كيف تمكن معالجة نقص السكان
إذا ما نَقَص سكان دولة بطوارئ خاصة وبحروب وأوبئة ومجاعات وُجدت الوسائل، فمَن يبقَ حيًّا من الناس يمكنه أن يحافظ على روح العمل والصناعة وأن يحاول تلافي ما أصابه من مصيبة وأن يصبح أعظم حِذقًا بفضل نَكبَته نفسها، ويستعصي البلاء تقريبًا عندما ينشأ نقص النفوس عن طول الزمن، عن عيب باطني وحكومة سيئة، ويهلِك الناس هنالك بمرض اعتيادي غير محسوس، والناس، إذ يولدون في هُزال وبؤس وفي عنف الحكومة وأضَاليلها، يُرى دمارهم من غير أن يُشعَر بعلله، وتُعَدُّ البلاد التي خربها الاستبداد، أو ما يُحبَى الإكليروس فيها منافع مفرطة على حساب العِلمانيين، مثالًا عظيمًا على ذلك.
ومن العَبث أن يُنتظر عون الأبناء الذين يمكن أن يُولدوا تجديدًا لدولة أقفرت على هذا الوجه، فالوقت قد فات، ولا إقدام عند الآدميين، ولا صناعة لديهم، في بَيدائهم، ولا يكاد الرجل يَجد ما يَقُوت به أسرة مع أرضين لقوت شعب، حتى إنه لا عَمَل لطَغَام الناس في بؤسهم، أي فيما مُلِئوا به من بُور، فالإكليروس والأمير والمدن والكبراء، وبعض الأعيان من أبناء الوطن، قد غَدَوا أصحاب جميع البقعة رويدًا رويدًا، والبقعة غامرة، غير أن الأسر المُبَادَة تركت لهم مراعيَها، ولا شيء لرجل العمل.
فيجب في هذا الوضع أن يُصنع في جميع الإمبراطورية ما كان الرومان يصنعونه في قسم من إمبراطوريتهم، أي أن يمارَس عند عَوَز الأهلين ما كان يلاحَظ في اليُسر، فتوَزَّع أرضون بين جميع الأسر التي لا تملك شيئًا، وتُعدُّ لهم وسائل إحيائها وزرعها، ويجب أن يقع هذا التوزيع كما وُجِد رجل يَتَقبله، لكيلا تضيع ساعة من الزمن على حساب العمل.