الفصل الثامن

نموذج من الأدبيات الغنوصية

(١) إنجيل توما النص الكامل مع الشرح والتعليق

مقدمة

لعل الأثر الوحيد الذي تركه لنا يسوع، هو مجموعة من الأقوال والحِكَم والأمثال التي تعبر عن جوهر رسالته. وقد كانت هذه الأقوال متداولة على ما يبدو قبل تدوين الأناجيل، وشكَّلت الأساس الذي اعتمد عليه الإنجيليون في صياغة نص مطرد عن حياة يسوع، وذلك من خلال البحث عن مناسبة لكل قول استنادًا إلى الذكريات الغامضة والمبعثرة عن سيرة المعلم وأعماله، وعلى الرغم من أن مثل هذه الأقوال لم تصلنا في سفر واحد يجمع بينها قبل اكتشاف مكتبة نجع حمادي، فإن البحث الحديث في العهد الجديد قد افترض وجودها، واعتقد عدد كبير من الباحثين بأنها كانت وراء تأليف إنجيلي متَّى ولوقا، اللذين اعتمد مؤلفاهما على إنجيل مرقس، وهو أقدم الأناجيل، وعلى هذه الأقوال التي دعاها أولئك الباحثون «اللوجيا Logia»، وهي صيغة الجمع من لوغوس Logus، التي تعني كلمة أو قول باللغة اليونانية، ودعوا السفر الذي تضمنها ﺑ «كويلا  Quelle» أي المصدر باللغة الألمانية. وقد كان لهذا الاعتقاد ما يبرره لأن إنجيلي متَّى ولوقا قد تضمنا معظم المادة الموجودة في إنجيل مرقس، إضافة إلى عدد كبير من الأقوال المنسوبة إلى يسوع لم ترد في إنجيل مرقس، ولا بد أنها جاءت من مصدر آخر مشترك بين الإنجيلين.
لقد تعززت هذه الفرضية بعد اكتشاف مكتبة نجع حمادي، التي عُثر في أحد مجلداتها على إنجيل يعزى إلى التلميذ يهوذا توما، لا يسرد سيرة يسوع من الميلاد إلى الصلب، بل يقدم مسردًا بأقواله بلغ عددها نحو ١١٤ وفق التقسيم الأصلي للنص القبطي، وقد استطعت رصد نحو خمسين قولًا في إنجيل توما لها متوازيات في إنجيلي متَّى ولوقا، تصل في معظم الأحيان إلى حد التطابق الحرفي، سبعةٌ منها فقط وردت في إنجيل مرقس، قد لا يكون إنجيل توما هو «المصدر» الذي استند إليه متَّى ولوقا، ولكن هذا الاكتشاف الجديد يدعونا إلى الاعتقاد بوجود أكثر من «مصدر» لأقوال يسوع كانت متداولة قبل وخلال فترة تدوين الأناجيل الأربعة، التي ظهرت تباعًا فيما يلي بين سنة ٧٠ وسنة ١١٠م، ذلك أن البحث الأكثر جدةً اليوم يميل إلى القول بقدم إنجيل توما، والباحثون في أمريكا يرجعونه إلى الفترة السابقة لتدوين الأناجيل الرسمية، علمًا بأن أقدم الشذرات التي وصلتنا من هذا الإنجيل كانت باللغة اليونانية، وترجع بتاريخها إلى نحو عام ٢٠٠م، ولكن الباحثين يعتقدون بأنها ترجمة عن نص آرامي أو سرياني أقدم دُوِّن في فلسطين أو مكان آخر من سورية.١

على الرغم من طابعه الغنوصي، فإن إنجيل توما هو أقرب الأناجيل «المنحولة» إلى الأناجيل الرسمية، وهذا ما أكسبه بحق لقب «الإنجيل الخامس»، فإن ما يميزه عن الأناجيل الإزائية التي يتقاسم معها ذلك العدد الكبير من الأقوال، هو أن يسوع لا يظهر فيه كمبشر بقرب حلول اليوم الأخير ودينونة العالم، وإنما كمعلم حكمة يرشد الناس إلى سبيل الحياة الروحية الكفيلة بتطهير النفس والاستعداد للانعتاق، وتظهر في أقوال لهجة غنوصية بسيطة وواضحة، وبعيدة عن التصورات الميثولوجية المعقدة التي نواجهها عادة في النصوص الغنوصية، وهو قريب من كل وجه إلى إنجيل يوحنا الرسمي.

تبتدئ فقرات النص الأربع عشرة ومائة إما بجملة «قال يسوع» أو بجملة «قال له التلاميذ» أو «سأله التلاميذ»، يليها حوار بين يسوع يشرح لهم فيها ما غمض عليهم من تعاليمه وأقواله، متبعًا في أحيان كثيرة أسلوب الأمثال الذي عهدناه في الأناجيل الإزائية، وهنا تتدرج أقوال يسوع وأمثاله من البسيط المعهود لنا سابقًا، إلى المعقد، فالملغز، فمن الأقوال البسيطة المباشرة قوله مثلًا في الفقرة ١٠٢: «الويل للفريسيين، فإنهم أشبه بكلب رابض فوق معلف للثيران، فلا هو يأكل ولا يدع الثيران تأكل»، ومن الأقوال المعقدة قوله في الفقرة ١١: «هذه السماء ستزول، والتي فوقها ستزول، ولكن من هم أحياء لن يموتوا ومن هم أموات لن يحيوا». ومن الأقوال الملغزة قوله في الفقرة ٧: «طوبى للأسد الذي يأكله الإنسان فيصير الإنسان إنسانًا، وملعون الإنسان الذي يأكله الأسد فيصير الإنسان أسدًا.» ولهذا فقد زودت ترجمتي للنص بشروحات وتعليقات على جميع فقراته، مما لم أجده في المراجع المتوفرة لديَّ، كما أشرت إلى مواضع تقاطعه مع الأناجيل الأربعة، وهنا أود أن أنبه إلى ضرورة قراءة الشروحات التي أفردت لها قسمًا خاصًّا في تزامن مع قراءة النص؛ لأن معظم فقراته لن تُفهم بغير ذلك.

وفيما يتعلق بالترجمة فقد أفدت بشكل خاص من ترجمة الصديق ديمتري أفييرينوس لإنجيل توما نقلًا عن الإنجليزية، كما استندت إلى ثلاث ترجمات إنجليزية عن اللغة القبطية هي ترجمة J. Dart and R. Riegent، وترجمة Marvain W. Meyer وترجمة H. Koester and T. O. Lambdin، والتعديلات الطفيفة التي أدخلتها Elaine Pgeles على نص M. W. Meyer.٢

النص

استهلال: هذه هي الكلمة الخفيفة التي نطق بها يسوع الحي، ودوَّنها يهوذا توما، التوأم:

(١) قال: من يتوصل إلى تأويل هذه الأقوال لن يذوق الموت.

(٢) قال يسوع: على من يبحث ألا يتوقف عن البحث إلى أن يجد، وحين يجد سوف يضطرب، وحين يضطرب سوف يعجب ويسود على الكل.

(٣-أ) قال يسوع: إذا قال لكم أولو الأمر منكم: «هو ذا الملكوت في السماء»، عندها تكون طيور السماء أقرب إليه منكم، وإذا قالوا لكم: «هو ذا في البحر»، عندها تكون الأسماك أقرب إليه منكم. ولكن الملكوت في داخلكم، وهو في خارجكم (قارن مع لوقا ١٢: ٢١).

(٣-ب) عندما تعرفون أنفسكم، تُعرفون وتفهمون أنكم أبناء الأب الحي، ولكن إذا لم تعرفوا أنفسكم أقمتم في الفقر، وكنتم الفقر.

(٤) قال يسوع: على الشيخ الطاعن في السن ألا يُحجم عن سؤال الطفل ابن السبعة أيام عن مكان الحياة، مثل هذا الشخص سوف يحيا، ذلك أن كثيرًا من الأولين سيغدون آخرين، ويصيرون واحدًا (قارن الشطر الثاني مع متَّى ٩: ٣٠).

(٥) قال يسوع: اعرف ما في متناول البصر، يظهر لك الخافي عليك، فما من خفي إلا وينكشف.

(٦) سأله تلاميذه فقالوا: «أتريدنا أن نصوم؟ هل نتصدق؟ ما الذي نأكله وما الذي لا نأكله؟» قال يسوع: «لا تكذبوا ولا تفعلوا ما تكرهون لأن كل الأمور مكشوفة أمام السماء، ما من خفي إلا وينكشف، وما من مستور إلا ويعلن.» (قارن الشطر الثاني من هذا القول مع متَّى ١٠: ٢٦، ومرقس ٤: ٢٢).

(٧) قال يسوع: طوبى للأسد الذي يأكله الإنسان فيصير الأسد إنسانًا، وملعون الإنسان الذي يأكله الأسد، فيصير الإنسان أسدًا.٣

(٨) الإنسان أشبه بصياد حكيم ألقى شبكته في البحر وسحبها ملأى أسماكًا صغيرة، وجد الصياد الحكيم بينها سمكة كبيرة جيدة، فطرح الأسماك الصغيرة كلها في البحر، وبدون تردد اختار السمكة الكبيرة، من له أذنان للسمع فليسمع (قارن مع متَّى ١٣: ٤٧-٤٨).

(٩) قال يسوع: هو ذا الزارع خرج ليزرع، فأخذ حفنة من البذار ونثرها، بعضها وقع على الطريق فحطت الطيور والتقطته، وبعضها وقع على الصخر فلم يضرب جذورًا في الأرض ولم يثمر سنابل، وبعضها وقع على الشوك فخنقه الشوك والتهمه الدود، وبعضها سقط على أرض طيبة فآتى أُكله وأعطى المكيال ستين، وحتى مائة وعشرين مكيالًا. (قارن مع متَّى ١٣: ٣–٩ ومرقس ٤: ٧–٩).

(١٠) قال يسوع: لقد ألقيت على العالم نارًا، وها أنا أرقبه حتى يضطرم (قارن مع لوقا ١٢: ٤٩).

(١١-أ) قال يسوع: هذه السماء ستزول والتي فوقها ستزول، ولكن من هم أموات لن يحيوا، ومن هم أحياء لن يموتوا.

