كشف اللغز

في الصباح ذهب «تختخ» ومعه «زنجر» إلى اجتماع المغامرين، وعندما اقتربا من فيلَّا «محب» أطلق «زنجر» نباحًا يُعلن به عن وجوده، وما إن دخلا الفيلَّا حتى كانت «لوزة» تقف فاتحةً ذراعَيها وقد امتلأ وجهها بالسعادة، وما إن رآها «زنجر» حتى قفز من خلف «تختخ» واتجه إليها مباشرة. احتضنته «لوزة» في إعزاز وهي تقول له: أوحشتَني يا صديقي العزيز.

زام «زنجر» وكأنه يرد عليها، في حين كان «تختخ» يُراقبهما؛ فهو يعرف أن «لوزة» تُحب «زنجر» تمامًا …

تركهما وانصرف إلى البرجولا حيث الاجتماع، وما إن رأَته «نوسة» حتى سألته «نوسة»: أين «زنجر» صديقنا العزيز؟!

ابتسم «تختخ» وهو يجلس قائلًا: نسيني وانشغل بصديقته «لوزة»!

قال «محب»: هل قابلتَ صاحب حادثة الموتوسيكل؟

كانت حادثةً عادية … فقد اتضح أنه بعيد عمَّا نُفكِّر فيه.

عادَت «لوزة» و«زنجر» يمشي بجوارها، فاحتفل به المغامرون … وقالت «نوسة»: الاحتفال يجب أن يكون عمليًّا!

ثم انصرفَت. أخذ «محب» يُداعب «زنجر»، وكذلك «عاطف»؛ فهذه أول مرة يتغيَّب فيها «زنجر» عن المغامرين. عادَت «نوسة» وهي تحمل طبقًا به قطعة لحم كبيرة. نظر إليها «زنجر» في امتنان، وهزَّ ذيله في سعادة. وضعَت له «نوسة» الطبق في جانب، فأقبل «زنجر» على قطعة اللحم في لهفة … في حين انضمَّت «نوسة» للمغامرين، قال «تختخ» مباشرة: الآن سوف نضرب ضربتنا الأخيرة!

لوزة: كيف سنضربها؟!

تختخ: الدورية الراكبة سوف تنسحب من موقعها الليلة بعد أن طلبتُ من المفتش «سامي» ذلك، وطبعًا فإن صاحب السلعوة المزيَّفة سوف يُراقب الأرض … وهذا قد يستغرق يومًا أو يومَين حتى يتأكَّد من عدم عودة الدورية إلى مكانها، فإذا تأكَّد أن الدورية قد انسحبَت؛ فسوف يُطلق السلعوة المزيَّفة … وهنا تكون فرصتنا في كشف اللغز!

قالت «نوسة»: إن ذلك سوف يحتاج إلى مراقبة الأرض كل ليلة!

تختخ: وهذا ما سنفعله، سوف ننتظر عدة أيام حتى يطمئن صاحب السلعوة، ثم نمر هناك مرةً أو مرتَين، بعدها سوف يُطلق السلعوة المزيَّفة حتى يُخيف الناس من جديد.

عاطف: ومن سيقوم بالمراقبة؟

تختخ: أقوم أنا ومعي «عاطف» يومًا، بعدها «محب» وأنا.

لوزة: ولماذا لا يذهب المغامرون الخمسة معًا؟

تختخ: إن ذلك قد يمنع صاحب السلعوة من إطلاقها؛ فالسلعوة لا تُهاجم مجموعة، إنها تهاجم واحدًا بمفرده.

نوسة: ومتى تبدأ المراقبة؟

تختخ: كما قلت سوف لن نظهر هناك لمدة يومَين أو ثلاثة، بعدها يمكن أن نبدأ المراقبة.

توقَّف لحظةً عن الكلام، ثم أضاف: في ذهني خطة مُعيَّنة سوف نُنفِّذها.

سألت «لوزة»: وما هي هذه الخطة؟

تختخ: عندما أذهب أنا و«محب» و«عاطف» فسوف يكون معنا «زنجر»، لكننا لن نظهر معًا؛ سوف يظهر أحدنا في حين يختفي الآخر ومعه «زنجر»، وعندما تظهر السلعوة المزيَّفة ينطلق «زنجر» إليها ونرى ما سيحدث بعدها.

قالت «نوسة»: ولماذا لا يُخيفنا بالسلعوة وهو يرى أننا صغار؟!

عاطف: ممكن طبعًا؛ ولذلك أقترح أن يقوم بالمراقبة مجموعة المغامرين الخمسة معًا.

تختخ: نُجرِّب، فإذا لم تظهر السلعوة نعود للخطة التي فكَّرتُ فيها.

مرَّ يومان، كان المغامرون الخمسة يجتمعون ومعهم «زنجر» يُناقشون خطة تحرُّكهم، في اليوم الثالث اجتمع المغامرون الخمسة ومعهم «زنجر»، ثم اتجهوا إلى الأرض الخالية بدرَّاجاتهم، وهناك أخذوا يدورون في المنطقة في انتظار أن تظهر السلعوة، لكنها لم تظهر؛ فعادوا، لكن في اليوم التالي اتفق «تختخ» مع «محب» أن يذهبا إلى الأرض الخالية في وقت متأخِّر.

