجِّعًا على أن أيَّ اكتشاف طبي عظيم يمكن أن يأتي فجأةً عن طريق المصادفة.

وفي أثناء سيري باتجاه محطة مترو الأنفاق — كنتُ قد مارستُ ما يكفي من الرياضة لذلك اليوم — فكرتُ في أن مواجهة السرطان لا يمكن أبدًا أن تكون بمثل هذه السهولة. ينتُج كلٌّ من الأمراض المُعدية التي تمكنَّا من دحرها عن عامل واحد؛ أي عدو يمكن تحديد هُويَّته، والذي يمكن قتلُه أو التلقيحُ ضدَّه. أمَّا في مواجهة السرطان، فينبغي علينا التحكم في مجموعة كبيرة من العوامل، بما في ذلك مزيج من الأعراض الناجمة عن الاختلالات الحادثة في عملية استقلاب الطاقة، كما أن أكبر المخاطر تكمن دائمًا بعيدًا عن متناولنا؛ الشيخوخة والإنتروبيا. ليس السرطان مرضًا، بل هو ظاهرة.

أمَّا ما جعلني أشعر بتفاؤل أكبر فهو ما قد تكتشفه الدراسة EPIC في المستقبل. خلال السنوات المُقبلة، ومع إصابة مزيد من المشاركين في الدراسة بالسرطان، سيتمكن الباحثون من تحليل دمائهم بكل دقة لمعرفة ما كانت حالهم عليه قبل سنوات أو حتى عقود من إصابتهم بالمرض. وفي ظلِّ تقنيات مثل الرنين المغناطيسي النووي، سيتمكنون من تمحيص آلاف المواد الكيميائية في الدم، بحثًا عن علامات قد تُنذر بظهور السرطان لاحقًا. يمثِّل هذا وسيلةً مختلفةً للغاية لإجراء البحوث الطبية؛ فالباحث يبدأ تقليديًّا بطرح فرضيةٍ ما، والمبنية على مُشاهدة أو دراسة إحصائية أو مجرَّد حدس داخلي. قد تشكُّ في أن زيادة مستويات أحد الفيتامينات تزيد أو تقلِّل من خطر الإصابة بنوع معيَّن من السرطان، وبعد ذلك ستحاول البحث عن أدلة. وفي ظلِّ موارد مثل تلك المتوافرة لدى الدراسة EPIC، قد تظهر ارتباطات لم يشكَّ في وجودها أيُّ عقل منفرد. وقد تتمثل النتيجة في تطوير اختبارات موثوقة تزودنا بإنذار مبكر للأورام الخبيثة بالطريق التي تحذر بها زيادة نسبة الكوليسترول في الدم من أمراض القلب. وحينئذٍ، قد يكون هناك ما يمكننا القيامُ به حيال ذلك المرض.
١  A. Fleming, “On the Antibacterial Action of Cultures of a Penicillium, with Special Reference to their Use in the Isolation of B. Influenzae,” British Journal of Experimental Pathology 10 (1929): 226–35. The article was republished in Bulletin of the World Health Organization 79, no. 8 (2001): 780–90.
وقد وصف اكتشافه في محاضرة نوبل التي ألقاها في ١١ ديسمبر ١٩٤٥م:
Alexander Fleming, “Penicillin,” in Nobel Lectures, Physiology or Medicine 1942–1962 (Amsterdam: Elsevier Publishing Company, 1964), which is available on the Nobel Prize website.
ومن دون أن يعلم فليمنغ، لاحظ علماء قبله تأثيرات البنسلين. انظر:
Horace Freeland Judson, The Search for Solutions [London: Hutchinson, 1980], 73–75.
كما تشكَّك بعض المؤرخين في تفاصيل الرواية الشهيرة حول الموضوع. انظر:
Douglas Allchin, “Penicillin and Chance,” Sociology, History and Philosophy in Science Teaching Resource Center website, University of Minnesota.
٢  H. A. Waldron, “A Brief History of Scrotal Cancer,” British Journal of Industrial Medicine 40, no. 4 (November 1983): 390–401.