(١١-ب) أيام كنتم تأكلون الميتة كنتم تحيونها، ولكن عندما تصبحون في النور ماذا ستفعلون؟ يوم كنتم واحدًا صرتم اثنين، ولكن عندما تصيرون اثنين ماذا ستفعلون؟

(١٢) قال التلاميذ ليسوع: نعلم أنك مُغادرنا فمن سيكون قائدنا؟ قال لهم يسوع: أينما كنتم فلتمضوا إلى يعقوب البار، الذي لأجله صُنعت السماء والأرض.

(١٣) قال يسوع لتلاميذه: قارنوني وقولوا بمن تشبهونني؟ قال له سمعان بطرس: أنت تشبه ملاكًا بارًّا، وقال له متَّى: أنت تشبه فيلسوفًا حكيمًا، وقال له توما: يا معلم، إن فمي يعجز عن تشبيهك بأحد. قال يسوع: لست معلمك؛ لأنك شربت فسكرت من النبع الفوار الذي سكبته. ثم أخذه وتنحى به جانبًا، وقال له بضع كلمات، وعندما عاد إلى رفاقه سألوه: ماذا قال لك يسوع؟ أجابهم توما: إذا أخبرتكم بكلمة مما قال لي تناولتم حجارة ورجمتموني. ومن الحجارة تخرج نار تأتي عليكم.

(١٤-أ) قال لهم يسوع: إذا صمتم جلبتم على أنفسكم خطيئة، وإذا صليتم أدنتم أنفسكم، وإذا تصدقتم آذيتم أرواحكم.

(١٤-ب) إذا جلتم في الأصقاع ودخلتم أرضًا فاستقبلكم أهلها، كلوا مما يقدمون لكم واشفوا المرضى منهم؛ لأن ما يدخل فمكم لا ينجسكم، أما ما يخرج من فمكم فهو الذي ينجسكم. (قارن مع لوقا ١٠: ٣، ومتَّى ١٥: ٢١).

(١٥) قال يسوع: حين ترون من لم يولد من المرأة، خروا على وجوهكم واسجدوا، فهذا هو أبوكم.

(١٦) يعتقد الناس بأني جئت لألقي سلامًا على الأرض، إنهم لا يعلمون أني جئت لألقي على الأرض شقاقًا، نارًا وسيفًا وحربًا، فإذا كان خمسة في منزل واحد، يقوم ثلاثة ضد اثنين، واثنان ضد ثلاثة، أب ضد ابن، وابن ضد أب، وسيقفون وحدهم (قارن مع متَّى ١٠: ٣٤، ولوقا ١٢: ٤٩–٥١).

(١٧) سأعطيكم ما لم تره عينٌ ولا سمعت به أذن، ولا بلغته يد، ولا خفق به قلب بشر قط.

(١٨) قال التلاميذ ليسوع: قل لنا، على أي وجه تكون نهايتنا؟ قال يسوع: هل اكتشفتم البداية حتى تسألوا عن النهاية؟ حيث البداية هناك تكون بلا نهاية، طوبى لمن يقف في البداية لأنه سوف يعرف النهاية، ولن يذوق الموت.

(١٩-أ) قال يسوع: طوبى لمن وُجد قبل أن يُخلق.

(١٩-ب) إذا أصبحتم تلاميذي وسمعتم كلماتي، تخدمكم هذه الحجارة.

(١٩-ﺟ) لكم في الجنة خمس أشجار لا تتبدل صيفًا أو شتاءً، ولا تسقط أوراقها، من يعرفها لا يذوق الموت.

(٢٠) قال التلاميذ ليسوع: قل لنا ماذا يشبه ملكوت السموات؟ قال لهم: يشبه حبة خردل، إنها أصغر البذور، ولكنها عندما تسقط على تربة خصبة تنمو فتصير نبتة كبيرة، وتغدو مأوى لطيور السماء (قارن مع متَّى ١٣: ٣١-٣٢، ومرقس ٤: ٣٠–٣٢).

(٢١-أ) قالت مريم (المجدلية) ليسوع: ماذا يشبه تلاميذك؟ قال لها: يشبهون صغارًا يعيشون في حقل لا يخصهم، عندما يأتي مالكو الحقل يقولون لهم: أعيدوا لنا حقلنا، عندها يخلعون ثيابهم أمامهم، ويعيدون لهم حقلهم.

(٢١-ب) لهذا أقول لكم: لو علم مالك البيت أن السارق آتٍ لبقي ساهرًا، ولما ترك السارق ينفذ إلى بيته ويسرق أملاكه، فكونوا أنتم ساهرين ضد العالم، تسلحوا بقوة عظيمة، لئلا يجد اللصوص منفذًا إليكم، فإن البلوى التي تترقبونها آتية (قارن مع متَّى ٢٤: ٤٢، ولوقا ٢: ٣٩).

(٢١-ﺟ) ليكن بينكم رجل فطن: إذا نضج المحصول أتى على عجل ومنجله في يده وحصده، من له أذنان للسمع فليسمع (قارن مع مرقس ٤: ٢٩).

(٢٢) رأى يسوع أطفالًا يرضعون فقال لتلاميذه عن هؤلاء الرضع: يشبهون الذين يدخلون الملكوت، قالوا له: فهل ندخل الملكوت أطفالًا؟ قال لهم يسوع: عندما تجعلون الاثنين واحدًا وعندما تجعلون الباطن كالظاهر والظاهر كالباطن، والأعلى كالأسفل، وعندما تجعلون الذكر والأنثى واحدًا حتى لا يبقى الذكر ذكرًا ولا الأنثى أنثى، وعندما تجعلون عيونًا مكان عين، ويدًّا مكان يد، ورِجْلًا مكان رِجْل، وصورة مكان صورة، عندئذٍ تدخلون الملكوت.

(٢٣) سأختاركم واحدًا من بين ألف، واثنين من بين عشرة آلاف، وهؤلاء سوف يقفون كواحد.

(٢٤) قال له تلاميذه: أرنا المكان الذي أنت فيه، فإننا يجب أن نطلبه، قال لهم: من له أذنان فليسمع: هنالك نور داخل امرئ النور، من شأنه أن ينير العالم، فإذا لم يُنر فلا شيء سوى الظلمة.

(٢٥) قال يسوع: أحبب أخاك كنفسك، اسهر عليه كما على بؤبؤ عينك.

(٢٦) قال يسوع: القشة التي في عين أخيك تراها، ولكن الرافدة التي في عينك لا تراها، عندما تنزع الرافدة من عينك ترى بوضوح، وعندها تُخرج القشة من عين أخيك (قارن مع لوقا ٦: ٤١–٤٢).

(٢٧) قال يسوع: إن لم تصوموا عن العالم، لن تجدوا الملكوت، إن لم تجعلوا من السبت سبتًا (حقيقيًّا)، لن تروا الآب.

(٢٨) قال يسوع: وقفت في وسط العالم، وبالجسد ظهرت لهم، فوجدتهم سكارى جميعًا ولم أجد ظمآن بينهم، فحزنت نفسي على أبناء البشر؛ لأنهم عميان في قلوبهم ولا يرون، فارغين أتوا إلى العالم، ويسعون إلى الخروج منه فارغين ولكنهم الآن سكارى، فإذا جاءتهم الصحوة عندها يتوبون.

(٢٩) قال يسوع: إذا نشأ الجسد عن الروح فهي معجزة، وإذا نشأت الروح عن الجسد فهذه معجزة المعجزات، وإني لأعجب كيف لهذه الثروة العظيمة أن تقيم في هذا الفقر.

(٣٠) قال يسوع: حيث يوجد ثلاثة آلهة، فهم مؤلهون، وحيث يوجد هناك اثنان أو واحد، فأنا هناك.

(٣١) قال يسوع: لا يُقبَل نبي في وطنه، ولا يجري طبيب شفاءً فيمن يعرفونه (قارن مع مرقس ٤: ٦).

(٣٢) قال يسوع: إن مدينةً مبنيةً على جبل عالٍ وحصين لا يمكن أن تسقط ولا يمكن سترها.

(٣٣) قال يسوع: ما تسمعه في أذنك أعلنه من فوق سطوحك، فما من أحد يوقد سراجًا ويضعه تحت مكيال، أو في مكان خفي، بل يضعه على منصب حتى يرى نوره الغادي والرائح (قارن مع متَّى ١٠: ٢٦، ومرقس ٤: ٢١، ولوقا ١١: ٣٣).

(٣٤) قال يسوع: إذا قاد الأعمى أعمًى آخر، سقط كلاهما في حفرة (قارن مع لوقا ٦: ٩، ومتَّى ١٥: ١٤).

(٣٥) قال يسوع: لا تقدر أن تدخل دار القوي، وتأخذه عنوة إذا لم توثق يديه، عندئذٍ تسطو على داره.

(٣٦) قال يسوع: لا تهتموا من الصباح إلى المساء، ومن المساء إلى الصباح بما تلبسون (قارن مع متَّى ٦: ٢٧–٣٠).

(٣٧) قال تلاميذه: متَّى تظهر لنا، ومتَّى نراك؟ قال يسوع: عندما تتعرون بدون خجلٍ وتخلعون ثيابكم كالأطفال وتطئونها، عندئذٍ ترون ابن الحي ولن تخافوا.

(٣٨) قال يسوع: كم رغبتم في سماع هذه الكلمات التي أقولها لكم، وليس لديكم آخر تسمعونها منه، ولكن ستأتي أيام تطلبونني فلا تجدونني.

(٣٩-أ) قال يسوع: أخذ الفريسيون والكتبة مفاتيح المعرفة وأخفوها، فلا هم دخلوا ولا أجازوا الدخول لمن أراد (قارن مع لوقا ١١: ٥٢).

(٣٩-ب) أما أنتم فكونوا في فطنة الحياة ووداعة الحمام (قارن مع متَّى ١٠: ١٦).

(٤٠) قال يسوع: زُرعت كرمة بعيدًا عن الآب، ولأنها لم تتقوَّ، سوف تُقتلع من جذورها وتفنى.