في العاشرة مساءً اتجه «تختخ» ومعه «زنجر» إلى فيلَّا «محب» الذي كان في انتظاره هو و«نوسة» التي قالت: أرى أنها مغامرة أن تذهبا وحدكما!

ابتسم «تختخ» وقال: إن حياتنا كلها مغامرة، وإلا ما كنا المغامرين الخمسة!

هزَّت «نوسة» رأسها موافِقةً وهي تقول: عندك حق!

ودَّعَتهما وتمنَّت لهما العودة بسلام، أخذ «تختخ» و«محب» و«زنجر» طريقهم إلى الأرض الخالية، مرُّوا أمام فيلَّا «حامد» التي كانت صامتةً تمامًا، وعندما تجاوزوها همس «محب»: كان يجب ألَّا نمر من أمام الفيلَّا.

تختخ: بالعكس … أتمنَّى أن نلقى «حامد» لنُريه أن هناك من لا يخاف من السلعوة، وربما يكون هذا دافعًا له لإطلاقها.

وصلا إلى الأرض، كانت أضواء بعيدة تُنير المكان إنارةً خافتة، وكان الصمت يشمل المكان فبدا موحشًا … همس «محب»: إنه وقت مناسب لظهور السلعوة.

فجأة ظهر رجلان يقطعان الطريق وهما يتحدَّثان، همس «تختخ»: لقد بدأ الناس يعودون للمرور من المكان.

محب: ربما لأنهم عرفوا أن هناك دورية الشرطة التي تُحقِّق لهم الأمان، في نفس الوقت فمرور الناس يجعل صاحب السلعوة يُفكِّر في إطلاقها، خصوصًا بعد أن انسحبَت الدورية وعاد الناس.

تختخ: هذا صحيح، وهذه فرصتنا لنكون موجودين كل ليلة!

اقترب الرجلان من «تختخ» و«محب»، فقال أحدهما: ألَا تخشيان ظهور السلعوة في هذا الوقت المتأخِّر؟

ابتسم «تختخ» وقال: إن وجود الشرطة يجعل المنطقة آمنة.

الرجل: هذا صحيح، ولكنكما صغيران، والدورية ليسَت ثابتة؛ فهي تتجوَّل في المنطقة كلها. هيا معنا.

انصرف «تختخ» و«محب» مع الرجلَين حتى ابتعدا عن الأرض الخالية، وعندما أصبحا وحدهما قال «محب»: إن عودة الناس سوف تدفع صاحب السلعوة إلى إطلاقها من جديد؛ حتى يمنع الناس من المرور أمام الأرض، والمؤكَّد أنه يُراقب ذلك، فلماذا لم تظهر السلعوة في وجود الدورية؟

تختخ: إن ظهور الرجلَين ومرورهما أمام الأرض في صالحنا حتى نصل إلى حل لغز السلعوة المزيَّفة.

محب: إذن علينا أن نوجَد كل ليلة؛ فنحن لا نعرف متى تظهر السلعوة.

واتفق الاثنان على العودة غدًا في نفس الموعد على أن يكون معهما «عاطف»، وبذلك يكون المغامرون الخمسة قد اشتركوا في حل اللغز. وفي الليلة التالية استعدَّ «تختخ» لتنفيذ خطته التي فكَّر فيها. لبس بنطلون جينز قديمًا متسخًا، ووضع فوق رأسه طاقية، وفي قدمَيه كاوتشًا خفيفًا. نظر لنفسه في المرآة وابتسم، ثم حمل حقيبته الصغيرة، وخرج من الغرفة في طريقه إلى حيث درَّاجته في الحديقة، عندما رآه «زنجر» زام، فقال له «تختخ»: أنت الوحيد الذي يكشفني مهما تخفَّيت.

ثم قفز فوق درَّاجته، فقفز «زنجر» خلفه وانطلق … وعندما وصل إلى فيلَّا «محب»، ورآه «عاطف» و«محب» حتى انفجرا في الضحك، وقال «عاطف»: لماذا تظهر في هذه الصورة؟

تختخ: حتى يظن صاحب السلعوة أنني أحد العُمَّال في طريقه إلى بيته؛ فمن يدري؟ قد تظهر السلعوة الليلة.

قال «محب»: إذن ستكون وحدك.

تختخ: هذه هي الخطة؛ فأنتما ومعكما «زنجر» سوف تختبئون، وسوف أمشي وحدي … فإذا ظهرَت السلعوة أطلِقا «زنجر» عليها؛ فهي سوف تُهاجمني، وسوف يقوم «زنجر» بدوره.

تحرَّكوا في اتجاه الأرض، لكن قبل الوصول إليها انفصل عنهما «تختخ» وأخذ نفس الطريق الذي كان يمشي فيه الرجلان، في الوقت الذي اتجه فيه «محب» و«عاطف» ومعهما «زنجر» إلى فيلَّا بعيدة ليختبئوا بجوارها.

