تصدير

ما زال تناوُل كيان كالاتحاد الأوروبي في هذا الكتاب المختصر يشكِّل لنا تحديًا حقيقيًّا ونحن مقبلان على طبعتنا المزيدة والمنقحة الثالثة. ويعكس هذا في جانب منه رغبتنا ليس في استعراض أسس عملية التكامل الأوروبي فحسب، بل أيضًا عرض أسباب ضرورة ذلك التكامل، وفي جانب آخر، ذلك نتاج طبيعة الاتحاد ذاته، الذي صار يلعب دورًا حيويًّا في الحوكمة الأوروبية المعاصرة.

أيًّا كان السبب، فإننا سعينا إلى الاستزادة على خبراتنا وأفهامنا (المختلفة بشدة)؛ فقد ظل جون — الذي وضع بمفرده الطبعة الأولى من هذا الكتاب — متابعًا للتطورات على مدى أكثر من نصف قرن، وكوَّن في وقت مبكر جدًّا رأيًا يقول بأفضلية التحرك على خطوات ومراحل نحو الفيدرالية، ولم يرَ ما يدعوه إلى تغيير هذا الرأي. هذا لا يعني اقتلاع أمم أوروبا القديمة من جذورها ومحاولة غرسها في تربة بكر، بل يعني وضع إطار يمكنها فيه التعامل مع مشكلاتها المشتركة بطريقة فعالة وديمقراطية. ويصطبغ اختياره الأفكارَ بهذا الرأي. وأما خبرة سايمون فمستقاة من حقبة ما بعد ماستريخت، بكل ما انطوت عليه من صعوبات في بناء أُطُر دستورية، وإشراك المواطنين. وهو أيضًا يدرك قيمة الفيدرالية باعتبارها مبدأً هاديًا إلى التكامل، وإنْ كان ذلك في إطار نظام تظل فيه الدول — على الأرجح — أطرافًا فاعلةً محوريةً على مدى المستقبل المنظور.

ظل شغلنا الشاغل عرض الأفكار على نحو يساعد على إتاحة سياق للعقلاء — من يميلون منهم إلى نهج فيدرالي، ومن يميلون إلى نهج حكومي دولي — لتقييم أداء الاتحاد، واتخاذ القرار بشأن الاتجاه الذي ينبغي أن يسير فيه، مُتوخِّيَيْن الدقة فيما يتعلق بالحقائق.

من قبيل التهوين أن نقول إن الاتحاد شهد أحداثًا كثيرة في السنوات الخمس المنقضية منذ الطبعة الثانية، وقد سعينا إلى أن تعكس صفحات الكتاب هذه التغيرات والتحديات. وكحالنا دائمًا، ندين بالشكر لكثيرين؛ منهم: إيان بيج، ولورا تشابِل، وبرندن كونيلي، وأندرو دَفْ، وروبرتا جيرينا، ونايجل هيج، وكريستوفر جونسون، ويورج مونر، وسايمون نَتْل، كما نشكر المسئولين بمطبعة جامعة أكسفورد الذين جمعوا بين الكفاءة وتفهُّم حاجات المؤلفين. فإذا لم يلقَ ما بين دفتي هذا الكتاب إعجاب القارئ، فما الذنب ذنب هؤلاء.

جون بيندر
سايمون أشروود
يناير ٢٠١٣

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