نورٌ ملطَّخ
كنتُ أضحك
لكن وردي تساقَط حزينًا
لم يعُد هناك سوى الغُبار
غبار الليل الذي يَحفِر عظامي
لم يعُد هناك ما يؤجِّج العُشْب
سوى لفتةٍ
لكني لم ألتفِت
كعصفورةٍ في المياه سبحتِ إليَّ
وكان يحيطكِ قشٌّ كثير وظلامٌ كثير
لكني لم ألتفِت
ورأيتُ النساء على ساحلٍ يتعرَّين
لم يكن هناك فرقٌ بينهن وبين الموج
لماذا أحطُّ ليمونةً قرب تمثالي؟
لماذا أعقد خيوطي بسرَّة السماء؟
في هذا الفردوس الهرم غنَّيتُ ولم يسمع أحدٌ
غنائي
في هذا الإسطبل الكبير صهلتُ ولم يسمع أحدٌ
صهيلي
كشفَت عن ساقها وهي تعبُر ماء الضفاف
نهارٌ بلا مراكب
هل أقول غطسَت أقدامُنا في الرمال
طُمسنا إلى رُكَبنا في الوحول
كشفَت عن ركبتها وهي تدوس الطيور
كلُّ كأسٍ يُجرجِرنا لمتاهةِ خوفٍ
ولم تبقَ إلا النذور على عتبات البيوت
ليتها تتحوَّط قليلًا
ليتها تتريَّث
نائم في المحطات يعبُرني صبيةٌ مرحون
نائم عند كشكٍ
نائم في القطارات تفرُّ بي المُدُن
ليتها تغفو قليلًا
وتضع رأسَها على كتفي
لكنها ترفع ثوبَها عن أفخاذٍ مصقولةٍ وتدخُل البحر
مشيًا
وفي أسفل البحر كان كتابي
وكان حُطام المدن النائحة
لم أستطع رفْع رأسي
لم يكُن ضحكي واضحًا
ولم يكُن وجهي واضحًا
لكنَّ الأنثى المعتمةَ كانت تنقلني من كبدها إلى
أمعائها
في حجرة الرماد
ماذا تفعل هذه الطيور القتيلة؟
مَن مزَّقها هكذا؟
لا أحد فيَّ سوى الدخان
وهذا النبيذ الأحمر المفطور
والرعشة الخفية للنجوم في آخر ليلي نيسان
أرفَع صوتي قليلًا لكي أراك وأنتِ بلا ثوبٍ تعومين
في المياه
دخلَت كنيفي الأسماك ولاطفتُها
حتى طاولات الندى لم تكن ملتبسةً إلى هذا
الحد
أراكِ مثل ذئبٍ تتسلَّقين سياجي
وتبلِّين خوفي
كان هناك حريري الذي أنام فيه
مع رمادي وأوراقي
لكنك تلتفِّين برائحتي
لماذا لا تدخُلين في هذا الوجر؟
لكنك تطفين على الموج بلا منهدة
كان نهدُكِ عاريًا إلا من الورد
وكانت مشاعلُكِ مزدهرةً على المياه
لكنك حين خرجتِ من البحر
كان مكركِ مضاعفًا
وكانت ثيابُكِ قد رفعَتها اللقالق عاليًا
وكان قد أخذني نومٌ طويل.