٣  Percivall Pott, The Chirurgical Works of Percival Pott, F.R.S. and Surgeon to St. Bartholomew’s Hospital (London: Printed for T. Lowndes, J. Johnson, G. Robinson, T. Cadell, T. Evans, W. Fox, J. Bew, and S. Hayes, 1783).
٤  Potts, The Chirurgical Works, 179.
٥  Waldron, “A Brief History”.
٦  Robert M. Green, M.D., “Cancer of the Scrotum,” Boston Medical and Surgical Journal 163, no. 2 (November 17, 1910): 755–59.
٧  K. Yamagiwa and K. Ichikawa, “Experimental Study of the Pathogenesis of Carcinoma,” Journal of Cancer Research 3 (1918): 1–29. Republished along with a short biography of Katsusaburo Yamagiwa in CA: A Cancer Journal for Clinicians 27, no. 3 (May/June 1977): 172–81.
٨     De Morbis Artificum Diatriba.
٩  Bernardino Ramazzin, Discases of workers (Chicago University Press, 1940), 191.
تحتوي هذه الطبعة على النصِّ اللاتيني في الصفحات المقابلة. كتب راماتزيني عن الراهبات في قسم أسماه: “Wet-Nurses,” 189–93.
انظر أيضًا: J. S. Felton, “The Heritage of Bernardino Ramazzini,” Occupational Medicine 47, no. 3 (April 1, 1997): 167–79.
١٠  World Cancer Research Fund/American Institute for Cancer Research, Food, Nutrition, Physical Activity, and the Prevention of Cancer: A Global Perspective (Washington, DC: AICR, 2007), 239–42.
١١  I. D. Rotkin, “A Comparison Review of Key Epidemiological Studies in Cervical Cancer Related to Current Searches for Transmissible Agents,” Cancer Research 33, no. 6 (June 1, 1973): 1353–67; and Joseph Scotto and John C. Bailar, “Rigoni-Stern and Medical Statistics: A Nineteenth-Century Approach to Cancer Research,” Journal of the History of Medicine and Allied Sciences 24, no. 1 (1969): 65–75.
١٢  جميع استشهاداتي بمقولات ريبولي مُستقاة من مقابلة مع المؤلِّف في لندن بتاريخ ١٢ مايو ٢٠١١م.
١٣  أُجريَت بعض الأبحاث الرائدة في الأربعينيات من قِبَل ألبرت تاننبوم، انظر:
Albert Tannenbaum, “The Initiation and Growth of Tumors. Introduction. I. Effects of Underfeeding,” American Journal of Cancer 38 (1940): 335–50.
للاطِّلاع على بعض الأبحاث اللاحقة، انظر:
D. Kritchevsky et al., “Calories, Fat and Cancer,” Lipids 21, no. 4 (April 1986): 272–74; D. Kritchevsky, M. M. Weber, and D. M. Klurfeld, “Dietary Fat Versus Caloric Content in Initiation and Promotion of Mammary Tumorigenesis in Rats,” Cancer Research 44, no. 8 (August 1984): 3174–77; G. A. Boissonneault, C. E. Elson, and M. W. Pariza, “Net Energy Effects of Dietary Fat on Chemically Induced Mammary Carcinogenesis in F344 Rats,” Journal of the National Cancer Institute 76, no. 2 (February 1986): 335–38; and M. W. Pariza, “Fat, Calories, and Mammary Carcinogenesis: Net Energy Effects,” American Journal of Clinical Nutrition 45, no. 1 (January 1, 1987): 261–63.
١٤  G. J. Hopkins and K. K. Carroll, “Relationship Between Amount and Type of Dietary Fat in Promotion of Mammary Carcinogenesis,” Journal of the National Cancer Institute 62, no. 4 (April 1979): 1009–12.
١٥  للمحة عامة، انظر:
Xiao-Qin Wang, Paul D. Terry, and Hong Yan, “Review of Salt Consumption and Stomach Cancer Risk: Epidemiological and Biological Evidence,” World Journal of Gastroenterology 15, no. 18 (May 14, 2009): 2204–13.