(٤١) قال يسوع: من في يده شيء يُزاد له، ومن ليس في يده شيء يُحرم حتى من القليل الذي عنده (قارن مع متَّى ١٣: ١٢، ومرقس ٤: ٢٥، ولوقا ١٩: ٢٦).

(٤٢) قال يسوع: كونوا عابري سبيل.

(٤٣) قال له تلاميذه: من أنت حتى تقول لنا هذه الأشياء؟ قال يسوع: أنتم لا تعرفون من أنا من الأشياء التي أقولها لكم، لقد صرتم أشبه باليهود الذين يحبون الشجرة ويكرهون ثمارها، أو يحبون الثمرة ويكرهون الشجرة (قارن مع يوحنا ١٤: ٧–١٠).

(٤٤) قال يسوع: من جدف على الأب يُغفر له، ومن جدف على الابن يُغفر له، ولكن من جدف على الروح القدس لا يُغفر له لا في الأرض ولا في السماء (قارن مع مرقس ٣: ٢٨-٢٩).

(٤٥) قال يسوع: لا يُجنى عنب من الشوك، ولا يقطف تين من الحسك، فهي لا تعطي ثمرًا، المرء الصالح يخرج الصالح من مخزنه، والمرء الطالح يخرج الفاسد من مخزنه الفاسد في القلب، وينطق بالشر. من قلبه يسكب الشر (قارن مع متَّى ٧: ١٦-١٧، ولوقا ٦: ٤٣–٤٥).

(٤٦) قال يسوع: بين الذين ولدتهم النساء، منذ آدم، لا يوجد من هو أعظم من يوحنا المعمدان، فيُخفَض البصر أمامه، ولكني قلت إن من يصير منكم طفلًا سيعرف الملكوت، ويغدو أعظم من يوحنا (قارن مع متَّى ١١: ١١، ولوقا ١٦: ١٦).

(٤٧) قال يسوع: ليس بمقدور المرء أن يمتطي حصانين معًا، أو يشد قوسين، وليس بمقدور العبد أن يخدم سيدين، وإلا فإنه سيكرم أحدهما ويُغضب الآخر (قارن مع متَّى ٦: ٢٤)، ما من أحد يشرب خمرًا عتيقة ويشتهي من فوره أن يشرب خمرًا جديدة، لا تُسكب خمر جديدة في زُقاق (قراب) قديمة، لئلا تنشق الرقاق، ولا تُسكب خمر عتيقة في زقاق جديدة، لئلا تفسد الخمر، الرقعة العتيقة لا تُخاط إلى ثوب جديد لئلا تمزقه (قارن مع متَّى ٩: ١٦-١٧، ومرقس ٢: ٢١-٢٢، ولوقا ٥: ٣٦–٣٩).

(٤٨) قال يسوع: إذا تسالم اثنان في بيت واحد، لقالا للجبل: انتقل من هنا، فينتقل.

(٤٩) قال يسوع: طوبى للمتوحدين والمصطفين، فإنكم ستجدون الملكوت لأنكم منه أتيتم وإليه ترجعون.

(٥٠) قال يسوع: إذا سألوكم: من أين جئتم، أجيبوهم: جئنا من النور، من المكان الذي انبثق فيه النور من تلقاء ذاته، وأسس نفسه، وتجلى في صور نورانية، وإذا سألوكم: من أنتم؟ قولوا: نحن أبناؤه، نحن مختارو الآب الحي، وإذا سألوكم: ما هي آية أبيكم فيكم؟ قولوا: هي حركة وراحة.

(٥١) قال له تلاميذه: متَّى تحل راحة الأموات، ومتَّى يأتي العالم الجديد؟ قال لهم: ما تنتظرونه قد أتى، لكنكم لم تتبينوه.

(٥٢) قال له تلاميذه: أربعة وعشرون نبيًّا تكلموا في إسرائيل وكلهم تكلموا عنك، قال لهم: لقد غفلتم عن الحي الذي أمامكم، وتكلمتم عن الأموات.

(٥٣) قال له تلاميذه: هل الختان مفيد؟ قال لهم: لو كان مفيدًا لكان أبوهم أنجبهم من أمهم مختونين، ولكن الختان الحقيقي بالروح، وهو مفيد من كل وجه.

(٥٤) قال يسوع: طوبى للفقراء، فإن لهم ملكوت السموات (قارن مع لوقا ٦: ٢٠، ومتَّى ٣: ٥).

(٥٥) قال يسوع: من لا يبغض أباه وأمه لا يستطيع أن يكون تلميذي، ومن لا يبغض إخوته وأخواته، ولا يحمل صليبه كما أفعل ليس أهلًا لي (قارن مع متَّى ١٦: ٢٤، ولوقا ١٤: ٢٦).

(٥٦) قال يسوع: من فهم العالم وقع على جيفة، ومن وقع على جيفة، العالم ليس أهلًا له.

(٥٧) قال يسوع: يشبه ملكوت الآب رجلًا بذر في حقله بذارًا حسنًا. فجاء عدوه في الليل وزرع زؤانًا بين البذار الطيب، ولكن الرجل لم يدع أحدًا يجتث الزؤان قائلًا لهم لا تفعلوا مخافةً أن تقلعوا القمح وأنتم تجمعون الزؤان، ولكن عندما يأتي يوم الحصاد يكون الزؤان بارزًا، عندها يُقتلع ويُحرق. (قارن مع متَّى ١٣: ٢٤–٣٠).

(٥٨) قال يسوع: طوبى للمرء الذي جاهد ووجد الحياة.

(٥٩) تطلعوا إلى الحي ما دمتم أحياء، لئلا تموتوا وتحاولوا رؤية الحي فلا تستطيعون.

(٦٠) رأوا سامريًّا يتأبط حملًا ويمضي إلى اليهودية، قال لتلاميذه: لماذا يتأبط الحمل؟ أجابوه: لكي يذبحه ويأكله. قال لهم: إنه لن يأكله ما دام حيًّا، وإنما بعد أن يذبحه ويصير جثة. قالوا: وإلا فلا يستطيع ذلك. قال لهم: وأنتم كذلك فتشوا عن مكان راحة لئلا تصيروا جثةً فتؤكلوا.

(٦١-أ) قال يسوع: اثنان يستريحان على أريكة واحدة، أحدهما يموت والآخر يحيا.

(٦١-ب) قالت سالومة: من أنت يا سيد؟ وقد اتكأت على أريكتي وأكلت من مائدتي؟ قال لها يسوع: أنا الذي يستمد وجوده من التام غير المنقسم، أُعطيت مما لأبي. قالت سالومة: أنا تلميذتك. أجاب يسوع: لهذا أقول، إذا كان المرء تامًّا يكون ممتلئًا نورًا، ولكن إذا كان منقسمًا يكون ممتلئًا ظلمة.

(٦٢-أ) قال يسوع: أكشف أسراري لمن هو أهل لها.

(٦٢-ب) لا تدع يدك اليسرى تدري ما تفعل يدك اليمنى (قارن مع متَّى ٦: ٣).

(٦٣) قال يسوع: كان رجلٌ غني يملك أموالًا طائلة، قال في نفسه: سوف أثمر أموالي، فأبذر وأحصد، وأشتل، وأملأ أهرائي غلالًا، فلا ينقصني شيء، تلك كانت نواياه، لكنه مات في تلك الليلة، من له أذنان للسمع فليسمع (قارن مع لوقا ١٢: ١٧–٢١).

(٦٤) قال يسوع: رجل من عادته استقبال الضيوف، أولم للعشاء، وأرسل عبده يدعو الضيوف، مضى العبد إلى الأول وقال له: إن سيدي يدعوك، قال الرجل: أرجو أن تعذرني عن الوليمة؛ لأن بعض التجار مدينون لي بمال وهم قادمون إليَّ الليلة، مضى العبد إلى آخر وقال له: سيدي يدعوك، قال الرجل للعبد: لا وقت لديَّ، فقد اشتريت دارًا، وأنا مشغول طوال اليوم، أرجو المعذرة، مضى العبد إلى آخر وقال له: سيدي يدعوك، قال الرجل: لن أستطيع المجيء؛ لأن صديقي مزمع على الزواج وأنا موكل بترتيب الوليمة، أرجو المعذرة، مضى العبد إلى آخر وقال: سيدي يدعوك، فقال الرجل: لن أستطيع المجيء فلقد اشتريت أرضًا وأنا ذاهبٌ لقبض الإيجار، أرجو المعذرة.

عاد العبد إلى سيده وقال: القوم الذين دعوتهم إلى الوليمة اعتذروا عن المجيء، قال السيد لعبده: اخرج إلى الشوارع وأتِ إلى الوليمة بكل من تجدهم، الباعة والتجار لن يدخلوا أماكن أبي (قارن مع لوقا ١٤: ١٢–٢٤).

(٦٥) قال يسوع: كان لرجل طيب كرمًا أجَّره لبعض الكرَّامين، فيعملوا فيه ويعطوه ريعًا، أرسل الرجل عبده ليقبض الريع، ولكن الكرَّامين أمسكوا به وضربوه وكادوا أن يقتلوه، عاد العبد وأخبر سيده بما حصل، فقال سيده في نفسه: لعلهم لم يعرفوه ثم أرسل عبدًا آخر فضربه الكرَّامون أيضًا، عندئذٍ أرسل ابنه قائلًا: لعلهم يتهيبون ابني، لكن الكرامين لما علموا أنه وارث الكرم أمسكوا به وقتلوه، من له أذنان للسمع فليسمع (قارن مع لوقا ٢٠: ٩–١٦).

(٦٦) أروني الحجر الذي رذله البناءون، فإنه حجر الزاوية (قارن مع متَّى ٢١: ٢٢).

(٦٧) قال يسوع: من عرف كل شيء ولم يعرف نفسه افتقر إلى كل شيء.

(٦٨) قال يسوع: طوبى لكم عندما تُبغَضون وتُضطهَدون، ولا تجدون ملاذًا من الاضطهاد (قارن مع متَّى ٥: ١١ ولوقا ٢٠: ١٧).

(٦٩) قال يسوع: طوبى للذين اضطهِدوا في قلوبهم لأنهم عرفوا الآب الحق، طوبى للجياع؛ لأن بطن المحتاجين سوف تُملأ (قارن مع متَّى ٥: ٦).

