تنسجين الفجرَ في جسدي

فانوسكِ في الأعالي … جعلَني أعمى
صوتكِ بين الأشجار … جعلَني تائهًا
أنفاسكِ في الهواء …. جعلَتني مجنونًا
تتصيدين محارَ أيامي وعلى خيطي تنطرين
تقلِّبين ملابسي وتذرفين الدموع
من الذي أبعدكِ عني
من الذي جعل أيامنا أكياسًا فارغةً
وجعٌ في الطرقات
وجعٌ في الأنهار
وجعٌ هناك على العيون
أنتِ تتصدَّعين قبل الأوانِ وتسري في عروقكِ نجومٌ سوداء
لماذا يسيل منكِ الخريف قبل أوانه؟
لماذا تخفتُ ناركِ وتتبدَّد مياهكِ؟
ليس بوسعي الاقتراب منكِ
ليس بوسعي وضع فمي على فمكِ
كنتُ أراكِ في غموضي الجميل وفي سرَّة النهار والليل
كنتُ أراكِ في ثماري المحرَّمة، وفي صُراخ لذَّتي
الطبيعة كانت تتوارى فيك، والأنهار تهربُ فيكِ أكثر
من الملائكة. كانت أصابعكِ المجرَّحة بالزهور خائفةً
مني، كم ضاعَت منكِ أسماكٌ ولآلي! وكم هزمتكِ
تخومٌ قريبة! لماذا تحوَّلتِ إلى ضفةٍ من الرمل وأنِت
لبُّ البحر … هجرَتكِ الطيور وضاع منكِ السؤال.
رائحتكِ التي على السنابل
رائحتكِ التي على جدران المدينة
رائحتكِ التي في الينابيع
رائحتكِ …
تملأُ جسدي
لماذا أنتِ قريبةٌ هكذا؟
لماذا أنتِ بعيدة هكذا؟
تنسجين الفجر في جسدي وتفوتين إلى أغواري
دخانٌ في مياهي ينوح. ترفَعين مرآتي السوداء
وتلهَثين في أحزاني. من تكونين أيتها المجنونة؟
ماذا تفعلين بي؟ إنكِ تتدافعين مع الغزلان
في رياحي وتدخُلين كهوفي. إنكِ تنفُخين
مع الشياطين وتُوقِدين جمري.
لن تخرجي من متاهتكِ
فتحَت الطرقُ أجنحتَها لكِ لكنكِ تدورين في خاتمٍ
شعركِ المبلَّل يتناثر على سجَّادتكِ المطرَّزة بالنجوم.
عيناك
تغسلان ذهبَ الزمان
من رماده.
أنتِ تغيبين
في البعيد البعيد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