١٦  انظر، على سبيل المثال:
P. Issenberg, “Nitrite, Nitrosamines, and Cancer,” Federation Proceedings 35, no. 6 (May 1, 1976): 1322–26; and William Lijinsky, “N-Nitroso Compounds in the Diet,” Mutation Research/Genetic Toxicology and Environmental Mutagenesis 443, nos. 1-2 (July 15, 1999): 129–38.
١٧  World Cancer Research Fund/American Institute for Cancer Research, Food, Nutrition, Physical Activity, and the Prevention of Cancer, 585.
١٨  World Cancer Research Fund/American Institute for Cancer Research, Food, Nutrition, Physical Activity, and the Prevention of Cancer, 538.
١٩  World Cancer Research Fund/American Institute for Cancer Research, Food, Nutrition, Physical Activity, and the Prevention of Cancer, 522.
٢٠  Jane Brody, “Eat Your Vegetables! But Choose Wisely,” Personal Health, New York Times, January 2, 2001.
٢١  World Cancer Research Fund/American Institute for Cancer Research, Food, Nutrition, Physical Activity, and the Prevention of Cancer. Updates are posted on the organization’s Diet and Cancer Report website.
٢٢  World Cancer Research Fund/American Institute for Cancer Research, Food, Nutrition, Physical Activity and the Prevention of Cancer, 75, 114.
٢٣  Emmy Wang, senior manager, corporate relations, Genentech, e-mail to author on behalf of Fred de Sauvage, March 2, 2012.
٢٤  توجد تفاصيل في موقع الدراسة EPIC.
٢٥     European Prospective Investigation into Cancer and Nutrition.
٢٦  Paolo Boffetta et al., “Fruit and Vegetable Intake and Overall Cancer Risk,” Journal of the National Cancer Institute 102, no. 8 (April 21, 2010): 529–37.
٢٧  للاستشهادات، انظر الرد على دراسة بوفيتا:
Christine Bouchardy, Simone Benhamou, and Elisabetta Rapiti, “Re: Fruit and Vegetable Intake and Overall Cancer Risk in the European Prospective Investigation into Cancer and Nutrition,” Journal of the National Cancer Institute (December 16, 2010); and T. J. Key, “Fruit and Vegetables and Cancer Risk,” British Journal of Cancer 104, no. 1 (January 4, 2011): 6–11.
٢٨  Anthony B. Miller et al., “Fruits and Vegetables and Lung Cancer,” International Journal of Cancer 108, no. 2 (January 10, 2004): 269–76; Heiner Boeing et al., “Intake of Fruits and Vegetables and Risk of Cancer of the Upper Aero-digestive Tract,” Cancer Causes & Control 17, no. 7 (September 2006): 957–69; and F. L. Büchner et al., “Fruits and Vegetables Consumption and the Risk of Histological Subtypes of Lung Cancer in the European Prospective Investigation into Cancer and Nutrition (EPIC),” Cancer Causes & Control 21, no. 3 (March 2010): 357–71.
٢٩  Key, “Fruit and Vegetables and Cancer Risk”.
٣٠  M. K. Serdula et al., “The Association Between Fruit and Vegetable Intake and Chronic Disease Risk Factors,” Epidemiology 7, no. 2 (March 1996): 161–65.
٣١  F. J. van Duijnhoven et al., “Fruit, Vegetables, and Colorectal Cancer Risk,” American Journal of Clinical Nutrition 89, no. 5 (May 2009): 1441–52.
٣٢  Key, “Fruit and Vegetables and Cancer Risk”.
٣٣  Walter C. Willett, “Fruits, Vegetables, and Cancer Prevention: Turmoil in the Produce Section,” Journal of the National Cancer Institute 102, no. 8 (April 21, 2010): 510–11. He is commenting on Boffetta et al., “Fruit and Vegetable Intake”.
٣٤  انظر:
Teresa Norat et al., “Meat, Fish, and Colorectal Cancer Risk,” Journal of the National Cancer Institute 97, no. 12 (June 15, 2005): 906–16.