(٧٠) قال يسوع: عندما تستولد ما في باطنك، فإن ما عندك سوف يخلصك، فإذا لم يكن عندك ذلك في باطنك، فما تعدمه في باطنك سوف يقتلك.

(٧١) قال يسوع: سوف أهدم هذا البيت، ولن يتمكن أحد من إعادة بنائه.

(٧٢) جاءه رجل وقال: قل لإخوتي يقاسموني ميراث أبي، أجاب يسوع: يا رجل، من جعلني قسامًا، ثم التفت إلى تلاميذه وقال لهم: لست قسامًا، أليس كذلك؟ (قارن مع لوقا ١٢: ١٣).

(٧٣) قال يسوع: الحصاد وافر ولكن الأجراء قليلون فتوسلوا إلى الآب أن يرسل أُجراء إلى الحصاد (قارن مع متَّى ٩: ٣٧-٣٨، ولوقا ١٠: ٢).

(٧٤) قال يسوع: يا رب، كثيرون واقفون حول ميزاب الشرب، ولكن ما من شيء في البئر.

(٧٥) قال يسوع: كثيرون واقفون بالباب، لكن المتوحدين هم الذين يدخلون مخدع العرس.

(٧٦) قال يسوع: يشبه ملكوت الآب تاجرًا لديه حمل من البضائع ثم وجد لؤلؤة، فكان فطنًا بحيث إنه باع بضاعته كلها واشترى اللؤلؤة، أنتم أيضًا فتشوا عن كنزه الذي لا ينضب حيث لا سوس ينخر ولا ديدان تتلف (قارن الشطر الأول مع متَّى ١٣: ٤٥، والشطر الثاني مع متَّى ٦: ١٩–٢١، ولوقا ١٢: ٣٢–٣٤).

(٧٧) قال يسوع: أنا النور الذي فوق كل شيء، أنا الكل، الكل مني خرج، وإليَّ الكل وصل، اشطر الحصبة فأكون هناك، ارفع الحجر تجدني هناك.

(٧٨) قال يسوع: لِمَ خرجتم إلى الفلاة؟ ألرؤية قصبة تهزها الريح (يوحنا المعمدان)؟ أم لرؤية امرئ في ثياب ناعمة مثل حكامكم وسادتكم؟ يرتدون الثياب الناعمة وهم بعيدون عن الحقيقة (قارن مع متَّى ١١: ٧–١١، ولوقا ٧: ٢٤–٢٨).

(٧٩) قالت له امرأة من الجمع: طوبى للبطن الذي حملك وللثديين اللذين أرضعاك، قال لها: طوبى للذين سمعوا كلمة الآب وحفظوها، فستأتي حقًّا أيام تقولون فيها: طوبى لبطن لم يحمل ولثديين لم يدرا لبنًا (قارن مع لوقا ١١: ٢٧-٢٨).

(٨٠) من عرف (حقيقة) العالم، عرف (حقيقة) الجسد، ومن عرف (حقيقة) الجسد فالعالم ليس أهلًا له.

(٨١) قال يسوع: ليحكمن من اغتنى، وليزهدنَّ صاحب السلطان في سلطانه.

(٨٢) قال يسوع: من هو قربي هو قرب النار، والبعيد عني بعيد عن الملكوت.

(٨٣) قال يسوع: الصور بادية للناس، لكن النور الذي في باطنها مستور في صورة نور الآب، سوف يعلن عن نفسه، لكن صورته محجوبة بنوره.

(٨٤) قال يسوع: عندما ترون مظهركم تُسرَّون، ولكن هل ستتحملون رؤية صوركم التي وجدت قبلكم، والتي لا تموت ولا تتبدى؟

(٨٥) نشأ آدم عن قوة عظيمة وغنى واسع، لكنه لم يكن أهلًا لكم، لو كان أهلًا لكم لما ذاق الموت.

(٨٦) قال يسوع: للثعالب أوجرة وللطيور أعشاش، لكن ليس لابن الإنسان موضع يسند عليه رأسه ويرتاح (قارن مع متَّى ٨: ٢٠، ولوقا ٩: ٥٨).

(٨٧) قال يسوع: الجسم العالة على جسم ما أشقاه، والنفس العالة على هذين الاثنين ما أشقاها.

(٨٨) قال يسوع: الملائكة والأنبياء سيأتون ويعطونكم ما يخصكم، أنتم بدوركم أعطوهم ما لديكم، وقولوا في أنفسكم: متى يأتون ويأخذون ما يخصهم؟

(٨٩) قال يسوع: لِمَ تغسلون ظاهر الكأس؟ ألا تفهمون أن الذي صنع الباطن هو الذي صنع الظاهر أيضًا؟ (قارن مع متَّى ٢٣: ٢٥-٢٦، ولوقا ١١: ٣٩-٤٠).

(٩٠) قال يسوع: تعالوا إليَّ فإن نيري هين وسلطاني خفيف، ولسوف تجدون الراحة لنفوسكم (قارن مع متَّى ١١: ٢٨–٣٠).

(٩١) قالوا له: قل لنا من أنت فنؤمن بك، قال لهم: تفحصون وجه السماء والأرض، لكنكم لا تعرفون الذي أمامكم ولا تستبصرون وقتكم هذا (قارن مع يوحنا ١٤: ٥–١٠).

(٩٢) قال يسوع: اطلبوا تجدوا، الأشياء التي سألتم عنها سابقًا ولم تلقوا مني جوابًا، أريد الآن قولها لكم، ولكنكم لا تسألون (قارن الجملة الأولى مع متَّى ٧: ٧-٨).

(٩٣) قال يسوع: لا تعطوا ما هو مقدس للكلاب لئلا ترميه على كوم الزبل، لا تلقوا بدرركم إلى الخنازير (قارن مع متَّى ٧: ٦).

(٩٤) قال يسوع: من يطلب يجد ومن يقرع يُفتَح له (قارن مع متَّى ٧: ٧، ولوقا ١١: ٩-١٠).

(٩٥) قال يسوع: إذا كان لديكم مال فلا تقرضوه بالربا، بل أعطوه لمن لن يرده لكم.

(٩٦) قال يسوع: يشبه ملكوت الآب امرأة وضعت قليلًا من الخميرة في العجين وصنعت منه أرغفةً كبيرة، من له أذنان للسمع فليسمع (متَّى ١٣: ٣٣، ولوقا ١٣: ١٨-١٩).

(٩٧) قال يسوع: يشبه ملكوت الآب امرأة تحمل جرة مملوءة طحينًا، وتغذ السير على طريق طويلة، انكسر مقبض الجرة وأخذ الطحين يتسرب من خلفها على الطريق دون أن تدري به، عندما بلغت دارها وضعت الجرة على الأرض فاكتشفت أنها فارغة.

(٩٨) قال يسوع يشبه ملكوت الآب رجلًا يخطط لقتل صاحب سلطان، ولكي يتأكد من قوة ساعده، امتشق في البيت حسامه وطعن الجدار وبعد ذلك مضى لمهمته.

(٩٩) قال له التلاميذ: إخوتك وأمك يقفون خارجًا (يطلبونك)، قال لهم: الذين يعملون منكم إرادة أبي هم إخوتي وأمي، وهم الذين يدخلون ملكوت أبي (قارن مع لوقا ٨: ٢٠-٢١).

(١٠٠) عُرضت على يسوع عملة ذهبية وقيل له: رجال قيصر يطلبون منا جزية، قال لهم: أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، وأعطوني الذي لي (قارن مع مرقس ١٢: ١٤–١٧، ومتَّى ٢٢: ١٧–٢٢، ولوقا ٢٠: ٢١–٢٥).

(١٠١) قال يسوع: مَن لم يبغض أمًّا وأبًّا مثلي، لا يستطيع أن يكون تلميذي، ومن لم يحب أمًّا وأبًّا مثلي، لا يستطيع أن يكون تلميذي، فإن أمي … لكن أمي الحقة قد وهبتني الحياة.

(١٠٢) قال يسوع: الويل للفريسيين، فإنهم أشبه بكلب رابض فوق معلف للثيران، فلا هو يأكل ولا يدع الثيران تأكل.

(١٠٣) طوبى للمرء الذي يعرف من أين سيدخل اللصوص، فإذا صحا استجمع قواه وتسلح قبل أن يدخلوا.

(١٠٤) قالوا ليسوع: هيا نصلي اليوم ونصوم، قال يسوع: أي خطيئة اقترفت؟ وكيف أخفقت؟ بالحري عندما يترك العريس مخدع العرس، دعوا القوم يصومون ويصلون (قارن مع مرقس ٢٢٠: ٨).

(١٠٥) قال يسوع: من عرف أبًّا وأمًّا، ابن عاهرة يُدعى.

(١٠٦) قال يسوع: عندما تجعلون الاثنين واحدًا تصيرون أبناء بشر، عندها تقولون أيها الجبل انتقل من هنا فينتقل.

(١٠٧) قال يسوع: يشبه الملكوت راعيًا عنده مائة خروف، ضلَّ منه أكبرها، فترك التسعة والتسعين، وبحث عن الضال حتى وجده، وبعد أن تجشم كل هذا العناء، قال للخروف: أحبك أكثر من التسعة والتسعين (قارن متَّى ١٨: ١٢–١٤، ولوقا ١٥: ٣–٧).

(١٠٨) قال يسوع: من يشرب من فمي يصبح مثلي، وأنا أصير ذلك المرء، والأشياء المستورة تنكشف له.

(١٠٩) قال يسوع: يشبه الملكوت رجلًا لديه حقل فيه كنز مخبوء لم يكن يعلم به، وعندما مات ورث ابنه الحقل ولم يعرف أيضًا بوجود الكنز فباعه، وعندما شرع الشاري بحراثة الحقل اكتشف الكنز، وبدأ يقرض المال بالربا لمن يريد (قارن مع متَّى ١٣: ٤٤).

(١١٠) قال يسوع: من وجد العالم واغتنى، فليزهد في العالم.

