الفصل الحادي عشر

قسوة الحكومة

يوجد ولد كثير لمن ليس عندهم شيء من المال كالسائلين، وذلك أنهم يكونون في مثل حال الشعوب الناشئة، فلا يكلِّف الأب شيئًا إنعامُه بحِرفته على أولاده الذين هم آلات لهذه الحِرفة بوِلادتهم أيضًا، ويتكاثر هؤلاء الآدميون في بلد غني أو خرافي لأنه ليس عندهم أعباء المجتمع، بل إنهم أعباء على المجتمع، غير أن الأشخاص الذين هم فقراء لأنهم يعيشون في حكومة قاسية، والذين يعُدُّون حقلهم وسيلة للظلم أكثر من عَدِّه أساسًا لمعاشهم، أقول إن هؤلاء الناس، يكونون ذوي ولد قليل، حتى إنه لا يكون عندهم غِذاؤهم، فكيف يفكرون في تقسيمه؟ وهم لا يستطيعون العناية بأنفسهم في أمراضهم، فكيف يقدرون على تنشئة صغار يكونون في مرض مستمر، أي في دور الطفولة؟

ويُسْرُ الكلام والعَجز عن التمحيص هما اللذان حَفَزَا إلى القول بأن الرعايا كلما كانوا فقراء كانت الأُسَر أكثر عددًا، وإن الكاهل كلما أُثقل بالضرائب استُعِدَّ لدفعها، فهاتان السَّفسَطتان هما اللتان أضاعتا المَلكيات، وهما اللتان سَتُضِيعانها إلى الأبد.

وقد تؤدي قسوة الحكومة إلى حد يُقضَى عنده على المشاعر الطبيعية بالمشاعر الطبيعية نفسها، أوَ لم يُجْهِض نساء أمريكة١ لكيلا يكون لأولادهن سادة بالغي القسوة؟

هوامش

(١) رحلة توما غاج، صفحة ٥٨.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