فاتحة

بسم الله وبه الثقة

دَعَوتُ منذُ بَدأتُ بالاشتغال في الصحافة العربيَّة سنة ١٣١٥ﻫ إلى نبث دفائن المدنية العربيَّة، وبثِّ خزائن الحضارة الغربيَّة، وأبرزت هذه الدعوة فيما نشرته في جميع الصحف والمجلات التي أنشأتها وآزرتها في مصر والشام من موضوعات في العلم والاجتماع، والتاريخ والأدب، والنقد والتربية، وها أنا ذا أهدي لقراء العربية نموذجات مما كتبت، عسى أن يكون منها لهم في عصر القوميات عبرة وذكرى، ولبنيهم وبناتهم في تأليف وحدتنا الاجتماعية درس وسلوى، فمفاتيح كنوز الأجداد التي انتقلت إلى النشء بالإرث الصحيح لا غنية لهم عن معالجتها بالفتح؛ لاستمالة ما فيها والاستظهار بمعنوياتها، ثم بمادياتها؛ لأن هذا الحاضر الذي يحاول بعضهم الاقتصار عليه هو ربيب ذاك الغابر ووليده، بل سليله وحفيده وطريده، والجمود على القديم هو العقم بعينه، وقطع الصلة مع المدينة الحديثة، مضرة ومعرة. ولا خير فيمن جُهلت أصوله، ولم يتخلق بأخلاق جيله وقبيله، والله الموفق سبحانه.

محمد كرد علي
دمشق ٦ جمادى الأولى ١٣٤٣ / ٢ كانون الأول ١٩٢٤

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