(١١١) قال يسوع: السموات والأرض سوف تدرج أمام أنظاركم، ولكن من يحيا في الواحد الحي لن يرى الموت، ألم يقل يسوع إن من وجد نفسه فالعالم ليس أهلًا له؟

(١١٢) قال يسوع: الويل للجسد العالة على النفس، والويل للنفس العالة على الجسد.

(١١٣) قال له تلاميذه: متى يأتي الملكوت؟ قال: لن يأتي بترقبه، لا يُقال لكم انظروا هنا، أو انظروا هناك، بل إنه بالحري مبسوط على الأرض ولكن الناس لا يرونه.

(١١٤) قال لهم سمعان بطرس: على مريم (المجدلية) أن تنفصل عنا؛ لأن النساء لسن أهلًا للحياة (الروحية)، فقال يسوع: انظروا فإني سوف أرشدها لأجعل منها ذكرًا، فتصير هي الأخرى روحًا حية تشبهكم أنتم الذكور، فإن كل امرأة تجعل نفسها ذكرًا تدخل ملكوت السموات.

شروح وتعليقات على إنجيل توما

الاستهلال: يدعى مدوِّن هذا الإنجيل، في المقطع الاستهلالي، بيهوذا توما التوأم، وقد وردت كلمة التوأم في النص اليوناني الأصلي «ديديم» Didymus لتفسر الكلمة الأرامية «توما» والتي تعني التوأم، فاسم صاحب هذا الإنجيل هو «يهوذا» ولقبه هو «توما» أي التوأم، وتوما هذا هو أحد التلاميذ الاثني عشر، والذي تعزو إليه التقاليد التبشيرية في مناطق فارس والهند، والاتجاه السائد الآن لدى الباحثين بخصوص التلميذ توما، أو يهوذا توما، هو أنه واحد من إخوة يسوع المذكورين في إنجيل متَّى ١٣: ٥٤–٥٦، حيث نقرأ: «أليست أمه مريم، وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟» (قارن أيضًا مع إنجيل مرقس ٦: ٣)، وقد تعززت هذه الفرضية بعد اكتشاف نص «كتاب توما المناضل» بين مخطوطات نجع حمادي، حيث ينادي يسوع توما ﺑ «يا أخي»، ويقول له أيضًا: «بما أنك تُدعى أخي».

(١) المقصود بالخفاء هنا هو عمق المعنى، لا سرية النص؛ ولهذا قال: إن من يعرف تأويل هذه الأقوال لن يذوق الموت.

(٢) إن عملية المعرفة هي جوهر وجود الغنوصي، وعليه متابعتها على الدوام دون كلل أو يأس؛ لأنها ستقود في النهاية إلى الاستنارة التي يصاحبها في البداية الدهشة والاضطراب، يليها الغبطة والسكون الداخلي، الذي يجعل صاحبه في سيطرة تامة على نفسه وعلى المؤثرات الخارجية.

(٣-أ) ليس ملكوت السماء واقعة تاريخية سوف تحل في أجل قريب أو بعيد، بل هو حاضر هنا والآن، وأقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، فمن عرفه في داخله رآه مبسوطًا في خارجه، ولكن غير العارفين لا يرونه، وقد استخدم يسوع هنا أسلوبًا تهكميًّا في حديثه عن أسماك البحر وطيور السماء، ساخرًا من مفهوم الملكوت التوراتي، وقد ورد في إنجيل لوقا ١٧: ٢٠-٢١ قول مشابه: «إن ملكوت الله لا يُستدل عليه بشيء، ولا يُقال لكم هو ذا هنا أو هو ذا هناك، فإن ملكوت الله هو فيكم.»

(٣-ب) في إنجيل توما، كما في بقية الأدبيات الغنوصية، تقترن الروح بالثروة، والجسد بالفقر، فمن عرف نفسه عرفه ربه ومد له يد الخلاص، ومن لم يعرف نفسه بقي مقيمًا في الجسد المادي أسيرًا لدورة التناسخ.

(٤) الشيخ الطاعن في السن، هنا، يمثل الإيمان اليهودي القديم، بينما يمثل الطفل الإيمان المسيحي الجديد الذي يهب الحياة.

لقد اعتقد اليهود أنهم أهل الملكوت والسباقون إليه، ولكن يسوع يقول لهم إنهم قد غدوا آخرين، أما المسيحيون الذين جاءوا في الزمن متأخرين فسيغدون الأولين والسباقين إلى الملكوت.

وإني أرجح أن جملة من النص الأصلي قد سقطت من الترجمة القبطية التي أعيد بناؤها على الشكل التالي: «ذلك أن كثيرًا من الأولين سيغدون آخرين، ومن الآخرين يغدون أولين ويصيرون واحدًا.» وإعادة البناء هذه تستند إلى ما ورد في إنجيل متَّى: «كثير من الأولين يصيرون آخرين ومن الآخرين يصيرون أولين» (١٩: ٣٠)، وهؤلاء الآخرون يصيرون واحدًا، أي يكتملون بالمصطلح الغنوصي.

(٥) المعرفة الحقة للعالم تكشف لك أصله المتجذر في الشر والظلام.

(٦) يعلن يسوع هنا سدى الطقوس التي أسست لها شريعة موسى، وينتقد الأخلاقية البراغماتية اليهودية، وقوله هنا شبيه من حيث المضمون بقول له في إنجيل متَّى: ٢٢، فقد سأله أحد الفريسيين: يا معلم، ما هي أكبر وصية في الشريعة؟ فقال له: أحبب الله ربك … أحبب قريبك حبك لنفسك، بهاتين الوصيتين يرتبط كلام الشريعة كلها والأنبياء.

ويمكن مقارنة الشطر الثاني من هذا القول بما ورد في إنجيل متَّى: «فما من مستور إلا سيكشف، وما من مكتوم إلا سيُعلم» (متَّى ١٠: ٢٦)، وبما ورد في إنجيل لوقا: «فما من خفي إلا سيظهر، وما من مكتوم إلا سيُعلم» (لوقا ٨: ١٧).

(٧) ربما كان المراد هنا التعبير عن صراع النوازع البهيمية مع النوازع الروحانية عند الإنسان، فالإنسان الذي يأكل الأسد هو الذي يُطهر نوازعه البهيمية ويؤنسنها، والأسد الذي يأكل الإنسان هو النوازع البهيمية التي تسيطر على كيان الإنسان وتملؤه؛ لهذا أرجح وجود خطأ ارتكبه الناسخ القبطي، وأن الشطر الأخير يجب أن يُقرأ على الوجه التالي: وملعون الإنسان الذي يأكله الأسد فيصير الإنسان أسدًا.

(٨) أمام الإنسان في هذه الحياة خيارات كثيرة في الطريقة التي ينفق بها أيامه المعدودة، المفلحون فقط هم الذين يدركون أن هناك طريقًا واحدًا لتحقيق الغاية من وجودهم فيتبعونه، وفي قول يسوع هذا شبه بقول له ورد في إنجيل متَّى: «مثل ملكوت السموات كمثل تاجر كان يطلب اللؤلؤ الكريم، فوجد لؤلؤة ثمينة فمضى وباع جميع ما يمتلك واشتراها» (متَّى ١٣: ٤٥).

(٩) البذار هنا هو تعاليم يسوع، وكيفية تلقيها وفهمها والعمل بها من قبل شرائح مختلفة من الناس، وهذا القول له ما يوازيه في إنجيل متَّى ١٣: ٣–٩، وإنجيل مرقس ٤: ٣–٩، وإنجيل لوقا ٨: ٧-٨، كما ورد في إنجيل يوحنا ما يؤدي المعنى نفسه، ولكن بشكل أكثر اختصارًا: «أثبتوا فيَّ وأنا فيكم، لم تختاروني أنتم بل أنا الذي اخترتكم، وأقمتكم لتنطلقوا وتثمروا ويبقى ثمركم» (يوحنا ١٥: ١٦).

(١٠) أي إن يسوع قد جاء ليقضي على كل ما هو قديم، ويستبدله بكل ما هو جديد، وفي قوله: «ألقيت على العالم نارًا»، صورة بلاغية للتعبير عن هذا التغيير الجذري، وقد ورد في إنجيل لوقا: «جئت لألقي على الأرض نارًا، وكم أرجو أن تكون قد احترقت» (لوقا ١٢: ٢٩).

(١١-أ) الموتى الذين لن يحيوا هم غير العارفين، أما الأحياء الذين لن يموتوا فهم العارفون، لا قيامة عامة للأموات في اليوم الأخير؛ لأن القيامة هي واقعة فردية تحصل للإنسان في لحظة الاستنارة، ومن حقق العرفان قد بُعث من الموت قبل أن يموت، وما عليه سوى انتظار واقعة الموت التي ستنزع عنه رداءه المادي وتحوله إلى روح منعتقة.

(١١-ب) الحياة في هذا العالم تتغذى على الموت، ولكنها في عالم النور تتغذى على النور، وفي قوله: «يوم كنتم واحدًا صرتم اثنين» إشارة إلى المفهوم الغنوصي عن الكمال البدئي السابق لانقسام الإنسان إلى ذكر وأنثى، وإني أرجح وجود خطأ في النص القبطي ارتكبه الناسخ، وأن الشطر الأخير من الفقرة (ب) يجب أن يُقرأ: «عندما تصيرون واحدًا ماذا ستفعلون؟» أي عندما تعود الوحدة الأصلية إلى سابق عهدها، ولعل ما ورد في الفقرة ٢٢ من هذا الإنجيل يؤيد اقتراحي هذا، حيث قال يسوع: «عندما تجعلون الذكر والأنثى واحدًا، حتى لا يبقى الذكر ذكرًا، ولا الأنثى أنثى».

(١٢) يعقوب البار هو أخو يسوع (راجع متَّى ١٣: ٥٥ ومرقس ٦: ٣)، وكان رأس كنيسة أورشليم في العصر الرسولي (راجع أعمال الرسل ١٢: ١٧ و١٥: ١٣ و٢١: ١٨، وكذلك رسالة بولس إلى أهالي غلاطية ٢: ٩ و١٢).

