كيف تدبِّر الجمهوريات سلامتها
إذا كانت الجمهوريات صغيرة قوضت بقوة أجنبية، وإذا كانت كبيرة قوضت عن عيب داخلي.
ويفسد هذا المحذور المضاعف الديموقراطيات والأريستوقراطيات على السواء، سواء أكانت صالحة أم سيئة، فالمرض في الشيء نفسه، ولا يمكن أي شكل أن يعالجه.
وهكذا توجد ظاهرة كبيرة قائلة: إن الناس كانوا يكرهون في نهاية الأمر على العيش دائمًا تحت ظل حكومة فرد لو لم يتمثلوا نظامًا مشتملًا على جميع المنافع الداخلية للحكومة الجمهورية وعلى القوة الخارجية للملكية، والجمهورية الاتحادية هي التي أتكلم عنها.
وشكل الحكومة هذا هو عهد توافق به هيئات سياسية كثيرة على أن يكونوا مواطنين لدولة أعظم من التي يريدون إقامتها، وهذا هو مجتمع المجتمعات التي يجعلون منها مجتمعًا جديدًا يمكنه أن يتسع بمجتمعات جديدة اتحدت.
وهذه الجمعيات هي التي ازدهرت بها جماعة الإغريق زمنًا طويلًا، وهذه هي التي هجم بها الرومان على العالم، وهذه هي التي دافع العالم بها ضدهم، ولما بلغت رومة غاية عظمتها استطاع البرابرة أن يقاوموها بجمعيات تابعة تألفت وراء الرين والدانوب عن هول.
ويمكن هذا النوع من الجمهورية القادر على مقاومة القوة الخارجية أن يظل باقيًا في عظمته من غير أن يفسد في الداخل، فشكل هذا المجتمع يتلافى جميع المحاذير.
ومن يود الاغتصاب لم يستطع، قط، أن يكون موضع ثقة لدى جميع الدول المتحدة على السواء، وهو إذا ما أصبح بالغ السلطان أرهب جميع الأخرى، وهو إذا ما أخضع قسمًا أمكن القسم الذي ظل حرًّا أن يقاومه بقوى مستقلة عن التي اغتصبها، وأن يرهقه قبل أن يتم استقراره.
وإذا حدثت فتنة لدى عضو من الأعضاء المتحدة أمكن الأخرى أن تسكنه، وإذا تطرق سوء استعمال إلى ناحية أصلح بالنواحي السليمة، ويمكن هذه الدولة أن تضمحل من جهة من غير أن تضمحل من جهة أخرى، ويمكن الاتحاد أن يحل وأن تبقى دولة الاتحاد ذات سيادة.
وتتمتع دولة الاتحاد المؤلفة من جمهوريات صغيرة بمحاسن الحكومة الدخلية لكل منها، وهي تتمتع بمنافع الملكيات الكبرى في الخارج بقوة اتحادها.