وجدت الدراسة تأثيراتٍ وقائيةً بقوة تناوُل الأسماك نفسها تقريبًا. وقد ذكرت تأثيرات مشابهة لتناوُل الألياف في:
Sheila A. Bingham et al., “Dietary Fibre in Food and Protection Against Colorectal Cancer in the European Prospective Investigation into Cancer and Nutrition,” Lancet 361, no. 9368 (May 3, 2003): 1496–501.
٣٥  انظر، على سبيل المثال:
D. D. Alexander and C. A. Cushing, “Red Meat and Colorectal Cancer: A Critical Summary of Prospective Epidemiologic Studies,” Obesity Reviews 12, no. 5 (May 2011): e472–493; and Doris S. M. Chan et al., “Red and Processed Meat and Colorectal Cancer Incidence: Meta-Analysis of Prospective Studies,” PLOS ONE 6, no. 6 (June 6, 2011). For earlier work see Scott Gottlieb, “Fibre Does Not Protect Against Colon Cancer,” BMJ: British Medical Journal 318, no. 7179 (January 30, 1999): 281; and C. S. Fuchs, W. C. Willett, et al., “Dietary Fiber and the Risk of Colorectal Cancer and Adenoma in Women,” New England Journal of Medicine 340, no. 3 (January 21, 1999): 169–76.
وقد خلص الصندوق العالمي لبحوث السرطان، في موقع الويب التابع له حول النظام الغذائي والسرطان، إلى أن حُجَّة الألياف تزداد قوة.
٣٦  Lahmann et al., “Long-term Weight Change and Breast Cancer”.
٣٧  انظر، على سبيل المثال:
P. H. Lahmann et al., “Long-term Weight Change and Breast Cancer Risk,” British Journal of Cancer 93, no. 5 (September 5, 2005): 582–89; and Tobias Pischon et al., “Body Size and Risk of Renal Cell Carcinoma in the European Prospective Investigation into Cancer and Nutrition,” International Journal of Cancer 118, no. 3 (February 1, 2006): 728–38.
٣٨  Graham A. Colditz, Kathleen Y. Wolin, and Sarah Gehlert, “Applying What We Know to Accelerate Cancer Prevention,” Science Translational Medicine 4, no. 127 (March 28, 2012): 127rv4.
٣٩  تشمل المكوِّنات المهمَّة الأخرى هرمون اللبتين، والمكتنف في تنظيم الشهية، والغلوبلينات الرابطة للهرمونات الجنسية، وإنزيمات الأروماتاز (المعروفة أيضًا بمُخلِّقة الإستروجين)، والكيناز PI3. انظر:
Sandra Braun, Keren Bitton-Worms, and Derek LeRoith, “The Link Between the Metabolic Syndrome and Cancer,” International Journal of Biological Sciences (2011): 1003–15; and Stephanie Cowey and Robert W. Hardy, “The Metabolic Syndrome,” American Journal of Pathology 169, no. 5 (November 2006): 1505–22.
ويُكتنف في العملية أيضًا تأثير فاربورغ، الذي تتحول فيه الخلايا السرطانية إلى استقلاب لاهوائي في معظمه. للاطِّلاع على لمحة عامة، انظر:
Gary Taubes, “Unraveling the Obesity-Cancer Connection,” Science 335, no. 6064 (January 6, 2012): 28–32.
٤٠  انظر:
Sandra Steingraber, “The Falling Age of Puberty in U.S. Girls,” August 2007, Breast Cancer Fund website, which includes citations to the research, and Sarah E. Anderson, Gerard E. Dallal, and Aviva Must, “Relative Weight and Race Influence Average Age at Menarche,” part 1, Pediatrics 1, no. 4 (April 2003): 844–50.
٤١  انظر، على سبيل المثال:
Jane Green et al., “Height and Cancer Incidence in the Million Women Study,” Lancet Oncology 12, no. 8 (August 2011): 785–94.