(١٣) يمثل يسوع في اللاهوت المسيحي التقليدي حالة فريدة في تاريخ البشرية وعلاقتها بعالم الألوهة، أما في الفكر الغنوصي فإن غاية الرحلة العرفانية أن تجعل العارف في تماهٍ كامل مع يسوع، بحيث يغدو هو نفسه مسيحًا لا مسيحيًّا، وفي الفقرة ١٠٨ من هذا الإنجيل قال يسوع: «من يشرب من فمي يصبح مثلي، وأنا أصير ذلك المرء.»

(١٤-أ) إن الغنوصي الذي يصوم عن العالم ليس بحاجة إلى الصيام التعبدي اليهودي، والذي يكون في حالة تواصل دائم مع الإله ليس بحاجة إلى طقس الصلاة الشكلي، والذي تنبع أخلاقه عن التزام حر وأصيل ليس بحاجة إلى أخلاق الشريعة المفروضة من الخارج.

(١٤-ب) الشطر الثاني من هذه الفقرة يشبه ما ورد في إنجيل لوقا ١٠: ٨: «وأية مدينة دخلتم وقبلوكم، فكلوا مما يقرب إليكم.» وورد في إنجيل متَّى قوله: «ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هو الذي ينجس الإنسان … فمن القلب تنبعث مقاصد القتل والزنى والفحش والسرقة …» (١٥: ١٠–٢٠). لقد ألغى يسوع شريعة الطعام التوراتية، وحلل للمسيحيين كل الأطعمة دون تمييز بين ما هو طاهر للأكل وما هو نجس، وفي هذا يقول مؤلف إنجيل مرقس بأن يسوع قد جعل كل الأطعمة طاهرة (مرقس ٧: ١٩).

(١٥) ربما كانت الإشارة هنا إلى المسيح الغنوصي الذي لم يولد من امرأة بشرية.

(١٦) ليس يسوع مصلحًا اجتماعيًّا جاء ليرمم ما هو قديم، وإنما هو ثوري راديكالي جاء ليحدث قطيعة تامة مع الماضي، ومثل هذه الرسالة لن تحقق أهدافها إلا بإحداث صدع في البنى الاجتماعية والسياسية والدينية السائدة (قارن مع متَّى ١٠: ٣٤، ولوقا ١٢: ٤٩–٥١).

(١٧) ملكوت السموات ليس نسخة محسنة عن العالم المادي، بل هو عالم روحاني بحت لا يستطيع أهل هذا العالم تصوره.

(١٨) عندما تجلى المسيح ليوحنا، في كتاب يوحنا السري، قال له: «جئت لأكشف عن حقيقة ما هو كائن، والذي كان، والذي سيكون.» وفي كتاب توما المناضل قال يسوع لتوما: «تفحص نفسك لكي تعرف من أنت، وكيف جئت، وما الذي ستئول إليه.» أي إن توق الإنسان لمعرفة حال نهايته لن يتيسر قبل معرفة أصله القديم في عالم النور، وشرطه الحالي كأسير في العالم المادي، عند ذلك تنكشف له أحوال النهاية التي تتطابق مع أحوال البداية.

(١٩) يعطف قول يسوع هنا على قوله السابق ويتممه، ذلك أن العارف هو الذي يتوصل إلى إدراك وجوده الروحاني القديم السابق على وجوده الأرضي، وعلى حد قول الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي: «من كان أصله العدم في القدم، كانت غربته الوجود.»

(٢٠) ورد في إنجيل متَّى قوله: «مثل ملكوت السموات كمثل حبة من خردل أخذها رجل فزرعها في حقله. هي أصغر الحبوب كلها، فإذا نمت كانت أكبر البقول، بل صارت شجرة حتى تأتي طير السماء فتستظل في أغصانها» (١٣: ٣١-٣٢)، (قارن أيضًا مع مرقس ٤: ٣٠–٣٢، ولوقا ١٣: ١٨-١٩)، أي إن لملكوت الله قوة خفية تنميه حتى يدرك غايته.

(٢١-أ) الأطفال الصغار هم العارفون الذين حققوا التمام والوحدة الأصلية، والحقل هو العالم الذي يعيش فيه العارفون عيشة الغرباء، أما خلع الثياب هنا فيتضمن معنيين: المعنى الأول أن العارفين قد حققوا التمام والوحدة الأصلية، فصار خارجهم مثل داخلهم، والمعنى الثاني يشير إلى ما حصل في اللحظة الأولى من التاريخ البشري عندما راح آدم وحواء يستران عورتيهما بعد الخطيئة الأصلية، وإلى ما سيحصل في النهاية عندما يخلع العارفون هذه الثياب نفسها كعلامة على النقاء والطهارة، والتخلص من الخطيئة الأصلية التي هي الجهل، ويمكن مقارنة غربة العارفين في هذا العالم بما ورد في إنجيل يوحنا: «إن أبغضكم العالم فاعلموا أنه أبغضني قبل أن يبغضكم، لو كنتم من العالم لأحب العالم من كان منه، ولكن أبغضكم العالم لأنكم لستم منه» (١٥: ١٨-١٩).

(٢١-ب) قال يسوع في إنجيل متَّى: «فاسهروا إذًا؛ لأنكم لا تعلمون أي يوم يأتي سيدكم، واعلموا أنه لو عرف رب البيت أي ساعة من الليل يأتي اللص لسهر ولم يدعه ينقب بيته. فكونوا على أهبة؛ لأن ابن الإنسان يأتي في ساعة لا تتوقعونها» (٢٤: ٤٢-٤٣)، (قارن أيضًا مع لوقا ١٢: ٣٩-٤٠)، ولكن السهر في إنجيل توما ليس ترقبًا لنهاية العالم التي تمهد لها عودة المسيح، كما هو الحال في الأناجيل الإزائية، بل هو سهر ضد العالم ومغرياته.

(٢١-ﺟ) قال يسوع في إنجيل مرقس: «مثل ملكوت الله كمثل رجل يبذر الزرع في الأرض، ثم ينام ويقوم ليل نهار، والزرع ينبت وينمى، وهو لا يدري كيف كان ذلك، فالأرض من نفسها تُنبت العشب أولًا، ثم السنبل، ثم القمح الذي يملأ السنبل، فإذا أدرك الثمر، أُعمل فيه المنجل من ساعته لأن الحصاد قد حان» (٤: ٢٦–٢٩)، والمعنى هنا شبيه بمعنى الفقرة ٢٠ سابقًا، والتي تتحدث عن حبة الخردل.

(٢٢) مرة أخرى يشبه يسوع هنا العارفين الذين حققوا الوحدة الأصلية بالأطفال الصغار.

(٢٤) يسوع باعتباره ممثلًا لمبدأ العرفان هو في قلب العارف، وطلب المعرفة هو انكفاء على الذات لتتلمس النور الداخلي فيها.

(٢٥) راجع التعليق على الفقرة ٦، وقارن مع يوحنا ١٣: ٣٤-٣٥.

(٢٦) قارن مع متَّى ٧: ٣-٤، ولوقا ٦: ٤١-٤٢، والمعنى هنا يدور حول جلي البصيرة الداخلية، حتى تتمكن عين الرأس من الرؤية بوضوح.

(٢٧) انظر التعليق على الفقرة ١٤.

(٢٨) البشر في هذا العالم غافلون عن حقيقتهم وشرط وجودهم، وهم أشبه بالنائمين أو السكارى، وفي هذا الموضوع يقول النص الغنوصي المعروف بعنوان «تعاليم سيلفانوس»: قم من هذا النوم الذي يثقل عليك، اصح من الغفلة التي تملؤك بالظلام، لماذا تطلب الظلام مع أن النور متاح لك، الحكمة تناديك، فلماذا تطلب الحماقة.

(٢٩) يؤكد يسوع هنا على ثنائية الروح والجسد، وهو يُشبِّه الروح بالثروة والجسد بالفقر.

(٣٠) يمكن تفسير هذه الفقرة مقارنة بما ورد في إنجيل يوحنا: «من رآني رأى الآب.» وأيضًا: «إني في الآب وإن الآب فيَّ» (يوحنا ١٤: ٦–١١).

(٣٤) الأعمى الذي يقود أعمًى آخر، هم الفريسيون الذين يقودون اليهود، قال يسوع في إنجيل يوحنا ٩: ٣٨–٤٠: «جئت إلى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون. فسمعه بعض الفريسيين الذين كانوا معه فقالوا: أفنحن أيضًا عميان؟ قال لهم يسوع: لو كنتم عميانًا لما كان عليكم خطيئة، ولكنكم تقولون إننا نبصر، فخطيئتكم ثابتة.»

(٣٧) راجع التعليق على الفقرة ٢١(أ)

(٣٩-أ) ورد هذا القول بحرفيته تقريبًا عند لوقا: «الويل لكم يا علماء الشريعة، قد استوليتم على مفاتيح المعرفة فلا أنتم دخلتم ولا الذين أرادوا الدخول تركتموهم يدخلون» (١١: ٥٢).

(٣٩-ب) وورد في إنجيل متَّى: «ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام» (١٠: ١٦).

(٤٠) ورد ما يشبه هذا القول عند لوقا (٨: ١٨) وعند مرقس (٤: ٢٤) وعند متَّى (١٣: ١٢)، والمعنى هنا قريب من مؤدى قول لكونفوشيوس: «الحكيم يتطور باتجاه الأعلى، أما الجاهل فيتطور باتجاه الأسفل.»٤ فمن ابتدأ طريق المعرفة يُزاد له في المعرفة، ومن رضي بجهله ازداد جهلًا وحُرم حتى من قليل المعرفة الذي يملك.

(٤٢) يحيلنا هذا القول مرةً أخرى إلى قوله في الفقرة ٢١، حيث شبه العارفين بأطفال يعيشون في حقل لا يخصهم، فالغنوصي يعيش في هذا العالم لا كمقيم، وإنما كعابر سبيل.

(٤٣) يمكن تفسير هذه الفقرة بما ورد في إنجيل يوحنا ١٤: «لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا، ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه، قال له فيليبس: يا سيد أرنا الأب وكفانا، قال له يسوع: أنا معكم زمانًا هذه مدته، ولم تعرفني يا فيليبس؟ الذي رآني رأى الآب، فكيف تقول أرنا الآب، ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ» (١٤: ٧–١٠).