كان الاثنان يلمحان «تختخ» فوق درَّاجته في الظلام وهو يُصفِّر بفمه لحنًا لأغنية، وكما توقَّع تمامًا فقد ظهرَت السلعوة من بين أكوام الزبالة في الأرض، وما إن وقعَت عيناها على «تختخ» حتى اندفعَت إليه، في نفس اللحظة أطلق «محب» و«عاطف» «زنجر»، الذي ما إن رأى السلعوة متجهةً إلى «تختخ» حتى كان أسرع من البرق في الطريق إليها، وقبل أن تصل إلى «تختخ» حتى كان «زنجر» قد قفز فوقها وأنشب أنيابه في رقبتها، ودارَت معركة بين «زنجر» والسلعوة. كان المغامرون يُشاهدونهما في دهشة؛ فقد كانت معركةً عنيفة … كان «عاطف» يشعر بالحزن خوفًا على «زنجر»؛ فقد كانت السلعوة عنيفةً في هجومها. استمرَّت المعركة مدةً طويلة، حتى ظنَّ المغامرون أنها لن تنتهي إلا بعد أن تفقد السلعوة حياتها، أو يفقد «زنجر» حياته! كان «تختخ» يُفكِّر: هل يتدخَّل ببخَّاخة المخدرات التي يحملها في حقيبته؟ لكن تدخُّله يمكن أن يُؤثِّر على «زنجر» أيضًا. وفجأةً انسحبَت السلعوة وهي تعدو بسرعة هاربة، ولم يتركها «زنجر»، فاندفع خلفها، لكنها دخلت بين أكوام الزبالة، وخشي «تختخ» على كلبه العزيز، فأطلق صفارةً جعلت «زنجر» يتوقَّف وهو يلهث، ثم يَجُر، فَهِم «تختخ» أن «زنجر» قد أُصيب إصابةً شديدة، أسرع إليه وحمله، ثم وضعه على درَّاجته وانصرف مبتعدًا عن المكان. تحدَّث إلى «محب» في تليفونه المحمول وأخبره أنه في طريقه إلى المستشفى لعلاج «زنجر» في المستشفى. لم يكن الدكتور موجودًا؛ فقد كان الوقت متأخِّرًا، لكن مساعد الدكتور بدأ في تطهير جروح «زنجر»، الذي كان ينظر إلى «تختخ» وكأنه يعتذر له لأنه لم يُجهز على السلعوة. وبينما المساعد يُنظِّف مخالب «زنجر» حتى ملأَت الدهشة وجه «تختخ»؛ فقد كان هناك شعر أسود بين أظافره، وبجواره شعر بني اللون … تذكَّر «تختخ» لون الدوبرمان الذي كان بني اللون، قال في نفسه: تمامًا كما توقَّعت … أن الدوبرمان هو السلعوة المزيَّفة متخفيًا في جلد السلعوة المحنَّطة. فجأةً جاء صوت عرفه «تختخ»، إنه صوت حارس الدوبرمان، كان يسأل عن الطبيب … طلب «تختخ» من مساعد الدكتور إخراج الشعر من بين أظافر «زنجر»، وجمعه في قطعة قطن فهو الدليل على كشف السلعوة المزيَّفة. وبسرعة اتصل «تختخ» بالمفتش «سامي» وشرح له ما حدث، وخلال ربع ساعة كان المفتش «سامي» موجودًا أمام «تختخ»، وقال له إنه تأكَّد من أن قطعة الأرض يملكها يوناني ترك مصر منذ سنوات بعيدة. قدَّم له «تختخ» قطعة القطن بها شعر السلعوة وشعر الدوبرمان.

أسرع المفتش «سامي» إلى الغرفة التي بها الدوبرمان وحارسه، وخلفه «تختخ» في ملابس التنكُّر. قال المفتش «سامي» للحارس: أنتَ صاحب هذا الكلب؟

ردَّ الحارس: إنني حارسه!

قال المفتش: وأين صاحب الكلب؟

أجاب الحارس: في الفيلَّا.

قدَّم له المفتش قطعة القطن وفيها الشعر الأسود والبني؛ فتجمَّد وجه الحارس.

قال المفتش: هل هذه هي السلعوة؟! لم ينطق الحارس. طلب من مساعد الدكتور التحفُّظ على الدوبرمان، وأمر بالقبض على الحارس … وفي غرفة «زنجر» اجتمع المفتش مع «تختخ» و«محب» و«عاطف».

ربت المفتش على «زنجر» وهو يقول: لقد أدَّيتَ عملًا بطوليًّا يا عزيزي «زنجر».

ونظر إلى المغامرين وهو يبتسم ويقول: أنتم كعهدي بكم … لقد قدَّمتم عملًا عظيمًا بكشف هذه السلعوة المزيَّفة التي أخافَت الناس واعتدَت عليهم … إنني أُهنِّئكم، وسوف يتم القبض على صاحب الدوبرمان لمحاكمته.

عندما انصرف المفتش «سامي» أحاط المغامرون ﺑ «زنجر» الذي كان يئن من الألم، وقال عاطف: لو كانت «لوزة» هنا لبكَت حزنًا على آلام «زنجر». قال «تختخ»: لكنه قام بعملٍ عظيم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