٤٢  للاطِّلاع على مراجعة، انظر:
Lisa M. Coussens and Zena Werb, “Inflammation and Cancer,” Nature 420, no. 6917 (December 19, 2002): 860–67; and Gary Stix, “Is Chronic Inflammation the Key to Unlocking the Mysteries of Cancer?” Scientific American, July 2007, updated online November 9, 2008.
٤٣  Coussens and Werb, “Inflammation and Cancer”.
٤٤  انظر، على سبيل المثال:
Peter M. Rothwell et al., “Effect of Daily Aspirin on Risk of Cancer Metastasis: A Study of Incident Cancers During Randomised Controlled Trials,” The Lancet 379, no. 9826 (April 2012): 1591–1601; and Peter M. Rothwell et al., “Short-term Effects of Daily Aspirin on Cancer Incidence, Mortality, and Non-vascular Death: Analysis of the Time Course of Risks and Benefits in 51 Randomised Controlled Trials,” The Lancet 379, no. 9826 (April 2012): 1602–12.
٤٥  انظر، على سبيل المثال:
World Cancer Research Fund/American Institute for Cancer Research, Food, Nutrition, Physical Activity, 39, box 2.4.
٤٦  H. F. Dvorak, “Tumors: Wounds that Do Not Heal; Similarities Between Tumor Stroma Generation and Wound Healing,” New England Journal of Medicine 315, no. 26 (December 25, 1986): 1650–59.
حاول بعض الباحثين استكشاف احتمالية أن اللحوم الحمراء تشجع سرطان القولون لأنها تحتوي، من بين مُسرطِنات أخرى، على جُزيء يحرِّض استجابةً مناعيَّةً التهابية. انظر:
Maria Hedlund et al., “Evidence for a Human-specific Mechanism for Diet and Antibody-mediated Inflammation in Carcinoma Progression,” Proceedings of the National Academy of Sciences 105, no. 48 (December 2, 2008): 18936–41; and Pam Tangvoranuntakul et al., “Human Uptake and Incorporation of an Immunogenic Nonhuman Dietary Sialic Acid,” Proceedings of the National Academy of Sciences 100, no. 21 (October 14, 2003): 12045–50.
٤٧  Kathryn E. Wellen and Gökhan S. Hotamisligil, “Inflammation, Stress, and Diabetes,” Journal of Clinical Investigation 115, no. 5 (May 2, 2005): 1111–19.
٤٨  انظر، على سبيل المثال:
Hutan Ashrafian et al., “Metabolic Surgery and Cancer: Protective Effects of Bariatric Procedures,” Cancer 117, no. 9 (May 1, 2011): 1788–99.
٤٩  Kurt Straif et al., “Carcinogenicity of Shift-work, Painting, and Fire-fighting,” Lancet Oncology 8, no. 12 (December 2007): 1065-66. The article provides pointers to the epidemiological and laboratory studies considered by WHO’s International Agency for Research on Cancer.
٥٠  The United States Department of Agriculture has estimated that Americans consume 150 pounds a year of various sugars, including high fructose corn syrup. See Agriculture Factbook 2001-2002 (Washington, DC: U.S. Department of Agriculture, March 2003), 20.
٥١  انظر: Taubes’s books Good Calories, Bad Calories: Fats, Carbs, and the Controversial Science of Diet and Health (New York: Vintage, 2008) and Why We Get Fat: And What to Do About It (New York: Knopf, 2010).
٥٢  للاطِّلاع على تأثير الألياف على إفراز الإنسولين، انظر، على سبيل المثال:
J. G. Potter et al., “Effect of Test Meals of Varying Dietary Fiber Content on Plasma Insulin and Glucose Response,” American Journal of Clinical Nutrition 34, no. 3 (March 1, 1981): 328–34.
٥٣  على أيِّ حال، فحتى هذا هو محلٌّ للخلاف. انظر:
Herman Pontzer et al., “Hunter-Gatherer Energetics and Human Obesity,” PLOS ONE 7, no. 7 (July 25, 2012): e40503.
٥٤  “Key Findings,” EPIC Project website.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