(٤٥) ورد في إنجيل لوقا ٦٤: ٣–٤٥ قول يتطابق إلى حد كبير مع هذا القول، وفي إنجيل متَّى ٧: ١٦-١٧ ما يشبهه.

(٤٧) الحصانان، أو القوسان، هنا، هما الجسد والروح، وفيما يتعلق بالخمر القديمة والجديدة، والرقعة التي تخاط على الثوب، قارن مع متَّى ٩: ١٦-١٧، ومرقس ٢: ٢١-٢٢، ولوقا ٥: ٣٦–٣٩، ويسوع هنا ينفي إمكانية التوفيق بين العقيدة اليهودية القديمة والعقيدة المسيحية الجديدة.

(٤٨) يظهر في هذا القول المعنى الإيجابي لقوله في الفقرة ١٦ بأنه قد جاء ليلقي على الأرض شقاقًا.

(٤٩) راجع شرح الفقرتين ١٨ و١٩.

(٥٠) الصور النورانية التي تجلى فيها النور الأصلي هي أفلاك القوى الروحانية التي تحيط بالأب الأعلى وتعكس مجده، الروح والراحة، هي الحركة في هذا العالم، والراحة والثبات في الملأ الأعلى.

(٥١) انظر شرح الفقرة ٣.

(٥٢) يؤكد يسوع هنا على القطيعة مع التاريخ الديني اليهودي. فالشريعة والأنبياء أمر ينتهي مع يوحنا المعمدان، كما أوضح يسوع في إنجيل لوقا ١٦: ١٦، وخمر الإنجيل لا يمكن صبها في آنية عتيقة، كما قال في إنجيل مرقس ٢: ٢١-٢٢، وبعد البشارة هناك أب واحد فقط، وهناك مرشد واحد فقط هو يسوع المسيح، كما قال في إنجيل متَّى ٢٣: ٩-١٠، وكلمات هذا المرشد لا تزول حتى بعد زوال السماء والأرض: «السماء والأرض تزولان وكلامي لن يزول» (لوقا ٣٣: ٣٤).

(٥٣) كما في أقوال سابقة فإن يسوع هنا ينقض شريعة الحرف التوراتية، ويستبدلها بشريعة القلب والروح. وكما كان الصيام الحقيقي هو صيام عن العالم (الفقرة ٢٧)، كذلك هو الختان الحقيقي الذي هو ختان الروح (راجع أيضًا شرح الفقرتين ٦ و١٤).

(٥٥) يتفق هذا القول مع ما ورد في إنجيل لوقا: «إن كان أحد يأتي إليَّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته حتى نفسه أيضًا، فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا، ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (١٤: ٢٦-٢٧)، والمقصود هنا قطع كل الروابط الأرضية بما في ذلك قطع رابطة العارف مع ذاته القديمة.

(٥٦) عندما يتوصل الغنوصي إلى معرفة العالم حق معرفته لا يرى فيه سوى جيفة، فيشيح بوجهه عنها ويغدو فوق العالم.

(٥٧) الشر في هذا العالم (= الزؤان) مختلط بالخير (البذار الطيب)، ولا يمكن استئصال هذا الشر إلا عندما تعمُّ معرفة الله على أوسع نطاق بين البشر.

(٥٨) راجع شرح الفقرة ٢.

(٥٩) لن يرى الله بعد الموت إلا من رآه رؤية القلب الحقة في الحياة.

(٦١-أ) إشارة إلى العارفين الناجين، وغير العارفين الهالكين.

(٦١-ب) يتحقق التمام بالقدر الذي يستطيع فيه الإنسان توسيع مساحة النور في داخله لتطغى على مساحة الظلام، ويبقى المرء منقسمًا طالما كان في داخله نورٌ خابٍ هو نور الروح الأصلي، وظلامٌ طاغٍ هو ظلام النفس الدنيوية.

(٦٢-أ) يعطف قول يسوع هنا على قوله في الفقرة ٩٣: «لا تعطوا ما هو مقدس للكلاب، ولا تلقوا بدرركم إلى الخنازير.»

(٦٢-ب) لم أجد علاقة لهذا الشطر بما سبقه، ويمكن تفسيره بما ورد في إنجيل متَّى: «فإذا تصدقت فلا تدع شمالك تعلم ما تفعل يمينك» (٦: ٣).

(٦٣) على المرء أن يبحث عن الكنز الحقيقي الباقي الذي لا ينضب، حيث لا سوس ينخر ولا ديدان تتلف، على حد قول يسوع في الفقرة ٧٦ لاحقًا.

(٦٤) ورد هذا المثل عند لوقا ١٤: ١٦–٢٤، ويمكن تفسيره بما ورد قبله في الآيات ١٢: ١٤، حيث قال يسوع: «إذا صنعت غداءً أو عشاءً، فلا تدعُ أصدقاءك ولا إخوتك ولا أقرباءك ولا الجيران الأغنياء؛ لئلا يدعونك هم أيضًا فتنال المكافأة على صنيعك، ولكن إذا أقمت مأدبة فادعُ الفقراء والكسحان والعميان، فطوبى لك إذ ذاك لأنهم ليس بوسعهم أن يكافئوك.»

ويمكن تفسير هذا المثل في إحجام اليهودي عن رسالة يسوع، بعد أن كانوا أول من دُعي، والتفات يسوع إلى الأمم من غير اليهود.

(٦٥) الكرَّامون هم اليهود قتلة الأنبياء، والابن هو يسوع، وفي إنجيل متَّى وصف يسوع اليهود بأنهم قتلة الأنبياء: «أيها الحيات أولاد الأفاعي، أنى لكم أن تهربوا من عقاب جهنم؟ ها أنا ذا أرسل لكم من أجل ذلك أنبياء وحكماء وكتبة، ففريقًا تقتلون وتصلبون، وفريقًا في مجامعكم تجلدون ومن مدينة إلى مدينة تطاردون، حتى يقع عليكم كل دم زكي سُفك على الأرض» (٢٣: ٣٣–٣٥).

وقد ورد مثل صاحب الكَرْم في إنجيل لوقا ٢٠: ٩–١٦، بحذافيره تقريبًا.

(٦٦) الحجر الذي رذله البناءُون هو يسوع (قارن مع لوقا ٢٠: ١٧).

(٦٧) ورد في النص الغنوصي المعروف بعنوان كتاب توما المناضل: «إن من لم يعرف نفسه لم يعرف شيئًا، ولكن من عرف نفسه حقق معرفة بأعمال الكل.»

(٧٠) إشارة إلى النور في داخل الإنسان.

(٧١) المقصود بالبيت هنا هو هيكل أورشليم الذي يرمز إلى الإيمان القديم الذي قوضه يسوع.

(٧٢) أي إن يسوع هو صاحب رسالة روحية لا صاحب شريعة.

(٧٣) لعل في كيفية استخدام كل متَّى ولوقا لهذا القول توكيد على ما ذهبنا إليه في استهلالنا لإنجيل توما، من أن معظم المادة الإنجيلية قد بنيت انطلاقًا من أقوال يسوع التي كانت متداولة قبل وضع سيرته، فلقد فهم متَّى هذا القول بطريقة مختلفة عن لوقا، وقدَّم له بمناسبة مختلفة عندما قال: «وكان يسوع يسير في جميع المدن والقرى، ويعلِّم في مجامعهم ويعلن بشارة الملكوت، ويشفي الناس من كل مرض وعلة، ورأى الجموع فأخذته الشفقة عليهم؛ لأنهم كانوا تعبين رازحين كغنم لا راعي لها، فقال لتلاميذه: الحصاد كثير ولكن العَمَلة قليل، فاسألوا رب الحصاد أن يرسل عَمَلة إلى حصاده» (٩: ٣٥–٣٨).

أما لوقا فقد عبَّر عن فهم مغاير لهذا القول عندما ربطه بنشر رسالة يسوع: «وبعد ذلك، أقام الرب اثنين وسبعين آخرين، ثم أرسلهم اثنين اثنين يتقدمونه إلى كل مدينة أو موضع كان مزمعًا أن يذهب إليه، وقال لهم: الحصاد كثير ولكن العَمَلة قليل، فاسألوا رب الحصاد أن يرسل عَمَلة إلى حصاده، اذهبوا فها أنا ذا أرسلكم كالحملان بين الذئاب … إلخ» (١٠: ١–٣).

وفي الحقيقة فلقد أصاب لوقا المعنى أكثر من متَّى، فالعَمَلة أو الأجراء، هم الرسل، والحصاد الكثير هو العمل الشاق الذي ينتظرهم، ويسوع هنا يأمل أن يزداد عدد المبشرين برسالته.

(٧٤) المقصود هنا أن البئر فارغ على الرغم من امتلائه بالماء؛ لأن ماء الطبيعة يروي العطش ولكنه لا يهب الحياة الأبدية، على عكس الماء الذي يقدمه يسوع، قال يسوع في إنجيل يوحنا: «من يشرب من هذا الماء فلا بد له أن يظمأ، أما الذي يشرب من الماء الذي أعطيه إياه فلن يظمأ أبدًا، فالماء الذي أعطيه إياه يصير فيه عين ماء يتفجر حياةً أبدية» (٤: ١٣-١٤)، وقال أيضًا: «من كان عطشان فليأتني، ومن آمن بي فليشرب» (٧: ٣٧)، كما استخدم يسوع أيضًا مجاز الخبز عندما قال في إنجيل يوحنا أيضًا: «أنا خبز الحياة، من يأتني لا يجع أبدًا، ومن يؤمن بي لا يعطش أبدًا» (٦: ٣٥).

(٧٥) الدخول إلى حلقة العارفين لا يتحقق بالتمني بل بالكدح.

(٧٦) في الشطر الأول من هذه الفقرة تكرار للمعنى الوارد في الفقرة ٨ سابقًا، وللشطر الثاني ما يوازيه عند متَّى ولوقا، نقرأ في إنجيل متَّى: «لا تكنزوا لأنفسكم كنوزًا في الأرض، حيث يرعى السوس والعث، وينقب اللصوص فيسرقون، بل اكنزوا لأنفسكم كنوزًا في السماء، حيث لا يرعى السوس والعث، ولا ينقب اللصوص فيسرقوا، فحيث يكون كنزك يكون قلبك» (٦: ١٩–٢١) (قارن مع لوقا ١٢: ٣٢–٣٤).

