كيف أخذ توزيع السلطات الثلاث يتحول بعد طرد الملوك
كانت تؤذي الحرية في رومة أربعة أمور على الخصوص، وذلك أن الأشراف وحدهم كانوا ينالون جميع الناصب المقدسة والسياسية والمدنية والعسكرية، وأن القنصلية كانت تخص بسلطان زائد، وأن الشعب كانت توجه إليه إهانات، ثم إنه كان لا يترك له أي تأثير في الأصوات تقريبًا، فهذه المساوئ الأربع هي التي أصلحها الشعب.
-
(١)
حمل الشعب على إيجاد حاكميات يمكن العوام أن يطالبوا بها، وقد نال بالتدريج نصيبًا فيها كلها خلا مرتبة الملك.
-
(٢)
فصلت القنصلية وألفت منها عدة حاكميات، فنصب قضاة١ للحكم في القضايا الخاصة، وعين حكام٢ للقضاء في الجرائم العامة، ونظار للضابطة، وخزنة٣ لإدارة بيت المال، وأوجد رقباء فنزع من القناصل بهم قسم السلطة الاشتراعية الناظم لعادات أبناء الوطن والضابطة المؤقتة لمختلف هيئات الدولة، وأهم امتيازات بقيت لهم هي القيام برئاسة مجالس الدولة الكبرى٤ وجمع السِّنات وقيادة الجيوش.
-
(٣)
نصت القوانين المقدسة على تعيين محامين للشعب يمكنهم في كل حين أن يقفوا مشاريع الأشراف، وأن يحولوا دون القبائح العامة فضلًا عن الخاصة.
وأخيرًا زاد العوام تأثيرهم في القرارات العامة، وكان الشعب الروماني منقسمًا على ثلاثة أوجه، منقسمًا عن مئويات وفصائل وقبائل، فكان إذا ما أعطى صوته تجمع وألف واحدًا من هذه الأوجه.
ففي الوجه الأول كان للأشراف والكبراء والأغنياء والسِّنات؛ أي: لمن هم من طبقة واحدة تقريبًا، كل السلطان تقريبًا، وكانوا في الوجه الثاني أقل سلطانًا، وأقل من هذا سلطانهم في الوجه الثالث.
والواقع أن الشعب حاول دائمًا أن يصنع بالفضائل ما كانت العادة تقضي أن تصنعه المئويات من المجالس، وأن يصنع بالقبائل مجالس كانت تصنع بالفصائل، وهذا ما أسفر عن انتقال الأمور من أيدي الأشراف إلى أيدي العوام.