(٧٧) يقترب يسوع هنا من أفكار الحكمة الشرق أقصوية، ولا سيما اللاثنائية الهندوسية (الأدفاييتا)، التي تقول بوحدة الوجود.

(٧٨) الحديث هنا عن يوحنا المعمدان، وقد ورد هذا القول في إنجيل متَّى على الشكل التالي: «فلما انصرفوا أخذ يسوع يقول للجموع في شأن يوحنا: ماذا خرجتم إلى البرية تنظرون؟ أقصبة تهزها الريح؟ بل ماذا خرجتم ترون؟ أرجلًا يلبس الثياب الناعمة؟ ولكن الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في قصور الملوك، بل لماذا خرجتم؟ ألكي تروا نبيًّا؟ أقول لكم أجل، بل أكرم من نبي فهذا الذي كُتب في خبره: ها أنا ذا أرسل رسولي قدامك ليعد الطريق أمامك» (١١: ٦–١٠)، وقد وردت عند لوقا رواية مشابهة، ولكننا نلاحظ أن المعنى الغنوصي الذي أراده يسوع في إنجيل توما مفقود في الإنجيلين الآخرين.

(٧٩) يحوِّل يسوع هنا انتباه سامعيه من شخصه إلى رسالته، كما أنه يعلي من شأن العائلة الروحية في مقابل العائلة البيولوجية الاجتماعية.

(٨٠) من عرف حقيقة العالم، عرف جسده فزهد فيه وتعالى عنه.

(٨١) المعنى غامض، والشطر الأول من هذا القول لا يتفق وشطره الثاني.

(٨٢) كناية عن قوة رسالة يسوع وصعوبة الطريق.

(٨٣) يمكن رؤية الجسد المادي لأنه ينتمي إلى العالم المادي، ولكن الروح التي تنتمي إلى الله لا يمكن رؤيتها لأنها قبس من النور الأعلى.

(٨٤) لا يدري المرء من وراء صورته التي يزهو بها في هذا العالم، صورة أخرى نورانية موجودة منذ القدم، صورة لا تموت مثل الصورة المادية ولا تتمظهر على طريقتها.

(٨٥) المقصود بآدم هنا هو الجسد المادي الفاني الذي ليس أهلًا للروح الخالدة، وقد قال بولس الرسول بهذا المعنى: «فقد خلعتم الإنسان القديم وخلعتم معه أعماله ولبستم الإنسان الجديد، ذاك الذي يسير إلى المعرفة الحقيقية في تجدده على صورة خالقه» (كولوسي ٣: ٩-١٠).

(٨٧) الجسم (= الإنسان) العالة على جسم (= العالم) ما أشقاه، والنفس العالة على الجسم والعالم ما أشقاها.

(٨٨) المعنى غامض.

(٨٩) يسخر يسوع هنا من شريعة الطهارة اليهودية التي تركز على النظافة الخارجية وتتناسى نظافة الباطن، وقد ورد في إنجيل لوقا: «ألا أيها الفريسيون، تطهرون ظاهر الكأس والصحفة وباطنكم ممتلئ نهبًا وفسقًا، أيها الجهال، أليس الذي صنع الظاهر قد صنع الباطن أيضًا؟» (١١: ٣٩-٤٠) (قارن مع متَّى ٢٣: ٢٥-٢٦).

(٩١) انظر شرح الفقرة ٤٣.

(٩٣) لا تتحدثوا بالحكمة أمام أهل الجهل.

(٩٦) يشبه هذا المثل في مضمونه المثل الوارد في الفقرة ٢٠.

(٩٧) على المريد أن يفرغ نفسه من شئون هذا العالم تدريجيًّا ليدخل الملكوت.

(٩٨) ربما كان المقصود هنا ما تتطلبه الرحلة الروحية للمريد من استعداد مسبق.

(٩٩) يؤكد هنا مرة أخرى على أسبقية العائلة الروحية على العائلة البيولوجية الاجتماعية.

(١٠١) انظر التعليق على الفقرة ٥٥، الأب والأم في الجملة الثانية هما الآب والروح القدس، ونستطيع ملء الفراغ بعد كلمة أمي … على الوجه التالي: فإن أمي (الأرضية قد وهبتني الموت) لكن أمي الحقة قد وهبتني الحياة.

(١٠٢) يشبه هذا القول من حيث المضمون قوله في الفقرة ٣٩: «أخذ الفريسيون والكتبة مفاتيح المعرفة وأخفوها، فلا هم دخلوا ولا أجازوا الدخول لمن أراد» (قارن مع لوقا ١١: ٥٢).

(١٠٣) لو عرف المرء الطرق التي يزين له بواسطتها الشيطان إتيان الفواحش، لسد عليه الطريق قبل أن يفلح في إغوائه.

(١٠٤) لهذا القول صلة بأقوال يسوع السابقة التي يعلن بها سدى الطقوس والعبادات الشكلانية التي لا تصدر عن القلب، وإنما خضوع لشريعة مفروضة مؤيدة بالثواب والعقاب (الفقرة ١٤ و٢٧ و٥٣)، والشطر الثاني من هذه الفقرة له متوازيات في الأناجيل الإزائية: «وكان تلاميذ يوحنا والفريسيون صائمين، فجاء إليه بعض الناس وقالوا له: لماذا يصوم تلاميذ يوحنا وتلاميذ الفريسيين ولا يصوم تلاميذك؟ فقال لهم: أيستطيع أهل العرس أن يصوموا والعريس بينهم؟ فما دام العريس بينهم لا يستطيعون أن يصوموا، ولكن سيأتي زمن فيه يرتفع العريس من بينهم، ففي ذلك اليوم يصومون» (مرقس ٢: ١٨–٢٠)، (راجع أيضًا متَّى ٩: ١٤–١٧ ولوقا ٥: ٣٣–٣٦).

(١٠٥) ابن العاهرة، بالمعنى المعتاد هو الذي لا يعرف أمًّا ولا أبًّا، ولكن يسوع هنا يعكس الآية، فابن العاهرة هو الذي يبقى مشدودًا إلى روابطه الأرضية، التي يعبر عنها يسوع مجازًا بالأب والأم.

(١٠٦) يجري الحديث هنا مرة أخرى عن الاكتمال واستعادة الوحدة الأصلية، راجع التعليق على الفقرة ٢٢.

(١٠٧) ورد هذا المثل في إنجيل لوقا كما يلي: «وكان العشارون والخاطئون يدنون منه جميعًا ليسمعوه، فقال الفريسيون والكتبة متذمرين: هذا الرجل يستقبل الخاطئين ويؤاكلهم، فضرب لهم هذا المثل: من منكم إذا كان له مائة خروف فأضاع واحدًا منها، ألا يدع التسعة والتسعين في البرية ويمضي ينشد الضال حتى يجده؟ فإذا وجده حمله على كتفيه فرحًا، ورجع به إلى البيت ودعا الأصدقاء والجيران، وقال لهم: افرحوا معي فقد وجدت خروفي الضال، أقول لكم، هكذا يكون الفرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر منه بتسعة وتسعين من الأبرار لا يحتاجون إلى التوبة» (١٥: ١–٧)، (قارن أيضًا مع متَّى ١٨: ١٢–١٤).

(١٠٨) راجع التعليق على الفقرة ١٣.

(١٠٩) الكنز المخبوء هو النور الداخلي المحجوب تحت غلالات المادة، وقد ورد هذا المثل بشكل مختصر في إنجيل متَّى، حيث نقرأ: «مثل ملكوت السموات كمثل كنز دفين في حقل، وجده رجل فخبأه، ثم مضى فرحًا فباع جميع ما يملك، ثم اشترى ذلك الحقل» (١٣: ٤٤).

(١١١) راجع التعليق على الفقرة ١١.

(١١٢) لم أوفق في تفسير هذا القول.

(١١٣) راجع التعليق على الفقرة ٣.

(١١٤) تمثل الأنوثة هنا شهوات الجسد ورغباته، بينما تمثل الذكورة نقاء الحياة الروحية التنسكية، هذه الرمزية المعروفة في الحكمة القديمة شرقًا وغربًا، لا تعني بأي حال من الأحوال أن الرجال وحدهم هم المؤهلون للحياة الزوجية، فكثير من الرجال يعيشون حياة (أنثوية) وكثير من النساء يعشن حياة (ذكرية)، وفق هذا المفهوم الرمزي للأنوثة والذكورة؛ لهذا قال يسوع بأنه سوف يرشد مريم إلى طريق الحياة الروحية لتغدو ذكرًا.

١  بخصوص تاريخ الأصل القديم لإنجيل توما انظر المراجع التالية:
  • Helmut Koester, Introduction to the Gospel of Thomas, in: The Nag Hammadi Library, p. 117.
  • J. Dart and R. Riegent, The Gospel of Thomas, p. 12.
  • Elaine Pagels, the Gnostic Gospel, pp. XV–XVI.
٢  ديمتري أفييرينوس: إنجيل توما، موقع مجلة معابر على الإنترنت، www.maaber.50megs.com الإصدار الرابع.
  • J. Dart and R. Reigent, The Gospel of Thmoas, Seaton, Berkley, California, 2000.
  • Marvin W. Meyer, The Secret Teachings of Jesus, Vintage, 1986.
  • H. Koester and T. O. Lambdin, The Gospel of Thomas, in: James M. Robinson, Nag Hammadi Library, Harper, 1978.
  • Elaine Pageles, Beyond Belief, Random House, New York, 2003.
٣  وردت هذه الجملة في النص القبطي مثل سابقتها في السطر الأول، أي (فيصير الأسد إنسانًا)، وعلى هذا الشكل نقلها كل المترجمين عن النص القبطي، ولكني أرجح وجود خطأ ارتكبه الناسخ القبطي، وأن الجملة يجب أن تُقرأ كما أوردتها أعلاه، أي (يصير الإنسان أسدًا) راجع الشرح.
٤  Lin Yutang, The Wisdom of Confucius, The Modern Library, N. Y, 1938, p. 192.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